الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبؤتان .. ٦

محمد ليلو كريم

2020 / 1 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رغبت بمعرفة رأي المتخصصين فيما أجري فيه القلم ، وأن أهل العلم يصوبون لنا ما ننظر فيه من أقوال وما نقول ، ولا شك أن الأمر يتعلق بالدماغ ، وبالتالي فكل ما نتعامل به ومعه ومن خلاله يخضع لتعقلنا إياه ، وبحسب درجة فهمنا وعلمنا يكون تعاملنا ، وكلمة ( يخضع ) ضرورية في هذا المساق من المقالات ، فكل واحد منا ( يُخضِع ) ما يتعامل معه بدرجة وعيه له وبه ، فالجاهل الذي ما نال من التعليم والعلم والثقافة حظًا ليس كالعالِم الخبير في ( إخضاعه ) لما يتعامل معه وبه ، فالدين عند الجاهل غير الدين عند العالم ، ونحن أبتلينا بإلصاق صفة العالِم على رجال الدين وكأن الجهل قد تطور أو أتخذ اشكالًا تناسب العصر وتتسرب فيه بمقتضى المكر والتوهيم كسحرٍ مخصص للمجاهيل ، فقول الجاهل في النص الديني يأتي من باب التقديس ، أي انه يعتنق الدين دون تمحيص وبحث ومقارنة وبذل جهد عقلي ، ولكل جاهل ( الذي يجهل ما يعتنق جهلًا علميًا ومعرفيًا ونقديًا ، واقصد بالنقد التميزز بين شيء وشيء ) نسخة عاطفية أخذت من النسخة الفعلية المتحققة ؛ العنوان ، والسطح النصي ، وتقديس السلف ، والجماعة المُقدِسة . و ( النسخة العاطفية ) سبب بلاء وشقاء لملايين البشر وعبر الدهور ، ومثال على ذلك لكَ أن تسأل أحد الجهلة عن نص يُقدسه ، كأن تسأل شيعي عن كتاب نهج البلاغة ورأيه فيه ، ولسوف تجده مبادر غير متفكر أو متأن في القول بعصمة هذا الكتاب عن أي خطأ أو زلل ، فبالنسبة له يُعتبر الكتاب قُدسي العصمة خالٍ بالتمام من أي زلة ، وهذا ما نعنيه بالنسخة العاطفية ، فالحقيقة أن هذا الشيعي المسكين لا يتحدث عن متن كتاب نهج البلاغة ( النسخة الفعلية المتحققة ، أو المطبوعية المتداولة بين أيدينا ) بل عن نسخة من كتاب نهج البلاغة في ذهنه أطلقنا عليها اسم ( النسخة العاطفية ) أي أن هذا الشخص أخذ العنوان وما تيسر له من النص الفعلي المطبوع وأكتفى بتقديسه منغلقًا على ما أعتقد ومستنكرًا أو مستبعدًا كل تمحيص وبحث ونقد علمي أو إعادة قراءة فكرية للكتاب ، فالدافع الذي سخر عقل هذا الشخص الذاسج لتقديس مالم يحط به علما هو ( العاطفة ) والعاطفة هي من وضع نسخة لا شأن لها بالنسخة الواقعية المتحققة بتفاصيلها في ذهنه القاصر ، وكم من جاهل ناقض وعارض وفرض وأمتعض نصرًة لكتاب نهج البلاغة وهو لا يعلم عنه شيئا .
لا يُخفى أن حوزات العلوم الدينية الشيعية تقول بالتدرجات العقلية للإنسان بدءاً بالجهل ووصولًا الى قوة التعقل التي تجيز للشخص النظر العلمي وحتى الإجتهاد الفقهي ناهيك عن العرفان ، وللعرفان موضوع في غاية الخطورة بما يلامس جوهر ما نكتب فيه في هذه السلسلة الوجيزة .
لما ننجر الى تكوين نسخة عاطفية في الذهن ؟
يقول سيرغي سافيلييف ؛ رئيس مختبر تطور الجهاز العصبي بأكاديمية العلوم الروسية : (( في حقيقة الأمر أن جميع المؤمنين الذين يؤمنون بمسلمات ما دون عناء البحث والنقد العقلي يمكن تصنيفهم كمدمنين على المخدرات الداخلية التي ينتجها الدماغ ، كي لا يجهد ، بل يكتفي بتنفيذ مجموعة معينة من القواعد والشروط )) فالدماغ يطرح مواد ذاتية المنشأ قوية التأثير ، وهي مواد افيونية واكسوتيسونية واندروفينية ، وفي داخل الدماغ يوجد جهاز يُدعى ( الحوفي ) وهو المسؤول عن القرارات الهرمونية الغريزية ، أي انه المسؤول عن الأسس السلوكية البيولوجية ، وقد تشكل هذا الجهاز قبل تشكل القشرة الدماغية الحديثة المسؤولة عن القرارات المنطقية والعقلانية ، ويُشكل الجهاز الحوفي عُشر حجم الدماغ .
يظهر الدافع للتدين في تشخيص المتخصص سيرغي ، وبالتالي فنحن نتعامل مع مُدمني مخدرات هم المتزمتون دينيًا ، ولهذا نلحظ حالة الهوس والهيستيريا التي تصيب الجماعة المتدينة عندما يُستفزَون من قِبل رجال الدين لدفعهم عاطفيًا لتوجيه عقولهم ومشاعرهم نحو عقيدة بعينها ، وقد تحدث سيرغي سافيلييف عن تطور الهيمنة بين البشر ، فأول الأمر كان المهيمن هو الاقوى ، ثم صار المهيمن من يُبدع في ابتكار منظومة تعايش تُقنِع الجماعة بإعتناقها ، ومن المؤكد أن الأسلاف الإول ابتكروا منظومات للتعايش غير علمية ولا تعمق فلسفي فيها ، والمؤكد ( حسب اعتقادي ) أن الجماعة لم تعتنق المنظومة القيمية بإستيعاب حرفي كامل ومن ثم جدلي بل تكونت نسخة عاطفية في الذهن بمساحة فهم ضئيلة جدًا وعمق عاطفي سحيق ، وبمرور الوقت ترسخت النسخة العاطفية وجرى تداولها بين الاتباع تقديسًا ودفاعًا جاهلين بالنسخة الموضوعية ، وباللحاظ كانت النبوءة من ملاك النسخة العاطفية ، فتقدست النبوءة وحازت على حصة من ولاء المدمنين .
لنقترب أكثر لصلب ما نتناول من موضوع ، ونتسائل : لما ينصب الفعل الإدماني النبؤاتي للمتطرفين المسلمين على اسرائيل وجودًا ودينًا ؟
قلنا ؛ لم تكن أي من نبؤات القرآن اكثر وضوحًا ودقة في تحديد موضوع النبوءة وهدفها كما هي نبوءة سورة اسرائيل ( سورة الاسراء ) التي حددت الجهة المُستهدَفة إسمًا وعرقًا ودينًا ودولة ، وتوعدت بهجمات حربية من قِبل جهة دينية ( عباد لنا ) وعلى دفعتين ، ومن الواضح أن الدفعتين ينفذها من هم داخل النص القرآني ، أي أن النبوءة قرآنية ينفذها قرآنيون ، والمُستهَدف هم الاسرائيليون ، والاسرائيليون بصورة خاصة إذ لم يقل النص بالمسمى الآخر ( اليهود ) فلماذا هذا التركيز المتطرف تجاه اسرائيل ؟ .
لعل رأي أهل التخصص والدراية يأتي لنا بإجابة شافية ..
من فحوى النص القرآني نستشف توجيه أستباقي بشن حرب على أي دولة يقيمها الاسرائيليون في الأرض ( التي كتب الله لهم) :
سورة المائدة الآية 21 : " يا قوم أدخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم " .
سورة الأعراف الآية 137 : " وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفون مشارقَ الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحُسنى على بني إسرائيل بما صبروا " .
لنفسح المجال لمداخلات ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ


.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح




.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا