الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقدة التاريخ الاسلامي

طاهر الشريفي

2019 / 11 / 15
التربية والتعليم والبحث العلمي


عقدة التاريخ الاسلامي ...
للتاريخ حكايات واغلب العرب المسلمين مشدودين لأساطير التاريخ فمن الجاهلية شدّهم عنترة بن شداد والحارث بن عباد وامرؤ القيس والزير سالم ومن اليمن ما قبل ذلك شدّهم سيف بن ذي يزن وبعد الاسلام ظهرت شخوصا تاريخية اسطورية كالقعقاع بن عمرو وخالد بن الوليد وصقر قريش والمثنى الحارثي وصلاح الدين الايوبي وآلاف الشخصيات الاسطورية ،، والمتتبع لهذا الاهتمام الشعبي العربي الاسلامي بشخصيات اندثرت منذ قرون خلت ، منها الحقيقي المبهرج دائما ومنها المختلق الاسطوري المعدّل بنسخ شتى ، وما صيغ حولها من قصص البطولات وبوجهة نظري سببه قبلي يعكس ما كان عليه الحال في شبه جزيرة العرب وما ورثه سكانها عن الاباء والأجداد ليومنا هذا ، اذ ان الشعوب القبلية في شبه الجزيرة العربيه ومعظم البلدان العربية والاسلامية الاخرى تميل للشخصية البطلة التي تقتل اعدائها وتغزو غيرها وتقود قومها للانتصارات ،، وهذا يحدث في ظل التقدم الحضاري الفكري والاجتماعي وتقدم العلوم التكنولوجية وتطور المجتمعات الاوربية والشرقية الا ان هؤلاء العرب وفي ظل الهزائم التي لحقت بهم وفقدانهم لجزء كبير من اراضيهم وسيطرة الاستعمار الغربي عليها وما عانوه من ويلات وحروب طويلة وكثيرة وشعورهم بالضعف وسيطرة الحكام عليهم بالسوط تارة والسيف تارة اخرى وبالقمع والمعتقلات وما شابه ذلك كل هذا وغيره ولّد لدى العربي والمسلم عقدة البطل التاريخي كأنه يبحث عن انتقامه من واقعه في صورة القعقاع الذي سيهزم الفرس ويفتك بالفيلة او صورة خالد بن الوليد الذي ينجح بانقاذ جيش المسلمين في مؤته من الابادة او بعبدالرحمن الداخل الذي يوحد الاندلس ويسيطر على اوربا او المعتصم الذي ينتصر لامرأة عربية استصرخته عن بُعد حين ذلها الروم وهكذا. فانت تجد الخطيب في الجوامع يلجأ للتاريخ لتذكير الناس بمثل هذه الشخصيات وتجد كتب التعليم المقررة تذكر امثال هذه البطولات لأساطير خلقها من كانوا قبلنا كتراث عربي واسلامي واجب الاقتداء به وظهرت تباعا فكرة الخلافة الاسلامية التي انهارت بانهيار العثمانيين وولّدت ثورات تحررية دينية داعية لهذه الافكار الغارقة ببحر التاريخ العربي والاسلامي ومنها انبثقت مذاهب دينية متشددة تدعو لاتباع السلف من الصحابة معتمدة في ترسيخ افكارها على ما عشعش في عقل الانسان العربي المسلم من انجذابه لشخصيات مخلّصة بطولية تعيد للعرب مجدهم وعزتهم وكرامتهم المسلوبة .
وعاش الانسان العربي المسلم عدة حروب داخلية تنفجر هنا وتنفجر هناك من الدعاة كل حسب توجهه ومعتقده وفكره ،، فحرب على التقدمية واخرى على الرجعية وصراعات فكرية ومعتقدات شتى وخزعبلات واوهام وعقد ماضوية وتطلعات مستقبلية وكل هذا وما زال التخلف يلف المجتمعات العربية بسبب عقدتها التاريخية الباحثين فيها عن الخلاص من واقع مزر وتعيس ..
وانت واجد ذلك في مختلف الوسائل الصوتية الاذاعية والدينية الفكرية والتلفزية بل وحتى المناهج الدراسية فيها من ذلك الكثير ،، ولذا فلابد ان تستوقفك تساؤلات اهم من صلاح الدين الأيوبي وبيبرس وسيف الدولة كأبطال حروب وهي : ماذا لو اننا نبذنا الماضي وشخوصه وحياته وفكرنا بحاضر يقودنا لمستقبل افضل !!
ماذا لو قررنا ان يكون كل انسان عربي ومسلم هو شخصية بطولية بالعلم والمعرفة واستخدمنا هذا الجهد المبذول في البحث عن الماضين بالبحث عن العلم وتطويره والبدء من حيث ما سبقنا اليه العالم المجاور من تطور تكنولوجي ومعرفي وبناء مجتمعات ذات فكر علمي بحثي ومنتج ذاتي كالصين واليابان واندونيسيا وماليزيا وسنغافورة والهند فهي نبذت ماضيها المحطم للنفوس وبدأت ثورتها العلمية لتكون من الدول الصناعية والمنتجة وقد استغلت طاقات ابنائها في كل مجال حياتي صالح للتطوير والاهتمام فانظر اين هم اليوم واين نحن الذين ما زلنا نسلم عقولنا لرجل المنبر يحدثنا عن الحجاج والبخاري والمعتصم لانه لا يعرف غيرهم دون ان يفكر بان صوته يصل للاسماع عبر مايكروفون ومكبرات صوت ذات جودة عالية وانارة كهربائية جميلة وأجهزة لتبريد قاعة الجامع وكل سبل الراحة دون ان يكون لمن تأثر ويؤثر بهم من اساطيره المزعومين اي جهد او يد في هذه التقنيات العلمية التي تظهر صورته بزيّه الديني لالاف المشاهدين ،، ان عقدة التاريخ سبب كل هذا الدمار الفكري والتأخر العصري الذي جعل منا امة متخلفة ليس لها في الحياة سوى ان تستورد من المجتمعات الاخرى ما يجعلها تعيش في ترف ما دون ان تعمل هي على ان تطور قدراتها وتشرع ببناء نفسها علميا وتقنيا ولربما عدّت يوما ما من الدول المتقدمة .
ما اريد قوله اننا امام جيل يستخدم الانترنت الذي من خلاله تحول العالم الكبير لقرية صغيرة كما يوصف وهذا الجيل يجب ان لا ننقل له عدوى هذه العقد التاريخية لاحباطه وتنويمه مغناطيسيا بانتظار قعقاع جديد يأخذه للنصر المؤزر بل علينا ان نأخذ بيده ليكون جيلا منتجا بارعا في العلوم والتكنولوجيا لنضمن انتصار مجتمعاتنا العربية بالتطور الفكري والمعرفي لنصطف به مع من سبقنا في التمدن والعلم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد


.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح




.. هدنة غزة.. حماس تعتزم الرد اليوم على المقترح المصري ..و يد إ


.. الشرطة تقتحم مخيم التضامن مع فلسطين بجامعة كاليفورنيا وتعتقل




.. بيان لممثلي اعتصام جامعة كاليفورنيا حول هجوم مناصري إسرائيل