الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجد إسلاماً و لم يجد مسلمين ، ياللهول !

أمجد المصرى

2019 / 12 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من المأثور عن الإمام محمد عبده أنـــه عندما ذهب إلى مؤتمر باريس عام ١٨٨١ ثم عاد من هناك إلى مصر، قال قولته الشهيرة " `هبت للغرب فوجدت إسلامًا ولم أجد مسلمين ، ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكننى لم أجد إسلامًا " .

هذه المقولة انتشرت وشاعت وصارت ترددها الألسنة كما تردد المرويات عن الصحابة و التابعين ، و ذلك دون أن يتوقف أحد عند هذه العبارة لمحاولة مراجعـة معناها ومغزاها و أثرها على سامعها و قارئها . الأرجح أن الإمام محمد عبده كان يقصد أن الفرنسيين كعينة ممثلة لشعوب أوروبا غير المسلمة تحكم سلوكياتهم قيم أخلاقية رفيعة كالصدق و الأمانة و النظام و النظافة و الإخلاص والإتقان في العمل وقبول الآخر .. إلخ . لكنه عندما عاد إلى مصر وزار غيرها من بلاد العرب ، فقد لاحظ إنتشار القيم السلبية المناقضة لتلك القيم الرفيعة و التى كان قد رصدها بأوروبا ، ومن ثمًّ عقد محمد عبده تلك المقارنة بين أخلاق الأوروبيين وأخلاق المسلمين ، فـأعلـن وفق إنبهاره كشيخ أزهرى ريفى بما رآه من نهضة و تنمية و حضارة بأن الأوروبيين قد تخلّقوا بأخلاق الإسلام فى معاملاتهم وأعمالهم فأفلحوا على حين ظل المسلمون بعيدين عن أخلاق دينهم ففشلوا و تخلفوا



و لنطرح هنا بعض الأسئلة عن مقولة الشيخ لعل الصورة تتضح



أى إسلام ذلك الذي وجده هناك ؟ هل وجد أربع زوجات لكل رجل ؟ هل وجد المرأة هناك بنصف إرث و نصف شهادة ؟ هل وجد من يعطل مصالح الناس بترك عمله يومياً خلال الدوام من أجل الوضوء و الصلاة ؟ هل وجد في الغرب من يحرِّم فوائد البنوك و يعتبرها ربا ؟ ، الناس ههنا و بعد مرور 140 سنة على مقولته الشهيرة مازالوا يسألون نفس السؤال و يتوجسون نفس التوجس ، و ها هو مفتى الديار المصرية الحالي يجيز للمصريين المسلمين إيداع أموالهم بالبنوك و الحصول على فوائدها الحلال ، و لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

https://www.elwatannews.com/news/details/4428730#hpchoice

إذا صح أن الشيخ محمد عبده قد قال هذه العبارة فنكون أمام خطأ كبير أوقع نفسه فيه و أوقع الكثيرين معه ، فهو بالتأكيد قد أخطأ التفسير و أساء التأويل ، فتغافل - عن أن الذى وجده من صلاح حال الأوروبيين لم يكن الإسلام مصدره ، كما لم يكن فشل المسلمين لغياب تطبيق تعاليم الإسلام الحنيف



لم يدرك الإمام محمد عبده أن سبب رقى أخلاق الأوروبيين و تفانيهم فى العمل قد كان مرجعه حرصهم على إحترام القانون الذي يخضع له الوزير والخفير على السواء ، لذلك فلم تطغى المصلحة الشخصية على المصلحة العامة للمجتمع ، و لم تضع الحقوق

كما فاته أيضاً أن الإسلام مطبق بحذافيره بمصر وبلاد العرب ترعاه الدول و تصونه على خير وجه بموجب دساتيرها وقوانينها و برلمانها و إعلامها و مؤسساتها الدينية كالأزهر بمصر . كما لا يخلو شارع بإتساع الأمة العربية من مسجد يرتفع به صوت الأذان و خطب الجمعة بفعل مكبرات الصوت ، كل مسلم فى بلاد العرب يصلي ويصوم ويزكي ويحج و ينطق الشهادتين إذا ما دعا الداعى ، و تنطلق تكبيرات بعض الجماعات والميليشيات المتطرفة أثناء ذبح و قتل و تفجير مَن يحسبونهم ظُلماً من الكفّار كما فى حالة داعش و القاعدة و النصرة و طالبان و بوكو حرام و باقى جماعات الإرهاب . لم يقصر أحد فى أداء الفريضة و معها السنن والنوافل ما استطاع إليها سبيلا

إن الظاهر للعيان بمعظم الدول و المجتمعات الغربية غير الخاضعة للشريعة الإسلامية هو أن الجهد البشري قد أنتج عبر تارخه أنساق فكرية و أخلاقية منضبطة متحضرة ، قد هيأت مناخا صالحا و بيئـة حاضنة للنمو و التطور ، و أفرزت آليات حديثة متطورة لإدارة شؤون الحياة ، و كفالة الحقوق و الحريات للبشر التزمت بها الحكومات و عملت على صونها بمســـــــاواة وعدالة وكرامة و تكافؤ للفرص ، بما أنتج مجتمعات بشرية سوية قادرة على الإنتاج والإبداع والابتكار ، فتوالت النظريات والاكتشافات والاختراعات العلمية المبهرة النافعة للبشرية . و ما صاحب ذلك من إبداعات فى مجالات الآداب والفنون

بينما ظل العقل المسلم أسيراً لانتصار فقهاء المسلمين للنقل على العقل و تقديس النصوص البشرية التي تكتظ بها كتب الحديث ، و الظن بعصمة بعض مشاهير الشيوخ الذين لا يصح الإقتراب من كتبهم و تفسيراتهم و فتاويهم و مواقفهم السياسية بالنقد و التفنيد . لقد صار المسلم العربى مقيداً بأغلال الطاعة والولاء لرجال الدين رغم أحكامهم وفتاويهم الشاذة و دورهم المشبوه فى خدمة الحاكم المستبد

كما لم تحقق المجتمعات المحكومة بشريعة الإسلام إنجازاً علمياً يذكر ، و لم يعد مسموحاً العودة للماضي بغزو المسلمين للبلاد و سبيهم للنساء و استرقاقهم للرجال ، ثم العودة الظافرة بالغنائم والسبايا ، و ذلك بعد إقرار المواثيق الدولية التى تلجم الفاتحين المسلمين عن السطو على منجزات الأمم الأخرى والتكسب بالعنف والعدوان

أما التشدق بعبارة : "إسلام بلا مسلمين‏ ، ومسلمون بلا إسلام" فذلك مما لا يختلف عن مزاعم الإخوان المسلمين و الجماعات التكفيرية بأن تطبيق الشريعة هو شرط صلاح المجتمع ، و ما في ذلك من تزييف واضح لوعى الناس


إذا كان الإمام محمد عبده قد رأى أن مبادئ وتعاليم الإسلام مطبقة بواسطة غير المسلمين، و على العكس من ذلك فى بلاد الإسلام . إذا كان هذا مفهومه وما أراد أن ينقله إلى المسلمين ، فهذا فهم مضلل يؤدى إلى تزييف الوعي ، فيوقع الناس فى اعتقاد واهم بأن الحلول الدينية هى أقصر الطرق واصوبها لإصلاح المجتمعات

لست هنا بصدد التهوين من أهمية الدين ، و لكنى أؤكد على انتفاء العلاقة بين الدين والتدين من ناحية ، و الرقى و حُسن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلامك حق المقصود تلميع الصورة
مروان سعيد ( 2019 / 12 / 1 - 09:44 )
تحية محبة وشكر للاستاذ امجد المصري وتحيتي للجميع
ان مقولة الشيخ محمد عبدو مقولة مخادعة وتخدير لعقول الشعوب العربية المسلمة وتعني
لدينا اعظم دين يعلم الاخلاق ولكننا لا نتبعه وحدنا عنه واهملناه
وان اخلاق الغرب هي كاخلاق الاسلام واخلاق المسلمين خاخلاق الديانة المسيحية

ونظرة سريعة على اخلاق الاسلام منذ بدايته حتى الان فهو مبني على الدماء وتقطيع الجثث والطمع باموال الغير وغزوهم والحصول على نسائهم واطفالهم وحضرتك وضحت ذلك ولكن باختصار شديد
وما اوصل الغرب الى هذا الوضه هو اخلاق السيدالمسيح والمسيحية التي صنعت اخلاق الغربيين ولما عادوا اليها بعد ضياعهم عدة قرون ولما نفذوها انتجوا الاخلاق والشرف والتسامح وحقوق الانسان ونجحوا باعمالهم جميعها من فن وادب وموسيقا وهذا يرفع الذوق العام وينتج لنا اعظم الاختراعات والمنتجات الطبية والزراعية ولولاها لكان الناس الى الان على ظهور الجمال والحمير يقتلةن بعضهم
ومودتي للجميع


2 - نسيت ان اعطيك مثالا
مروان سعيد ( 2019 / 12 / 1 - 09:55 )
عزرا اخي امجد ولكن هذا اصدق مثال يظهر حقبقة موضوعك واخلاق الاسلام وانهم مثابرون ومفتخرون بهذه الاخلاق ويصيحون الله واكبر في الجامع وانصحك اقراء التعليقات لترى ان الارتداد ولفظ هذا الدين ومؤسسه كبيرا
https://www.youtube.com/watch?v=-7D8LF-IYBY
ويشبه زينب كبنته ويعدها يتزوجها شوف الرياضة الايمانية
وشوف الرحمة تركها تقضي العدة

ومودتي للجميع


3 - يقول الدجاجة تلد والناقة تبيض ويجهل ماهو الغرب !!
منقاوي عرباوي ( 2019 / 12 / 1 - 11:33 )
من قال إن بلاد الغرب فيها إسلام بلا مسلمين وبلاد المسلمين فيها مسلمين بلا إسلام كمن يقول الدجاجة تلد والناقة تبيض ويجهل ماهو الغرب ويجهل ماهو الإسلام!


4 - ان قالها المفتي فقد صدق
بولس اسحق ( 2019 / 12 / 1 - 12:26 )
الإمام محمد عبده.. مفتي مصر في أوائل القرن العشرين.. أصابه الذهول حين رأى القيم الحضارية السائدة في أوروبا.. من عدالة ونظام ونظافة وأمانة واحترام للنفس البشرية.. ثم عاد لمصر وقال مقولته الشهيرة {رأيت هناك إسلاما بلا مسلمين بينما هنا يوجد مسلمون بغير إسلام}..هذه المقولة التي ما زالت تضحكني.. لأنها تلخّص طريقة تفكير المسلم المغيب حين يحاول أن ينسب أي شيء جميل للإسلام.. لأنه يرتدي نظارات تمنع عنه الضوء.. فتحجب عنه رؤية حقيقة الإسلام.. فإذا كان مفتي الديار المصرية قد قال ذلك.. فما بالك بالمسلم العادي الذي بالكاد يستطيع أن يقرأ جريدته اليومية؟ تحياتي.تحياتي.


5 - الأستاذ مروان سعيد
أمجد المصرى ( 2019 / 12 / 1 - 14:05 )
نعم هو خداع و تخدير للعقول - بل و للضمائر أيضا ، و ربما يكون الشيخ محمد عبده نفسه ضمن المخدوعين و المخدرة عقولهم و ضمائرهم نتجة العاطفة الدينية غير المستندة إلى العقل بل إلى التمنى ،، تحياتى


6 - الأستاذ منقاوى العرباوى
أمجد المصرى ( 2019 / 12 / 1 - 14:08 )
هو بذلك يكون قد سرق إنجازهم ثم اتهمهم بسرقة إسلامه .... إنه التعصب ... تحياتى


7 - الأستاذ بولس اسحق
أمجد المصرى ( 2019 / 12 / 1 - 14:12 )
وجد هناك إسلاما ؟؟ كأنه وجد لكل رجل أربع زوجات و النساء مبرقعات و لهن نصف ميراث و نصف شهادة و نصف دية ، إنه التدليس اللاإرادى .. تحياتى


8 - لدي تفسير آخر لما قاله الشيخ ان كان حقا قاله
سمير آل طوق البحراني ( 2019 / 12 / 1 - 15:03 )
ان كان حقا ان الشيخ محمد عبده قال الكلام المنقول عن لسانه فهو لا يعني المعنى الحرفي لما قال وانما يخاطب المسلمين بلغتهم وهي: ان كنتم تعتقدون ان الاسلام هو منبع الاخلاق والعلاقات الحسنة والرحمة فانا في الغرب وجدت تلك الصفاة وهم ليسو مسلمين وانتم من تدعون ان الاسلام هو المنبع للعادات الحسنة وغيرها قاتم بعيدون عنها وهذا يعني ان الاسلام لا علاقة له بما تدعون لان من ادعى بما ليس فيه كذبته شواهد الامتحان. اذا الاخلاق وغيرها من العادات الحسنة هي تعاليم انسانية لا علاقة لها بالاديان بل ربما الاديان هي من شوهت تلك العادات. قبل الاسلام كان العرب لهم حرية الاديان والتشاور بين يعضهم البعض وما دار الندوة الا شاهد على ذالك وجاء الاسلام وخلق العداوات بينهم.


9 - المسلم
على سالم ( 2019 / 12 / 1 - 15:32 )
مسكين المسلم الذى يعتقد ان الاسلام هو الديانه الحقيقيه الوحيده فى هذا الوجود , الاشكاليه هنا كيف تثبت ذلك ؟ الاديان كلها امور غيبيه متوارثه وغير مفهومه ومصدرها مشكوك فيه


10 - ساعطيكم مثال
مروان سعيد ( 2019 / 12 / 1 - 17:29 )
لااعرف لما منع تعليقي من النشر ولكن ساعيد المثال هنا
وهو الرياضة الايمانية للشعراوي والاخلاق الاسلامية
https://www.youtube.com/watch?v=-7D8LF-IYBY
انها رياضة ايمانية بصحيح الله واكبر
وشكرا على ردك استاذ امجد المصري
مع مودتي للجميع


11 - الأستاذ سمير آل طوق البحراني
أمجد المصرى ( 2019 / 12 / 1 - 20:04 )

الإسلام لا علاقة له بما تدعون لان من ادعى بما ليس فيه كذبته شواهد الامتحان
إقتبست هذه العبارة شديدة البلاغة من تعليقك ....... و فيها شرح واضح للموضوع ، لك التحية


12 - الأستاذ على سالم
أمجد المصرى ( 2019 / 12 / 1 - 20:08 )
تعليقاتك دائما قيمة و واضحة و تحمل ما قل ودل ، لك الشكر و التحية


13 - الشيخ محمد عبده
هاني شاكر ( 2019 / 12 / 2 - 21:05 )

خلى السر فى بير
_______

سافر الشيخ محمد عبده الي الغرب الكافر قبل قرن من الزمان ... فوجد الحرية النقية التي لا دين لها ولا وطن! ثم فرك عينيه و رزع 2 كابوتشينو ... و فهم الفولة

و عاد ليكتب : في الغرب الكافر وجدت اسلاما و لم اجد مسلمين !

يسكت و يركح بقى ؟ لا ... لا يمكن

فقرر ارسال مسلمين ... و آدي النتيجة!

دي مصيبة سودة يا جدعان !

....