الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يبغض الفلاسفة الحب !؟

ماهر رزوق

2019 / 11 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لماذا يبغض الفلاسفة الحب !!؟

بهذا السؤال يبدأ الباحث (جوناثان هايت) كلامه عن الحب في كتابه (فرضية السعادة) ، و يكمل قائلاً :
" عندما تقع في الحب و تريد أن تحتفل بذلك الشعور ، اقرأ الشعر . و إذا انخفضت الحماسة لديك تجاه علاقتك العاطفية ، اقرأ في علم النفس . ولكن إذا كنت انفصلت حديثاً عن حبيبك و أردت أن تقتنع بأنك أفضل حالاً بدونه ، اقرأ في الفلسفة !! "

ثم يتسائل : لماذا يكون الحب تجاه الله و الجار و الحقيقة و الجمال ، مقبولاً ، بينما يكون الحب العاطفي و الجنسي مرفوضاً !!؟
يحاول المؤلف أن يستعرض مواقف الفلسفات الشرقية و الغربية كل منهما على حدة ، فيذكر أقوال تؤكد موقفهم السلبي من الحب ...
(بوذا) على سبيل المثال يقول : مهما كانت الشهوة ضعيفة ، تلك التي تربط رجلاً بإمرأة ، فإنها لا تسمح للعقل أن يتحرر ، و تبقيه متعلقاً بها ، كما يتعلق العجل الصغير بالبقرة "
حتى في الديانة الهندوسية نجد القول التالي : " إن طبيعة النساء هي التي تفسد الرجال هنا على الأرض"
حتى (كونفوشيوس) يقول : " لم أرى أحداً يحب الفضيلة كما يحب الجنس "

يعود المؤلف ليوضح بأن الهندوسية و البوذية هي ديانات متنوعة جدًا ، و قد انقسمت إلى فروع متعددة ، فمثلًا بعض الزعماء الجدد للبوذية ، مثل (الدالاي لاما) ، يقبلون بالحب الرومنسي و يحثون عليه ...

أما بالنسبة للفلسفة الغربية ، فيذكر المؤلف أن أفلاطون لا يتحدث بشكل صريح عن الحب ، و لكنه يذكر على لسان سقراط بأن الحب كالمرض . و لكن يوضح سقراط بأن الحب الذي يكون بهدف الانجاب أو بهدف تعليم و طلب الحكمة هو حبٌ مقبول ، و أن محبة جسد جميل يجب أن تؤدي إلى محبة الجمال بشكل عام و ليس فقط ذلك الجسد ، لأن التعلق يؤدي إلى ذلك الحب المرضي !!
يذكر الكاتب أيضًا أن الرواقيين كذلك رفضوا الحب العاطفي ، لأنه يجعل سعادة الشخص محكومة برضى شخص آخر . و كذلك الأبيقوريين برغم اهتمامهم باللذة كمبدأ و طريقة نحو السعادة ، فإنهم أيضا يعارضون الحب و يعتبرونه كما يقول (لوكريتوس) : كالجرح أو كالسرطان !!

المسيحية أيضًا تبعت هذا الطريق ، و بالرغم من مقولة المسيح : "أحبب جارك كما تحب نفسك" ، فإن المقصود بها : قدّر جارك كما تقدّر نفسك . فالمسيحية وجهت الحب ليكون روحياً أكثر من كونه جسديًا ، أي محبة الله و الخير

يقول المؤلف : و بالرغم من كل هذه المعارضة للحب ، فإني أفضل العيش في عالم حيث هناك شخص يحبني أنا فقط و أحبه هو فقط ، شخص يجعلني أشعر أنني مرغوب . كما يذكر تجربة قام بها بعض العلماء على مجموعتين من القرود ، حيث فصلوا بين الذكور و الاناث في مجموعة و جمعوهم في مجموعة أخرى ، لفترة من الزمن ، و عندما أعادوا دمجهم كانت المجموعة التي تتكون من ذكور فقط أو إناث فقط أكثر عدائية من المجموعة التي دمج فيها الذكور مع الاناث !!
فالحب يجعلنا أكثر لطفاً و رحمة !!

يتسائل المؤلف في النهاية : لماذا هذه المعارضة من قبل الحكماء للحب !!؟
و يذكر مقولة يرددها الكبار في السن : افعل كما نقول لك ، و لا تقلّد ما فعلناه سابقا !!
ثم يقول ربما يكون سبب المعارضة أن الحب يجعلنا نفكر بطريقة لا عقلانية و غير منطقية ، و أن الأخلاق التي تحافظ على تماسك مجتمعاتنا ليست سوى نتيجة للتفكير المنطقي و العقلاني !!
كذلك الخوف من الموت و إدراكنا أننا كائنات فانية ، قد يكون سبباً مهماً ، لأن مجرد تذكر ذلك يجعلنا لا نريد أن نتشبه بالحيوانات ، التي تنجذب إلى بعضها و تمارس الجنس بشكل عبثي ، حيث نريد أن يكون لحياتنا الفانية معنى !!
محاولة التفريق بين الحب و الجنس ، و ربط الحب بالروحانيات و محبة الله ، ليست سوى وسيلة دفاعية تجاه الخوف من الموت !!
في النهاية يختم الكاتب بقوله : نحن نعيش اليوم في عالم مختلف عن عالم الحكماء السابقين ، و ربما علينا أن نكون انتقائيين في اختيار ما نتبعه من نصائحهم ، و نكتشف حكمتنا الخاصة التي تشبه ظروفنا نحن و ليس ظروفهم هم !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فريق تركي ينجح في صناعة طائرات مسيرة لأغراض مدنية | #مراسلو_


.. انتخابات الرئاسة الأميركية..في انتظار مناظرة بايدن وترامب ال




.. المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يزور إسرائيل لتجنب التصعيد مع


.. صاروخ استطلاع يستهدف مدنيين في رفح




.. ما أبرز ما تناولته الصحف العالمية بشأن الحرب في قطاع غزة؟