الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلاميون … وعقدة الحداثة !

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2019 / 11 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الحداثة : ( تعني تحديث وتجديد ما هو قديم ) وهي ثقافة تبرز في المجال الادبي والفكري والمادي ، وتعتبر من اكثر المواضيع اثارة للجدل والنقاش خاصة من الاسلاميين الذين يُنصبون انفسهم كالعادة حماة شرعيين للدين للحفاظ على مراتبهم الاجتماعية ومصالحهم المادية ، او الكتّاب المتماهين مع الخط الاسلامي الذين يعتبرونها تهديداً مباشراً للثوابت الدينية … والكل تقريباً اجمع على خطورتها على الدين والامة وتراثها الفكري والديني الا قلة من الكتاب والمفكرين المتنورين العرب الذين اعتبروها ابداعاً انسانياً يضاف الى نتاجه الفكري الهائل امثال ادونيس ، صلاح عبد الصبور ، عبد الوهاب البياتي ، محمود درويش ، سميح القاسم … الخ
الاشكالية التي اثارت حفيظة الاسلاميين من الحداثة وخاصة الجانب الفكري منها هي اعطائها مجال اوسع لحرية النقد والتصويب وليس الترقيع والتجميل ، والسعي الى تجديد الفكر المتهالك واحلال افكار حرة وقيم حداثية تتماها مع ظروفنا الآنية ، ومع نظيراتها في الحياة والتي يفرضها الواقع الجديد الذي يحتم ضرورة التجديد ورفض التصلب والتقوقع على ما كان علية الاباء والاجداد !
الاسلاميون كعادتهم يرفضون اي فكر قادم من الغرب ويضعونه في مخيلتهم المريضة وكأنه مؤامرة مدروسة بعناية من قبل الماسونية الهدف منها تهديم الدين وثوابته ( والدعوة الى الإلحاد والزنا واللواط والخمريات … الخ ، وهي كسابقاتها اتجاه فكري أشد خطورة من اللبرالية والعلمانية والماركسية ، وكل ما عرفته البشرية من مذاهب واتجاهات هدامة ، وهي صناعة غربية موجهه صوب الدين وقيمه ! ومنهج فكري يسعى لتغيير الحياة ، بعيدا عن حياة المسلمين وعن حقيقة دينهم ) … الى آخره من قوالب الرفض والاتهامات الجاهزة والمعادية لاي نمو حضاري حتمي ، او تحديث او تجديد للحياة ، وربطها بديناميكية الحياة المتطورة والمتسارعة دوما في الغرب وجني المفيد من نتاج عقول أبنائها !
اكثر ما يرعب الاسلاميين من المدارس او المناهج الفكرية والعلمية القادمة من الغرب هو احتمال تصادمها مع النص الديني وتشجيع المسلمين وبالخصوص الشباب على اخضاعه الى المسائلة والنقد والمطالبة باحداث تغيرات جوهرية ضرورية في مجرى الحياة في مجال الحريات العامة والخاصة وعدم انتهاك الحقوق الانسانية من قبل دعاة التمسك بالدين !
فالحداثة إذن من منظور إسلامي عند كثير من الدعاة تتنافى مع الدين وأخلاقياته وهي بمثابة انقلاب عليه ، ويرفضونها على أساس عدم استناد مرجعيتها على النص القرآني … فهم يضعون النص القرآني كمعيار لرفض او قبول أي فكر حداثي دون النظر الى المسافة الزمنية والحضارية الشاسعة الفاصلة بين الاثنين !
الاسلاميون كالعادة يهاجمون الحداثة او غيرها بشراسة … لكن لامانع عندهم من التمتع بانجازاتها المادية الهائلة ، فالحداثة قدمت واقعاً أقرب الى الخيال في عالم اليوم ، والذي شهد خلال القرنين الماضيين كماً من الاكتشافات والاختراعات يفوق بأضعاف مضاعفة ما حققته الإنسانية على مدى آلاف السنين مثل الكهرباء والهاتف وشبكات التواصل الاجتماعي والطبابة وكافة المنتجات والاجهزة التي لا يمكن حصرها كما لا يمكن الاستغناء عنها في الحياة المعاصرة .
الحداثة او ما سيأتي بعدها مراحل حتمية يفرضها الواقع المعاش والمتحرك وتطور الحياة اكثر من كونها مؤامرة موجهه ضد هذا أو ذاك … والتي يدرسها العرب منذ سنوات ولم يحسموا امرهم بدخولها من عدمه لانهم كما تنشر ادبياتهم لم يفهموها لحد الان ! ويكتفون بوضعها ضمن نظرية المؤامرة القادمة من الغرب المعادي للدين وثوابته بالاساس وللامة العربية وموروثها الديني والقيمي … متجاهلين بأن الغرب قد سئم هذه النبرة الغبية واخذ يسحب نفسه من المنطقة باكملها بعد ان تاكد لهم بان لاعلاج لامراضها المزمنة التي تدفع الى كره بعضها البعض ، وتقاتلها منذ قرون ولاتزال وستستمر لان العقدة لاتزال في المنشار ! واخذ يميل الى سياسة النأي بالنفس منها ومن شرورها التي لم ينجوا منها لا القاصي ولا الداني !
لسنا في مجال الدفاع عن الغرب وتطلعاته بقدر التواري خجلاً من اصرارنا على رفض مواكبة الحضارة الانسانية وليست الغربية كما يُفهم عندنا ، والبقاء ثابتين جامدين متشبثين بمرحلة البداوة مرحلة الآباء والاجداد نستلقي في احضان الماضي ، ونرفض بغباء وعناد ومكابرة لامبرر لها مغادرتها وتخطي عقدة الدين لانها في تصور الكثيرين موروث مقدس مادام ثابتاً عند نقطة الشروع في صدر الاسلام ! كما فعلت داعش الممثل الشرعي للاسلام فكرياً وسلوكياً في تهديمها للمتاحف والمجسمات النادرة وكل ماهو حضاري وحداثي بقصد البقاء على الثابت من مخلفات القيم البدوية الصحراوية الخشنة والبالية !
هل يستطيع أي مسلم اليوم وبضمنهم الشيوخ الاستغناء عن ماديات الحضارة الغربية الحديثة ، ومناهجها الاقتصادية والتعليمية والادارية والطبية والبحثية … الخ ؟ لقد باتت تدخل في كل تفاصيل حياتنا ، وسبب جوهري في سهولتها وجعلها افضل للعيش ، والتمتع بانجازات العقل الغربي الهائلة والمتواصلة حتى اننا بالكاد نستطيع اللحاق بها …
سيقولون هذا علم وان الله قد سخرهم وسخر عقولهم لخدمتنا ، وهي ارادة كونية ، ونحن نقول اليس من باب أولى أن ينشط ويسخر عقول اتباعه من المسلمين ليخدموا انفسهم على الاقل ، والبشرية لاتريد منهم شئ سوى ان يكفوا أذاهم عنها !
هل يعلم الشيوخ آخر انجازات الحداثة وذكائها الالكتروني ، التي يهاجمونها ويتهمونها بالتآمر على أغبياء العرب والمسلمين ؟ تقنية النانو التي ستدخل في مجال الطب وتفتت الخلايا السرطانية القاتلة ! وغيرها التي يقف الشعر لها عجباً ، والقامة احتراماً وتقديراً لفخامة هذه العقول المحترمة المنتجة والخادمة لكل البشر دون استثناء … وليس طبيباً سعودياً مريضاً بعقدة الكراهية الاسلامية التي زرعتها فيه ثرثرة شيوخ الموت بما يحفظون فيصبون الجنون في جوفه ليلتحق بداعش ويفجر نفسه في الاكراد !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري