الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فكر وخطاب من مواليد عهد الثورة ..

محمد ليلو كريم

2019 / 12 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدو أن حركة الاحتجاجات الأخيرة اربكت الجميع وجعلتهم في مهب المواقف الأرتجالية ، فليس من سياسي أو حزب انتقل الى الندم مما اقترف أو شارك ، ولم تصدر فتوى سريعة في تحريم قمع المظلوم خاصة لاسيما وأن دمه قد اريق ، والقاتل هو الظالم ، الجائر ، فما زال صدر المظلوم عرضة لتصويبات الظالم القاتلة ، فبعد أن سرق حقوقه انتقل الى سرقة حياته ليحيله الى العدم ، ولا اعلم حقًا أي ظلم عظيم بعد هذا الظلم يستحق اصدار فتوى صارمة لا لبس فيها ولا ضبابية ، فالسلطة الحاكمة هي من أودى بالأوضاع الى هذا المآل المريع ، وهي من عمِدَ لتجاهل مطالب المحتجين من الذين وقع عليهم الظلم ، وهي التي تتمنع عن التخلي عن السلطة كنتيجة بديهية للمفاسد الكبيرة التي اقترفتها بشخوصها الذين نعرفهم .
يبدو أن حركة الاحتجاجات كشفت لنا ما العقدة المتأصلة في جانبي التشيع ؛ السياسي والديني ، فكلا الجانبين يعيشان في الماضي ، وبتكلس واضح ، وإلا لتمكنا من مواكبة تطور المجتمع والمتغيرات التي تطرأ عليه والمستجدات التي وبالضرورة تأتي مع الأجيال الناشئة ، ولأضرب لكم مثلًا يحمل في ذاته البساطة والتعقيد ، فخطابات المرجعية لم تخاطب ، أبدًا ، جيل التكتك ، ولم تتطرق لهم ، بينما اعتادت على مخاطبة الناس عبر منبر ومنصة ونبرة كهنوتية معروفة لنا ، ونحن وآبائنا اجيال : ( السمع والطاعة لمولاي ) تعودنا تقديس المرجع وهو الغائب عنا وعن واقعنا ، البسيط والمعقد ، فمن منا شاهد مرجعًا أو أحد زعماء العتبات يتمشى بين منازلنا ويأم الناس في حسينيات المناطق المنسية ، مع أن لنا تراث يقص هكذا إقتراب من العامة من رجال اكثر قدسية من المرجع ووكلائه .
مكان البابا القادم ومكانته تتحدد وتُقيد في فاتيكان محترم بينما رئيس الحكومة يقطع المسافة من منزله الى مكان عمله بدراجة هوائية ، وحينها سنجد من يواكب تطورات المجتمع وما يطرأ عليه من متغيرات ومستجدات الجيل الناشئ ، وستكون المنصة والمنبر للبروفيسور والعالِم الأكاديمي واساتذة الجامعات ، وحينها لن ننتظر فتوى من أوربان أو صكوك غفران ، بل سننتظر الغذاء العلمي من أكسفورد والسوربون ، ونتلهف لقراءة أريك هوفر وهو يصف لنا مؤمنه الصادق ، ولن يكون هيغلنا وكانطنا وسبينوزانا مقدسًا ؛ الراد عليهم كالراد على الله ورسوله وأقانيمه .
أن من يواكب تطورات المجتمع ومستجدات الاجيال الناشئة . بل ويتحسب للمستقبل ومتغيراته ، ويضع الاحتمالات وحتى النبؤات العلمية ؛ هم العلماء الأكفاء القادرين على ايصال الإنجاز الى سطح القمر ، لا أن يشغلوا المجتمع بالرؤوية الشرعية والأهلّة فحسب .
أن من يرفع من وعي المجتمع الديني رجل دين ككوبرنيكوس ، الذي نظر في النص المقدس ، وأبصر السماء عبر مرقاب ، لا أن ننتظر التوعية من دعوى اصلاحية لا علم فيها ولا بلاغة ، أو خطبة تدعو وتشجب وتستنكر ، ولا داعي للإستغراب اذا ما نُهبت كاتدرائية روتردام بعد المقصلة السياسية ، وكما ندين رجال السلطة ونحملهم وحدهم مسؤولية ما جرى ويجري ، فستجري عملية نقد وإعادة قراءة لمجمل الموروث والوارثين دون مجاملة أو رأفة .
الثورات تنفر من الخطابات العاجية ، والأصوات البعيدة ، والمفردات الثقيلة ، وتعشق الصوت الذي ينسجم معها ومن ثم يجرها الى فوق ، ولكن بدءاً لزم أن تجد خطيبها المفوه الذي يجذبها وكأن العلاقة بينهما كما الذين بنفس العمر فلا هو الكهل فتنفر منه كنفور الصبية الى من هو بسنها فتقع ضحية نزِق ، ولا هي الناشئة التي لا تجد من يقترب منها ويقنعها بصوته ، إنما ترويض الثورات فعبقرية فذة يجيدها الفلاسفة والمخضرمين من المفكرين والمنسجمين معها ثوريًا مع تفوق في الوعي يرفع صاحبه الى مصاف القادة التاريخيين ، فمن يجيد مواكبة حركة الثورة بحضور جاذب سيحصل على قلبها الملتهب ويطوعه بفكر وحنكة .

الرابعة والنصف صباحًا
٥ كانون ١ ٢٠١٩








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال