الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القلادة (13)

حسين علي الحمداني

2019 / 12 / 17
الادب والفن


خالد كان سعيدا جدا بزيارتها،كان ذلك واضحا في زيارته الصباحية للموظفين وتحيته المتميزة لها ولزميلتها سهام،بعد ساعة من بداية الدوام كان العم أحمد يحمل إليهما كتابا يريد المدير أولياته،أدركت سلمى إنه يريدها،حملت الأوليات وصعدت للطابق الثاني،لم يكن الكتاب مهما ومستعجلا،طرقت باب المدير ودخلت،كان يجلس كأنه ينتظرها، سألها هل الفستان على قياسها،ضحكت وقالت لبست وطلعت فيه أميرة زماني.
تصور إنني فكرت أن أقيس الفستان في غرفتك لكنني ترددت،قال لها لماذا؟قالت ربما تدخل فجأة وتراني بدون ملابس وضحكت،أحمر وجهه وقال ساعتها سأغمض عيوني وأصم آذاني.كأني لم أرى شيئا يا سلمى، قالت لا ساعتها ربما تفقد صوابك يا خالد فإن لجسمي وهج كبير جدا،طأطأ رأسه كأنه لم يسمع هذا،قالت له ما أحلاك وأنت تغرق في الخجل.
قال بارتباك في المرة القادمة سأجلب لك أنا أيضا هدية على ذوقي،ابتسمت وقالت أنا لا أقبل الهدايا إن كانت فيها مشاكسات وضحكت،كان ينظر للأوليات أو يتظاهر بذلك،قال أية مشاكسات،قالت ربما تجلب لي ملابس نوم حمراء وابتسمت وقالت،حقا يا خالد أنا سعيدة بك جدا لا تكلف نفسك بأية هدايا عندي ما يكفي منك يا خالد،قالت هذه الكلمات وهي تخرج من مكتبه.
عادت تحمل الأوليات لتضعها في إضارة أمامها وهي تقول لسهام،هذا المدير يدقق في الصغيرة والكبيرة ولا ينسى أبدا،وجدت سهام هذا الكلام منها فرصة لأن تحكي لها عن المدير الذي يحكي كل شيء لزوجها لتخبرها إنه بالأمس كان مع حبيبته القديمة وتناولا الغداء معا وراحت تسهب في الكلام وسلمى تضحك وتقول والله يا سهام مديرنا هذا مجنون جدا.
قالت لها لماذا،قالت لها يعيش مراهقة متأخرة رجل يقترب من الخامسة والأربعين ويفكر بعقلية مراهق في المدرسة الثانوية،قالت لها سهام يعني بعده شباب حتى إن شعره أسود كالليل هو بعمر زوجي وزوجي رأسه مليء بالشيب،ضحكت سلمى وقالت هذا الشيب منك ومن أولادك.ساد الضحك في الغرفة واستدركت سهام قائلة هو أنا من تزوجته كان عنده شيب هذا وراثة حبيبتي.
عاد العم أحمد ليقول لسلمى إن السيد المدير يطلب الأوليات مجددا،حملت الأوراق ثانية وتوجهت لمكتبه،وجدته يجلس وراء المكتب،وضعت الأوليات أمامه وهي تقول ما السر وراء ذلك،ضحك وقال لها كنت ستقيسين الفستان في غرفتي قالت له نعم وضحكت،وماذا لو دخلت أنا فجأة قالت عادي جدا ستكون أنت في قمة خجلك وتخرج مسرعا،ضحك وقال أنت تعرفينني جيدا فعلا سأكون هكذا.
وجدتها فرصة كي تتحدث أكثر ربما تحاول إثارته،تخيل ذلك الخيال وحده يجعلك تهرب من الغرفة،ضحك بقوة وقال الله يساعد زوجك عليك،ضحكت وقالت زوجي مختلف جدا،لا يهتم بالرومانسيات هذه.
هل لديك مشاكل معه؟ضحكت وقالت قديما كانت مشاكل كثيرة لكن الآن لا توجد،ربما أحدثك عنه في المرات القادمة،أخذت ألأوراق من يده وقالت لا تبعث ثانية عن ألأوليات حتى العم أحمد تعب من ذلك.
عندما عادت تظاهرت بأنها متذمرة من هذا المدير الذي نسى إنه شاهد ألأوليات قبل ساعة من الآن مثلما قلت يا سهام هذا الرجل غارق في الحب.إن بعث بطلبها ثانية سأرسلها بيد العم أحمد قالت هذا بعصبية وهي تضعها في إضبارتها.
ظل يفكر بكلامها ستهرب من الغرفة،تذكر كلام سعيد إن النساء لا يحبذن المتردد الخائف،كن جريئا يا خالد.من الصعب أن يكون جريئا مرة واحدة ألأمر يحتاج لمراحل عديدة،استدرك لكنها في كل ألأحوال أكثر جرأة ربما لأنها متزوجة تعرف كثيرا نقاط ضعف الرجل عكسه لا يعرف عن المرأة شيئا.
هي كانت تفكر بما فعله اليوم،ربما في المرة القادمة سيكون جريئا،أم فعلا سيهرب أن وجدها شبه عارية أمامه،ابتسمت وهي تحاول رسم سيناريو لقاء كهذا،طردت هذه الأفكار وهي ترى أحد المراجعين يضع أوراقه أمامها،نظرت إليه وقالت له في الغرفة المجاورة.
في نهاية الدوام كانت تحمل حقيبتها وتتجه صوب الزقاق الضيق بقيت تفكر بكلام اليوم مع خالد الذي يبدو مراهقا فعلا ماذا لو نطق باسمها أمام زوج سهام،ربما تشعر هي بذلك،حاسة حواء تكون قوية،في المرة القادمة لن تذهب لمكتبه،ستترك سهام تتولى الأمر.
فتحت باب البيت واتجهت تسخن ألأكل الذي أعدته في ليلة ألأمس،لم يأت عبد الحكيم بعد،ربما تناول غداءه خارج البيت،في غرفتها وهي تبدل ثيابها،قالت هكذا سيشاهدني عندما يدخل غرفته،أكيد سيهرب لا يتحمل وهج جسمي وحرارته.
فضلت أن تنام شعرت بالتعب،حتى وإن عاد عبد الحكيم سيتولى هو أمر نفسه،لكنها ظلت تتقلب في فراشها،لم يغادرها التفكير في حديث اليوم مع خالد،قالت في سرها يوم الجمعة سأزورهم سأقول ذلك لخالد حتى لا يتفاجىء بالزيارة.
صباح يوم الخميس انتظرت ربما يأتي العم أحمد ليقول إن المدير يريدها،مضت الساعة الأولى دون أن يحصل هذا،قررت أن تذهب له،سهام كانت مجازة هذا اليوم،لهذا يمكنها أن تذهب شريطة أن يكون وحده في مكتبه،جاء العم أحمد ليؤكد لها إن المدير يريدك،سعدت بهذا الخبر تظاهرة بحمل ملف صغير بين يديها،بعد لحظات كانت تطرق باب مكتبه وتدخل.
قال لها هل ستأتين غدا لخالتك أم خالد؟ابتسمت وقالت إن وافق عبد الحكيم،قال لها سيوافق أكيد خالتك تنتظرك غدا صباحا.
في المساء طلبت الأذن من عبد الحكيم في الذهاب لجارتها القديمة،وفي الصباح أعدت نفسها وانتظرته كي يوصلها كعادته في كل زيارة لهذا البيت الواسع والكبير.
وضعت إصبعها على جرس الباب،سمعت بعد حين وقع أقدام تأتي، نظرت من فتحات الباب إنه هو من سيتولى فتح الباب،كانت ابتسامة عريضة ترتسم على وجهه وهو يقول لها صباح الخير،هي الأخرى ابتسمت وقالت له صباح النور ودخلت إلى البيت عبر الممر الطويل،كانت باب المطبخ مفتوحة،العجوز تجلس على كرسيها أمام طاولة الفطور الذي أعدته لأبنها،أدت السلام وتبادلت القبلات معها،طلبت منها أن تجلس لتتناول الفطور،أكدت لها إن تناولته في البيت منذ ساعتين وضحكت وقالت ياخالتي في حينا القديم هنالك في هذا الوقت لا أحد يتناول الفطور الشمس عالية وبعد قليل يأتي وقت الغداء.
ومع هذا وجدت نفسها تشارك خالد فطوره،فيما ظلت العجوز تدور في أرجاء المطبخ كأنها تبحث عن أشياء مفقودة.
سمعته يقول لها كيف حالك وحال زوجك؟قالت له الحمد لله أوصلني وذهب يطلب رزقه في شوارع المدينة،استغل غياب أمه عن طاولة الفطور ومسك يدها،شعرت إنه بدأ يمتلك الجرأة الكافية التي ظل يفتقدها سابقا،ابتسمت وقالت أخشى أن تأتي خالتي،ارتجفت يداه وسحبها،ابتسمت وقالت في سرها لازال لم يمتلك الجرأة بعد.
عندما سحب يده تدارك الأمر وقال لها أمي تحبك جدا جلبت لك هدايا جديدة ستعجبك،ابتسمت وقالت خالتي أم ابنها؟قال لا صدقيني خالتك،كانت ألأم قد عادت للمطبخ سألتها سلمى كيف حالك أنت تتعبين كثيرا في البيت،سمعتها تقول بصوت خفيف وهي تؤشر صوبه،فقط لو يتزوج أرتاح أنا.
قالت لها سلمى ولماذا لا يتزوج؟تقربت الأم منها وهي تقول لا أعرف يا بنتي ما الذي يمنعه من ذلك حتى غرفته جاهزة والبيت كبير وأنا تعبت ولا أقدر على عمل البيت،كان هو ينظر لسلمى علها تتكلم لكنها فضلت الصمت وهي تتابع سماع حديث العجوز التي تفطنت إنها اقتنت بعض الحاجيات لسلمى نهضت من كرسيها وقالت لها أتبعيني يا سلمى لقد أخذت لك بعض الحاجيات فالشتاء غادرنا والصيف قادم.
دخلت مع خالتها غرفتها المقابلة لغرفة خالد ليس بينهما سوى ممر في نهايته شباك،خالد دخل غرفته فيما تركت سلمى باب غرفة خالتها مفتوحة تنظر حينا لخالد وحينا آخر للحاجيات التي جلبتها لها أمه،جميعها ملابس بألوان مختلفة،ابتسمت سلمى وقالت هذه المرأة لديها من المال ما يجعلها لا تعرف كيف تصرفه،شعرت وهي تتلمس هذه الملابس إنها غالية الثمن،عبد الحكيم يعرف إن هذه المرأة تعطف عليها كثيرا.
خالد كان ينظر علها تقيس أحد هذه الفساتين لكنها لم تفعل ذلك شكرت أمه وتركت هذه الملابس في مكانها وهي تقول لها عندما أعدو للبيت أخذها معي،قالت لها أم خالد أظنها مقاسك،قالت لها نهم خالتي هي كذلك وقامت بوضع هذه الملابس في أكياسها بترتيب بطيء جدا وكأنها توجه رسالة لخالد إنها غير مضطرة لقياسها.
خرجت من الغرفة وتركت أمه ترتب بعض الأشياء واتجهت صوب خالد الذي يجلس في غرفته ظلت تحدق فيها تركت الباب مفتوحا، اقترب منها وقال لها لماذا لم تقيسي الملابس ،ابتسمت وقالت هي مقاسي يا خالد،ارتبك شعرت هي بذلك ثم قالت له خالتي تعرف مقاساتي.
طلبت منه أن يخرج من الغرفة لترتبها،اذهب لأمك واتركني ارتب هذه الغرفة،سمع كلامها وخرج صوب أمه التي عادت للمطبخ سألته عنها قال لها تركتها تنتقي قمصان لزوجها من تلك التي لم تعد صالحة لي،قالت له مسكينة سلمى ،قال لها لماذا مسكينة هي موظفة وزوجها سائق سيارة،قالت له حتى وإن كانت هكذا لكنها لم ترزق بالأولاد وليس لديهم بيت.
كانت سلمى تقف أمام المرآة الكبيرة في غرفته، رمت ملابسها جانبا وارتدت فستانا من تلك التي جلبتها لها أمه، نظرت للباب كان مفتوحا، ذهبت وأغلقته،عادت وخلعت هذا الفستان لم يكن على جسدها سوى تلك القلادة القديمة،رمت بجسدها على السرير الوثير تقلبت أكثر من مرة أرادت أن تصرخ تعال لي،نظرت للباب ما لازال لم يفتح،حملت جسدها بتكاسل أعادت ارتداء ذلك الفستان الجميل،تركت ملابسها التي جاءت بها من البيت مرمية على سرير خالد.
دخلت المطبخ وجدتهما يجلسان معا،نظر إليها وقال واو أنظري يا أمي،اقتربت ألأم من سلمى وهي تتلمس الفستان الجميل،قالت لها حلو جدا وأنت حلوة أيضا يا سلمى.
ذهب خالد مسرعا لغرفته،وجد ملابسها مرمية على سريره،عادت هي لذات الغرفة وجدته ينظر لملابسها،قطعة اثر قطعة، اتخذت زاوية من الغرفة خلعت الفستان رمته على السرير،لم تكن ترتدي سوى القلادة القديمة،خرج هو مسرعا من الغرفة وأغلق الباب،اتجهت صوب السرير وراحت في نوبة بكاء طويلة.
انتبهت إلى إنها في غرفته،مسحت دموعها وارتدت ملابسها وحملت الفستان لتضعه مع البقية في غرفة أمه،عادت للمطبخ لتساعدها في عملها،أما هو كان في الحديقة يجلس على كرسيه ربما كان شاردا حيث لازالت صورتها في زاوية الغرفة أمامه.
كانت تتحدث مع أمه وتشكرها على هدايا الجميلة والمناسبة،تركت أمه في المطبخ وذهبت له جلست على كرسي أمامه،وجدته شاردا،قالت له ما بك؟قال لها لا شيء فقد تفاجأت بما رأيت،ابتسمت وقالت أنا آسفة لم أكن أقصد ذلك،لكن غرفتك جميلة لقد نمت على السرير أنه جميل جدا.
ابتسم وقال لاحظت آثار جسمك عليه وكذلك عطرك،ابتسمت وقالت مرة أخرى أنا آسفة على ما شاهدته،ابتسم وقال لا عليك لكنك جميلة جدا أكثر مما توقعت.
سمعت ألأم تدعوهما للغداء،جلسا بجانب بعضهما،لم يكن بينهما أي حديث بعد ساعة من ذلك كانت سلمى تحمل هدايا أم خالد وتعود أدراجها للبيت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل انطلاق مهرجان الموسيقى العربيةفى دروته الـ 32 الحدث


.. مهرجان الموسيقى العربية.. 14 ليلة غنائية وموسيقية على مسارح




.. تذكرتي تتيح حجز تذاكر حفلات وفعاليات مهرجان الموسيقى العربية


.. ابنة ثريا ا?براهيم: محمد سعد عمل لها نقلة فنية في فيلم «كتكو




.. بسمة الحسيني: أولويات الإغاثة الثقافية في المناطق المنكوبة •