الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعارات فضائية .. الحسين يجمعنا !!

حسن عزيز الياسري

2019 / 10 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لعلنا لا نغالي اذا تساءلنا سؤالا تلقائيا مشتقا من فنطازيات الاستاذ فايق الشيخ علي بكلمتيه الشهيرتين ( شني هاي ) حول هذا الشعار المحير ومفهومه الهلامي متسائلين بعفوية : اذا كان الحسين يجمعنا فيُقتلُ ٢٠٠ من انصاره ومحبيه الصغار بكل هذه الخسة والوضاعة ويتم اصابة ٦٠٠٠ اخرين من الرافعين شعاره وجلهم من الايتام والمحرومين ،  فكيف اذا كان يفرقنا ؟؟ !! 

لقد تم تحديث الشعار مِن يوحدنا الى يجمعنا ،  وحسب متطلبات الصراع حول السلطة الذي كان سابقا بحاجة الى وحدة الصف من اجل القضاء على التطرف ، وهو معقول الى حد ما  ، ولكن الشعار المُحدث الحسين يجمعنا ، فعلا يدعو الصادقين الواضحين الى التساؤل والحيرة والتقصي  والتفحيص والتمحيص .
بهذا المفهوم الضبابي ينطلقون لنشر منهجهم الغامض  ، غموض مشروعهم السياسي وبرنامجهم الحكومي الذي لم يلد الا الخيال والأفكار السِفاح والوهم وقبل كل شيء الفساد .

وتجربتهم الديمقراطية المبتذلة اكبر مثال على ما هم عليه ، هذا بالوقت الذي دخلوا فيه البلاد على ظهر دبابة الشيطان الاكبر ، كما يحلو لهم تسمية المحتل !!! ، فكيف اذا دخلوها تحت ظلال  عباءاتهم وطبقوا فيها مبتغاهم بمنهج الفتاوى ، ففي أي نظام مستبد ٍ شمولي ٍ قهري ٍ رجعي ٍ سنكون عليه .
لعل تظاهرات تشرين المباركة اوضحت الصورة بأبلغ معنى ، فدماء ابنائنا وصبيتنا الصغار كشفت ما تبقى من قلوب اللاطمين على الصدور طوال العام ، حبا وولاية مرجوة ، لصاحب الثورة والمشروع الكبير ( مُنظرا ومُطبقا ) ، كشفت تلك النوايا القابعة خلف ذل الاستعباد وفكر الاستبداد الذي أقحموا انفسهم به بدعوى الديمقراطية ( فلا يا ليتنا كنا معكم سادتي ) ولا هم يخدعون ، الفوز بمغانم السلطة ومكاسبها ستجعل من سيد الشهداء الذي يبكونه عمرهم كلهُ ، شهيدا بقناصِ جبانٍ قذرٍ مأجور ، اذا ما خرج  مطالبا بحقوق من حوله .
ولعل تساؤلا على محمل الفرض يقول : لو كتب للحسين الذي لم يخرج بطرا ولا مفسدا الا لإصلاح امة جده ، ان يكون اليوم فيما بيننا ، ف لأي طرف يا ترى سيكون ؟؟
ونظريتهم الموسوعية التي يؤطرونها يوميا بدعاوى خلف كل صلاة تقول : ان الدنيا لا تخلو من ولي او امام ؟؟ فلمن يا ترى يضم صوته هذا الامام الموعود ؟؟  للخارجين البائسين المطالبين بحقوقهم المسلوبة ؟؟  أم لزمر الفساد التي دمرت وطناً واهلكت شعبا وانهكت حاضره ومستقبله ؟؟

تعدد الآلهة يجلب الخراب للوجود ، هذا ما ألفته اسماعنا و افكارنا ونحن تلامذة صغار ((  لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا  - القرآن الكريم  )) فكيف بصنم حجري اعجم ، او عقلا بشريا أبكم ، واذا سعينا لفك رموز الالهة وطلاسم الطغيان وعبيدهم ، لحفنةٍ من الآلهة البشرية الصماء ، نكون كمن يفتح ابواب الجحيم لكل اله قابع ٍ على سلطانه فوق الرؤوس .

الحسين يجمعنا تُصرحُ به فضائياتهم دون استثناء منذ الايام الاولى التي شهدت ولادة ثورة تشرين الاول حيث رفع المتظاهرين شعارين رئيسيين لها : نازل اخذ حقي و اريد وطن ، فلا دعوى فضائية لتهدئة ولا حتى محاولة للفهم ولا برامج اجتماعية او تنموية ولا الحديث عن مشاريع بناء وطن او مواطن ولا برنامج حكومي واضح ، بعيدا عن تلك الخطب الاسبوعية الفارغة من المضمون ، او كتلك الكلمات التي تقال خلال مدة الانتخابات وتعاد على المسامع مرة اخرى بعد اربع اعوام عجاف ، حتى برامج الطبيخ او تلك الحلقات التي وفرت للشعب كماً من المعلومات الجديدة والمفيدة للصحة !! عن مناهج التغذية وجداول السعرات ، كتلك البرامج المطبخية الدسمة ، التي انطلقت في اول تشرين المبارك بفضائيات احزاب السلطة دون استثناء ، وهنا بيت القصيد ، وارواح صبيتنا الصغار وعشرات الالاف من بواسل شعبنا الابي بين يدي من لا يرحم وتحت مرمى القناصة الجبناء ممن لا يفهم معنى للانسان وقداسة دمه (( والقناص تلك حكاية اخرى اشبه بخرافات العدالة واساطير الطغاة ، لعلها في يوم ما تصبح اكبر علامة للتعجب والاستدلال لمستوى انحطاط وهشاشة ورثاثة نظام السلطة الحالي )) ، فلا صوت لصفع الظلم يعلو ، ولا شعار لمحاربة الفساد يُرفع ، ولا أنات ٦٠٠٠ الف جريح تسمع ، ولا عويل امهاتٍ ثكلى لعشرات الاطفال والصبيان ، يَستصرخ معلنا ظلامته للانسانية ، لا صوت يعلو فوق اصوات التباكي والنحيب  والعويل الزائف لرجال الظل واصوات المنابر الذي لا يهدأ !!
لا أدري أي حسينا هذا الذي تبكيه عيونهم ؟ ويصطبغون بمواعظ الطف احاديثهم الحزينة  الشيقة عنه كل يوم ، ويسردون مواقفه ويستنزلون الدموع عليه وعلى من حوله وهم يصرخون بكل عنفوان : يا حسين ْ !!
حسين البائسين المظلومين المقهورين ؟
ام حسين السلطة والتحزب والقناصة والفساد ؟

حينما يتجرد المحتوى عن مضمونه ، فلن يصبح للتاريخ قيمةٌ معنويةٌ او نفسية .
حينما تسرد احداث التاريخ وترفع شعارات ابطاله بهذا الشكل الهجين من اجل استدرار الدموع دون استنهاض الهمم والعمل على تفعيل مبادئ المصلحين وشعاراتهم بالقول والعمل ليتم ترسيخها بالفرد والمجتمع ، فلا منتَج فيهم الا المزيد من الركود والالم والبؤس والفقر والاحباط والمعاناة التي لا تهدأ حتى الوصول الى بلورة الثورة .
وهذه سيرورة التاريخ وحكمته التي لا يريد ان يهضمها قرود السلطة .

١٠ / ١٠ / ٢٠١٩ بغداد .
         








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا