الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة ما بين العنف والاضطراب الصدمي

نجلاء صبرى

2020 / 1 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


العُصاب الصَدمي هو مَرض ذو ديمومَة، وهو يتحول إلى مُزمِن في حال عَدم عِلاجه، و قد يُصَاحِب المَريض بقية حياته ولا تنجح محاولاته الذاتية للتخلص منه، وهكذا فإنَّ أعدادًا كبيرة من الناس المتعرضين للضغوطات الصدمية يعايشون طويلاً عُصابهم الصَدمي ولا يتوجَهون نَحو العِلاج، بحيث يظلون بعد سنوات طويلة يَعيشون هَاجِس الصَدمة (عبد الخالق، 2006 : 42).

ويُشير ( مكتب الإنماء الاجتماعي، 1994 : 69 ) أنَّ الشِفاء التِلقائي للعُصاب الصَدمي هو أمَر مشكوك فيه، إلا أنَّ تناقُص حِدة عَوارِض التِكرار، وتَباعُد فترات ظُهورِها، قد توحِي بالتَحسُن، ولكن الواقع يؤكد أنَّ التحسُن يكون على حِساب اضطِراب الشَخصية، وبالتالي فإنَّ هذا التَحسُن الظَاهري يَكون انعكاسًا لتحول المَظاهر العُصابية إلى اضطرابات الشخصية أو ربما إلى أمراض نفسية جسمية. فقد وجد أنَّ أغلبَية النِسَاء مِن ضَحايا العُنف يَستَوفين مَعايير اضَطِراب ضُغوط مَا بعَد الصَدمَة، كَما أنَّهن يكَن أكثر عُرضَة للاضطِراب العَقلي و يُحتَّمَل أنْ يَلجَأن للانتِحَار، وقد اتضَّح أنَّ اضَطِراباَت ضُغوط مَا بعَد الصَدمة تُعَّد سَببًا مِن أسَباب لِجوء الضَحايَا لِبَعض السِلوكِيات الخَطِرة عَلى الصِحَة.

هذا، وقد أشَارت مُعظَم الدِرَاسَات التي أُجرِيَت على النِسَاء المُعنفَات إلى وجود عِلاقة طَردية بين نَوع العُنف المُرتكب ضِدَها وتِكَراره وشِدته مِن جِهة ، والمُعَاناة النَفسية مِن جِهة ثَانية، فتتأثر النِسَاء انفِعَاليًا بقدر مَا يَكون العُنف شَديدًا، ومُتكَرِر الحِدوث، وقَد تَأخُذ الآثار النَفسية أشكَالاً مُتعَدِدة مِن أكَثرها ظُهورًا اضطِراب ضَغط مَا بَعد الصَدمة Posttraumatic Stress Disorder، فقد وجَد البَاحِثون أنَّ (81%) من النِسَاء اللواتي تَعرَّضْن لايذَاء جَسدي، ( ٦---٣---%) مِن النِسَاء اللواتي تَعرَّضْن لإيذَاء لَفظي، انطَبق عَليهن مِعيَار ضَغط مَا بَعد الصَدمَة على المَقاييس التي استَخدموها، كمَا وجَدوا أنَّ النِسَاء اللواتي حَاولن التَعَامُل مَع هذا العُنف ِمِن خِلال الانسِحَاب الاجتِمَاعي لتَجنُب المَشاكِل، ونقد الذَات، حَصلَّنْ على أعَلى مُستَويَات مِن ضَغط مَا بعَد الصَدمة، بينَما حَصلت النِساَء اللواتي لديَّهِن دَعم اجتِمَاعي ونَفسي عَلى أقَل المُستَويَات (Kemp et al., 1995 ).

والخبرة الصادمة بهذا المعنى حدث في حياة الإنسانية، أو هي تجربة معاشة تؤدي خلال فترة وجيزة لزيادة جد كبيرة من الإثارة تتحدد تبعا لشدتها وللعجز الذي يجد المرء نفسه فيه (ضعف الأنا وقوته)، أو محاولة خفض الحصر الناجم عنها بحلول سوية تنتهي إلى الفشل في بعض الأحيان مما يفطر الأنا للقيام بدفعاته لمواجهتها، وتختلف الدفعات تبعا لقوة الأنا وطبيعة التثبيتات، وتوقفات مرحلة النمو العامة، وقد تكون آثار الصدمة النفسية مؤقتة في حين أنَّها تستمر لدى البعض مما يجعلهم في حاجة إلى العلاج النفسي لتخطي أثارها السلبية على شخصياتهم وذلك بناء على مدى صلابة الجهاز النفسي واستعداده لدى كل فرد (عبد القادر ، 1993 : 427 ). لذا فاضطراب ما بعد الصدمة يحتاج لعلاج متخصص ولا يمكن تجاهله.

د. نجلاء صبري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح