الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليقين الكردي ... اليقين اليهودي أين يفترقان وأين يلتقيان

كامل السعدون

2006 / 5 / 25
القضية الكردية


ليس العراق صنما جميلا نتعبد له دهرا ، ثم نأكله حين نجوع ، كما كان يفعل أسلافنا ، وكما يفعل اليوم سفهاءنا ... !
ليس للعراق قداسة أكثر من قداسة أن يكون مرضيا عنه من قبل كل أعراقه ، متفق عليه من قبل كل أعراقه ...!
منسجمةٌ متحابةٌ فيه كل أعراقه .
هذه قناعة أولوية لدي ، ومنها تتشكل جملة من القناعات .... أبرزها حق الكرد ، كأمة عريضة كبيرة في تقرير المصير بالإنفصال عن العراق ، أو بالحفاظ على الشكل الدستوري الذي أقر ، أعني الفيدرالية .
ليس لأحد غير شعب كردستان الإفتاء في حق تقرير مصير الكرد ، لا حق لعربي عراقي أو خارج العراق أن يتدخل بهذا الحق بأي شكل من الأشكال ولو وجد الكرد بإجماعهم وعبر الإستفتاء الديموقراطي أن ينفصلوا ، فإجماعهم وحده هو من يتوجب أن ينفذ على الجميع .
لكن ... هل إن هناك يقين كردي بالدولة المستقلة ؟
هل إمتلك الكرد يقينهم ، كما امتلك اليهود يقينهم لأكثر من الفي عام ؟
للأسف الشديد لا ، لم يمتلك الكرد يقينهم ... !
حتى البارحة ، حتى اللحظة ... حتى بعد زعيق ونعيق ونهيق مقتدى والضاري وووو ، لم يمتلك الكرد يقينهم الراسخ الأكيد بحق الدولة ، الدولة الكردية الحرة المستقلة ، وهذا ما يؤسف له بقوة .
عبر عشرات السنين من النضال العنيد الشاق ، كان الحلم دون الدولة ، ولأنه كذلك كان حلم الدولة يبتعد اكثر واكثر .
اليهود حملوا اورشليم في قلوبهم ، في كروموسوماتهم ( مورثاتهم الجينية ) ، توارثوا الحلم جيلا إثر جيل ، وحين أزفت اللحظة المناسبة بسقوط الكابوس العثماني وتحرر الشرق ، بدأت بداية ميلاد إسرائيل ، وحين أُعلنت ، لم تلد عرجاء ، لم يتقاتل اليهود بينهم ، لم يضطربوا ، لم يسرقوا خزينة دولتهم الفتية ، ثم ... لم ينهزموا في أكثر من اربع حروب ، وفي قتال شرس متواصل على أربع جبهات .... !
تقول لي كان الغرب معهم ، حسنا ويمكن أن يكون الغرب مع الكرد إذا كان الكرد منسجمون مع انفسهم وحاملون لرسالة حضارية واعدة .
اليهود جاءوا من اوربا ، تماما كما جاء الأمريكان الأوائل من اوربا ، ولهذا أحب الأمريكان إسرائيل ودعموها ولا زالوا يفعلون ، وأحب الأوربيون إسرائيل ودعموها ولا زالوا يفعلون .
وإسرائيل جاءت للغرب عامة بألف وعد حضاري ... ديموقراطية ... جبهة قتالية متقدمة ضد التخلف الإسلامي والعربي ، جبهة مشرقية متقدمة ضد الشيوعية سابقا ، قاعدة مستقرة للديموقراطية الغربية والعولمة ، حضور قريب من منابع البترول ووووو الخ .
طيب ألا يملك الكرد مثل هذا ؟
بل يملكون وأكثر .
بل والكرد أقرب عرقيا للأوربيين من أي قوم آخرين لأنهم هندو اوربيين اصلا .
وإذن فالدرب سالكة لدولة الكرد ، اليوم أو غدا أو بعد مائة عام ، لكن يبقى هم نسج الحلم وتحويله إلى يقين .
هل يملك الكرد ذلك ؟
لا أشك أنهم أخذوا في العراق فيدرالية ، وربما يأخذون مثلها في إيران أو تركيا بعد عام أو عشرة ، إنما عملية تحول الحلم إلى يقين ، وتحول اليقين إلى حقيقة .... هذا هو الأساس الصلب للإنتصار .
وهذا هو ما يجب أن يرعى الكرد بذرته اليوم قبل الغد .
كيف ... بأن يعيشوا الحلم وكأنه قائم الآن ، ويتصرفوا بلغة ما هو قائم لا لغة ما سيقوم .


-2-

من أجمل ما يمكن أن نتعلمه من العبقري العربي محمد ، هو خصوبة خياله وقدرته على تصور المستقبل وكأنه قائم الآن .
هذا الجانب لم يلتفت له الكثيرون وللأسف والتفتوا فقط إلى الجانب الغيبي في دعوته فأخذوا هذا الجانب بعناد وكأنه حقيقة لا مراء فيها ولا شك .
في قناعتي أن محمد هو اجمل واعظم وأخطر مفكر في تاريخ العرب والمسلمين عامة ، من حيث حيوية ونشاط خياله وقدرته الرهيبة على تأكيد ذاته وإقناع الآخرين بآرائه .
دعك عن ترهات الدين وأوهامه ، وخذ خياله الرهيب الجميل للغاية ، وقوة إيمانه بهذا الذي هو مقتنع به .
لقد آمن بتوحيد العرب ، وفعل ، وآمن بسقوط عرش كسرى ، وحصل ، وآمن بغزو الروم والإنتصار عليهم ، وفعل ... وتحول إيمانه إلى إمبراطورية عظيمة .
آمن بقريش ، وهم أقل العرب شأنا وخلق منهم دولة حكمت الشرق لأكثر من ستمائة عام ، ولا زالت تتنازع حتى يوم الله هذا ميراثه وتقاتل من أجل قناعاته وتحكم الناس بإسمه .
آمن بأن جبريل أخرج قلبه وهو طفل وغسله من الخطأ ومنحه العصمة ، وتصرف على هذا الأساس ، بشعور من لا يخطيء .
آمن بأن لديه قوة اربعين رجلا ، وفعلا كان يتصرف مع نساءه التسع ، في كل يوم وليلة ، بقوة اربعين رجل .
وكذلك فعل غاندي الجميل ، ومارتن لوثر كنغ وغيرهم كثيرون ، وإن بصيغ مختلفة وعبر أخلاقيات مغايرة لأخلاقيات رسول العرب ومبتدع الإسلام ، محمد القرشي .
تحويل الحلم إلى يقين ، وممارسته على أنه يقين قائم ، ثم حين تزف اللحظة ، يكون التطبيق محكما لا يتخلله الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
أيها الكرد ، لقنوا اطفالكم واطفال مواطنيكم الآخرين روح الديموقراطية الكردستانية التي تستوعب كل الأعراق في كردستان الجميلة .
زجوا بكوادر البيشمركة والموظفين في دورات تأهيلية على بناء الدولة الحلم .
أبنوا الدولة الآن في العقول والمدارس والمعاهد والمعامل ، تصرفوا بعقلية مواطن الدولة الديموقراطية الكردستانية المستقلة .
لا تتركوا شيئا للمستقبل ، أفعلوا كل شيء الآن في الأذهان والعقول قبل أن تنضج الثمرة وتسقط يانعة في الفم .
فكروا كقيادات وقواعد ومواطني دولة إسمها كردستان .
خصبوا الخيال الكردستاني بمفهوم الدولة القائمة الآن في الضمائر ... !
الحياة تعطي ثمارها لمن يريد وبالقدر الذي يريد ، فلا تريدوا أقل من الدولة ، لأن ما هو أقل منها لن يكون ذو نفع لكم على المدى البعيد ، خصوصا وأن أعدائكم لا يجيزون لكم أقل من الحرية التامة أو العبودية المستديمة .
وتذكروا تجربة إسرائيل ، تذكروها في كل منعطف من منعطفات الحلم أو اليقين الكردستاني .
____________________________________________________________________________
أوسلو في ال23 من مايس 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق


.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري




.. عائلات الأسرى تقول إن على إسرائيل أن تختار إما عملية رفح أو