الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا فهم للفلسفة و الفكر بالوكالة .. إقرأ حتى لا يقرأ لك غيرك ..

حمزة بلحاج صالح

2020 / 1 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في المرجع الديني الحيدري و الجابري و أركون و عزيز العظمة و علي حرب

لم يمارس الحيدري نقدا فلسفيا على عمل فيلسوف كبير هو محمد عابد الجابري و مفكر و أنثربولوجي هو محمد أركون بقدر ما قدم ملاحظات قارىء في أصله فقيه و صاحب تكوين ديني يهتم بالنص الحداثي العربي ..

ليس كل ما يقال يحمل صفة الجودة و العلم و الفلسفة و كل ما تقذفه النت و الهوائيات و المطابع هو معرفة تستحق التثمين و التنويه...

أما علي حرب بما له و ما عليه ( وهو دون الفيلسوف بكثير بل مثقف و كاتب عبثي يبهر البعض بتلك العبثية ) و بمبالغاته و تمترساته حول ذاته مارس نوعا من التفكيك العابث ( و بعبثيته فهو يكتب عادة ليعبث بالكلمات و النصوص و الحقائق ) عبثي النزعة و عدمي المنزع..

لا أفهم بعض المتدينين و المنتسبين للحالة الدينية كيف يصدقون دجل من يسمون أنفسهم تنويريين وعلمانيين فيعيشون الفصام في حياتهم يفصلون بين تدينهم التعبدي و عدمية و عبثية يتبنونها و يحاكون فيها المنجز الغربي بتقليد طفيلي رهيب...

علي حرب لم يترك أحدا لم يمارس عليه نقده فليته طرح بدائل بل لقد مارس نقدا على شومسكي و بورديو و طه عبد الرحمن و بوعلي ياسين و نايف بلوز و الجابري الخ كلام متهافت ينتهي عند ما يسميه تفكيكا و ليس وراءه ناتج و لا حصائل بل ذهب الى ما بعد التفكيك كأنه انتهى من مشروعه التفكيكي...

التفكيك ليس منهجا و لا مقاربة منهجية بل أداة تشتيت و تفتيت للنص و نبش فيه و هي أداة و منهجية و مقاربة أدبية و تصلح أن تقترب من المنهج في الدراسات النقدية الأدبية دون غيرها..

أما بخصوص موقف الجابري المتعلق بالعرفان فلقد ذكرت و بينت ذلك حتى لا يكون موضوع مزايدة بل إن القول ببشرية الوحي عند أركون واضحة و صارخة فهي تكفي للتشكيك في تسنن و تشيع البعض ممن يؤيدونه فيها..

و ليس هذا مسوغا و مبررا لبخس عمل ضخم جدا و ثمين و عميق و إيبستمولوجي..

الجابري مارس تحليلا على التراث بأدوات تناسب كل مرحلة من مراحل تشكلات التراث و تطوره و أهم المراحل كانت التكوين و البنية و السياسة ( كظاهرة و تجليات و سلوك و ترسب في اللا شعور السياسي على حد ريجيس دوبري ) و الأخلاق ..

إن كتاب الجابري حول الأخلاق جعله يمنح للمكون العرفاني و الإشراقي مكانة بهوية مغايرة قليلا بديلة هي الأخلاق و هي قراءة تفوق بكثير اشتغال أركون بجزئية محدودة سحبها على كل التراث جعلت من تجربة مسكويه الأخلاقية نموذجا يسحب على كل التراث و هوالذي ينسب في جذوره الهوياتية ( النسب ) إلى الفضاء الشيعي شأنه شأن التوحيدي ..

هذا تبعيض خطير و فقدان للموضوعية و العلمية و أنا أتعجب من الذين يقولون بإعدام الايديولوجيا هذه الكذبة التي تورط في وحلها كل من يزعمون الحياد و التجرد ( أنظر بول ريكور في موقفه و قبوله بجرعة من الايديولوجيا في الفلسفة و المعرفة لأنها ضرورية في نظره لكي تتحول الفلسفة و المعرفة الى كائنين بهما حياة والا كانتا تجريدا )..

إن الحيدري مرجع ديني أقحم نفسه في حقل لا يوجد أي مؤشر باهت يدل على تمرسه فيه و إحترافيته و لو عصاميا فهو واضح يجهل الفكر الغربي و أسسه و نظمه و الأمر جلي جدا جدا...

فشتان بين الحيدري المرجع الديني و علي حرب المثقف أو المفكر و الكاتب في قضايا الفلسفة من موقع نزعة عدمية و عبثية و شبه تفكيكية بل في اخر كتابه زعم " ما بعد التفكيكية "..

رغم انه هاو تفكيك و كلامه ككلام محمد المزوغي الذي لا يرى نقدا سليما و علميا إلا النقد المادي و لا عقل الا العقل الإلحادي و لا مذهبية إلا اليسار

و بذلك فقد عقله و انتصر لإلحاده و شيوعيته المتطرفة فكان نيتشه عنده حطاما لأنه في تقديره ليبرالي و فيللولوجي و ليس فيلسوفا ..

و أصبح أركون عنده أصوليا و هو القائل ببشرية الوحي أو المكون البشري للوحي..

و انتهى عنده هشام جعيظ إلى سلفي كما انتهت النهضة التونسية عند جعيظ الى سلفية ..الخ -- و الجنون فنون --

ينبغي أن نقرأ بوافر إطلاع متعدد و عميق للفكر الغربي و أسسه البانية ...

و للتراث العربي و الإسلامي و مرتكزاته و تقاطعه مع الفكر الغربي في المنعطف اليوناني مع أصول الفكر الغربي ..

و أيضا بيقظة لما يسمى اليوم تنويرا أو أصالة أو قولا فلسفيا من أي موقع كان ..

و نتعرف على خصائصه الإيبستمولوجية ..

أما و سطوة النسق تغالبنا و تطرحنا أرضا فإننا سنواصل نتحدث عن الحداثة البريق و الموضة و التجريد الفارغ مجتثا من أطره و سياقاته ..

أما الزعم بأن الجابري مارس على التراث نقد أيديولوجيا تبجيليا فهو موقف عندي قبلي ايديولوجي غارق في نزعة المغالبة و غائب عن عمق منجز الجابري كما هو غائب عن عمق منجز أركون كذلك..

بل هو غالبا محصلة قراءة مجتزئة ليست كاملة لأعمال الجابري و لأعمال أركون على حد سواء فيكون حوار الطرشان ..

من اطلع على أعمل الجابري كاملة و أعماله الرئيسة " التراث و الحداثة " و " تكوين العقل العربي " و " بنية العقل العربي " و " العقل السياسي العربي " و " العقل الأخلاقي العربي " او لم يكتف بقراءات حول الجابري لا أظنه يغفل عمن هو الجابري و حقيقة و أهمية مشروعه إن كان مؤهلا للقراءة العالمة و النقادة ..

فأنا الان أباشر القراءة الثالثة لأعماله حتى لا أقوم بما قام به " أنقزو" التونسي الشاب المتحمس التأويلي...

و البعض من جيل جديد يقرأ الفهارس و التلخيصات و يكون نقده من المسموع و المرئي على النت من بعض المحاضرات مبعضا و منقوصا ..

لو نواصل ننقل ما قيل في الجابري و أركون و نعتبر ذلك هو منجز كل من الجابري و أركون ما جاز لنا أن نقول أننا كنا نمارس الفلسفة و فعل التفلسف الحقيقي و النقد الفلسفي ..

و لغبنا نحن و قرأنا و حكمنا على المفكرين بالوكالة ...

كتب عزيز العظمة عن ابن تيمية كتابا مغايرا لما هو شائع و كتب جورج طرابيشي صاحب نزعة التحليل النفسي و هو ليس صاحب فلسفة نسق و لا تمدرسية و لا شذرية عن الجابري و كتب محمد يحي حول الجابري و هو باحث و مفكر معتدل و صاحب ثقافة اصولية منفتحة على السنة و الشيعة ..

و لا قيمة لمن ذكرت و غيرهم ممن كتبوا حول الجابري و أركون ما لم نقرأ و نفحص بعمق مشروع الجابري و كتابات أركون و نصوصه ...

و مثلا لا حصرا إن عزيز العظمة ليس فيلسوفا مرموقا فهو مفكر و كاتب علماني شهير بأدلوجته العلمانية المتمسك بها فإذا غيبنا هذا المعطى في قراءتنا فاتنا الكثير من الفهم العميق للنص و رغم ذلك فعزيز العظمة قال ما لم يقله عن ابن تيمية من كلام منصف كثير من التراثيين و المتمذهبين و المقاصديين كما يحلو لبعضهم وصف نفسه..

أرجو أن يقرأ الناس ممن يملكون وافر الأدوات و العقل الممنهج و النضج و التواضع مباشرة نصوص من يرغبون في نقدهم او إنصافهم و لا يضعوا الثقة في غيرهم ليقرأوا لهم و بعد ذلك يكونون رأيهم العالم و المزود بترسانة من الأدوات و المنهجيات الدقيقة..

حيث يمكنهم بعد ذلك ان ينتخبوا من يؤيدونهم و يتقاطعون معهم أو من لا يؤيدونهم و قد تجد من يؤيدك صدفة لا منهجا و مقاربة و مسارا نقديا للمقروء...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي