الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القلادة(12)

حسين علي الحمداني

2019 / 12 / 16
الادب والفن


تكررت اللقاءات بين أسبوع وآخر واقتصرت على الكلام والذكريات،ذهبا أكثر مرة إلى مدينتهم القديمة،وفي كل لقاء الشوق يزداد ومعه يزداد عذاب سلمى التي باتت حائرة بين عبد الحكيم الذي تغير كثيرا وخالد الذي يمثل حلمها الدائم.
في العمل عرفت من زميلتها سهام إن زوجها قال لها إن خالدا يمر بفترة حرجة في حياته وبات يحتاج للنصح خاصة بعد أن عثر على حبيبته القديمة والتقى بها،كانت تحدثها بهمس،فيما كانت سلمى لا تبالي وتتظاهر بالإنصات ولم تتحدث إلى خالد بما تقوله سهام نقلا عن زوجها،كانت تعرف جيدا إن الرجل يحتاج لمن يبثه ما بداخله،حتى هي في فترة من الفترات كانت بحاجة لمن تبثه ما بداخلها فلم تجد سوى المرآة التي باتت صديقتها المفضلة وكاتمة أسرارها الوحيدة والشاهدة على تفاصيل كثيرة من حياتها.
لهذا وجد في سعيد مرآة يحكي لها ما يحتاج أن يحكيه،لكن سعيد يختلف عن مرآتها،لأنه نقل ذلك لزوجته التي حكت لها،بينما المرآة لم تنقل ذلك حتى لجدران الغرفة.ربما سهام يدفعها الفضول لأن تعرف من هي حبيبة مديرها،الأمر كذلك لسعيد الذي ربما وصف له شكل تلك الحبيبة.كانت بحاجة لأن تحتفظ بالهدوء واللامبالاة عندما تسمع حديث سلمى عن المدير.
قررت أن لا تذهب للموعد المقرر،تظاهرت بالمرض عندما سألها فيما بعد،وغابت عن زيارة أمه أسابيع عديدة مما جعل ألأم تطلب من أبنها أن يوصلها لبيتهم،قال لها إنه لا يعرف أين تسكن بالضبط لكنه يعرف الزقاق الضيق.
اختارت صبيحة يوم جمعة لتجبره على أخذها وهي ستتولى السؤال عنهم،عندما وقفت في بداية الزقاق نظرت إلى امرأة تقف في باب أحد البيوت الصغيرة سألتها عن بيت سلمى وزوجها عبد الحكيم،قالت لها المرأة إنهما ذهبا لزيارة أخت زوجها منذ عصر ألأمس ولا أظنهم سيعودون اليوم ربما يتأخرون لأن المسافة بعيدة جدا كما قالت لي.
عادت أم خالد أدراجها لسيارة ابنها ونقلت له ما سمعته من جارة سلمى قبل قليل،أدرك إن أمه باتت متعلقة بسلمى،في طريق العودة للبيت قالت له هل زعلتها يا خالد حتى باتت لا تأتي إليَ؟لا أبدا يا أمي هل تتوقعين أن أزعلها،قالت ما الذي جعلها تبتعد آه لو كنت أعرف مكان عملها كنت قد ذهبت لها.
قرر عبد الحكيم أن يعود مع زوجته إلى البيت بعد تناول الغداء في دار أخته،سيكونان في بيتهم بحلول المساء،أخت عبد الحكيم رحبت كثيرا بهم خاصة وإن سلمى منذ أكثر من سنة لم تزرها،أرادت سلمى مصاحبة زوجها في هذه الزيارة بعد أن رفضت ذلك في الزيارات السابقة لتجعله يشعر فعلا إنها تحبه خاصة وإنه تغير كثيرا،شعرت سلمى إن عبد الحكيم كان سعيدا جدا عندما صاحبته في هذه الرحلة مع احتفاء أخته وزوجها يهما.
بحلول المساء كانت سلمى وزوجها في بداية الزقاق لتجد جارتها تخبرها عن تلك المرأة التي جاءت تسأل عنها وأعطتها أوصافها،سألها عبد الحكيم من هي أجابته بلا تردد جارتنا القديمة صديقة أمي لم أذهب لها منذ فترة ويبدو إنها افتقدتني وجاءت تسأل عني. قال لها يبدو إنها امرأة طيبة القلب هل تريدين أن أوصلك لها الآن؟قالت له أنت وأنا متعبان من السفر سأزورها فيما بعد.دخلا البيت وضعت حاجياتها عند طاولة صغيرة،أعاد عليها إمكانية أن تزور هذه المرأة فربما تحتاجها في شيء ما؟نظرت له وقالت دع ذلك قلت لك متعبة من السفر غدا بعد نهاية الدوام سأذهب لها وأتناول الغداء عندها وأعود قبل المساء.
في الصباح مر المدير ألقى التحية ونظر إلى سلمى كأنه يعاتبها،تظاهرت بإنها مشغولة بأوراق بين يديها،مضى إلى مكتبه وظلت هي تحدق في تلك الأوراق،فيما كانت سهام ترتشف الشاي مع قطعة جبن جلبتها معها.وهي تأكل قالت لها مديرنا فعلا يعيش قصة حب قديمة وجديدة،ابتسمت سلمى وقالت هل هي حزورة؟قالت لا أقصد تجدد الحب،نظرت إليها سلمى وقالت كان يجب على زوجك أن لا يخبرك بما يحدثه صديقه فهذه أسرار رجل وضحكت.
شعرت سهام إن كلام سلمى صحيح كان يجب على سعيد أن يكتم أسراره،نظرت لسلمى وقالت والله كلامك صحيح سأطلب من سعيد أن لا ينقل ذلك لا لي ولا لغيري.
ضحكت سلمى وقالت أمزح معك، كل رجل يحتاج لمن يتحدث معه،حتى النساء كذلك نحتاج من نضع عنده أسرارنا،ضحكت سهام وقالت هذه فلسفة وأنت أين تضعين أسرارك؟قالت عند عبد الحكيم زوجي،ضحكت سهام وقالت يبدو إنك تحبينه جدا،أومأت برأسها وهي تستقبل أحد المراجعين للدائرة.
في الطابق الثاني المدير يفكر كثيرا بغياب سلمى الذي شعرت به حتى أمه،فكر ربما تخلت عنه بعد أن وجدت فيه ذلك الخوف الذي لا تحبه حواء،تذكر إن صديقه سعيد قال له إن المرأة لا تحب الرجل الخائف والجبان والمتردد،فكر في اللقاء القادم سيتخلى عن هذا الخوف والتردد ربما هي تبحث عن رجل جريء وجريء جدا.ظلت وصايا سعيد عالقة في ذهنه.
في نهاية الدوام كان عبد الحكيم بانتظار سلمى بسيارة الأجرة ويقف مقابل دائرتها،صعدت معه واتجهت صوب جارتها القديمة،نزلت من السيارة بعد أوصته أنها ستعود قبل المساء،فهم إن عليه أن يجلب معه عشاءا من السوق وأنطلق في الشارع بحثا عن زبائن.
فيما كانت هي ترتمي على أم خالد لتحضنها وهي تتلقى عتاب كبير منها،لم تستطع تفاديه أو تبريره سوى بالمشاغل والدوام وهي الآن جاءت مباشرة من دائرتها إليها بعد أن علمت من جارتها إنها جاءت يوم أمس.
كانت فرحة أم خالد كبيرة جدا بقدوم سلمى التي قالت لها ماذا طبختي وهي تقلب قدور الطبخ في المطبخ وتحاول تذوق ما فيهم،ضحكت أم خالد وقالت علينا الانتظار قليلا ريثما يأتي المحروس وضحكت بقوة.
فكرت ستكون مفاجأة له أن يراها،فكرت بسيناريو تستقبله فيه لم يسعفها الوقت فقد جاء بسرعة،وقف وسط المطبخ وقال أهلا سلمى من أرشدك لبيتنا؟ضحكت وقالت أهلا بك عبد الحكيم أوصلني وذهب.
قال لها هيا هيا أنا ميت من الجوع ساعدي أمي من فضلك،نظرت إليه بوجه مبتسم وهي تملئ الصحون بما موجود من طبخ وتضعها على الطاولة،فيما أخذ طريقه لغرفته وظلت أمه ترتب الطاولة،بدأ الجميع بالأكل وسط تبادل نظرات بينهما.
عندما انتهوا من ألأكل أرادت سلمى حمل الصحون من الطاولة رفضت ألأم ذلك،وقالت دعيها إنها مهمة خالد،ابتسمت سلمى وقالت دعيني أنظف الطاولة فيما ظل هو جالسا ينظر إليها بعد أكملت ذلك نظرت إليه وقالت قمت بعملك اليوم وأنا جالس تنظر إلي.
ذهبت تغسل يديها ثم عادت للمطبخ لتجد أمه قد أعدت الشاي ووضعته أمامها،وبدأت تتحدث معها وتسألها فيما كان هو ينصت وهو يرتشف قدح الشاي بهدوء،نهضت أمه وهي تقول لقد جلبت لك هدية وذهبت لمكان في البيت،وجدت يده تمسك يدها حاولت سحبها لكنها ترددت،كانت ابتسامة خفيفة توحي بالقبول همس لها اشتقت لك كثيرا.
عادت الأم تحمل بيدها كيسا قالت لها هذه هديتك يا سلمى فتحت الكيس فوجدت فستانا جميلا من الذي ترتديه زوجات الأغنياء كانت تضعه على جسمها وتقول كأنه فصل لي يا خالتي أشكرك جدا.سمعته يقول ذوق أمي جميل جدا.
نظرت وقالت فعلا خالتي ذوقها حلو وهو على قياسي تماما.كان الوقت يمضي سريعا،لم تشعر بذلك كانت الساعة تقترب من الرابعة عصرا عندما همت بالمغادرة،قالت لها الشمس لن تغيب قبل ساعتين من الآن انتظري قليلا لم أشبع منك بعد،ابتسمت وهي تنظر لخالد الذي قال لها هنالك متسع من الوقت.
عندما خرجت من المطبخ لداخل البيت كانت غرفة خالد مفتوحة وملابسه مرمية على السرير عشوائيا،قالت له أنت سأرتب ملابسك،تركها في الغرفة وذهب نحو أمه،كانت تضع الملابس في أماكنها وتحسس قميصه،كان الفستان معها،فكرت أن تقيسه هنا أمام هذه المرآة،لكنها تراجعت ربما يدخل هو فجأة.
خرجت بسرعة من الغرفة لتجده مع أمه في الصالة،قالت له غرفتك جميلة لما تدع ملابسك مرمية على السرير هكذا،ضحك وقال لأني عازب يا سلمى،ضحكت ألأم وقالت هو هكذا منذ كان طالبا.
استأذنت بالخروج والعودة للبيت،الأم طلبت من ابنها أن يوصلها لكنها رفضت وقالت إنه تعبان من يوم عمل والطريق سالك والسيارات كثيرة دعيه يرتاح.ودعتهما وخرجت دون أن تلتفت لخالد الذي ظل ينظر إليها حتى عندما عبرت الشارع الثاني وصعدت بإحدى سيارات النقل العمومي.
لم تكن بحاجة لأي شيء بقدر حاجتها لمرآتها التي وقفت أمامها وهي ترتدي الفستان الجديد الذي كما قالت كأنه فصل على مقاساتي،ماذا لو ارتدته في غرفته وأمام مرآته،ربما ستظل صورتها في المرآة فترة طويلة.وربما كان سيراها وهي عارية هكذا،رمت الفستان على سريرها وظلت تقرب صدرها من المرآة وهي تنظر لتلك القلادة التي لم تغادرها من فترة وهي ترتديها حتى عبد الحكيم سألها ذات مرة عنها فقالت إنها عزيزة عليها،سكت ولم يعلق على ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ


.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ




.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال


.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ




.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال