الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموسيقى الحزينة: والله يا زمن

داود السلمان

2019 / 10 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


جلست قبالة الحاسوب، وضغطت على زر الماوس لينقلني بدوره الى نظام الـ "يوتيوب"، فكتبت: "موسيقى حزينة جدًا" فاستمعت الى كثير من الفيديوات، حتى وجدت بعضهم كان قد كتب: اتحداك إن تستمع الى هذا الفيديو ولم تبك. فاستمعت واستعت، فلم تحرك بي قيد انملة من ينبوع الحزن- الحزن الذي يثير مشاعري الكامنة وراء دهاليز من الاسى المر.
فعزوت إنّ القضية تدور في اطار ملفين أثنين لا ثالث لهما: (الاول) إن الفيديوات الموسيقية، وبالخصوص المنشورة على "اليوتيوب" هي ليست حزينة ابدا، بل توهم البعض بانها حزينة، أو تدعي الحزن، بل وجدتها اقرب الى التأمل، ولأخذ قسطا من التفكر والاسترخاء الذهني، وربما النفسي ايضا. واعتقد إن القائمين على هذه الفلسفة (فلسفة إن تلك الفيديوات هي حزينة وتدعو للبكاء) هم عديمي الذوق، أو أنهم لا يفقهون الكثير ولا القليل عن عالم الموسيقى الرحب، المترامي الاطراف، ذلك العالم الاخاذ الذي يسلب الالباب، وبالتالي يعالج كثير من الامراض النفسية والجسدية على حدٍ سواء. و(الثاني) إن الحزن الذي تعيشه الانسانية اليوم هو فوق طاقتها، وبتعبير آخر اننا اليوم نرتدي جلباب الحزن فضفاضا، بحيث مهما نرتدي تحته من اردية لا يبان حمل ذلك الرداء، فهو كالسفينة العملاقة التي تكون حمولتها آلاف الاطنان، بينما نحن نحملها طنا او نصف الطن ونريد منها أن تبحر آلاف الاميال، وبشرط أن تنوء بذلك الحمل وتشعر بثقله.
اليوم نحن بنو البشر، نعيش تراكمات من الحزن غير المسبوقة، وذلك بتغير الزمن وبتقدمه ايضا، لأنه كلما تقدمت الحياة، وظهرت التكنولوجيا والعلم الحديث، كلما ازدادت معاناتنا، واضيف همًا الى همومنا، كما لا ننسى إن السياسات والحكام والسلاطين لهم الدور الهام في هذا الاطار، بل دورهم كان تخريبي للقضايا الانسانية، اكثر مما هو بنائي.
وأخيرًا، فشطحت بي الذاكرة الى اربعة عقود، لأجد مقطوعة قصيرة "والله يا زمن" ثم عرجت قليل الى عازف الكمان العراق الكبير فالح حسن، فنزفت دموعًا ودمًا معًا، وحكمت إن الموسيقى الحزينة الحقيقية النابعة من الوجدان وتخاطب الواقع، هي الاخرى قد تعرضت للتشويه، خصوصا في عصرنا هذا.
24/ 10/2019، قبل التظاهرات المرتقبة لسقوط اصنام السياسة والفساد في العراق. داود السلمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عماد الدين أديب يكشف حقيقة علاقة حسن نصر الله بالمرشد الإيرا


.. قراءة عسكرية.. كيف استطاعت المسيرة العراقية اختراق الدفاعات




.. دمار كبير ببلدة حارة الفاكهاني بالبقاع شرقي لبنان بعد الغارا


.. تشييع عدد من شهداء المجزرة الإسرائيلية في طولكرم بالضفة الغر




.. بشأن إيران والرد الإسرائيلي.. الرئيس الأميركي يقدم أول إحاطة