الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن المجتمع – لورانس لابادي

مازن كم الماز

2019 / 10 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أنتم ايها المصلحون تريدون أن "تحولوا" الدولة من أداة للقمع و الاستبداد و انتهاك الحقوق إلى وكالة تعاونية لدعم الأهداف العامة للبشر , بينما يريد الأناركيون أن يلغوا الدولة . بما أن الأناركيين لا يعارضون أية وكالات تعاونية أو مؤسسات تقوم على التعاون كما تصفون , فمن الواضح أن الدولة لا تعني بالنسبة لكلينا نفس الشيء . يعود هذا الاختلاف في الأصل إلى طريقتي تفكير مختلفتين في النظر إلى العلاقات بين البشر . أحدها جماعية و الأخرى أناركية . واحد يحاول تنظيم المجتمع و الآخر يريد تحريره . أولها يبحث عن شكل معين للتنظيم , و الآخر عن جملة مبادئ . إذا كان غرض المجتمع هو اكتشاف نمط ما من التنظيم يجب الالتزام به , لا بد عندها من وسائل أو أدوات لفرض التطابق مع ذلك الشكل . فرض الالتزام بتنظيم ما يعني الإكراه و التعدي , أما الدفاع عن جملة مبادئ فهو بعيد عن أي تعد أو انتهاك . في مجتمع حر تكون الأشكال المختلفة من التنظيم ممكنة . ليست الأناركية إذن مبدأ لتنظيم معين للمجتمع . إنها تعني مجتمعا يقوم على الاتفاق الحر , حتى المؤسسات المكلفة بالدفاع عن مبادئه يجب أن تكون طوعية . إني مضطر للقول هنا أن الحكومة ( التي تعني الاعتداء و التعدي على الحريات الفردية – المترجم ) و الدفاع ( عن هذه الحريات ) هي أشياء متناقضة , تعني الحكومة التطابق و التماثل الذي إما أن يكون مفروضا أو طوعيا , و بالتالي من دون التمييز بين الدفاع و الانتهاك أو التعدي لا يمكن أن يوجد علم للمجتمع . لكن قد يكون ما أعنيه غير واضحا بشكل كاف و من الأفضل أن أحاول شرح أصل هذين الموقفين المختلفين تجاه المجتمع . في الحياة البدائية كان العيش في جماعات ضروريا للفرد كي يتمكن من النجاة . كان على البشر أن يتنظموا معا لصالح المجموعة . خضع صالح الفرد لصالح الجماعة , لدرجة التضحية بالفرد عند اللزوم . تشكل عندها ما نسميه اليوم "غريزة القطيع" . ما يمكن تسميته اليوم بفلسفة ال"نحن" . جوهر هذه الغريزة هو الوحدة . القوانين العشائرية و القرارات الصارمة لكل الجماعة كانت ضرورية وقتئذ . كان الاختلاف أو الفرقة كارثة . اذكر أيضا أنه كلما عاد بنا الزمن إلى الأزمان البدائية كلما كانت العضويات الحية أكثر تشابها , كما نشاهد اليوم بين النمل و النحل الذين يبدون لنا دون أية تمايزات أو فردانية . رغباتهم هي نفسها ما يمكن أن يعبروا عنها بالقول "نحن" . لكن تطور العضويات الحية ينزع نحو ظهور و نمو الفردانية أي الاختلاف . مع نمو المعرفة الإنتاجية و ظهور تقسيم العمل أصبح البشر أكثر قدرة على أن يتوحدوا بشكل أكثر حرية – بدأوا بالسير على الطريق نحو ظهور إمكانية حقيقية لاستقلال الفرد , الذي يعني في الحياة العملية حرية الفرد و الترابط المتبادل الذي يعنيه الاختيار الحر و يعتبره أفضل مما سواه . يمكن للبشر أن يفترقوا أو يختلفوا الآن دون أن يعني هذا أنهم سوف ينتهون أو ينقرضون . و مع نمو الفردانية ( التمايز ) يصبح أفضل طريقة لحل الخلافات هو الافتراق أو الانفصال – تحرير كل فرد من التدخل المتبادل أو التطابق الإلزامي مع نمط حياة واحد . عندما خطرت هذه الفكرة لأول مرة على ذهن الإنسان , ولدت فلسفة الأناركية . ربما كان ماكس شتيرنر أول من قال بجرأة أن الفرد هو المهم , لا الجماعة , و أنه عندما يدرك الفرد منزلته ككائن بشري فإنه سينحي جانبا كل القيود الخرافية التي تحرمه من حريته , أما بالنسبة الجماعات , عندها ستتشكل هذه الجماعات من بشر أحرار . بعده أعلن يوشيا وارن اكتشافه أن الافتراق بين هذه الآراء المختلفة هو سر الانسجام لا المزج بينها و افصرار على توحيدها . كان برودون قد قال أن الاجتماع ليس "قانونا اجتماعيا" و أن البشر الذين يبحثون عن أنظمة للمجتمع طوباويون . و صرح بعده هربرت سبنسر أن مبدأ الحرية المتساوي الذي يهدف لإعطاء الفرد أكثر ما يمكن من حرية يتوافق مع مبدأ الحرية المتساوية . باختصار , يسير التطور من الشيوعية باتجاه الفردانية , من حالة الأمر الواقع إلى حالة التوافق و التعاقد , من السلطة باتجاه الحرية . لكن "غريزة القطيع" ما تزال موجودة . ما نزال نسمع أشخاصا يتكلمون عن "نحن" كما لو أن عقول البشر و رغباتهم و حاجاتهم موحدة أو متطابقة . هذا هو الأصل الذي ترجع إليه النزعات الجماعية , القومية , الدولتية ( الداعية لتأسيس حكومات و دول – المترجم ) . تقريبا كل البشر الذين يلجأون إلى ( مثال ) الدولة هم مشبعون بغريزة القطيع هذه . و نتيجة كل هذه الخطط المعدة سلفا بشكل جيد هو أنا ستؤدي حتما إلى الشمولية ( الحكم الشمولي ) – و أن الفرد سيصبح صفرا ( لا شيء ) نتيجة لها .

سبتمبر أيلول 1937

نقلا عن
https://ia600800.us.archive.org/33/items/AnarchoPessimismTheCollectedWritingsOfLaurenceLabadie/Anarcho-Pessimism%20-%20The%20Collected%20Writings%20of%20Laurence%20Labadie.pdf

لورانس لابادي ( 1898 – 1975 ) أناركي فرداني , "أميركي" .. يوشيا وارن ( 1798 – 1874 ) أناركي و رسام و موسيقي "أميركي" .. بيير جوزيف برودون ( 1809 – 1865 ) أناركي , اقتصادي , جماعي أو تبادلي , "فرنسي" ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل : لا مجال لبقاء حماس في السلطة بعد الحرب في غزة


.. أمير الكويت يعين الشيخ صباح خالد ولياً للعهد.. والأخير يؤدي




.. شكري يؤكد رفض مصر الوجود الإسرائيلي في معبر رفح| #الظهيرة


.. نجل بايدن يفسد فرحته.. فهل يفوّت بايدن فرصة إزاحة ترامب من س




.. غروسي: تفتيش منشآت نووية لدولة ما يخضع لأطر قانونية وفق التز