الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والسياسة …

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2019 / 10 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما يختلط الدين بالسياسة والعكس يفسد ويشوه احدهما الاخر … فظاهرة تسييس الدين وتديين السياسة واضحة في مجتمعاتنا العربية الحديثة … فالسياسي كونه وصولي ، إنتهازي يجب أن تكون من ضمن مهاراته وألاعيبه إتقان فن إستغلال الدين وموهبة التلاعب به وبالفاظه لما يخدمه في سرعة الوصول الى الهدف ، والسياسة تسمح له بأن يلعب هكذا دور لانها فن الممكن وعندها الغاية تبرر الوسيلة … وهكذا !
ولا يفترض برجل الدين من ناحية أخرى أن يخوض غمار السياسة العاهر لأنه والحال هذه سيسئ الى نفسه والدين الذي يفترض به أن يكون سلطة روحية لايدخلها الباطل من أمامها أو من خلفها … وبالتأكيد سيفشل في السياسة ، إلا إذا كان من متقني اللعب على الحبلين !
إن طلب الناس للدين موجود وسيستمر، وسوقه رائجة خاصة في أوساط العامة وهم هدف السياسي الاول والاخير خاصة في فعالية الانتخابات التي لن يكسبها مالم يلعب مع الجماهير المغيبة على وتر الدين … ولنا في تجربة الاخوان المسلمين في مصر ألأسوة السيئة !
اما بالنسبة للدين والاسلام بالتحديد فهو اصلا قائم على مبدء سياسي ( الإسلام دين ودولة ، عقيدة وشريعة ) …منذ الايام الاولى لتأسيس الكيان الاسلامي ألاول في يثرب وتحديد قيادة عسكرية له من الصحابة ، وسياسية من النبي وصحبه المقربين كعمر وابو بكر ، وما لحقه بعد ذلك من تشكيل جيش ومن ثم قيامه بالغزوات التي كانت تشكل عنصرا مهما وربما الوحيد في توفير الدخل ، أي المالية للدولة الفتية للانفاق على الجيش والقادة والرعية … دخل الدين في شرك السياسة .
وهكذا نرى اكتمال الاركان الاساسية لقيام كيان نواة دولة الاسلام الاولى : المكان ، القيادة ، الجيش ، المالية ، والتشريع المسؤول عن ادارة شؤون المجتمع …
وما نراه اليوم من الترويج لفكرة وحلم الحاكمية والخلافة الا تجسيد لبعث أو إحياء الامجاد المخضبة بالدم لما كان عليه السلف في بناءهم امبراطورية مترامية الاطراف من الصين الى حدود فرنسا ، ومن المؤكد لم يقودوها ويديروها بالدين وحده ، وانما بالسياسة المتكأة على السيف أيضاً ، اي القوة الغاشمة التي تضبط ايقاع البلد والرعية وحتى الاعداء من وجهة نظرهم …
وقد لعبت السياسة والدسائس والمؤامرات للسيطرة على الحكم بين الخلفاء على إمتداد الحكم الاسلامي منذ الخلفاء الراشدين وحتى نهاية الخلافة على يد كمال اتاتورك عام 1923 … لعبت دوراً دموياً قل نظيره في التاريخ ، فلم يسلم من القتل ذبحاً او سماً أحد من الخلفاء !
لهذا نرى كل التنظيمات الاسلاموية اليوم لديها مشروع دولة وحكم إقتداءً بسنة النبي ، وعلى راسهم الاخوان وداعش واخواتها ، فكل ما يقومون به يصب في حلم تاسيس دولة الخلافة الكبرى وتطبيق الشريعة على منهاج النبوة ( اي على منهاج دولة الاسلام الاولى في يثرب او المدينة ) …
( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله..)
من هذا الحديث بدءت فكرة الجهاد ضد الكفار تتوسع ، وأخذه الخلفاء الذين تعاقبوا مسوغاً لنشر الاسلام بحد السيف وبث الرعب من قبل الوحش الاسلامي القادم ! وبناء دولة الخلافة أو ما يسمى بحاكمية العالم ! ومنه بدأت المأساة الحقيقية في نشر ثقافة العنف التي لانزال نعاني منها الى اليوم وربما الى يوم يبعثون ، وكأنها قدر مقدر ومحتوم !
وفي الغرب المسيحي فرق رجل الدين الإصلاحي مارتن لوثر بين ما هو سماوي وبين ما هو أرضي، فقد رآى أن الناس فئتان ، فئة تنتمي إلى مملكة الله ، وأخرى تنتمي إلى مملكة الأرض ، فالذين ينتمون إلى مملكة الله ليسوا بحاجة لأية سلطة ، وعليهم الاكتفاء بالروح القدس والإيمان ، أما الآخرون وهم الغالبية ، فمعرضون للخطيئة ، ولابد لهم من سلطة تقودهم نحو الخير العام .
وفكرة الاصلاح التي قادها لوثر كان هدفها اصلاح المنظومة الدينية دون الفصل بينها وبين السياسة او الدولة ، عكس ما تنادي به الأفكار الليبرالية الداعية إلى الفصل التام بين الدين والسياسة . وهذا ما حصل بالفعل على يد رئيس الولايات المتحدة الامريكية توماس جفرسون ، عندما دعى الى بناء جدار سميك بين الدين والدولة …
وبعيدا عن إنكار أهمية الدين كعامل استقرار اجتماعي ، لاحظ بعض المفكرين أنه قد يكون مصدرا للتفرقة والنزاعات ، وبالتالي سببا لضعف الدولة ، ورأوا ضرورة إخضاعه لهذه الأخيرة لتجاوز الأخطار الناجمة عنه . وهذا ما نراه واضحاً في بعض البلدان العربية كمصر مثلاً من إخضاع الدين عبر إخضاع مؤسساته الدينية الكبيرة والمؤثرة في حركة المجتمع كالازهر ودار الافتاء ومجمع البحوث العلمية وغيرها …
يبرز إذن أخيراً خيار الدولة المدنية ، العلمانية الديمقراطية كحل للملمة الجميع تحت مظلة واحدة لا رفض او تهميش فيها لأحد مهما كان نوعه او هويته أو جنسه …








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن


.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة




.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم قافلة طبية لفحص واكتشاف أمراض