الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرح والسعادة مفتاح التعلم المبدع

أيوب الوكيلي

2019 / 10 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


التعليم المستمر والمتجدد يصنع القوة، لأن القراءة والتعلم سلطة فاعلة تجعل الإنسان عظيما وقويا، فالوجود الإنساني يتجلى من خلال المهارات التي نكتسب وننمي بشكل مستمر، حيث أن مجمل الدراسات العلمية تؤكد على أن قدرات الإنسانية لا حدود لها على مستوى التعلم والمعرفة لكن المشكل يكمن في الأساليب والطرق التي نتلقى بها المعرفة داخل المدارس، خصوصا أن علم الأعصاب في العقود الأخيرة استطاع الكشف على مجموعة من الحقائق العملية بعد تطور التصوير المقطعي للدماغ، الشيء الذي مكن العلماء من معرفة وتحديد الأساليب التي تساعد الدماغ على التعلم بشكل جيد وفعال، وتساعده على الحفاظ على الفضول والشغف والرغبة المستمر في التعلم، من هذا المنطلق يمكن طرح التساؤلات التالية: هل استطاعت المدارس اليوم أن تحافظ على الشغف والفضول في التعلم؟ ما هو الشيء الذي يقتل الشغف لدى الأطفال حين يكبرون في العمر؟ هل المدارس اليوم تعمل على تنمية طاقاته الإبداعية أم تقضي وتقتلها؟

بادئ دي بدء يمكن طرح هذا التساؤل، ما هو مقدار السرور والفرح الذي ثبته المدرسة في نفوس التلاميذ والمتعلمين، طبعا سوف تكون الإجابة سريعة، وهل المدارس وجدت للمتعة واللعب؟ بل هي للمعرفة والتعلم، لكن الغريب أننا نجهل أنفسنا، لأن الدارسات العلمية الحديث تؤكد أن المشاعر الايجابية و اللعب تعد من الأساليب الأساسية في تنمية مهارات التفكير والتعلم الذاتي، لأن الاحساس بالفعالية والمشاركة الايجابية في التعلم تعزز حس الفضول والشغف لدى المتعلم.

من المعلوم أيضا أن جميع الأطفال يولد لديهم الفضول وحب الاطلاع منذ السنوات الأولى، يريدون معرفة كل شيء واكتشاف العالم وإدراك الأشياء والظواهر والأسباب، لكن سرعان ما يبدأ الأطفال في النمو والكبر والدخول إلى المدارس حتى تقل لديهم الفعالية والقدرة على التساؤل والخروج عن المألوف نتيجة الأنظمة الاجتماعية والأسرية والثقافية، التي ترى في الانضباط وتقبل القوانين والمبادئ الذي نقدمها شرط التربية الصالحة، الشيء الذي يتناقض مع طبيعة دماغ الطفل الذي يسعى إلى لمس كل الأشياء من حوله وطرح الكثير من الأسئلة والقفز وإعادة الجمل والكلمات وغيرها من الأفعال التي تساعده على التعرف على تنمية مهاراته و معارفه.

إن الأطفال يريدون التعلم في البداية بدافع السعادة واللعب والمتعة، وليس الحصول على نقط أو تقييمات خارجية، لأن التعلم يطور الارتباطات العصبية داخل أدمغتهم ، الشيء الذي يحفز لديهم حب التعلم والاكتشاف، وبذلك نستطيع القول أن السعادة والمتعة واللعب تعتبر من الأدوات المساعدة في التعلم، المشكلة التي نعاني منها اليوم تتجلى في أننا أن نجبر الذهن والدماغ على أن يتلاءم مع المدرسة، في حين أن النظم التعليمية هي التي يجب أن تتغير وتبحث عن نماذج وأساليب تعليمية تتوافق مع طبيعة عمل الدماغ.

وفي هذا السياق يمكن أن نستحضر الباحث الفرنسي الشاب ذو الأصول الجزائرية idriss aberkane صاحب كتاب " libérer votre cerveau" يرى أن برامج التعليم اليوم تعمل على إخصاء الشغف والفضول المعرفي لدى الأطفال، لأن معظم النظم التعليمية تقتل حس التساؤل والنقد الشيء الذي يؤكد سوء استعمال للذهن البشري، مشكلة المدرسة اليوم أنها تنتج نظام من التماثل والتشابه، لذلك يرى أنه لا يجب أن نجبر الدماغ على أن يتطابق مع مدرستنا (التغذية والامتثال)،إنما نحتاج أن نلاءم مدرستنا مع طبيعة عمل الدماغ.

التحديات التي تواجهها الأساليب التقليدية في التدريس والتعلم أنها تقدم أساليب خاطئة في التعامل مع العقل والدماغ، لأن العامل الأساسي الذي جعل مجمل تجاربنا داخل المدرسة فاشلة، هي غياب التعاطي مع التعليم، من خلال منهج ينطلق من فهم الدماغ والأليات التي عن طريقها يكتسب ويتلقى المعرفة، ولعل البحوث الحديث في مجال neuro éducation ، ترصد أهم الخصائص والعناصر التي تجعل العقل ينشط ويتعلم، إذ كانت النتائج صادمة وجد العلماء وجود علاقة بين المتعة واللعب والتعلم، حيث أن الأنشطة التعليمية الممتعة تساعد في بناء ترابطات بين الخلايا العصبية التي ترصد التعلم باعتباره تجربة نفسية و ذاتي، مما يساهم في دخول هذه التجارب التعليمية في الذاكرة طويلة المدى.

إذن مشكل المدارس أنها تركز على تكديس المعلومات عن طريق الحفظ والتلقي السلبي، غير أن البحوث العلمية اليوم تؤكد أن المعارف التي لا يساهم التلميذ في بنائها تنمي حس الغباء لديه، لهذا فإن طريقة العمل بالمشاريع و اشراك المتعلم في التخطيط وتوجيه المعرفة ينمي حس الإبداع و النقد والاستقلالية والحرية والإرادة في التفكير لدى المتعلم.

يقدم الباحثidriss aberkane معادلة من ثلاث مبادئ تقود إلى الإبداع والعبقرية في التعلم حسب أخر الأبحاث في مجال علم الأعصاب.

1) الحب والشغف:

"انا لست موهوب, انا فضولي" البيرت اينشاتين.

يعتبر الميل النفسي والعاطفي نحو موضوع ما هو الأساس الذي يخلق الفارق بين المتعلم المبدع والقارئ العادي الذي لا يساهم في إضافة شيء لهذا العالم، الشيء الذي يجعل منك شخصا فضوليا بالمعنى الايجابي أي في مجال المعرفة حيث تطرح دائما الأسئلة و القضايا التي تسعى إلى تعلمها، كما أكد ليوناردو دافنشي أن الحب هو مصدر كل المعرفة، من أجل تحرير طاقات وقدرات الشباب ، حيث يصبح التعلم مصدرا للمتعة والراحة وليس مجال للألم والتعب كما يراه الناس عموما، لأن حب العمل الذي نقوم به هو البداية الأولى للإبداع.

2) الانتباه و التركيز:

"لحظات من الخلوة و التأمل تحقق لي الهدوء و التوازن التركيز ، و تدفع في نفسي قوة هائلة لمواصلة الطريق" بنتراند راسل.

عندما تحب عملا ما سوف تركز إنتباهك عليه لهذا يجب أن نبتعد عن التوتر والتركيز على العمل أو النشاط الذهني الذي نقوم به حتى ندخل في حالة الاستغراق الذهني، حيث نتماهى مع ما ننجز، لأن التركيز أضحى عملة مهمة في عملية الإبداع والنجاح نتيجة لضجيج والصخب الذي أنتجته الأدوات التقنية خصوصا الهواتف الذكية التي لم نعد نستغني عليها الشيء الذي يشوش على الانتباه، سر الإبداع يمكن في القدرة على التركيز على موضوع محدد لمدة طويلة من الوقت.

3) الوقت:

"لا تضيع الوقت في الانتظار فالوقت المناسب لن يأتي.. ابدأ من حيث تقف واستعمل ما تحت يدك من أدوات.. وكلما تقدمت في طريقك ستعثر على أدوات أفضل مما كان معك حين بدأت "نابليون هيل.

كل إنجاز عظيم يحتاج إلى وقت مع العمل والجهد والسهر لمدة طويلة على الكتب والنظريات حتى تصل إلى المبتغى كما قال توماس أديسون أن سر الإبداع يكمن في العمل والتعب والجهد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل