الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
العمل الجماعي ..الفريضة الغائبة ..
حمزة بلحاج صالح
2020 / 1 / 28العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
" فعالية ..نحو خطوة عملية لإعادة بعث حضاري للعمل الجماعي و التثقيفي بدل التشرذم و الإنقسام "
إذا كان العمل الجماعي قد أخفق عبر التجارب المعروفة من أحزاب مغلقة و وصولية و جمعيات بنفس المواصفات ..
لأن النظام الحاكم عربيا و إسلاميا و جزائريا طبعا كرس الفردانية واللامبالاة و التوجس من العمل الجماعي و اعتباره و تصويره بشاعة وهيمنة وقيدا ...
و نشر ثقافة الإستقلال والتحرر بما يسمى رأيا حرا يشارك به يساوي أحيانا رأي الخبير و العالم و هو خلاصة عقل إنطباعي مدمر و مأزوم لا ينتج الرأي بل ينتج التسطيح و التشرذم و الأنانية ...
و الإنهمام بالقضايا اليومية و عالم الأشياء و المادة و التشيؤ و التعالم و رفض الإصغاء لاهل الخبرة...
من غير ترك حيز للقاء الناس بعضهم ببعض والإهتمام و التفكير في الشأن العام و قضايا الأمة و المجتمع و التعاون من أجل المصلحة العامة و احترام تراتبية العلم و منح المكانة للأفضل...
بدل الإحتباس في عالم الأشياء و الماديات اليومية التي تتداعى من غير توقف تكرس الأنانية ...
يساعد على هذا الوضع ما قام به النظام الحاكم من تدمير رهيب للإنسان و للمجتمع المدني و الهيئات المدنية و الأحزاب و الجمعيات و العمل الفكري و العمل السياسي و منظومة القيم..
و تشيؤ الحياة العامة و اختصار حراك المجتمع ( لا يقصد الحراك الاخير لكن المقصود المدلول السوسيولوجي اي حركة المجتمع ) في مجالات محدودة ومثيرة للسخرية و التقزز و تزييفه و توريط أصحابه ...
ضف إلى هذا كله الضغط الذي أخضع له الأفراد و الأحزاب و الجمعيات و حالة الترويض و التهجين و انتشار الوصولية و الإنتهازية و التسلق حتى في الوسط الجامعي الذي يفترض فيه أن يبقى بمنأى عن هذا التحول القيمي المفزع و لو نسبيا...
أيضا الخيبات التي شهدها المجتمع من جهة المنتخبين والنواب وبعض من كان ينتظر منهم عطاء و منحا للوطن و المجتمع..
أو قل كان ينتظر منهم منحا و عطاء له شخصيا و من ثمة فقد شارك في صناعة هذه الخيبات و ها هو يدفع ثمنها و لا يبالي..
ساهم عندنا جزائريا في هذا الوضع و طغيانه على مستوى ثقافة الأفراد و العائلة و المجتمع ريوع البترول و البحبوحة المالية من جهة..
و أيضا أثار العولمة السلبية على المجتمعات المتخلفة و تهاوي نظام التعليم و الجامعة و البحث العلمي..
و اضطراب منزلة العلم و انتشار وسائل التواصل و دورها في تفكيك روابط التواصل و عرى المجتمع بما لها من إيجابيات أخرى...
كما انتشرت ظاهرة تسلسل انتشار العدوى و عموم بلوى حالة الوهن و اليأس عندالأفراد و المتعلمين و المثقفين الراغبين في التغيير..
لكنهم يرفعون الرايات البيضاء أحيانا قبل محاولة دعوة الناس و النضال في صفوف المجتمع فكل يرمي الاخر بالوهن ..
يفضلون الزعامات و رهن عقولهم لها و قد خرجوا لمحاربتها و يبجلون الحلول و الوصفات الجاهزة دون المشاركة في صنعها او الإرتقاء الى مستوى نقاشها ....
و الكل في النهاية إستسلم لتداعي الوهن عند طالب و رافض التغيير أو قل الباحث عن بأسهل الطرق دون بذل و اندثرت هكذا تقاليد المثابرة و المصابرة و الإلحاح و الإصرار و نقد الذات...
و نسي المسلم أن دار الدنيا دار عبور قالها بلسانه و عزفت عنها جنانه و كان يفترض أن تشكل فهما ايجابيا يساهم في تصويب وجهته في الحياة باعتبارها معبرا للحساب و استحقاق الثواب...
يقيم العزاء و لا يعتبر بالموت هادما اللذات الفاسدة و اللامشروعة بل خطابه في واد و جوارحه في واد..
فصامية رهيبة لا تحقق معاني الإستخلاف الحقيقي في الأرض و لا معاني التمكين في الأرض بل ترسخ قيم الإستهلاك دون الإنتاج..
كأن المسلمين " دهريين " هم أصحاب " أرحام تدفع و أرض تبلع "...
و انتشرت ثقافة التبرير "عليك بأهلك و أولادك " و وجد الكل متدينا و غير متدين نشوته في متع الدنيا و حاجاتها التي لا تنتهي...
بداية من مقولة تربية الأولاد و دراستهم و رعايتهم و التفكير في مستقبلهم و حاجاتهم اليومية إلى التفكير في العقار و السكن و المركب و المصيف و ربما السفر إلى الخارج و ايجاد موارد أخرى له و لنسله وغير المورد الوظيفي أو الأول أو المهني و الأصلي و تكالب على جمع الريوع و لو بالحرام فذلك هو الذكاء و الفطنة و تامين المستقبل ..
تكالب و لهث رهيب يجعل البعض يسرقون المال العام كل بطريقته الخاصة و لسانه لا ينقطع عن ذكر الله بل قد يصلي و يحج ...
و يحضر الجنائز و الماتم و احيانا يتصدق بالزهيد و لا قناعة له بل يلهث كالكلب و لعلك تجد على صفحاته أدعية و ذكرا للموت و حكما و هو في باطنه يقول إنها أقنعة تبعد الناس عن التفكير في كوني من الوحوش البشرية المتتبعة للريوع و لا يرى مانعا من شرب قارورات خمر و كحول و معاقرة النساء في جلسات مغلقة ينفق فيها ملا ينفقه على مشروع معرفي و فكري و بحثي ...
و ألبس كثير من المتدينين هذه الحالات لبوس الدين و الأخلاق و تأول لها الايات و الأحاديث ليبرر بها عزوفه عن العمل الجماعي و أضاف لها الشطارة و المسلم كيس فطن و التجارة بارك فيها ربي ...
أما فريق من الحزب المحل فانقسم الى أربعة أقسام فريق تورط مع السلطة منذ زمن و نال استحقاقه و فريق بقي نزيها لكنه نقم على المجتمع الذي يقدر أنه خانه و عليه لا يجب الثقة فيه ثانية بعد تلك التضحيات الكبار و فريق تراه يبحث عن سبيل للمشاركة و تحصيل قسمة من الكعكة على شاكلة الأحزاب الإسلامية التي تلون في كل مرة مواقفها بلون الدين من فقه و مصلحة و كم هو النص مطاط و فضفضاض لمن لا يخاف الله و يقبل بالنيابةو المشاركة الانتخابية و هو لا يقدم للأامة شيئا يغير من حالها إلا من رحم ربي و قسم قليل جدا لا زال يكافح صامدا تبدو عليه علامات الإخلاص و الصدق و لا إخلاص و لا صدق إلا بعد اختبار و ممارسة ...
أما العلماني فهو أيضا يجد من التبريرات الكثيرة على رأسها أن " الدين شأن فردي لا سياسي و لا عمل جماعي " حتى تفردن المجتمع و عمل بعقيدة الخلاص المسيحي و " أن و بعدي الطوفان " و " عليك بخويصة نفسك و أهلك " ....
نجح النظام الحاكم في جعل العمل الجماعي سلوكا إجتماعيا و حضاريا و تثقيفيا و سياسيا غريبا و مستهجنا و نشازا و خرافيا و جعله يفهم قلة يقظة و لا معنى له و مثيرا للتوجس و سوء النية و الرغبة في الإستغلال و تسلق البعض بجعله مطية حتى اصبح يرادف كونه طريقا فقط للتسلق و التوظيف..حتى نزعت الثقة اطلاقا و للامر اسباب و بعضها هروب و تبرير ....
و ممن ساعدوا على نشر هذه المعاني أيضا تيار السلفية المدخلية " العلماني " في جوهره..
انتشر تدين قشري درويشي لا هو بالعرفاني و لا هو بالحركي و لا هو بالقائم على معرفة راسخة بقيم و مقاصد الدين...
يتمثل في الإكثار من الأدعية و النوافل و الصيام و العبادات الفردية و القشرية في كل لحظة من اليوم...
و منشورات توزع بين أهل الإفتراضي ترسخ التواكل و خوارق العادات و المعجزات و تسهيل الأمور من غير سعي ...الخ تخلو من المعرفة و العلم و العقل و الفهم السليم للدين...
و انكفأ اساتذة الشريعة على بحوثهم الغارقة في التراث و مسائل يتوهمون أنها إشكاليات راهنية و أخرى هي تجديد للاصول و المقاصد ..الخ ..
يوهمون الناس بأنه لا بد من تعليم الناس الدين و بناء المجتمع دينيا و ترك الحديث عن السياسة و لو أن منهم من لا علاقة لهم بالسلفية المدخلية غير أنهم لا يختلفون عنهم في الغايات و الثقافة و الذهنية....
امتص النظام الحاكم ظاهرة التدين الحي عبر بعض الزوايا و السلفية المدخلية و أحزاب مروضة تساهم معه في قسمة الكعكة و الكوطات و جمعيات لها سقف من الحرية تمتص غضب الناس و أحزاب إسلامية و غير اسلامية تنتظر لم يحن دورها بعد في نيل مستحقاتها....
هكذا ضاعت قيمة العمل الجماعي و اندثرت...
لا يعد هذا قدرا محتوما بل إن الخلاص منه يبدأ من الذين اقتنعوا بوجوب التغيير أن يبدأوا بأنفسهم أولا
و يحاربوا الوهن الذي يشدهم إلى الأرض و يتخلصوا من ذهنية التبرير و اليأس و القول دون العمل التي تسكنهم و تطبع سلوكهم ...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تكبيرات العيد في الجامع الازهر في اكبر مائدة إفطار
.. شاهد: في مشهد مهيب.. الحجاج المسلمون يجتمعون على عرفة لأداء
.. 41-An-Nisa
.. 42-An-Nisa
.. 43-An-Nisa