الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسباب تأليف بعض آيات ألقرآن

كامل علي

2019 / 12 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يذكر المفسّر جلال الدين ألسيوطي في كتابه لباب ألنقول في أسباب ألنزول مايلي:
لمعرفة أسباب ألنزول فوائد وأخطأ مَنْ قال لا فائدة له لجريانه مجرى ألتاريخ ومن فوائده ألوقوف على المعنى أو أزالة الإشكال. قال ألواحدي: لا يمكن معرفة تفسير ألآية دون ألوقوف على قصّتها وبيان سبب نزولها وقال أبن دقيق ألعيد: بيان سبب ألنزول طريق قوي في فهم معاني ألقرآن ويقول أبن تيمية: معرفة سبب ألنزول يساعد في فهم ألآية وإنّ عِلْم ألسبب يورث ألعِلَم بألمسائل، وقد أشكلَ على جماعة مِنْ ألسلف معاني آيات حتّى وقفوا على أسباب نزولها فزالَ عنهم الإشكال، وقال ألحاكم في علوم ألحديث: إذا أخبَرَ ألصحابي ألّذي شهد ألوحي وألتنزيل عن آية من ألقرآن أنّها نزلت في كذا فإنّه حديث مُسنَد ومشى على هذه أبن ألصلاح وغيره ومثلّوه بما أخرجه مسلم عن جابر قال: كانت أليهود تقول: من أتى أمرأته مِن دبرها في قبلها، جاء ألولد أحوَل فأنزل ألله (( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ))...سورة ألبقرة،ألآية 223.
تنقسم ألآيات ألقرآنية إلى قسمين، ألقسم ألأول لا نجد له سبب للنزول كقصص ألأنبياء وكقوله تعالى ((وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ))...سورة ألنساء ألآية 125، أمّا ألقسم ألثاني فإنّ لكل آية فيه سبب للنزول، ومن هذه ألأسباب أسئلة وجّهَت إلى محمّد مِن قِبل ألمسلمين أو ألمسيحيين أو أليهود أو ألمشركين. هنالك أسباب أخرى لنزول بعض ألآيات منها ألأحداث ألّتي وقعت في فترة بعثة محمّد كالحروب وأحداث متعلّقة بسيرة محمّد كزيجاته وكذلك أحداث متعلّقة بألمسلمين وألمنافقين وألمشركين، كما أنّ بعض ألآيات نزلت نتيجة لإعتراض أو أقتراح بعض ألصحابة حسب ما ورد في كتب التفسير والتراث الإسلامي.
في مقدمة كتابه " أسباب النزول " يذكر الشيخ الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري ما يلي:
" الحمدلله منزل الكتاب في حوادث مختلفة الأسباب. أنزله مُفرقا نُجوما، وأودعه أحكاما وعلوما. قال عزّ من قائل: ((وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا )).... سورة الإسراء الآية – 106.
ثم يذكر الواحدي حديثا منقولا عن محمد بن سيرين قال:
سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: " أتق الله وقل سدادا، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن ".
الإمام الواحدي ولد بنيسابور، ولم تحدد التي ترجمت له سنة مولده ولكنه توفي بنيسابور وقد أتفقت المراجع على أنّ سنة وفاته 468 هجرية.
بعد قراءة كتاب الواحدي في أسباب النزول نلاحظ تعدد وإختلاف الروايات لسبب نزول الآية الواحدة بإختلاف الرواة وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدل على كذب الرواة وأنّ روايات أسباب النزول تم تأليفها بعد مئات السنين من وفاة النبي محمد وإليكم بعض الأمثلة من كتاب الواحدي " أسباب ألنزول ":
قوله تعالى ((وَإ ذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي )) .... الآية 260 من سورة البقرة.
ذكر المفسرون السبب في سؤال إبراهيم ربه أن يريه إحياء الموتى:
164- عن قتادة قال:
ذُكِرَ لنا: أنّ إبراهيم أتى على دابة ميتة وقد توزعتها دواب البر والبحر، فقال: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ؟
166- وقال أبن زيد: مرّ إبراهيم بحوت ميت، نصفه في البر ونصفه في البحر، فما كان في البحر فدواب البحر تأكله، وما كان منه في البر فدواب البر تأكله، فقال له إبليس الخبيث: متى يجمع ألله هذه الأجزاء من بطون هؤلاء؟ فقال: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) بذهاب وسوسة إبليس منه.
168- وقال محمد بن إسحاق بن يسار: إنّ إبراهيم لما أحتج على نمرود فقال: ربي الذي يحيي ويميت. وقال نمرود أنا أحيي وأميت، ثم قتل رجلا وأطلق رجلا قال: قد أمت ذلك وأحييت هذا. قال له إبراهيم: فإنّ الله يحيي بأن يرد الروح إلى جسد ميت، فقال نمرود: هل عاينت هذا الذي تقوله؟ فلم يقدر أن يقول: نعم رأيته، فأنتقل إلى حجة أخرى، ثم سأل ربه أن يريه إحياء الموتى لكي يطمئن قلبه عند الإحتجاج، فإنّه يكون مخبرا عن مشاهدة وعيان.
169- وقال أبن عباس وسعيد بن جبير، والسدي: لما أتخذ ألله إبراهيم خليلا استأذن ملك الموت ربه أن يأتي إبراهيم فيبشره بذلك، فأتاه فقال: جئتك أبشرك بأنّ الله تعالى اتخذك خليلا، فحمد الله عز وجل وقال: ما علامة ذلك؟
فقال:ان يجيب الله دعائك، ويحيي الموتى بسؤالك، ثم انطلق وذهب، فقال إبراهيم: رب أرني كيف تحيي الموتى؟ قال: أو لم تؤمن؟ قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي بعلمي أنّك تجيبني إذا دعوتك، وتعطيني إذا سألتك، وأنّك أتخذتني خليلا.
في الأمثلة أعلاه نلاحظ إختلافات وتناقضات في الروايات لسبب نزول الآية من سورة البقرة ((وَإذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)). إن دل هذا الإختلاف فإنّما يدل على تأليف هذه الروايات بعد مئات السنين من وفاة النبي محمد ولكن لا يعني هذا على عدم وجود اسباب لتأليف بعض الآيات فبعض الأسئلة التي وجهت إلى محمد من قبل المشركين واليهود والمسلمين والتي وردت في القرآن تدل على وجود سبب لتأليف بعض الآيات القرآنية كالأسئلة:
((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ... سورة البقرة الآية – 222.
((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) سورة البقرة الآية – 189.
((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) ... سورة البقرة الآية - 217.
في حديث منقول عن الشعبي قال:
" فرق الله تنزيله، فكان بين أوله وآخره عشرون أو نحو من عشرين سنة "
إستغراق إكتمال القرآن لهذه العدد من السنين والآيات التي جاءت للرد على تساؤلات المشركين واليهود والمسلمين يدل على بشريته لأنّ المطلق (ألله) لا يمكن أن يكون خاضعا للزمن ويتدخل حسب مشيئة الإنسان وتساؤلاته.
المصادر:
أسباب نزول القرآن...... تصنيف الإمام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي.. المتوفي سنة 468 هجرية – تحقيق ودراسة بسيوني زغلول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ان اسباب نزول الآبات تثبت بشرية القرآن.
سمير آل طوق البحراني ( 2019 / 12 / 23 - 17:41 )
الاخ الكريم بعد التحية.ان كثيرا من الآيات تثبت بمالا شك فيه هو ان القران هو بشري كما تفضلت. خذ حادثتين وكيف كان التعامل معهما حادثة الافك التي اتهمت فيها السيدة عائشة بالفاحشة والتي تمت تبرءئها بعد شهر بآيات بينات والسؤآل لماذا لم تبرا في نفس اليوم التي انتشرت فيه الاشاعة فهل كان الملك جبرآئيل مشغولا؟؟. وماذا عن اتهام السيد ة عآئشة لمارية القبطية ام ابراهيم وامر محمد لعلي بقتل مابور ولكن لحسن حضه ـ اي مابور ـ انه كان مجبوبا والا لقي حتفه فاين كان جبرآئيل؟؟.اخي الكريم ات القرآن هو حلول ضرفية حسب السبب لذى ترى بعض الاحوبة على بعض الاسئلة تكون في وقتها بدون انتظار الوحي وبعضها تكون بعد البحث والتقصي والمشورة. فلو كان القرآن الاهيا لما كان خاضعا للزمن ولكنه بشري ضرفي حسب الحاجة.

اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب