الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية التعلم الذاتي

أيوب الوكيلي

2019 / 12 / 28
التربية والتعليم والبحث العلمي


إن نظامنا التعليمي يحمس على العمل والإبداع يساعد في تحسين المردودية في التعليم، يعمل على تطوير المهارات، يجعلك مبدعا، لهذا نجد دائما كما هائلا من الكتب والمجلات والمطبوعات ملقاة في الطرقات وقرب المدارس، بعد نهاية كل موسم دراسي، أو أثناء الامتحانات، لهذا نجد التلاميذ يعشقون المدارس بحيث ينتظرون متى يأتي موعد الدخول المدرسي.

طبعا الواقع يقول نقيض ذلك لأن النظام التعليمي الحالي يقتل الجانب الإبداعي، لأنه التعلم الذي يعتمد على التلقين السلبي حيث يقتل فعالية ودوافع الداخلية للتعلم، لهذا نجد أن الأنظمة التعليمية ومؤسساتها لا تمكّن الطلبة من اكتساب مهارات التعلم الذاتي والمستقل ومهارات العمل، والتفكير الإبداعي، والنقدي والمرونة في مفاهيم العمل وبالتالي سيكون من الصعب على المؤسسات المستقبلية العثور على خريجين، ومواهب ملائمة للعمل في سوق المستقبل، لأن التعليم الحقيقي لا يدرس الحقائق إنما يعمل على تنمية القدرات والامكانات كما قال العالم الفيزياء البرت اينشتاين: "التعليم هو ليس تعلم الحقائق إنما هو تدريب العقل على التفكير".

لأن كلمة Education في الأصل اليونانيeducationem تحيل على إخراج الإمكانات وتنميتها، حيث يكون دور التعليم والمدرسة هو إخراج القدرات التي تميز كل فرد على المستوى الذاتي وليس جعل الجميع نسخ متطابق، لهذا فإن التعلم الذاتي يركز على الدوافع الداخلية في التعلم حيث تخلق مسارات عصبية جديدة على المستوى الذهني توسع دائرة الإدراك وتساعد في التعاون والتبادل والتحسن نحو الأفضل في جميع المستويات، ولهذا فإن المعلومات التي لا نساهم في بنائها تنمي حس الغباء لدينا، لأنها قتل الإمكانات الداخلية، في حين أن التعلم الذاتي يساعد في وضع نقلة في الوعي الشيء الذي يلهمنا على المستوى النفسي والمعرفي الشيء الذي ينمي مهارات الذاتية.

لهذا السبب يعتبر التعلم الذاتي من الوسائل المساعدة في تنمية شخصية الفرد لأنه يعتمد على الدوافع الداخلية في التعلم حيث يكون التلميذ مساهم في بناء قدراته الذهنية بدل أن يكون مجرد متلقي سلبي، يعمل على خدمة مصالحة النظام والمؤسسات، ولذلك لابد من الاهتمام بالتعلم الذاتي لدى التلاميذ والطلبة، والبحث عن الطرق والاستراتيجيات التي تنمي اتجاهاتهم نحو التعلم ذاتياً، لأن الثورة المعلوماتية لعبت دورا أساسيا يدفعنا إلى تطوير المهارات بشكل أكبر حتى نكون قادرين على مواكبة التغيرات المهنية والتقنية التي نعيشها اليوم داخل مجال الشغل والعمل، لهذا نحتاج إلى التعليم الذاتي حتى نتمكن من إخراج قدراتنا وامكاناتنا الذهنية.

إن التطورات الهائلة والسريعة في شتى فروع المعرفة وتزايد الأعداد المقبلة على التعليم فرض على المتخصصين في مجال التربية ضرورة إعادة النظر في الأساليب التربوية التي تلائم هذا الوضع، وقد يتمثل الحل في التعلم المنظم ذاتيا، إذ يتيح هذا النوع من التعلم الفرصة للمتعلمين في التعلم المستمر طوال الحياة هذا بجانب التفوق في مجال التعلم الدراسي.

وتشير نتائج عدد من الدراسات إلى أهمية التعلم الذاتي، ودعت المناهج المختلفة إلى تأصيله لدى النشء بمجرد دخولهم المدرسة، كونه الوسيلة المساعدة في التعلم المستمر الذي يلازم الإنسان طيلة حياته، وبوصفه أيضاً عاملا يؤثر على استقلال الشخصية، و يحفز الاعتماد على الذات، والقدرة على اتخاذ القرار، وتحمل المسؤولية.

فقد فرض التعلم الذاتي نفسه اليوم باعتباره نظام تعليمي يمتلك القدرة على استيعاب متغيرات العصر، وباتت الحاجة ملحة إلى هذا التعلم في العصر الحديث، حتى يكون جميع الطلبة لديهم نفس القدرة على التعلم وتطوير أنفسهم، ويأتي ذلك من أن سوق العمل يتطلب خريجين لديهم سمات شخصية تتصف بالقدرة على التفكير النقدي والإبداعي وحل المشكلات ولا يكون ذلك إلا من خلال إقبالهم على التعلم الذاتي وتنمية مهاراتهم.

في الواقع أن عملية التعليم الذاتي، تجعل المعلم مجرد مرشد يشير لك إلى الطريق ولا توجد أي مدرسة مهما بلغت كفاءتها قادرة على إعطائك تعليما حقيقيا، ما تتلقاه في المدرس أشبه بعملية التوجيه لكن يحتاج المتعلم إلى البحث عن المجالات التي تهمه ويقوم بتطويرها على المستوى الشخصي، كما تجدر الإشارة إلى أن التعلم الذاتي يجد جدوره في أروبا وذلك على يد الطبيبة الإيطالية” ماريا مونتيسوري” التي طورت في أوائل القرن ال 20 الميلادي أسلوباً جديداً في التعليم، يشجع الطفل على التعلم بنفسه ويكون فيه الطفل هو المعلم والمتعلم في آن واحد.

ويعرف التعلم الذاتي على أنه نشاط تعليمي تعلمي يقوم به المتعلم ذاتيًا من خلال اعتماده على نفسه في اكتساب المعلومة وكيفية معالجتها، مما يزيد من ثقته بقدراته في عمليه التعلم، ويعزز لديه استقلال شخصيته واعتماده على ذاته والقدرة على اتخاذ القرار، والقدرة على تحمل المسؤولية.

حيث ينطلق مفهوم التعلم الذاتي من حقيقة عملية هي أن التعلم ليست نشاطاً معرفياً أو نمطاً سلوكياً فحسب، بل تتضمن إلى جانب ذلك اتجاها شخصيا وأسلوب حياة الفرد في تحقيق ذاته. فمن خلال التعلم الذاتي يسعى المتعلم إلى تحقيق الأهداف المطلوبة عن طريق تفاعله مع المادة التعليمية ومشاركته الأنشطة، والإيجابية في المواقف التعليمية، وتحصيل المعرفة وفقاً لقدراته واستعداداته وإمكاناته الخاصة وسرعته الذاتية، كما قال لغاليليو:" لا يمكنك تعليم الرجل كل شيء، يمكنك أن تساعده على العثور عليه بداخله".

في هذا المقال حاولنا أبراز المنطلقات النظرية التي تؤكد أهمية التعلم الذاتي، وفي المقال المقبل سوف نتطرق إلى بعض الخطوات العلمية التي تعزز عملية التعلم الذاتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ