الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الالحاد … كرة الثلج !

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2019 / 11 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدو أن ألالحاد أو أقلها الربوبية أصبحت ظواهر آخذة في التوسع والازدياد ولايمكن السيطرة عليها ، أو حتى تحجيمها لأنها قد خرجت عن حدود السيطرة بالرغم من جهود المشايخ المستميته في السعي لاحتوائها بالتي هي أحسن لأن معالجتها بحد السيف أصبحت من المستحيلات بعد أن تخطت أعدادها حدود الممكن … فتحول الالحاد اليوم الى ظاهرة شعبوية تنتشر في اكثرها بين أوساط الشباب المسلم بمختلف انتماءاته الطبقية والتعليمية .
لا يمكن تحديد اعداد الملحدين الذين اعلنوا الحادهم ، او الملحدين الصامتين بدقة بسبب غياب الشفافية في هذ الموضوع ، وخوف الشباب الرافض لفكرة الدين من عواقب كشفها او الجهر بها … فهي الان في مرحلة الكتمان أو ما يسمى بالنضال السري إن صح التعبير . حتى وان ظهر بعضها الى الضوء والعلن وصار لهم مواقعهم على النت ونجومهم وبرامجهم ومناظراتهم التلفزيونية مع الشيوخ وادبياتهم … الخ فهي على حذر وتوجس فلا احد يأمن غدر الاسلاميين !!
لكن الاحصاءات التقديرية تشير الى مصر كرائدة بين الدول العربية إذ تؤكد المصادر الغير رسمية أن خمسة مليون شخص هو الرقم الاقرب الى الواقع اذا لم يكن اكثر ، وتليها بقية الدول العربية تباعاً كالسعودية مهبط الوحي بحدود اثنين مليون وسوريا والاردن والعراق … الخ بالالاف والارقام نسبية ربما تزيد او تنقص ولايمكن البت نهائياً بالثابت منها …
يقول ديكارت ( أنا أشك … إذن أنا أُفكر … إذن أنا موجود ) نفهم من هذا ان الشك مدعاة الى التفكير والتفكير إثبات للذات … والشك هو بداية الطريق نحو رفض الدين والتسليم بسطوته ، فالإنسان يمتلك إرادته و حريته التي قد ترشده الى الحقيقة بوضع الأشياء موضع شك والبحث عن المعرفة من خلال ايجاد الحلول والاجابات المقنعة ، وهي سبيله الوحيد لادراك ذاته وتحديد مصيره …
فالشك هاجس غريزي عند عموم البشر ولا يمكن التحكم به أو منعه من التسلل الى النفس ، وهو في تقديري العدو اللدود للايمان الديني او غيره … وهو ما يصطلح عليه في غيبيات الدين وادبياته بوسوسة الشيطان ، او إعتباره من نشاطاته الهدامة في غواية أو تضليل البشر وحرفهم عن ما يسمى بطريق الحق ! وقد يكون دافعاً لكشف الحقيقة الغائبة امام الانسان الباحث دوماً عنها !!
فالشكوك تتسلل الى داخل المؤمن والمهزوز الايمان على حد سواء ، ويتوقف الامر هنا على تماسك هذا الايمان ومدى حصانته وقدرته على الثبات ، او انهياره ، وفي الاثنين سيُخلص الى نتيجة أما سيطرة المؤمن على الهواجس وكبحها وبذلك يحافظ على استمرارية إيمانه ، أو الانهيار التام أمامها ولا مناص من مغادرت الدين كرد فعل طبيعي !
حتى محمد نبي الاسلام قد سيطر عليه هذا الهاجس مرة في قصة الغرانيق العلا ( أَفَرَأيْتُم اللاتَ والْعُزَّى ومَنَاةَ الثَّالِثَةَ الُأخْرَى … تلك الغرانيق العُلا، وإن شفاعتهن لتُرْتَجى ، فلما ختم السورة سجد وسجد من معه من المسلمين ، والكفار لمَّا سمعوه أثنى على آلهتهم ) وهو من يدعي كما أتباعه بأنه محصن من هكذا هواجس أو نزعات شيطانية قد تكون هدامة للدين وثوابته ، والتي سببت له ولعموم المسلمين حرج كبير لاتزال تداعياته موجودة حتى الان !
ان الاسباب كثيرة التي دعت وتدعو وستدعو الشباب المسلم الى التمرد على قيم الدين منها الخطاب الديني المتطرف ، الذي يحرِّم كل شيء إيجابي في الحياة ، من العلم إلى الحرية ، الفن ، الديمقراطية ، العلمانية والمساواة … الخ والاخذ بالعنف والتطرف كإستراتيجية لإخضاع المسلمين وغيرهم بحد السيف …
وتبني التنظيمات الاسلامية المتطرفة هذا النهج العنيف الدموي مدعومين بقوة نصوص مقدسة ، والصادرة مباشرة من الاه الاسلام والتي أثارت في نفس المسلم تساؤلات في كيفية صدورها من الاه يفترض به الكمال والترفع عن هكذا اساليب عنيفة !
أضف الى ذلك ما يملأ الدين من خرافات وخوارق ومعجزات وبيع للاوهام كالإسراء والمعراج ، معجزات محمد ( ولد مختوناً و تكلم في المهد وهو رضيع ) الجن ، الشياطين ، العين ، والسحر … تتجاوز حدود العقل والمنطق ، ولايمكن لشاب يعيش عصر العلم والتكنولوجيا والفضاء أن يؤمن بها ويصدقها هكذا ببساطة لانها تندرج تحت مفهوم ديني يُلزمه بالاخذ بها على أنها مسلمات !
إذا كانت قد مرت على الاباء والاجداد هذه الخزعبلات فان ذلك لايقطع بصحتها لاسباب قد تتعلق بمحدودية ادراك وفهم الناس في بيئاتهم تلك ، والتي اختلفت الان واستيقظ العقل من سباته الطويل ، واصبحت مقولة هذا ما وجدنا عليه ابائنا من الماضي ! وساد اعتقاد جديد بأن الدين لايورث وكل واحد له الحق في اختيار دينه او الالحاد !! ورفض الشباب ان يكونوا رهينة للماضي والصراع عليه وليس على المستقبل ، وايضاً رفضوا اصرار شيوخ الاحزمة الناسفة على ان يبقى المجتمع في حالة ثبات وجمود… بل حان وقت التغيير والسؤال والمحاججة والكل يريد اجابات واقعية مقنعة بعيدة عن التسويف واللف والدوران فالامر جدي وملح !
في حين لا نرى من المتحكمين في الخطاب الديني ، إلا إعادة طلاء ما هو قديم بالوان جديدة قد ملها المسلم بعد أن تبين زيفها وخداعها وخلطها للمفاهيم فسوقوا مثلاً : الغزو فتحاً ، واحتقار المرأة تكريماً ، واستعباد الناس تحريرا ، والسبي والاغتصاب ملكات يمين ، والسرقة غنائم ، والعبودية رحمة وكفارة يمين …الخ
والملفت للنظر، أن اغلب الملحدين كانوا متدينين وقسم منهم دعاة وازهريون وخطباء ، أو خرجوا من أسر متدينة ، وهذا يتناقض مع الاعتقاد الشائع ، بأن الإلحاد ينتشر بسبب ضعف الوعي الديني ، على العكس فان أغلب الملحدين درسوا الدين جيداً ، وقسم منهم تفقه فيه ، واطلعوا على نصوصه وادبياته ، وانتهى بهم الامر الى تركه ورفض الظلام !
أن تعسف السلطة الدينية وتزمتها ، الذي يضيِّق على الحريات الخاصة والعامة تدفع أكثر نحو الإلحاد ( عدد الملحدين في السعودية، أكثر من عددهم في لبنان وتونس الأكثر انفتاحا ) وهذا يتناقض مع فكرة أن الحرية هي سبب انتشار الالحاد بينما العكس هو الصحيح .
ولاننسى الحضور اللافت للمرأة في ظاهرة الالحاد فالنسبة قد تصل الى 40% بسبب تزمت الخطاب الديني تجاهها ، واعتبارها مجرد وعاء لتفريغ الرغبة الجنسية للرجل ، واتهامها بانها مصدر الغواية في المجتمع … واصرار الدين على تكريس النزعة الذكورية التي يؤمن بها ويروج لها على حساب كرامة المرأة وحقوقها …
اخيراً :
ان موقف الدين التصادمي مع قيم العصر واخلاقياته ، وتناقضه مع ما يأتي به العقل والعلم ، ورفض اتباعه الانخراط في الواقع واحترام خيارات الاخرين ، وتمسكه بثقافة العنف من الذبح الى القتل بكل اشكاله واعتباره وسيلة شرعية للوصول الى اهدافه المقدسة … الخ قد جعلت التعايش معه من الامور الصعبة للبعض والمستحيلة للبعض الاخر !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري