الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومطبات التفعيل بالرشيدية

علي بنساعود

2006 / 5 / 31
المجتمع المدني


يجمع المتتبعون على أن تفعيل "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" بالرشيدية يعرف بطءا وتعثرا مشهودين، وأسباب ذلك كثيرة ومتعددة، يرجعها البعض إلى ضعف ما خصص من موارد بشرية ولوجستيكية لقسم العمل الاجتماعي المشرف على "المبادرة" بالعمالة، حيث، رغم أن مساحة الإقليم تناهز ستين ألف كلم²، وأن عدد جماعاته يبلغ 47 جماعة!!!، فعدد العاملين بهذا القسم لا يتجاوز خمسة موظفين، لديهم سيارة عادية يتيمة غير صالحة للمسالك الوعرة مثل تلك التي توصل إلى الجماعات والقرى المعزولة الفقيرة بالإقليم، يضاف إلى ذلك أن المسؤول على هذا القسم لم يستطع الانفتاح على الفعاليات المدنية والتواصل معها وكسب ثقتها.

بعض ثان أرجع الأمر إلى عدم اعتماد برنامج حقيقي لتوعية وتحسيس الفاعلين التنمويين (جمعيات وجماعات) خاصة والسكان عامة، وهؤلاء يلتقون مع من حمل المسؤولية لمحدودية الدور الذي قام به الإعلام والمجتمع المدني في التعريف بالمبادرة...

آخرون أرجعوا الأمر للمنتخبين، حيث، علاوة على ضعف تكوينهم، وأمية نسبة كبيرة منهم، لم يرق أغلبهم إلى فهم المبادرة، ولا إلى استيعاب روحها وفلسفتها، بحيث ينظرون إليها باعتبارها برنامجا مثل سابق البرامج (برنامج محاربة آثار الجفاف...) وينتظرون نصيبهم من كعكتها، كما أن بعض رؤساء الجماعات والمنتخبين يحترسون من هذه المبادرة، ويرفضون التعامل مع فعاليات المجتمع المدني في إطارها، معتبرين أنها ستخلق نخبا جديدة قد تنافسهم في الانتخابات المقبلة، سيما أن الاستحقاقات على الأبواب. لذلك، فلا غرابة أن يتراجع رئيس جماعة "النزالة" مثلا عما سبق له أن التزم به اتجاه المبادرة والقائمين عليها، بحيث لم يستقبل المنشطين الاجتماعيين المكلفين بالتشخيص التشاركي، كما لم يوفر لهم، مثلما فعل زملاؤه، ما كان ملتزما به من تغذية ومأوى ووسيلة نقل!!! أما زميله البرلماني رئيس جماعة "أوفوس"، فلم يتردد في إقصاء رئيس اللجنة الاقتصادية والاجتماعية بجماعته من اللجنة المحلية للمبادرة، حيث لم يستدعه قط للحضور، رغم أنه عضو فيها بقوة القانون!!! كما أن الجهات المسؤولة لم تحرك ساكنا رغم شكايات المستشار المذكور...

وبخصوص الجمعيات، التي يتجاوز عددها 1300 جمعية بالإقليم، فقد سجل المتتبعون تفاوتا في تعاطيها مع المبادرة، إذ في الوقت الذي انخرطت فيها جمعيات بوذنيب وعرب الصباح والجرف وغريس العلوي وتنجداد...، لم تول جمعيات الريصاني والريش وكرامة وسيدي علي وألنيف والطاوس... للموضوع ما يستحقه من أهمية، كما أن ندوتين فقط عقدتا بالإقليم حول الموضوع، صدرت عن إحداهما وثيقة هامة أطلق عليها اسم "إعلان الرشيدية"، وهو إعلان طالب أصحابه بإقرار تنمية تحقق الأهداف والغايات المعلن عنها في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبإشراك المواطنات والمواطنين ومختلف الفاعلين في كل مراحل تفعيلها، وإعطاء المجتمع المدني دورا أساسيا في الهيآت الإقليمية والمحلية المقرر إحداثها (آنذاك)، ووضع نظام لتتبع الإنجازات وتقييمها وفق مبادئ الشفافية والديمقراطية والإنصاف.

ومعلوم أن هذا "الإعلان" كان قد أثار اهتماما ونقاشا خصبا في حينه محليا ووطنيا، واعتبره عامل الإقليم قوة اقتراحية، لكن الإشكال هو أن صوت الشبكة التي أصدرته (شبكة الجمعيات التنموية لواحات الجنوب الشرقي (RADOSe) سرعان ما خبا، بحيث لم يكتب لها أن تحافظ لا على تألقها ولا على قوتها النقدية الاقتراحية، كما سجل المتتبعون ضعفا شديدا في تجاوب الفعاليات المدنية مع الإعلان عن طلب المشاريع... بينما سجلوا أن عموم السكان فضوليون، ولهم رغبة في فهم ما يجري، وأبدوا تجاوبا مع المنشطين الاجتماعيين، سيما أن هذه أول مرة يتم فيها إشراكهم والاستماع لحاجياتهم وللأولويات كما يحددونها!!!

أما من رأوا أن المصالح الخارجية هي المسؤولة عن التعثر، فاستندوا إلى أنه، باستثناء مصالح الفلاحة والتعليم والتعاون الوطني، التي انخرطت في المبادرة بجدية، فإن انخراط باقي المصالح ضعيف للغاية...

نقطة أخرى أثارها أحد الفاعلين وهي المتعلقة بغياب الإنصاف في رصد الاعتمادات الخاصة ببرامج المبادرة، حيث رصدت نفس الاعتمادات للجماعات المسماة "فقيرة" دون مراعاة مؤشر عدد السكان ولا مؤشر توفر البنيات التحتية الأساسية، حيث إن جماعة عدد سكانها أربعة آلاف نسمة ستستفيد من نفس الاعتماد الذي ستستفيد منه جماعة عدد سكانها عشرون ألف نسمة، كما ستستفيد جماعات نسبة الطرق والماء والكهرباء بها 90 في المائة أو أكثر من نفس الاعتماد الذي ستستفيد منه جماعات بها صفر بالمئة من التجهيزات الأساسية...

آخرون أرجعوا سبب التعثر إلى غياب جهاز تنفيذي مستقل، يسهر على تنفيذ قرارات اللجن الجهوية والإقليمية والمحلية، وإلى الحضور الهزيل لممثلي النسيج الجمعوي في لجن المبادرة، وضعف تمثيلية النساء ضمنه، وإلى كون دور هذا النسيج استشاريا، وإلى هيمنة وزارة الداخلية مركزيا وإقليميا في كل العمليات، وسيادة المقاربة الإدارية البيروقراطية، وكدليل على ذلك يستشهدون بكون مصالح العمالة وحدها حددت البرنامج الاستعجالي للمبادرة، دون أن تشرك أحدا!!! ونفس الشيء فعلته حين انفردت بوضع خريطة الهشاشة، مقصية بذلك النسيج الجمعوي...، وإلى كل ذلك يضيفون كون دورات اللجنة الإقليمية واللجن المحلية غير منتظمة وغير عمومية!!!

وعليه، فقد ألح بعض الفاعلين في المطالبة بالإسراع بهيكلة "المرصد الوطني للمبادرة"، وبخلق مراصد جهوية وإقليمية ومحلية، حتى لا تفقد المبادرة جذوتها أو تزيغ عن أهدافها...

فهل يتم تدارك هذه التعثرات؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة


.. تفاعلكم الحلقة كاملة | عنف واعتقالات في مظاهرات طلابية في أم




.. كل يوم - خالد أبو بكر يعلق على إشادة مقررة الأمم المتحدة بت


.. حاكم ولاية تكساس يبدل رأيه في حرية التعبير في الجامعات: المت




.. الأخبار في دقيقتين | مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش غزو رفح ومف