الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية الخلق ودور الشيطان (بدأ الحوار)

داود السلمان

2019 / 10 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كان الرئيس محاوراً جديداً، فضلاً عن أنه كان يمتلك ثقافة واسعة، ومعرفة بتواريخ الشعوب القديمة المنقرضة، ويمتلك الشيء الكثير عن عاداتهم وتقاليدهم وعباداتهم، وغير ذلك، علاوة على أنه مطلع على الفلسفات القديمة لتلك الشعوب، يعني بتعبير اكثر دقة أنه فيلسوف بحجم أبيقور(ظهور الانسان العاقل يربو على مليون سنة، ووجود البشر على سطع الارض لا يقل عن اربعين مليون سنة).
الملك أخبر الرئيس من أنه خلق مخلوقاً منقطع النظير، ويأمر واتباعه بالسجود له، ومن دون وجه أعتراض له ولغيره من المخلوقات الاخرى!.
هنا اصُيب الرئيس بالذهول، واخذ جبينه يتصبب عرقاً، واراد أن يتكلم الا أنه طفق يتلعثم ويتأتأ، فأسعفته المخلوقات بأنْ اجابت الملك: لماذا هذا المخلوق بالذات؟، ونحن نعلم (بحسب ما علمتنا أنت) أنه طاغية ويسفك الدماء، ونحن الاكثر لك طاعة وعبادة وتقرباً منه، ولم تسجل علينا أي مخالفة قانونية أو اخلاقية؟، وهذا تاريخنا الناصع بين يديك يشهد بما نقول؟.
- صه، لا أريد كلام من هذا النوع، لقد قررت وكفى (قال ذلك الملك وهو يستشيط غيضا، حانقا على ردهم هذا غير المتوقع).
ثم التفت الى الرئيس وقال له:
-اسجد له والا سأتخذ بحقك عقوبة لم تكن تتوقعها قط؟ (قال ذلك وهو يمعن النظر في صفوف المخلوقات) فوجدهم ساجدين فور سماعهم هذا الامر وهم يرتجفون من الخوف، وقد اصطكت اسنانهم فلم يتكلم منهم أحداً.
باستثناء الرئيس، فقد كان شامخاً منتصب القامة غير عابه بالأمر، مع علمه أن قرار الملك غير خاضع للمراجعة، ولا ينزل الى الارض، حتى تعجبت، تلك المخلوقات، من هذا الموقف الصلب والتحدي الواضح.
-لماذا امتنعت عن السجود؟ (قال الجبار موجها كلامه الى الرئيس) مستفهما ماذا يكون رده.
-أنا افضل من هذا المخلوق المتعجرف، فكيف اسجد له (قال الرئيس هذا في ثقة عالية بالنفس).
ثم أردف:
-انني مخلوق من مادة اشرف من المادة التي خلقته منها، وهي الطين. ثم أني كنت خادماً لك ستة آلاف سنة لم اعص فيها أي أوامر. وكانت الطاعة ديدني.
فقال الجبار بحنق:
-هذا ليس من شأنك، عليك أن تطيع وكفى.
واضاف بعد هنيهة.
-ثم من علمك أن تتكلم - مع سيدك - بهذا المنطق؟.
ومرت فترة صمت قصيرة، كأنها دهراً طويلاً بالنسبة للمخلوقات الأخرى، وهم بانتظار صدور الحكم بحق هذا العاصي، الذي لم ينفذ الاوامر العليا، علاوة على أنه راح يعترض على قرار الملك.
-يا رب استرنا (قال ذلك أحد المخلوقات هامساً بأذن زميله).
-قررت أن اخرجك من هذه المملكة ذليلاً مهاناً عليك لعناني ولعنات بقية مخلوقاتي. (قال ذلك الملك للرئيس بزهو وتفاخر).
وكان الرئيس مطأطئ رأسه الى الارض، مصدوما من هول هذا القرار الذي اعتبره الرئيس قرار جائر، لكن المخلوقات الاخرى اعتبرته قرار صائب وحكيم، اذ كيف سولت نفس هذا المخلوق المغرور المتكبر أن يعصي أمر سيده!.
-ماذا ترون في هذا القرار؟ (قال الجبار موجها كلامه للمخلوقات ويريد أن يعرف موقفهم من هذا القرار). فقالوا بصوت واحد: أنه يستحق اكثر من هذا، ونعم القرار، أنه قرار حكيم وحتى لا تسول للآخرين انفسهم بعصيان الاوامر العليا.
فابتسم الجبار وقال:
-هذا هو حسن ظني بكم.
هنا أدار الرئيس وجهه صوب الجموع ورماهم بنظرة حقد، وتمتم بينه وبين نفسه (منافقون).
-هل لديك شيء أخير تريد أن تقوله (وجه الجبار كلامه للرئيس).
فرفع الرئيس رأسه وقال بصوت خافت لم يسمعه الا الجبار.
-قل. ولا تطيل الكلام.
-حاضر سيدي. واردف بانكسار وفي حالة من الذل:
-أطلب منك أن تمهلني طويلا، ولا تحكم عليّ بالموت. هذه هي امنيتي اتمنى تحقيقها، كمكافئة لخدمتي جنابكم العظيم.
-لك ذلك (قال الجبار بكل برود).
هنا انشرحت اسارير الرئيس واخذه الزهو، وشعر بالانتصار الاخير، وتيقن أنه لم تخب آماله، وأنه سوف ينصب العداوة والبغضاء لأبناء عدوه (آدم) الذي جاء على حين غرة حتى فضله الملك عليه.
-ومجدك التليد، ونورك الساطع(الرئيس يقسم)، سوف اغوي ذرية هذا المخلوق واحثهم على عصيانك، بحيث ادعهم يتجنبون فعل الخير ويتسابقون على فعل الشر، ولأجعلهم يعضون اناملهم من الندم بما فعلوه، طاعة لي.
قال الجبار ببرود:
-نعم تستطيع ذلك. واردف. لكن الخيرين، من العبّاد والزهّاد والعلماء والعباقرة والفلاسفة، ليس اليك سبيلا عليهم.
فترك الرئيس المخلوقات مذهولين، وغادر المكان ونزل من السماء الى الارض يحث السير حثاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عماد الدين أديب يكشف حقيقة علاقة حسن نصر الله بالمرشد الإيرا


.. قراءة عسكرية.. كيف استطاعت المسيرة العراقية اختراق الدفاعات




.. دمار كبير ببلدة حارة الفاكهاني بالبقاع شرقي لبنان بعد الغارا


.. تشييع عدد من شهداء المجزرة الإسرائيلية في طولكرم بالضفة الغر




.. بشأن إيران والرد الإسرائيلي.. الرئيس الأميركي يقدم أول إحاطة