الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعريف الحب في البوذية

رسلان جادالله عامر

2019 / 12 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


* ترجمة من الإنكليزية
--------------


ترى البوذية الحب في صميمها، فالمحبة هي واحدة من أهم تعاليم البوذية، وهي ضرورية من أجل تحقيق النرفانا(Nirvana)، ولكن لكي نفهم نوع الحب الذي تعلمه البوذية، يجب أولاً التمييز بين الحب والتعلق.

الحب في مواجهة التعلق
ما هو الحب وما هو التعلق؟
في كثير من الأحيان، يخطئ الكثير من الناس فيعتبرون أن الحب هو التمسك بشخص ما والتشبث بالشعور تجاهه، لكنه ليس كذلك. في البوذية، يتم تعليمنا البحث عن الحرية، فالحرية هي الهدف النهائي للبوذية، والتحرر من المعاناة هو التنوير، وهو النرفانا.
لكن في كثير من الأحيان يسيء الناس فهم الحب، فيعتقدون أن التمسك هو الحب، ويعتقدون أن القتال من أجل الحب هو الحب، لكن أشكال الحب هذه ليست أنواع الحب التي تعلمها البوذية.

هناك أربعة أنواع من الحب الذي تعلمه البوذية:
1- الود
هذا الحب ليس حبا أنانيا، إنه الحب الذي يحرر النفس من التطلب، وهو ذلك النوع من الحب الذي يهتم ويرعى. الود هو أيضا اللطف مع الآخرين، وليس فقط أن نكون لطفاء مع الشخص الذي نعتقد أننا نحبه، بل أن نكون لطفاء مع الجميع.

2- التعاطف
الحب يستتبع التعاطف، هناك حاجة حقيقية للتعاطف من أجل الحب، لكن هذا ليس مجرد تعاطف مع الآخرين، ولكن أيضًا مع الذات، فنحن بحاجة إلى أن نتعلم أن نكون عطوفين على أنفسنا لإظهار حب الآخرين بالكامل، وهذا يعني رعاية احتياجاتنا، ليس بطريقة أنانية ولكن بطريقة رعايوية ذاتية.
التعاطف يساعد أيضا أولئك الذين يحتاجون إلى مساعدتنا، إنه عندما تآزر الناس بدلاً من خذلانهم، وهو عندما تنسى اللوم، ولكن بدلاً من ذلك تظهر اللطف والرحمة.

3- الفرح الامتناني
الفرح الامتناني يعني تقدير كل ثانية تعطى لنا، تقدير وقتنا هنا في عالم الوجود هذا، وتقدير الناس من حولنا، وأيضا تقدير من يؤذوننا لأنهم يعلموننا الصبر.
الفرح التقديري هو عكس التعلق الكلي، فهو نوع من السعادة التي نستخلصها من العجائب الصغيرة المعطاة لنا، ولكن دون أن نطالبها أن تكون خاصتنا أو ملكنا، وهذا يعني أنه عندما نفقد محبوبا، فإننا لا نغضب ولا نشعر بالخسارة، لأننا نعرف أننا قضينا وقتًا رائعًا معه.
من المفهوم أيضًا أنه لا يوجد شيء دائم في الحياة وأن كل شيء سريع الزوال، ولأن كل شيء يتلاشى، فإننا لا نتوقع أن يكون أي شيء معنا إلى الأبد.

4- الاتزان
الاتزان هو حالة من الهدوء العقلي، إنه شعور البـِركة التي لا تزال تعكس السماء على سطحها، وهو يتيح للشخص أن يجد النعمة والهدوء حتى في لحظات الضيق الشديد، وهذا يعني عدم إغضاب الآخرين من حولنا، كما يعني محاولة فهم الأسباب التي تجعل الآخرين يشعرون بالكره والغضب، وعدم الرد على هذا الغضب.

وهكذا ترون أنه في البوذية، الحب هو التحرر، فالحب ليس أنانيا ولا يطلب لنفسه، إنه شيء يحرر، وترون أيضا أن الحب أبداً ليس هو التعلق.

ما هو التعلق؟
كثير من الناس يعتقدون أن التعلق هو مجرد أنانية، ولكنه ليس كذلك، فالتعلق يتمسك بشيء غير طبيعي بالنسبة لنا، فتذكروا أن أي شيء غير طبيعي بالنسبة لنا يسبب المعاناة، وبالتالي فإن التعلق يسبب المعاناة.
التعلق يأتي بأشكال كثيرة، في كثير من الأحيان الناس يخلطون بين التعلق والحب، فيميلون إلى أن يصبحوا غيورين وغاضبين وقلقين، كما أنهم يميلون إلى الخوف من أن يكونوا وحدهم، وهم يخشون الموت.
التعلق يسبب" الدوكها" (Dukkha) أو المعاناة.

ويتصف التعلق بـ:

1- الأنانية
الأنانية قد لا تكون واضحة في معظم العلاقات، فنحن نميل إلى أن يكون الشخص الذي نتعلق به هو ملكنا فقط، ونشعر بالغيرة والغضب، ونحاول أن نجعله يبقى، ونريد وقته واهتمامه، وهذا يسبب المعاناة لكلا الطرفين.
تتطلب الأنانية من الأشخاص الذين "نحبهم" أن يتصرفوا بطرق معينة من أجلنا، في حين أن المودة تسمح لهم بأن يكونوا موجودين فقط.

2- الخوف
الخوف هو شكل آخر من أشكال التعلق حيث نخشى فقدان الناس، نخاف من الموت، نخشى التعرض للأذى. الخوف يسبب الكثير من الخلافات والكراهية لأننا خائفون، أما عندما نتعلم التعاطف، ننسى الخوف، فالتعاطف يعلمنا أن نكون طيبين مع أنفسنا وليس التمسك بالخوف، الذي نتخلص منه أيضا عندما نمتلك الاتزان.

3- الألم
إن أشكال الحب الحقيقية لا تسبب الألم، ولكنها تجلب الفرح والنعمة، وحتى لو حدثت وفاة، فإننا لا نشعر بالألم لأننا نشعر بالامتنان لوجود تجربة انضمام هذا الشخص إلينا حتى لفترة قصيرة، لكن التعلق يسبب الألم لأنه عندما نتمسك بإحكام بشيء ما، فإننا نفقد حريتنا، وغياب الحرية يجعلنا في حالة صراع.

4- الغضب
الحب لا يغضب أبدا، الحب نقي ومراع، إنه لا يطالب ولا يؤذي، وعندما نحب، فنحن نقبل ونسامح، لكن في كثير من الأحيان، التعلق يؤدي بنا إلى الغضب عندما نتوقع من الناس الذين نحبهم التصرف بطريقة معينة نحونا، وعندما يفشلون في تحقيق هذا التوقع، نتألم ونصبح مستائين وغاضبين.

الحب الحقيقي يضيء!
الحب الحقيقي يشبه النور الذي يقود الطريق في نفق مظلم، إنه وسيلة لتحقيق النرفانا والحرية. في كثير من الأحيان نعتقد أن الحب هو فقط لأولئك الذين نحبهم والمقربين منا، ولكن هذا ليس الحب. الحب عالمي، الحب هو الاحترام لكل الحياة، الحب يعطي النعيم، ليس فقط في أوقات السعادة، ولكن أيضًا في لحظات التجارب والمحن.
الحب الحقيقي هو القوة، الحب الحقيقي ليس أنانيًا أبدًا، إنه عطاء ولطف.

---------------
* عن موقع "تعاليم البوذا"
https://teachingsofthebuddha.com/define-love-in-buddhism/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري


.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد




.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ


.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف




.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب