الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللجنة الخاصة بالنمودج التنموي الجديد - المولود الجديد -

عبدالله بعنو

2020 / 1 / 18
المجتمع المدني


يشهد المغرب دينامية جديدة تتجلى أولا في الاعتراف بفشل النموذج التنموي القديم، هذا الفشل الذي تتحمل مسؤوليته عوامل متنوعة لا يروم هذا المقال تعدادها، بل يود التركيز على التصور الجديد الذي يحمله في طياته هذا المولود ، و يتجلى أيضا في بنيته و في دوره و في طريقة اشتغاله.
أولا: الإيجابي جدا في هذا التصور والذي لا يمكن أن ينكره إلا جاحد أن أعضاء هذه اللجنة سيقدمون خدمة / خدمات لبلدهم عن طريق التطوع؛ يعني ذلك أن التصور الجديد يقتضي عدم إثقال كاهل الدولة بالمزيد من الأجور و التعويضات؛ التطوع مؤشر رئيسي على أن المغرب لديه كفاءات متعددة الأبعاد، فهي تعمل في مجال تخصصها، و تبدي رأيها في القضايا الراهنة بشكل جريء و صريح إلى حد المعارضة، و عندما يعرض عليها المساهمة الفعالة في تدبير الأمور، لا تتخلف عن الفعل. وهي بهكذا عقلية تعطي درسا لمن يتسلق ويتزاحم على المناصب، رسمية أو غير رسمية، دون أن يكون أهلا لتلك المناصب، وعوض أن يعمل للصالح العام، يراكم الثروات تلو الثروات، ويستفيد من وضعه الاقتصادي والاجتماعي ويفيد عائلته وأهله في أنانية مدمرة للبلد؛ وهذا ما أصبحنا نراه بكثرة مؤخرا. أتذكر هنا حوارا مع المسرحي الكبير الطيب الصديقي رحمه الله والذي كان ضد أن تمنح الفرصة لشريحة من رجال ونساء التعليم للدخول إلى عالم الانتخابات! ونحن نرى ما يقع الآن، نظن أن نظرته للأمور التي جلبت عليه لعنات الكثيرين كانت صحيحة وصادقة، وهي تعبير صارخ على واقع سياسي رديء. كان الطيب الصديقي يحث على أن يهتم الأستاذ بالتعليم وكفى. يمكن أن نختلف معه وادعاء أن نظرته إقصائية، لكنها موضوعية. وأنا أورد ما قاله الطيب الصديقي، أردت أن أصل بكم إلى النقطة الثانية، التي تهم كون أعضاء لجنتنا الجديدة أناس اختصاصيون.
ثانيا: إن فكرة اللجنة فكرة ذكية ووقائية/استباقية إلى حد كبير. لقد التقط المسؤولون تدمر المغاربة من العمل الحكومي للسنوات القليلة الماضية، هذا التذمر الذي أصبح يهدد أمن المغرب بخروج الناس إلى الشارع من أجل المطالبة بالإصلاح؛ كثير من الناس يخرجون عن اقتناع بقضيتهم، لكن عندما يخرجون يجدون أنفسهم محاصرين بين مجموعة من التوجهات والأفكار والصراعات التي يكونون ضحية لها عن وعي أو عن غير وعي! ويتعرضون للاعتقال و يحملون ما لا طاقة لهم به مادامت المقاربة أمنية أكثر من شيء آخر؛ هذا من جهة، و من جهة أخرى أصبح المسؤولون يستفيدون مما يقع في بلدان أخرى أصبحت شعوبها تمقت السياسيين وتطالب بحكومة تكنوقراط أو أي وجوه أخرى شريطة أن لا تنتمي إلى الأحزاب التقليدية التي تحملها مسؤولية ما وصلت إليه البلاد، بل تقترح فتح الباب أمام النساء و أمام الشباب، و هذا ما يتوفر في اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي قيد التحليل. أغلبية أعضاء اللجنة قدموا من معاهدهم ومستشفياتهم ومكاتبهم وعياداتهم (مع التأنيث) وليس من أحزاب انتهازية تنتظر موعد الانتخابات لتنشط ولتقود صراعا مغلوطا ومغشوشا فيه الكثير من التحالفات غير الصادقة. أقول إن أعضاء اللجنة جاءوا لخدمة البلاد، ولا غرض لديهم سوى المصلحة العامة، هذا ما ورد على لسانهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، المقربون منهم إلى السلطة أو المعارضين، الكبار في السن أو الشباب، الرجال أو النساء.
ثالثا: الانفتاح على كل الحساسيات والفعاليات الأخرى، من اليمين ومن اليسار، فرادى وجماعات، حسنة أخرى من حسنات اللجنة. من قبل عبر عن مواقفه وتصوره للوضع بحرية عبر لقاءات اللجنة مع الجميع، أحزاب ونقابات وجمعيات وغرف، ومن رفض عبر أيضا عن تصوره واعتراضاته من خلال الصحافة أو من خلال فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي. من خلال تلك اللقاءات، لوحظ أن الخطاب السياسي الحزبي لا يزال متأخرا شيئا ما عن جوهر اللجنة حيث لازال البعض لم يستوعب أن الفعل لابد أن يكون إلا جماعيا ومتجددا/جديدا؛ فالأحزاب في خضم هذه الدينامية تلجأ إلى المزايدات فيما بينها وتتحدث مع الأسف عن أن هذا الحزب أو ذاك كان السباق في طرح فكرة النموذج التنموي الجديد، و أن القطاعات التي تحتاج إلى الجهد هي التعليم و الصحة مثلا!!! والتساؤل المطروح هو هل نحن بصدد "مسابقة سياسية"؟! وإذا كان الأمر كذلك ما الغرض من هذا الخطاب؟ أقل ما يمكن أن نجيب به على هذين التساؤلين هو أن الهم الرئيسي للأحزاب ما زال انتخابيا، ومثل هذا الخطاب هو السبب الرئيسي في عزوف المغاربة عن السياسة بمفهومها الحزبي. جزء آخر من الأحزاب يتحدث بطريقة فضفاضة غير دقيقة كأنه يعاني من دهشة الموقف، وبات يقدم اقتراحاته دون أن يع ما يقول، ودون أن يدرك أنه لا يقل مسؤولية عن تردي الوضع الاقتصادي و الاجتماعي في المغرب! من هنا تفتقد أحزابنا السياسية في معظمها حس النقد الذاتي الذي يمكن أن يساعد اللجنة الجديدة كثيرا. النقابات تحدثت عن اقتسام الثروة وعن قوانين الشغل و عن الأجور: أي أنها تدور في نفس "الفلك"، و كأنها في إطار استقطاب للمزيد من المنخرطين أو كأنها في تظاهرة نقابية! الأحزاب والنقابات تتحدث دون استحضار أن اللجنة فيها متخصصين يبحثون عن الدقة وعن المنطق وليس عن متطلبات نعيها جميعا، السؤال ليس هو "ماذا" بل "كيف"! فقط الشباب من خلال لقاءاته مع اللجنة كان مقنعا لأنه ليس له ما " يخسره" ويتكلم بحرية وبدون خلفيات، ويتحدث عن الأثر الذي سيكون لمساهمته في النتائج والحلول. من هنا أهمية اللجنة في الحكم عن المواقف الواقعية المعيشية "البريئة" والمواقف المؤدلجة. ننهي بمن رفض الإسهام بموقفه و ينتظر "كودو". "كودو" سيأتي و لكن بدون شروط مسبقة!!!
أخيرا: لقد بدأ عمل اللجنة إلى جانب عمل الجمعيات الحقوقية و التنظيمات الأخرى يؤتي أكله، ولقد استجابت الدولة لبعض الطروحات وقلصت سجن معتقل ومتعت آخر بالسراح المؤقت. أريد أن أشير في هذا الصدد إلى أن المغاربة مع الأسف يشتمون ليل نهار، الكبير و الصغير، القريب و البعيد؛ هذا حالنا و سأعطي أمثلة حية: شخص يتحدث عن والده قائلا" الوالد ديالي مسخوط، تيفيق مع 2 دليل" ( هذه شتيمة عبارة عن فخر و اعتزاز!) و آخر يقول" واحد الوالد ديالي س---- غير تيزوج و يطلق". أظنكم تعرفون الشتيمة وهي قدحية منفرة. أضيف أن المغربي يشتم نفسه أيضا" أنا راه مصمر منسواش". إذن الحكم على مغربي بالسجن بسبب شتيمة فكأنك تمنع من يسبح من الارتواء؛ أو من يأكل بطلي يديه، من هنا يجب إما البحث عن الدوافع التربوية و الاجتماعية لسلوكنا، و هذا من مسؤولية اللجنة؛ أو تجاهل الأمر مرة واحدة و انتظار أن تندثر الطاهرة مع الوقت دون سلب للحرية. و نحن في صدد المسألة القانونية و الحقوقية: بعد أن عقدت اللجنة لقاءات مع الحكومة و البرلمان عبر الأحزاب والنقابات، هل ستعقد اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي لقاءات مع المحامين و القضاة و المسؤولين الأمنيين؟ أتمنى ذلك صادقا. أتمنى أيضا أن يقوم أعضاء اللجنة بزيارات ميدانية للمدن و القرى المغربية لأن من يرى ليس كمن يسمع!!! حظ سعيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين


.. السودان.. طوابير من النازحين في انتظار المساعدات بولاية القض




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بعقد صفقة تبا