الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا تريد وزارة التعليم بحكومة الوفاق الوطني الليبية من مؤسسات التعليم العالي الخاص؟

حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)

2019 / 10 / 16
التربية والتعليم والبحث العلمي


صدر قرار من وزير التعليم (المفوض) في حكومة الوفاق الوطني رقم (1084) لسنة 2019م، بشأن تقرير حكم في التعليم العالي الخاص، حيث تضمن القرار المذكور الأحكام التالية:
1. ضرورة قيام مؤسسات التعليم العالي الخاص بتجديد إذن المزاولة من إدارة التعليم الخاص التابعة لوزارة التعليم، كما طالب أيضا بضرورة الحصول على الترخيص الفني من المركز الوطني لضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية والتدريبية.
2. التزام مؤسسات التعليم العالي الخاص بالارتباط مع المؤسسة المناظرة لاختصاصها من مؤسسات التعليم العالي العام.
3. التزام مؤسسات التعليم العالي الخاص بتدريس المقررات الدراسية التي يتم تدريسها في مؤسسات التعليم العام المناظرة لها، حسب الخطة الدراسية الموضوعة من قبل مؤسسة التعليم العالي العام.
4. تجري الامتحانات النهائية للسنة الدراسية أو الفصل الدراسي لطلبة التعليم العالي الخاص بمؤسسات التعليم العام .
5. يتولى أعضاء هيئة التدريس في مؤسسات التعليم العالي العام وضع الأسئلة في كل مادة وكذلك القيام بعملية التصحيح، ويتولى مركز الوطني للامتحانات مهام توثيق النتائج وأعمال السنة لطلبة مؤسسات التعليم العالي الخاص.
6. كلف الوزير في القرار المذكور لجنة تتولى تنفيذ القرار المذكور برئاسة مدير مركز الوطني لضمان جودة واعتماد مؤسسات التعليمية والتدريبية، إضافة إلى عضوية رئيس الهيئة الوطنية للتعليم التقني والفني، ومدير إدارة التعليم الخاص، ومدير مركز الوطني للامتحانات، ومدير المركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية، ومدير إدارة الجامعات، ومدير إدارة الدراسات العليا.
قبل الولوج إلى تقييم القرار المذكور نود تحديد بعض المرتكزات هذه القراءة حيث أن هدف من هذه القراءة هو إزالة اللبس وإعادة الترتيب والمراجعة، وليس الاحراج أو التشهير.
كما نود التأكيد أيضًا بأن أيّ قرار سليم لأي إشكالية أو قضية من إشكاليات أو قضايا التعليم يتوجب بالضرورة القيام بعمليات التشخيص والكشف بغية فهم ما يمكن أن يكون، وكذلك التعرف على الأسباب والدواعي، وسبر الاغوار وصولًا إلى كشف الحقائق، ومن ثم طرح المعالجات المطلوبة.
في حال لم يتم التوصل إلى العلاج المطلوب؛ فمعنى ذلك أن هناك خطأ أو نقصا في الكشف والتشخيص، بالتالي تظل هناك حاجة ضرورية إلى إعادة ذلك الكشف والتشخيص، خصوصا بما يستجد من وسائل قادرة على الاحاطة بكل الابعاد والنفاذ من السطح إلى الأعماق.
في الحقيقة هذه مقدمة ارتأيت من الضروري التطرق إليها كي نعي ونفهم بأن القرارات يجب ألا تصدر دون القيام بعمليات الكشف والتشخيص، وألا نضع روشتات العلاج هكذا لمجرد تأملات، أو مواقف مسبقة.
عموما نود رصد بعض الملاحظات والتساؤلات التي تطرح نفسها وهي بحاجة إلى إجابات واضحة ومحددة:
• بادئ ذي بدء نود التأكيد بأن مؤسسات التعليم العالي الخاص بحاجة إلى وقفة جادة من قبل المسؤولين في وزارة التعليم، وأن يكون من ضمن أولويات الوزارة، بغية عقلنة الفوضى الحاصلة في هذه المؤسسات.
• أصبح الاعتراف بوجود إشكاليات كبيرة ومتشابكة ومعقدة تواجه التعليم العالي خاص ضرورة، والحاجة إلى معالجات مناسبة ضرورة أيضًا لابد منها ، كما أن تجاهل كل ذلك سيؤدي بالضرورة بشكل دائم ومستمر إلى خلق المزيد من الإشكاليات، من ثم يجب إلا تختزل إشكاليات التعليم العالي الخاص في مسألتي المقررات الدراسية والامتحانات النهائية.
• كان هناك حاجة إلى ضبط المفاهيم الموجودة في القرار المذكور، فمثلا: المركز الوطني لضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية والتدريبية لا يمنح الترخيص الفني، إنما يمنح الاعتماد المؤسسي أو البرامجي.
 أن إقحام المركز الوطني لضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية والتدريبية في هذا القرار يعني إرباك عمليات التدقيق التي يقوم بها المركز للمؤسسات التعليم العالي الخاص، فمثلا: ماذا سيكون موقف المركز في حال تم منح جامعة أو معهد عالي خاصة اعتماد من قبل فريق التدقيق؛ في حين أن اللجنة المذكورة في هذا القرار غير موافقة على إجراءات تلك الجامعة أو المعهد، أو وجهت لها تحذيرا أو مخالفة، وهذا الأمر سيجعل المركز في موقف صعب أمام الجامعات أو المعاهد، كما أن ذلك يعد تحول كبير في مهام المركز وجوهر عمله، أعتقد بأننا لسنا في حاجة إلى أي توضيح حول ذلك، لأن أية إضافة ستحيد بنا عن جوهر الموضوع، لذلك سنترك هذه الفقرة جانبا ونواصل الحديث عن إشكاليات التعليم الخاص.
• أعتقد بأن الإشكاليات أعمق وأوسع من ذلك، فالأمر بحاجة إلى تشخيص وكشف الواقع الفعلي لمؤسسات التعليم العالي الخاص، وكذلك تحديد ماذا يريد المجتمع من التعليم العالي الخاص؟ وهذا يعني ببساطة ما دور المناط بهذه المؤسسات في تحقيق خطط وأهداف التعليم العالي؟.
• إن إشكاليات التعليم العالي الخاص تبدأ حسب وجهة نظري من بداية تأسيس الشركات التي تقوم بتأسيس مؤسسات التعليم العالي، وتمتد لتشمل ماهية القائمين على تلك الشركات، لتنتقل بعد ذك إلى القدرة المؤسسية، وآليات قبول وتسجيل الطلبة، وكذلك ماهية أعضاء هيئة التدريس، ومن ثم المناهج وآليات التقييم والتقويم، وأكاد أجزم بأن كل عملية من تلك العمليات تحتاج إلى وقفة جادة للتدبر لضمان مخرجات ذات جودة.
• إنه لا مندوحة من التذكير بأن تلك الإشكاليات تم معالجتها إلى حد كبير في معايير الجودة والاعتماد التي تم إصدارها عام 2012م، والتي كانت تسبب في كثير من الأحيان إزعاج وقلق شديدين لأصحاب الشركات المؤسسين لمؤسسات التعليم العالي الخاص، وذلك لعدم قدرتهم على استيفاء تلك المعايير سواء أكانت المؤسسية أم البرامجة، بالتالي تم مراجعة وتعديل تلك المعايير في سنة 2016م، فأصبح هناك اعتقاد من بعض أصحاب المؤسسات التعليم العالي الخاص إلى كون الجودة والاعتماد مجرد توفير مستندات ووثائق محددة، دون النظر إلى الممارسات الفعلية.
• أن مؤسسات التعليم العالي الخاص بحاجة إلى ضوابط حقيقية وجادة من قبل الوزارة وهذه الضوابط لا تبدأ فقط من مسالة المقررات الدراسية، أو الامتحانات النهائية، أو القيام أعضاء هيئة التدريس بمؤسسات التعليم العالي الحكومي بتصحيح الامتحانات، وحتى نقرب المعنى أكثر يمكن ان نشير إلى أن الإجراءات المذكورة في قرار الوزير كان معمول بها في معاهد التعليم التقني والفني المتوسط والعالي الخاص، فهناك تجربة سابقة بشأن قيام بعض المعاهد الحكومية بالإشراف على المعاهد الخاصة، إضافة إلى إلزام تلك المعاهد الخاصة بإجراء الامتحانات النهائية في المعاهد الحكومية، ولكن في 2012م تبين وجود إشكاليات واجهت هذه التجربة، بالتالي نأمل من الوزارة الرجوع إلى التقارير ذات العلاقة للتأكد من نتائج تلك الزيارات الاستطلاعية والاستفادة من التوصيات والمقترحات الموضوعة، حيث أن نتائج تلك الزيارات للمعاهد الخاصة مهمة وجوهرية؛ إلا أنها لم تحظَ بالاهتمام المطلوب، وحسب اعتقادي بأن ذلك ربما يفضى إلى كشف المسكوت عنه في التعليم العالي الخاص.
• التعليم العالي الخاص بحاجة إلى دراسة وتشخيص متأني ودقيق، فمثلا: لماذا لا يصدر قرار من وزير التعليم بشأن إعادة هيكلة التعليم العالي الخاصة، أسوة بالقرار المتعلق بإعادة هيكلة الجامعات الحكومية!.
• كنت أتمنى من أن يتم وضع ضوابط بشأن تعيين رؤساء مؤسسات التعليم العالي الخاصة، فمثلا : لا تزال مسألة تعيين رؤساء الجامعات الخاصة تخضع لأهواء ورغبات أصحاب الشركات المؤسسين لتلك المؤسسات، وفي كثير من الأحيان يكون رئيس الشركة، أو أحد معارفه هو نفسه رئيس الجامعة، وقد يكون مفيدًا أن نشير إلى تجربة أعتقد بأنها ناجحة، وهي أنه في العام 2006 تم تأسيس جامعتي أفريقيا في طرابلس وبنغازي بقرار من أمين اللجنة الشعبية العامة للتعليم ( سابقًا) ، ونصت مواد القرار على تعيين رئيسي الجامعتين. بالتالي لماذا لا يكون تعيين رؤساء الجامعات الخاصة بقرار من وزير التعليم، حيث يتم منح أصحاب الشركة المؤسسة للجامعة إحالة عدد من الأسماء فقط ، في حين يناط بالوزارة اختيار الشخص المناسب، وهذا الإجراء معمول به في بعض الجامعات الإقليمية.
• والأمر كذلك بالنسبة لأعضاء هيئة التدريس، فمثلا : لماذا لا يتم إعارة عدد من أعضاء هيئة التدريس من الجامعات الحكومية للعمل في الجامعات الخاصة، حيث يعد هذا الإجراء أولا دعم للقطاع الخاص، حيث تلتزم الجامعات الحكومية بدفع رواتب والساعات التدريسية لأعضاء هيئة التدريس المعارين، كما يناط بأعضاء هيئة التدريس مهام متابعة وتقييم البرامج الأكاديمية.
• وبخصوص التسجيل والقبول فهناك مقترح مقدم سابقًا إلى الوزارة يتضمن أن يكون هناك مسجل عام للجامعات الخاصة، بهدف ضبط عمليات التسجيل والقبول، إضافة إلى ضبط إجراءات الخريجين والتأكد من استيفاء المقررات المطلوبة والمدة القانونية .
وعلى أي حال وسواء قبل البعض أو لم يقبل بوجهة النظر هذه فإنه من المؤكد بالنسبة لي أن التعليم العالي الخاص بحاجة إلى عدد من الضوابط الحقيقية والجادة، كما إن الاسترسال في الحديث عن إشكاليات التعليم العالي الخاص مهم ولكنني رأيت الاكتفاء بهذا القدر، إن هذه القراءة قد تكون صحيحة، ولكنها قد تكون غير صحيحة في مستوى الفهم، عليه نأمل أن يكون هناك تشخيص لواقع التعليم الخاص قبل الولوج إلى إصدار قرارات ربما لن تصمد كثيرًا أمام إشكاليات أو معضلات التعليم العالي الخاص المزمنة، والتي يجب أن نعترف بأنها ليست تراكم سنوات ما بعد 2011م، إنما ترجع إلى ما قبل ذلك، وعمومًا فأن الوزارة الحالية وبشكل خاص وزير التعليم يتحمل مسؤولية حلها ومعالجتها بحكم قبوله مسؤوليات وأعباء الوزارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي


.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال




.. استطلاع للرأي يكشف أن معظم الطلاب لا يكترثون للاحتجاجات على 


.. قبول حماس بصفقة التبادل يحرج نتنياهو أمام الإسرائيليين والمج




.. البيت الأبيض يبدي تفاؤلا بشأن إمكانية تضييق الفجوات بين حماس