الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسقاط لبعض فكر جان جاك روسو على وأقعنا الحالي

نبيل الطاهر العالم

2019 / 10 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في كتابه الشهير "العقد الاجتماعي" صنف الفيلسوف الفرنسي الشهير جان جاك روسو الأديان إلى ثلاثة أصناف: دين الإنسان، دين المواطن، ودين الكاهن.
ويصف روسو النوع الأول " دين الإنسان" بأنه الدين الذiي يتجاهل مسألة الدولة والأمور الزمانية كما في المسيحية الأولى (دع مالقيصر لقيصر ومالله لله)، الحكم والدولة وقوانينها للحاكم ، والدين لله.
والنوع الثاني "دين المواطن" وهو الوضع الذي يتطابق فيه الدين مع قوانين الدولة الوضعية، أما النوع الثالث "دين الكاهن" فهو الذي تتناقض فيه مصالح /معتقدات القساوسة "القيادات الدينية" و المتدينين مع مصالح الدولة، وهذا مايقود للعداء بين المتدينين والدولة / الحكام، وهذا النوع يصفه روسو بأنه الأكثر غرابة.
إذا ماأسقطنا رؤية جان جاك روسو على الرؤى الفكرية للنخب الثقافية والمتدينين في العالم العربي والأسلامي في وقتنا هذا نجد أنهم تنقسم إلى ثلاثة فرق رئيسية، كل فرقة تنتهج ديناً أو بمعنى أدق رؤية للدين تقع تحت أحدى هذه الأصناف الثلاثة، فبعض النخب التي تعتنق العلمانية كتوجه فكري والمتدينين أتباع منهج التصوف يمثلون الفرقة الأولى والتي يمكن تصنيفها بأنها من صنف "دين الإنسان" حيث ينادي العلمانيون بفصل الدين عن الدولة ويرفضون بالمطلق أي علاقة بينهما ويهاجمون كل من يحاول الربط بينهما ويتهمونه بالتخلف والجهل، بينما يزهد المتصوفة في الدنيا والتي تمثلها الدولة ويركزون على تزكية النفس والجوانب التعبديةوحسن التعامل من البشر كأفراد.
أما الفرقة الثانية فهم من الإعلاميين والشخصيات العامة والمتدينين وهم بناءاً على تصنيف روسو يعتبرون الصنف الثاني "دين/ تدين المواطن، وهذا النوع ينقسم إلى قسمين: القسم الأول هم من المتدينين تديناً وراثياً فهم يمارسون الجوانب التعبدية من الدين أما الجوانب التعاملية فلا يركزون اللهم إلا فيما يتعلق بالأحوال الشخصية ( معاملات الميراث، الزواج، الطلاق، وماشابه)، أما الجوانب الأخرى كالمالية والحريات الشخصية مثلاً فهم يتبعون قوانين الدولة الوضعية حتى وإن تضاربت مع بعض الأحكام الشرعية .
والقسم الثاني من هذه الفرقة والذي إنتشر أخيراً ، عبارةعن خليط من بعض المتدينين والإعلاميين والشخصيات العامة . المتدينين يمثلهم علماء السلطان وأتباعهم الذين يرون وجوب طاعة ولي الأمر الذي هو في نظرهم ظل الله في الأرض ويحثون المواطنين أتباع قوانين دولته كيفما كانت كونها طاعة لأوامر الشرع، أما الأعلاميين والشخصيات العامة من هذه الفرقة، فهم الثلة المستفيدة من الحاكم وقوانينه والذين لايفتأون يبررون كل مايصدر عنه بل ويمجدونه، ويشككون في كل نص ديني سواءاً أكان حديثاً شريفاً أو قاعدة فقهية بدعوى تجديد الخطاب الديني. يتميز هذا القسم بأنه شرس الخصومة مع المخالفين و أليف لين الجانب مع الحاكم لكون وجوده مرتبط به إرتباطاً وثيقاً.
وأماً الفرقة الثالثة: فإن أغلب أعضاءها هم من المتدينين تديناً متشدداً نتيجة لفهمهم الخاطئ وجمودهم الفكري، بحيث يقودهم هذا الجمود لمحاربة الحداثة وسنةالتطور التي فطر الله الكون عليها ويحاربون أي إجتهاد يسعى لمواكبة تطور الحياة الملئ بالمستجدات نتيجة تغير الظروف وأنماط الحياة، لهذا تراهم ينحون للتطرف والعنف في كثير من الأحيان.
رى والله ًأعلم أن النوع الثاني وهو دين/ تدين المواطن هو الأفضل إذا ما أستمدت قوانين الدولة مضامينها من روح الأحكام الشرعية ومقاصدها التي نص عليها الدين، لأنه الأمر الوحيد الذي يضمن عدم التضارب بينهما ويسمح للفكر الأنساني بالأبداع والأنطلاق ضمن ضوابط الشرع ويضمن الوسطية ، فلا إنحلال ولا تشدد.
إن الفكر المستنير المستوعب لسبب خلق الإنسان والموازن بين الدين والدنيا وبين الأصالة والمعاصرة هو ماتحتاجه الأمة لكي تنهض من سباتها وتخرج من حالة الغثائية التي تعيشها وتتخلص من ظاهرة تجرؤ جهلتها وتغول دهمائها التي أوصلتها لهذه الحالة وآلت بها إلى هذا المآل الذي يشبه حالها الذي مكن المغول من غزوها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah