الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ …

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2019 / 11 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعد معانات طويلة أمتدت لقرون عانت فيها البشرية عموما والمسلمين بشكل خاص ما عانت من تسلط الاسلام وجبروته ومازال ، على رقاب الكل والفتك بحياتهم وتبديد آمالهم في العيش بأمن وسلام بعد ان فتتهم الى ملل ونحل وطوائف وفرق ومذاهب ، ونشر الكراهية بينهم ، وحولهم الى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة ، تتناحر فيما بينها وتتوهم كل واحدة منها بانها هي الفرقة الناجية ، والبقية كفار وخوارج وروافض وغيرها من المصنفات … وهكذا عاش المسلمون وسيبقون الى يوم يدركون فيه الحقيقة ويدفعون هذا البلاء عنهم ، ممزَّقين بين وهم واخر وكل فريق يدَّعي انه هو المقصود بالوعد بالجنة …
هذا التمزق هو العامل الاول في غربة وعزلة هذا الدين وعودته الى جحره من حيث أتى تضاف لها عوامل أخرى كما سنرى ! ( وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها )
من خلال هذا الحديث توقع نبي الاسلام حتمية نهاية هذا الدين وعودته الى نقطة البداية غريباً وحيداً منبوذاً كما بدء ليس له سوى خديجة وعلي وابو بكر ، وكيف كان يتوسل ويتمنى اسلام احد العمرين ( اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين: عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام”. ) وربما كان توقعه اقرب بكثير لما بعد وفاته ، ولكن الاقدار مدت بعمر هذا الدين الى ما بعد الحسابات بقرون اضافية لاعتبارات سياسية ومصلحية تتعلق بالدولة التي انشأها محمد … التي استمرت لاكثر من اربع عشرة قرن ، والتي ساعدت هذا الدين على البقاء والانتشار في ارجاء المعمورة ومدت بعمره حتى وصل الينا …
فالاسلام عاش طوال هذه المدة الطويلة وانتشر بفضل الدولة الاسلامية وسطوتها وليس العكس ، فبانتشارها من الصين الى مشارف فرنسا كانت تحمله معها كمبرر للاحتلال والسيطرة على الدول وشعوبها بداعي نشر التوحيد في الدين الالاهي الجديد !
فالدول التي كان لها الدور الاهم في توسيع الدولة الاسلامية كانت تحمل اسماء موسسيها ولم تلقب دولها بالاسلامية حتى ، لان الدين كان عندها مجرد وسيلة وليس غاية ، وحتى تعاليمه الصحراوية الصارمة والخشنة رطبتها والتفت عليها فكان شرب الخمر والرقص والغناء وغيرها ، وهي من اشد محرمات الاسلام مباحة ومنتشرة في أوساط الخلفاء ورعيتهم بدءً من الامويين والعباسيين الى العثمانيين الذين كانوا اكثر فساداً … وهكذا لم يكن الاسلام الا وسيلة وحجة لتوسيع حدود الامبراطورية التي اسسها السيف الاجرب وحَمَلَته من عتاة المجرمين والقتلة على مر التاريخ الاسلامي الدموي !
( أكد بعض المؤرخين الغربيين حقيقة أن "القوة المادية" كانت العامل الحاسم في انتشار الإسلام )
إن الذي يهمنا اكثر هو الشطر الثاني من الحديث …
لقد بدء العد التنازلي لا نقول لنهاية الاسلام فالوقت قد يكون مبكراً لذلك ، ولكن لتراجعه وعزلته وغربته قد تكون اقرب الى الواقع …فالتطور الحضاري الفكري والمادي وخاصة ثورة المعلومات مجسدة بالشبكة العنكبوتية وغيرها ، وما رافقها من نمو للعقل المسلم ، ورفضه للكثير من اللامعقوليات العالقة بالفكر الديني والتي امتد الاخذ بها ، واعتبارها جزءً مؤصلا في الدين لقرون طويلة ، اصبحت اليوم من الجرائم والسخافات وقد تجاوزتها البشرية بخطوات كثيرة واصبح التعايش معها او قبولها في هذا العالم المتمدن الذي يرفض كل فكر يحط من قدر البشر ، ويدعو الى العنف ونبذ الآخر امراً مستحيلاً !
فمَن اليوم مثلا يؤمن او يتقبل فكرة الذبح والغزو والسبي او ملكات اليمين والعبودية ، او الحجر على المرأة وحبسها في البيت كأي قطعة من قطع الاثاث واعتبار مشاركتها للرجل في العمل من الكبائر ، واحتقارها وتحديد طبيعتها على اساس انها وعاء لتفريغ شهوة الرجل … الخ ومَن ايضاً يؤمن او يطبق الجلد اوالرجم او قطع اليد او القاء البشر من شاهق ، وغيرها الكثير من الاساليب البربرية …
كل هذه القيم البالية المجحفة بحق الانسان وحقوقه في العيش بكرامة ، ودون تعدي على انسانيته قد اصبحت من الماضي بسبب التطور الحتمي للحضارة الانسانية ، كما ساهمت وبشكل مباشر في تكريس عزلة وغربة الاسلام !
كان للواقع الجديد الذي فرضته الدول الوطنية والمنظمات الحقوقية دور مهم في الحد من تطرف التعاليم الاسلامية وخشونتها الصحراوية ، والابقاء على الاسلام معزولا خارج اطار الزمن ، ولامكان له في وعي الحضارة الانسانية فضُربت حوله المقاطعة كانه وباء … كل هذه العوامل وغيرها قد ساعدت على تآكل الكثير من البالي من قيم الاسلام التي تعتبر اليوم جرائم ضد الانسانية ، ويعتبر الآخذ بها او مطبقها مجرم يستدعي العقاب …
فالاسلام اذن يحمل معه سر غربته وعزلته ليس عن العالم فقط وانما توسع الى الغالبية من اتباعه ، فالقيود والمحددات التي فرضها عليهم لم تعد اليوم مستساغة ومعقولة ولايمكن القبول بها ، فهو يريد منهم ان يعيشوا بعقلية القرون الاولى التي جاء بها الاسلام ، واعتبار ذلك جزء من آليات الدين المقدسة … فهو يحرم كل شئ مستحدث اي كل ما جاءت به الحضارة الانسانية من اختراعات ووسائل عيش سهلت الحياة وجعلتها اكثر مقبولية ، بل وصلت تحريماته حتى الى لعبة كرة القدم وغيرها من وسائل الترفيه البريئة ! فكيف لشاب يعيش في القرن الواحد والعشرون أن يستوعب مثل هذا التيبس الفكري والعقدي ؟!
السبب الجوهري والاهم في غربة هذا الدين هو رفضه للمراجعة وتقبل النقد الموضوعي لغرض التعديل والموائمة مع مستجدات الحياة وتطورها ، فهو دين متحجر لا يقبل الاقتراب من ما يسميها ثوابته التي اصبحت المعرقل الاول في عدم اندماجه مع بقية المجتمعات الانسانية …
ناهيك عن اساليب العنف والشراسة التى ترقى الى مستويات التوحش والهمجية التي لا يمكن للعقول الغربية المقبلة على الحياة ، والايمان بثقافة التمتع بما فيها من خيرات ومتع أن تستوعبها او تقبل بها !
فالمسافة بين الاسلام والمجتمع الدولي ، والغالبية من اتباعه آخذة بالتوسع بسبب الخطاب الديني المتخشب الرافض للتعايش مع الاخر بأمن وسلام ، ويمكن ان نستثني هنا القلة القليلة التي لاتزال متشبثة باهداب الدين وتطمح الى العودة بالمجتمع الاسلامي الى بداياته ، وهو ما حاولت تطبيقه داعش على اهالي المناطق التي احتلتها ولاقت رفضاً واستهجاناً منهم بالرغم من البطش والرعب الذي مارسته بحقهم …
وما طموح الحركة السلفية الوهابية وغيرها من تيارات الاسلام السياسي في تحقيق دولة الخلافة على منهاج النبوة ، والعودة بالمجتمعات الاسلامية الى لحظة الظلام الاولى دون التخلي عن الساعة الروليكس ولا السيارات الفارهه ولا مستلزمات الحياة الحديثة كمن يضع قدم في الجنة وأخرى في النار !
أخيراً :
قال توينبي ( ان الاسلام من الحضارات المهددة بالتلاشي التدريجي ) وقد يأتي يوم ينحسر الى حيث يجب ان يكون ، وتفتر قبضته على العقول والتحكم بها !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قانون الحياه
على سالم ( 2019 / 11 / 29 - 06:58 )
كل الدلائل تشير الى هذا , نعم نعم من المؤكد ان الاسلام سيختفى غريبا كما بدأ غريبا والسبب انه غريب وزائف وكاذب وانتشر بالغزو والسيف والبلطجه والقهر والمؤلفه قلوبهم , اكاد اسمع نحيب الشيوخ وبكاؤهم ولطمهم لفقدان البزنس والاموال