الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنت هو دماغك !

راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)

2020 / 1 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



أنتَ .... من أنتَ ؟

و ما أدراكَ من أنتَ ؟

أنتَ مجموعةُ التَّفاعُلاتِ الكيميائيّة التي تجري في جملتكَ العصبيّة لاسيّما ( دماغك) ....

فإذا اختلَّتِ هذه التفاعلات الكيميائية الدماغية تختلُّ قُدراتك العقليّة ، أي تختلُّ أنتَ و تتشوَّهُ ذاتُك و يضطربُ الأنا لديك ....

وكلما تعقَّدَتْ التفاعلاتُ الكيميائية التي تجري في دماغك ، تَطوَّرَتْ مهاراتُك فازدادَتْ قُدُراتك على التأثير في الوجود .... و ارتفعَت قيمتك الوجوديّة كعقل ... ( و ارتفع راتبك الشهري غالباً ).

و من هنا أستنتجُ أن تجاربَ الحياة المتنوعة ( و منها الكتابُ و العملُ و الممارسة ) .... تزيدُ دماغَك عزيزي القارئ تعقيداً و اتِّساعاً .... و تنعشُ و تنشّطُ تفاعلاته الكيميائية ..... كما تزيد هذه التجارب من تلافيف مخك و بالتالي مساحته السطحية و تعقيدات خلاياه .... ليتطور تفكيرك كنتيجة طبيعية لازدياد هذه التلافيف ... بحيث تزداد خبراتك و مهاراتك ... فيزداد أثرك الوجودي .... كما تزداد تكيفاً مع المحيط ... فيصعب خداعك ...و تقلُّ هفواتك و أخطاؤك .... و يسهلُ إنجازك للمهام المطلوبة منك ... كما تزدادُ قدراتك على الإبداع ... لتقتربَ أكثر من أن تصبح خلَّاقاً !!

فالمحتوى المعرفي (ومن مصادره الخبرة الحياتيَّة و أهمها الكتاب و الممارسة) هو أساس تطوير قدرات و ملكات الدماغ لديك ..... أي تطويرك أنت ...

و إذا أردتَ توسيعَ و إثراءَ قدرات و ملكات دماغك فعليك أن تزوِّد عملية التفكير لديك بمادة أدسم للإنتاج كأن تقوم بتوسيع الذواكر و تطوير و تسريع قدرات معالجة البيانات .... و هناك عدة سبل إلى ذلك كأن تلتحق بجامعة أو دورة في تخصصك أو أن تتعلم لغة جديدة أو تخوض تجربة جديدة أو تقرأ كتاباً جديداً أو تتعلم فناً جديداً أو تجري تجربة حياتية جديدة ... إلخ.

فالحياة تراكم خبرات ... ليؤدي هذا التراكم إلى توسيع الذاكرة و تطوير طريقة المعالجة و تسريع استحضار المعلومة المطلوبة من بين مليارات البيانات المخزنة في الذاكرة.

و من هنا قال أجدادنا ( أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة ) ... فتلافيف دماغ الشخص الأكبر منك أكثر ( ذاكرة أوسع _ معالجة أسرع و أكثر حرفية و دقة و ممارسة للحياة) ، كما أن خبراته مصقولة بعدد أكبر من التجارب الحياتية التي زادت من تعقيدات تفاعلاته الكيميائية التي تجري في دماغه ...

و من هنا و عندما تتقدم لوظيفة ما ، يسألونك أولاً عن عدد سنوات الخبرة التي تمتلكها في مجال العمل .... و غالباً ما تكونُ سنوات الخبرة في مجال العمل أهم من نوعية الحياة الدراسية التي تتعلق بهذا العمل و أهم من درجاتك التي حصلت عليها خلال حياتك الدراسية ... لأن سنوات الخبرة في مجال العمل تضمن لمن يريد أن يوظفك تفاعلات كيميائية دماغية معقدة و متعلقة مباشرة بطبيعة العمل ... إذ لا تهمه تفاعلاتك الكيميائية الدماغية التي تتعلق بمهارات أخرى !!

فلو قدمت على مهنة طبيب لن ينظر إلى خبرتك في الطبخ أو في الرياضيات ... إذ لا يهم رب العمل ما يجري في دماغك من تفاعلات كيميائية تتعلق بمجال الطبخ و الرياضيات و ذلك مهما بلغت من تعقيد ... بل يهمه تلك التفاعلات الكيميائية الدماغية المتعلقة بخبرتك الطبية و بتخصص طبي يتطلبه العمل بشكل مباشر .

كما لن يلتفت إلى درجاتك أثناء حياتك الجامعية بقدر التفاته إلى عدد سنوات الخبرة و المشاريع التي نفذتها بنجاح ... و ذلك لأنه لا يكترث إلى تفاعلاتك الكيميائية الدماغية التي تتعلق بالحفظ و حل المسائل أثناء الاختبارات الجامعية ، بل يهمه تلك التفاعلات الكيميائية الدماغية التي تتعلق مباشرة بتنفيذك الناجح للمهمة المطلوبة في العمل.

و هكذا قس على ذلك كل المهن و كل مجالات الحياة اليومية التي تحتاج إلى تفاعلات كيميائية معقدة ...

ثم تستمر الحياة و يستمر دماغك البشري بالتعقُّد من خلال تعقُّد التفاعلات الكيميائية التي تحدث فيه و التي تنتج عن تراكم خبراتك ... إلى أن يأخذ (الإنتروبي) مجراه ... لتعُمّ الفوضى في النهاية و يحدث الانهيار الكبير في هذه التفاعلات الكيميائية الدماغية ... ليفرض الموت نفسه على المعادلة ... فتتلاشى ال( أنت ) فيما نسميه بالموت.

#الحق_الحق_أقول_لكم ... إنَّنا مجرد ما يحدث في أدمغتنا من تفاعلات كيميائية .... كما أنّنا نسعى دوماً إلى تعقيد هذه التفاعلات لنقترب من إنتاجيّة أكثر و بالتالي قيمة أكبر و إبداع أكبر.

الشيء الغريب أن أصحاب الشركات و البزنس من أتباع الأديان يطبقون هذا الكلام حرفياً عند توظيف الناس في شركاتهم ، و ذلك لأن الأمر يتعلق بمصالحهم المادية فيتصرفون بشكل مادي بحت و يركنون إلى الحقيقة و فقط الحقيقة !

لكنهم يعودون ليؤمنوا بوجود الروح و الأشياء اللاكيميائية و التأثيرات اللاهوتية على الدماغ عندما يتعلق الأمر بالدين !!!

فالدعاء سبب للنجاح من منظورهم !!! و التوفيق الإلهي سبب لمنحك الخبرات و تجاوز العقبات !!! و الروح ستخرج من الجسد لتتحاسب !!!

شيزوفرينيا المؤمن ، تناقض واضح أقرب للجنون !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: فترة الصوم المقدس هي فترة الخزي


.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: السيد المسيح جه نور للعالم




.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8


.. -فيديو لقبر النبي محمد-..حقيقي أم مفبرك؟




.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع