الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خاطرة في الفلسفة (1)

رواء محمود حسين

2020 / 1 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ولعل هذه الرحلة الطويلة والانتقال من منهج الفلسفة إلى المنهج الواضح لعلم الحكمة الإسلامية تذكر برحلة الغزالي في البحث عن الحقيقة، حينما حكى في كتابه (المنقذ من الضلال) ما عاناه في استخراج الحق من بين ارتباك الطوائف مع اختلاف المسارات والاتجاهات، وما تجاسر عليه من التعال عن التقليد إلى التبصر، وما استفاده من علم الكلام، ومن مناهج علماء التثقيف، المحدودين عن الوصول إلى الحق، وما استقله، من الطرق الفلسفية، وما انكشف له من مسائل حينما شرع بالبحث عن كلمات الخلق، من لباب الحق.
حتى أنه ذكر أن تباين الطبائع والبشر في الأديان والطوائف، واختلاف المناهج، بحر سحيق غرق فيه أكثر الناس، ولم ينج منه إلا الأقلون، وقد أمضى ثلاثين عاماً وهو يخوض ضجيج هذا اليم السحيق، ويقتحم غماره اندفاع الشجاع، لا اندفاع الخواف الحذور، ويتعمق في كل معتمة، ويصول على كل معضلة، ويدهم كل مأزق، ويستقرئ عن عقيدة كل طائفة، ليميز بين الحق والباطل، فبين الباطنية في كل من هو باطني، والظاهرية فيمن هو ظاهري، وفلسفة من كان متفلسفاً، حتى العابد بحث في تعبده، والملحد بحث في إلحاده.
(الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد الطوسي (المتوفى: 505هـ): "المنقذ من الضلال"، تحقيق الدكتور عبد الحليم محمود، دار الكتب الحديثة، مصر، بدون تاريخ، ص 101 – 107).
إنه العطش في البحث عن الحقيقة، هو من دفع الغزالي إلى ذلك من أول أمره وريعان عمره، وهو غريزة وفطرة من الله وضعها في جبلته لا باختياره وقصده، إلى أن ترك التقليد واتجه إلى التجديد.
بدأت تتضح الحقائق بتحديد مفاهيم ومنهجية علم الحكمة الدينية شيئاً فشيئاً، حينما بدأت أكتشف تأثر الفلاسفة بالفلاسفة القدماء، مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو وغيرهم، مع أنهم وثنيون، وتنطبق عليهم الثقافة الوثنية القديمة. وبدأت أوجه النقد للفلسفة والفلاسفة وأتوغل كثيراً في منهج النقد الفلسفي على أساس ذلك.
فبدأت أبحث في تاريخ الفلسفة اليونانية بشكل مبكّر، واطلعت على ما كتبه القفطي في سيرة أفلاطون.
فقد ذكر القفطي أن أفلاطون بن أرسطون، أحد أساطين الفلسفة الخمسة من اليونان، تعلم على فيثاغورس اليوناني واشترك مع سقراط فِي الأخذ عنه وَلَمْ يذع خبره بَيْنَ علماء اليونان إِلاَّ بعد موت سقراط. وَكَانَ أفلاطون عال النسب فِي أهل اليونان، فقد كان من بيت علم احتوى عَلَى كافة فنون الطبيعة، وألف كتباً كثيرة معروفة فِي مسائل الفلسفة ونهج فِيهَا بطريق المثال والإقفال، وذاعت شهرة مجموعة من طلابه الخريجين على يديه وبرزوا بانتمائهم إِلَيْهِ. وَكَانَ أفلاطون في أول أمره يفضل الشعر وأخذ منه بتوفيق كبير ثُمَّ أتى ديوان سقراط فرآه يذمم الشعر والشعراء ويرى أنها تصورات تخطر بالبشر لا عَلَى الأصالة والرغبة بالحقيقة فالأفضل الامتناع عند ذَلِكَ، ثُمَّ تحول إِلَى رأي فيثاغورس فِي المسائل المفهومة، ويقال إنه عاش إحدى وثمانين سنة. وَكَانَ يعلم طلاب الفلسفة وهو ماش وأطلق الناس على فرقته المشائين وعهد فِي آخر عمره التعليم والتثقيف إِلَى أقرب أصدقائه وتفرغ إِلَى التعبد والاعتكاف وعاش ثمانين سنة. وعنه تعلم أرسطوطاليس حل محل بعد موته وقال إسحاق أنه أخذ عن سقراط وتوفي أفلاطون فِي العام الذي ولد فِيهَ الإسكندر وهو العام الثالث عشر من ملك الأوخس وكان ملك مقدونية فِي ذَلِكَ الوقت فلبس وهو أبو الإسكندر.
(جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني القفطي (المتوفى: 646 هـ): " إخبار العلماء بأخبار الحكماء"، المحقق: إبراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى 1426 هـ - 2005 م، ص 20 – 21).
وقال ثاؤن إن "أفلاطون بن أرسطون بن أرسطوقليس من أهل أثنيس، وكانت أمه فاريقطيوني ابنة غلوقون، وكان من كلا الوالدين شريف الآباء وأمه هَذِهِ المذكورة من نسل سولن الَّذِي وضع القوانين لأهل أثينس وأرجع لهم مدينة سلمينا الَّتِي أخذها منهم أهل ماغارا. وَكَانَ لسولون أخ يدعى ذرونيذس يذكره أفلاطون مراراً فِي شعره وَكَانَ لذرونيذس ابن يقال لَهُ أقريطس وَقَدْ ذكره أفلاطون فِي كتاب طيماؤس وابن أقريطس فلسخروس وابن المسخوري. وَقَدْ ذكر ثاؤن مَا ألفه أفلاطون من الكتب ورتبه وهو كتاب السياسة فسره حنين بن إسحاق فِي كتاب النواميس ثقله حنين ويحيى بن عدي وَكَانَ يسمي كتباً بأسماء الرجال الطالبين لَهَا وهي فِي فنون متعددة منها. كتاب أوتوفرن. كتاب أسين. كتاب ثالطلطس. كتاب قيلوطوقن. كتاب قراطولس. كتاب سوفسطس. كتاب فاذن. كتاب قريطن. كتاب طيماؤس أصلحه يحيى بن عدي. كتاب أبرخيس. كتاب مانكسانس. كتاب أطليطغرس. كتاب طيماؤس ثلاث مقالات. كتاب فرمانيذس. كتاب فدرس. كتاب ماثن. كتاب مينس. كتاب المناسبات. كتاب التوحيد. كتاب فِي العقل والنفس والجوهر والعرض. كتاب الحس واللذة. كتاب مسطسطس. كتاب لاخس فِي الشجاعة. كتاب أرسطوطاليس فِي الفلسفة. كتاب خرميذس فِي العفة. كتابان سماهما الفيناذس فِي الجميل. كتاب أوثوذيمس فِي الحكمة. كتابان سماهما اقتاه. كتاب غورجياس. كتاب تأديب الأحداث كتاب أصول الهندسة وله رسائل موجودة. كتاب الجنس فِي الفلسفة. وقال ثاؤن أفلاطون يرتب كتبه فِي القراءة وهو أن يجعل كل رتبة أربعة كتب يسمي ذَلِكَ رابوعاً وعُرفَ أفلاطون وشُهر فِي زمن أرطخشاشت من ملوك الفرس وهو المعروف بالطويل اليد وهو يشتاسف الملك الَّذِي خرج إِلَيْهِ زرداشت والله أعلم"
(القفطي: " إخبار العلماء بأخبار الحكماء"، ص 21).
وأراد أفلاطون أن يناضل نفسه فِي طلب الفلسفة الأصلية فذهب إلى سقراط لأن فيثاغورس كَانَ قَدْ مات وذاع بعده سقراط، فاتفق أن رأى سقراط وهو يخطب المجموعة المنعقدة إِلَيْهِ وَكَانَ قَدْ حشدهم إِلَيْهِ ذبونوسيوس فلما استمع إلى كلامه اهتمم كل الاهتمام بطلب الفلسفة الفيثاغورية وترك مَا كَانَ عَلَيْهِ من كتابة الشعر والأحاديث. وَكَانَ عمره إذ ذَاكَ عشرين سنة وسمع من سقراط بعد ذَلِكَ وصحبه مدة خمسين سنة حَتَّى وصل فِي الأمور الذهنية والعقلية إِلَى منزلة فيثاغورس وَفِي سياسة المدينة الفاضلة إِلَى منزلة سقراط وشهد لَهُ بذلك أهل العلم فِي زمانه. وَكَانَ لأفلاطون رغبة مشددة فِي العلم، فقد كان شديد الالتماس لَهُ كثير التشجيع له والبحث فِي جمعه، باذخاً فِي جمع الكتب بما يقدره حَتَّى أنه أمر ديون أن يشتري لَهُ من فيلولاؤس ثلاثة كتب مخزونة عنده من كتب فيثاغورس فاشتراها لَهُ بمائة دينار، ولما بلغ إحدى وثمانين سنة من عمره مات وذفن بالبساتين فِي اقاذاميا ومشى في تشييعه وجنازته كل من كَانَ بأثينس والذي خلفه من التركة البساتين المذكورة وخلف مملوكين وكأساً وجاماً وحلقاً من ذهب كَانَ يلبسه وهو غلام وهو لباس أشراف اليونان فِي ذَلِكَ الزمان.
(القفطي: " إخبار العلماء بأخبار الحكماء"، ص 23 – 26).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس