الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة العقل مع النقل !

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2019 / 10 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وفقاً للقاعدة الفقهية التي تقول ( لا إجتهاد مع النص ) أُغلق باب الاجتهاد منذ قرون طويلة ، وتحكم النص بأمور الحياة وقيدها بإملائآت عفى عنها الزمن من إفرازات العقل البدوي الصحراوي ، وأُلقي بالعقل في سلة المهملات كأداة لاحاجة لنا بها … إنتكس عقل المسلم وفقد وظيفته ، وزادت غربته ، وتحول الى كتلة لحم فائضة عن الحاجة حالها حال المصران الاعور ، وجوده من عدمه سيان …
وتحكمت الغيبيات والخرافة في مجمل الحياة ولاتزال ، ولكي تؤمن بهما وهو المفروض عليك كمسلم يجب ان تكسر قاعدة العقل وتحيله على التقاعد ! … ولم ولن تجد انسان على ظهر هذا الكوكب مثلا يصدق أن ملاكاً يأتي بدابّةً بيضاء بين البغل والحمار تسمى البراق تطير بالنبي وجبريل من المسجد الحرام الى بيت المقدس ، ومن ثم تعرج بهم الى السماوات السبع وتعود في نفس الليلة ! ولا احد يصدق بأن أناساً ناموا ثلاثمائة سنة دون أي تغيير فسيولوجي يطالهم ، وإنسان بقي في بطن الحوت ثلاث أيام دون إن تهرسه معدة الحوت … أُمور ضد قوانين الطبيعة ، وغيرها الكثير من الخرافات والاساطير والغيبيات ، والتي يجب عليك كمسلم أن تصدقها وتؤمن بها لا لشئ سوى انها ذُكرت في القرآن في سياق الدروس والعبر ! وان لم تفعل أو تشكك تصنف كافراً وتستحق القصاص !
إن توقف الاجتهاد في النص محاولة هروب ذكية من الفقهاء لتجنب التناطح مع العقل المتفوق بلا شك على النص تغلب النور على الظلمة ، فالعقل هو المتحرك والاكثر ديناميكية لاستنباط وإستخراج المثالب التي تحشوا النص المحكوم بالجمود !
كان المسلمون يركبون البغال والحمير والجمال ويقاتلون بالسيف والرمح ويقضون حاجتهم في الخلاء ويستنجون بحجر أو عظم ، ويأكلون القديد ، طعاماً تعافه حتى الحيوانات اليوم ، لكن العقل والعلم اليوم غيروا شكل الحياة وقلبوها رأساً على عقب ، وبنوها من جديد على أسس حداثية إنسانية تتماشى مع الواقع الجديد المتطور باليوم والساعة ، حياة راقية تليق بالانسان وترفع من قدره وتوفر له كل وسائل الراحة … في وقت يريد الدين من اتباعه أن يبقوا متحجرين على ما كان عليه السلف من تخلف عكس الاتجاه الصحيح في السير الى أمام … ولن ينصلح حالنا مالم نحرص على إتباع خطى السلف أي أن نعود الى ثقافة أجدادنا المشرِّفة في الذبح والغزو والسلب والنهب وكما قال الامام مالك ( لن ينصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ) وما على المسلم إلا القبول والطاعة دون قيد أو شرط … ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) …
الاسلام دين عصره وبيئته بكل ما يحمل من قيم و تعاليم بدائية ، تجاوزه الزمن بكثير ولم يعد صالحاً لقيادة دولة أو مجتمع كما تحلم بعض الاحزاب الدينية الاسلاموية اليوم ، فالفرق شاسع لايمكن أن يقاس بين ما كان عليه الاسلاف وما وصلت اليه المدنية أليوم ، وهذا ليس نقصاً فيهم حتى نكون منصفين بقدر ماهو التطور الطبيعي للحياة التي ترفض الاستكانة للخمول والكسل والثبات على اللحظة الراهنة ، ولكل حال لبوسُها !
حتى المفردات التي ذُكرت في النص القرآني من قبيل يعقلون ، يفقهون ، يتفكرون … الخ لم يكن المعني بها العقل العلمي الذي أوجد الحضارة المادية المعاصرة ، بقدر ماكان المعني بها مخاطبة المسلم أن يفقه ويفهم أو يستخدم عقله لفهم النص ومدلولاته الدينية ، الروحية لاغير … وهي التي فتحت الباب أمام الفقه والفقهاء ليمسكوا بناصية الدين ويتصرفون وكأنهم حراس على النص أو لديهم توكيل من الله بإحتكار فهمه وعدم السماح بألتقرب منه …
لقد تقاطع العقل مع الكثير مما تسمى ثوابت الدين وأخضعها لمقاييسه ، فأخرج الغيب والخرافة خارج ممكنات الفهم ، بضمنها الوحي الالاهي الذي أصبح عصياً على الفهم والاستيعاب !! …
إخيرا : ماألانسداد الحضاري بشقيه الانساني والمادي في العالمين العربي والاسلامي ، إلا بسبب إغتيال العقل أو تهميشه وتفضيل النقل أو النص عليه في تسيير دفة الحياة … لاغرابة في أن نجد إنفسنا نعاني من داء التخلف الذي كما يبدو لاشفاء منه …








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري