الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطنة المتساوية هي الحل

سليم نجيب

2006 / 6 / 2
المجتمع المدني


ﺇن النظام في مصر يمارس، ضد الأقباط، ﺇضطهاداً وتمييزاً وتفرقة وٳنعدام المواطنة المتساوية مع الاخوة المسلمين لا يمكن اخفاؤه سواء بالشعارات الجوفاء أو بالتغني بالاسطوانة المشروخة للوحدة الوطنية المفقودة فعلاً وعملاً.

ونحن نقول أنه ما لم نجرؤ على تشخيص الواقع المر المعاش ونشر غسيلنا القذر الوسخ فلن يكون من السهل تحسين ومعالجة هذا الواقع وتنظيف هذا الغسيل. ﺇنه واقع أليم لا يمكن السكوت عليه خاصة أنه واقع ملغوم قد ينفجر فالكبت يولد الانفجار.

ﺇن المتتبع لأحداث الاعتداءات المتكررة على الأقباط العزل منذ الأحداث الطائفية التي وقع فيها ضحايا ما لا يقل عن ستمائة ما بين قتلى وجرحى وذلك منذ سبتمبر 1972 حتى يومنا هذا طبقاً لما رصده مركز ابن خلدون برئاسة الدكتور سعد الدين ابراهيم في كتابه عن "الملل والنحل والأعراق –هموم الأقليات في الوطن العربي" (القاهرة 2000).

ﺇن الاعتداءات الوحشية البربرية على الأقباط وممتلكاتهم وكنائسهم تحدث بشكل مستمر ومنتظم مما يجعلها سمة من سمات حياتهم اليومية التي لن تكون ﺇلا مزروعة بالخوف والرعب المتواصل.

هذا يوضح لنا جليا أننا –نحن الأقباط- نواجه ﺇضطهاداً مخططاً مدبراً منظماً بواسطة أجهزة الدولة الرسمية –التي تتبع رئيس الجمهورية طبقاً للدستور المصري- والأصوليين المسلمين معاً- حتى و ﺇن تنصلت الأجهزة المسئولة والنظام من مسئوليتها القانونية، وهي بالمقاييس القانونية المعروفة –قوميا ودوليا- تشكل جرائم يعاقب عليها المعتدي –والمعتدي هنا- في الاطار القومي- هم رجال ﺇدارة وسياسة ﺇنتهكوا الدستور وروح القانون وكافة المواثيق الدولية لحقوق الانسان.

أين النظام الحاكم؟؟ أين الحكومة؟؟ أين سلطاتها وقواتها وقوانينها ودستورها لحماية الأقباط وٳعمال حق المواطنة من هذا الارهاب البشع الهمجي والتطرف التعصبي. لقد فشلت الدولة –أعني النظام وأجهزته الأمنية- في حفظ الأمن والأمان لمواطنيها الأقباط العزل.

فليسمح لي القارئ الفاضل أن أذكر واقعتين حديثتين –على سبيل المثال لا الحصر و ﺇلا سنحتاج لصفحات وصفحات. وتلك الواقعة الأولى حدثت يوم 10 ديسمبر 2005 تتلخص في الاعتداء على السيد/ مدحت عزيز ابراهيم من أصوليين ﺇسلاميين وحينما ذهب ﺇلى قسم بوليس كفر سليم (البحيرة) لعمل محضر ﺇعتداء عليه، قُبض عليه وحتى يومنا هذا لا تعرف أسرته مصيره وأين هو الآن؟؟؟ ضابط المباحث يدعى أبو العينين وقيل للمجني عليه مدحت عزيز "اننا نريد تنظيف المنطقة من النصارى". يبدو أننا نعيش في دولة الغاب لأن القانون في أجازة طويلة والدستور أيضاً ٳذ أن المجني عليه القبطي حينما يلجأ ٳلى السلطة الحاكمة الممثلة في أجهزتها الأمنية يجدون آذانا صماء لا تبالي ولا تنفذ القانون لأنه في أجازة طويلة منذ السبعينات حتى يومنا هذا.

أما الواقعة الثانية فتتلخص في أن المواطن القبطي مجدي عدلي اسحق تم القبض عليه يوم 16 مايو 2006 بعد بحث مكثف قام به الرائد محمد عز –قسم المنتزه (الاسكندرية) وحتى الآن لا تعرف أسرته أين هو؟؟ كيف تتم هذه الفوضى وهذا الاعتداء الصارخ على مواطن مصري ﺇذ يُقبض عليه في الساعة الرابعة والنصف فجراً بدون أية تهمة محددة موجهة ﺇليه فيحول من نقطة الملاحات ﺇلى الترحيلات مباشرة بدون عرض على النيابة العامة وعند الاستعلام عنه فكان الرد المعروف "لا نعرف أين هو!!!" هل هذا الرائد محمد عز هو فوق القانون يتصرف كيفما شاء لأنه يشعر أنه في حماية النظام؟؟

يا سادة يا أفاضل،

ﺇن معظم مناطق الوجه القبلي والوجه البحري والاسكندرية والقاهرة كلها مناطق تعرض فيها الأقباط لاعتداءات وحشية، بربرية، غير آدمية، مخططة منفذة بواسطة فئة ٳجرامية خارجة على كل القوانين السماوية والوضعية متخفية وراء اللحى والزي الاسلامي متمتعة بالحصانة المطلقة من النظام وسلطات الأمن لتنفيذ أهدافها الهدامة. وكلما تقاعست سلطات الأمن في تعقب وملاحقة المجرمين الآثمين كلما تمادوا في شرهم وغيهم. ولو كانت عدالة القانون قد طبقت عليى هؤلاء المجرمين منذ البداية لما وصل أمن مصر ﺇلى هذا الحال المؤلم.

ﺇن هذا ليس مجرد ﺇتهام ولكنه تقرير واقع يحدث أمامنا شبه يومياً تقريباً بعنف وتزايد. ﺇننا أمام ظاهرة أفرزتها وكرستها قوانين عنصرية وممارسات لا ﺇنسانية ولا أخلاقية. قوانين لا تحد فقط من حرية بناء الكنائس وحرية العقيدة، بل تحرض الغوغاء على الاعتداء على الكنائس وعلى المصلين أثناء صلاتهم داخل كنائسهم وتدمر وتحرق الكنائس في حماية الأمن المركزي ومباحث أمن الدولة كما حدث في أحداث الاسكندرية الأخيرة وكما حدث في محافظات المنيا وأسيوط ونجع حمادي وأبو قرقاص والاسكندرية وعين شمس والفكرية (المنيا).. الخ. ولا تزال تلك الممارسات العنصرية ضد الأقباط تتم نهارا جهارا في ظل حماية ومباركة رجال الأمن والنظام.

ﺇن سلطات الأمن لم يحرك لها ساكن طوال الثلاثين سنة الماضية عندما تصاعد الاجرام المتخفي وراء الدين يجاهر "باستحلال" أرواح وأموال وممتلكات الأقباط في طول البلاد وعرضها ولكن ضمائرهم!!! استيقظت بعد أول ٳعتداء على أفواج السياح الأجانب وفجأة أعلن الرئيس مبارك "شخصيا" تصميمه على القضاء على الارهاب و ﺇقتلاعه من جذوره مع أننا لم نسمع من سيادته أية تصريحات أو تعليقات لما حدث لرعاياه الأقباط!!!

هذا ولا يفوتنا أن ننوه أن المنظمة المصرية لحقوق الانسان عبرت في بعض تقاريرها الصادرة عقب أحداث ﺇمبابة وديروط.. الخ "عن مسئولية النظام الحاكم المصري في تغذية روح الكراهية ضد الأقباط خلال البث الاعلامي الرسمي المحرض الذي يهاجم عقائد الأقباط ويسخر بها دون هوادة. فضرب بذلك المثل الأعلى لدى رجل الشارع والمتطرفين وهم في الواقع من أخلص دعاة الاسلام السياسي الجديد".

وكذلك أدان مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان النظام الحاكم وما يلقاه المواطنون الأقباط من ﺇعتداءات ضد كنائسهم وممتلكاتهم وأرواحهم.

ان الدولة هي المسئولة مسئولية كاملة عما يحدث للأقباط من ﺇعتداءات ومذابح شرسة لأنها لم تفعل شيئاً سواء على المستوى الدستوري أو القانوني أو الاعلامي، لرد ﺇعتبار الأقباط كمواطنين و ﺇعطائهم حق المواطنة الكاملة المتساوية مع المواطنين المسلمين وضمهم عمليا للجماعة الوطنية المصرية بل تركهم فريسة لجحافل الارهابيين من المجاهدين في سبيل صبغ الدولة بالصبغة الأصولية بل وصل الأمر ﺇلى ﺇهمال الدولة وتواطؤ بعض المسئولين ﺇلى الحد الذي فرض فيه هؤلاء الاسلاميون الجزية على الأقباط في بعض القرى أو تطهير القرية من سكانها المسيحيين.

ان الأقباط لم ولن ينسوا ما نشرته مجلة "المسلمون" الصادرة في 29/10/2006 حينما نشرت فتوى حول معاملات المسلم مع المسيحي فقالت: "يظل المسلم في هذه المعاملة مع المسيحي يشعر أنه الأعلى ولا يأتي على باله أن هؤلاء القوم من الكفار ممن لا يستحقون التقدير والاحترام فهم ليسوا محل قدوة بل هم كالأنعام بل هم أضل منها".

ﺇننا نتساءل أين "سماحة الاسلام" كما تذكرون والأقباط يسحقون سحقاً باسم الاسلام دونما حماية من الدولة "الاسلامية" على مدى ثلاثين عاماً أو أكثر؟؟؟ أي وحدة وطنية هي تلك التي يتشدق بها هؤلاء البسطاء؟؟ ٳننا لا نرى اليوم ﺇلا "اسلام دموي امبريالي" تلك هي الحقيقة المرة الواضحة التي يعيشها الأقباط" يوميا على الرغم من كل الخطب الرنانة الحماسية الجوفاء التي يلقيها علينا هؤلاء "الدعاة" ٳثر كل ﺇعتداء وحشي ضد الأقباط.

حقا ﺇنه واقع مؤلم، ﺇنه قطعاً المناخ العام المسموم الذي تعيشه مصر مع تقاعس رجال الأمن وغياب القانون بل الأهم هو تقصير من القيادات العليا ﺇن لم يكن هذا هو منهجها وهذه هي سياستها المرسومة. فطالما الضحايا من الأقباط فالأمن آخر من يعلم ويتحرك و ﺇذا قُبض على الجاني المجرم ففوراً ينعتونه بأنه مختل عقلياً مصاباً بالجنون عندما يقتل "الكافر" وأخيراً وليس آخراً ماذا ينتظر النظام بعد كل هذا النزيف الدموي؟؟؟ ماذا ينتظر النظام بعد ثلاثين عاماً من الكذب والادعاء والتضليل وتزايد حدة ووحشية الاعتداء على الأقباط؟؟ أفلا يغير النظام أسلوبه هذا فتتحقق حقوق المواطنة الكاملة المتساوية مع كل المواطنين المصريين بغض النظر عن المعتقد أو الجنس أو اللون.

ان التاريخ لن يرحم وسيدفع الحكام الظالمين الثمن غالياً ان عاجلا أم آجلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية وآليات إصدار مذكرا


.. الأونروا: النفايات تتراكم في أنحاء قطاع غزة وينتشر البعوض وا




.. القوات الإسرائيلية تشن حملة اعتقالات في طولكرم


.. اعتقال العشرات في جامعات أمريكية على خلفية الاحتجاجات المؤيد




.. الخبر فلسطيني | تحقيق أممي يبرئ الأونروا | 2024-05-06