الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أردوغان وحماقات المستبدين

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2019 / 11 / 5
القضية الكردية


يعود مجدداً الرئيس التركي؛ رجب طيب أردوغان إلى خطاب التهديد ضد شعبنا حيث وفي تصريح له اليوم وأمام حشد من أعضاء حزبه؛ حزب العدالة والتنمية قال: ((إن المقاتلين الأكراد لم ينسحبوا من "المنطقة الآمنة" المخطط لها في شمال شرق سوريا، على الرغم من الاتفاقات التركية مع روسيا والولايات المتحدة. وأضاف .. "نعلم أنه مازال هنالك إرهابيون داخل حدود المنطقة الآمنة التي حددناها .. هذه المنطقة ما زالت غير مطهرة من الإرهابيين". وتابع أردوغان أن وحدات حماية الشعب الكردية بقيت في تل رفعت ومنبج وشرق رأس العين، على الرغم من الاتفاقات المبرمة، منوها بأن أنقرة ستلتزم باتفاقها بقدر ما ستفي الولايات المتحدة وروسيا بوعودهما)). طبعاً يتناسى أردوغان بأن العالم بات يدرك تماماً حجم أكاذيبه وإفتراءاته ضد الكرد والإدارة الذاتية بدليل إنه يقول -ورغم هذه العنجهية التركية والتهديدات المتكررة- بأن؛ "أنقرة ستلتزم باتفاقها بقدر ما ستفي الولايات المتحدة وروسيا بوعودهما" وبالتالي لا إعتداءات جديدة وخاصة نعلم بأن كل من الروس والأمريكان قالوا؛ بأن قوات سوريا الديمقراطية قد انسحبت بحسب التفاهمات من تلك المناطق وبالتالي لا مبررات لدى تركيا لعدوانٍ جديد .. وللعلم فقط؛ كان اليوم هو آخر موعد للهدنة في حال لم تلتزم "قسد" بالتفاهم الروسي التركي وبالتالي فإن كلام أردوغان ليس إلا نوع من بروباغندا سياسية للداخل التركي.

لكن ورغم هذه البروباغندا الإعلامية لأردوغان فهو لن ينقذه من المصير الذي رسمه لنفسه ولتركيا وهنا نود أن نؤكد بأن سينتهي به الأمر كما ينتهي بكل طاغية مستبد وإن من يتابع خط سير الرئيس التركي سوف يلاحظ تشابهاً كبيراً مع خط سير أحد الطغاة المستبدين في الشرق الأوسط ونقصد الرئيس العراقي الأسبق؛ صدام حسين في قضية جبروته وتعاطيه مع مختلف الملفات الداخلية والخارجية وعلى رأسها ملف القضية الكردية حيث وجدنا كيف تعامل مع الكرد وقضاياهم من منطلق إبادتهم وليس فقط إنكاراللحقوق، بل إنهاء الوجود حيث وبعد وعوده الزائفة بحل المسألة الكردية مع البارزاني الراحل وتوقيع اتفاقية آذار عام 1970م وجدنا كيف إنقلب على الكرد وذلك بعد أن تصالح مع شاه إيران وفق اتفاقية الجزائر المشؤومة والتي بموجبها أوقف شاه إيران دعم الحركة مقابل تنازل صدام عن إمتيازات العراق فيما يعرف ب"شط العرب" أو مياه الخليج العربي/الفارسي وبعدها كانت عمليات القتل الممنهج والأنفال والإبادات الجماعية وصولاً لكارثة حلبجة واستخدام النظام العراقي البائد الأسلحة المحرمة دولياً وليكلل عنجهيته وحماقاته السياسية -ونقصد النظام العراقي السابق- باحتلال دولة الكويت إلى أن كانت حرب الخليج الأولى والثانية وإسقاط نظام صدام حسين وأخيراً ملاحقته هو وعائلته وإعدامه في صبيحة "عيد الأضحى" وتقديمه كأحد أضحية العيد من قبل الجماعة الحاكمة حالياً بأمر إيران.

إن تلك المسيرة التي سار عليها صدام والتي يسير عليها اليوم أردوغان تكاد تكونان متطابقتان حيث الأخير أيضاً -أي أردوغان- وبعد أن وصل لسدة الحكم في تركيا بضوء أخضر أمريكي أوربي كبديل عن حكومة العسكر وإنقلاباتهم المتلاحقة كل عقد من الزمن، وذلك ضمن فريق من حزب العدالة والتنمية لم يكن هو على رأس القائمة، بل كان الرجل الثاني وربما الثالث ولكن استطاع أن ينقلب على رفاقهم ويبعدهم الواحد تلو الآخر ليؤسس اليوم جمهورية رئاسية تركية مستبدة محصورة بشخصه أو بما تعرف ب"ديكتاتورية القصر" في إشارة لقصر الرئاسة -بالمناسبة صدام أيضاً جاء بضوء أخضر أمريكي ضد حكومة عبدالكريم القاسم التي كانت أقرب للسوفييت مع فريق سياسي بعثي لم يكن هو الأول، بل كان "أحمد حسن بكر"، ثم إنقلب عليهم ومعروف كيف إنقلب صدام على رفاقه من خلال محاكمة صورية للبعثيين في "قاعة الخلد" عام 1979م- وهكذا استفرد كل منهما بالسلطة ليتحول إلى ديكتاتور مستبد بحيث تخفت كل الأصوات المعارضة ليتحول البلد إلى سجن كبير، لكن حماقة وعنجهية هؤلاء لا تتوقف عند حدود البلاد -أي في الداخل فقط- بل يتخيل لهم؛ بأنهم باتوا من القوة والنفوذ بحيث يمكنهم تحدي الإرادة الدولية، فكان غزو صدام للكويت وأردوغان لسوريا!

طبعاً عندما نصف هؤلاء المستبدين بالحماقة فذاك لا يعني الحماقة الناتجة عن غباء وتخلف عقلي، بل ربما يكون هؤلاء الطغاة من أولئك الأشخاص الذين يتصفون ببعض الذكاء اللامع، لكن ما يدفعهم للحماقة هي "توهم القوة" حيث كل منهم يصل لتلك القناعة بأنه يملك من مراكز وأسباب القوة ما يجعله منيعاً على الآخرين بالتصدي له و"لقلعته" وحكومته، فكان صدام مأخوذاً بدعم الجماهير العربية والصيت الكبير وكذلك بأنه "حامي حمى العروبة" في وجه الأطماع الإيرانية الإسلامية وبالتالي فإن هذا الزخم الجماهيري العربي ووقوفه في وجه أطماع إيران جعله يتوهم بأن سيجعل الآخرين -وتحديداً الأمريكان- يفكرون ملياً قبل التفكير بإسقاطه .. واليوم فإن أردوغان هو الآخر يبني قوته و"قوة قلعته" وحكومته على عدد من القضايا أهمها بحسب قراءتي؛ الموقع الجغرافي لتركيا كخط ترانزيت بين الشرق والغرب، ليس فقط لخطوط النفط وكذلك لمرور الإرهابيين واللاجئين وأيضاً محاولتها -أي تركيا وأردوغان- الجلوس على كرسيين في آن واحد بحيث تبقى عضواً في الناتو وبنفس الوقت صديقة لكل من روسيا وإيران، لكن يبدو أن حماقة الشطارة -إن سمح لنا التعبير بذلك- هي التي تكون سبباً في سقوط هؤلاء المستبدين وإسقاطهم حيث تناسى صدام؛ بأن لا قيمة لأصوات الناخبين في واقع الطغيان والاستبداد، كما يتناسى أردوغان؛ بأن لا يمكن الجلوس طويلاً على كرسيين معاً وقد تنقلبا به في أي لحظة تاريخية.

فهل ستكون تلك اللحظة قريباً بحيث يساق أردوغان لمصيره المحتوم، كما سيق من قبله الكثير من الطغاة على نفس الدرب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرا الجزيرة ترصد معاناة النازحين من داخل الخيام في شمال غ


.. قلق بين اللاجئين والأجانب المقيمين في مصر بعد انتهاء مهلة تق




.. أوكرانيا تحبط مخططاً لانقلاب مزعوم في العاصمة كييف.. واعتقال


.. احتجاجات في الشمال السوري ضد موجة كراهية بحق اللاجئين في ترك




.. السودان.. مبادرات لتوفير مياه الشرب لمخيمات النازحين في بورت