الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فكر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بين التقديس و الشيطنة

حمزة بلحاج صالح

2020 / 1 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


" لا تضخموا الأفكار البسيطة في عقول الناس فتتحول إلى أفكار- أصنام "

نشر أحد التراثيين على صفحته الإفتراضية و هو دكتور جامعي منوها تنويها كبيرا بتفسير الشيخ ابن باديس لايات من سورة النور و مدح و أثنى و أكد و أوصى..

فتساقطت الإعجابات بما يقارب مائتي إعجاب ..

المنوه بمنشوره هو ممن عرفوا بتمرير خطاب للناس لا يقوم و لا يراجع و لا يحلل و لا يمارس نقدا و لا يموضع المعرفة في سياق و لا يعارض الناس لاصلاح فهمهم الفاسد للدين فقط كسبا لود الجماهير شعبوية و مجاملة ...

لقد تعود العزف على أوتار الناس و عواطفهم و السير في ركبهم و عدم معارضتهم ...

بمعنى اخر هذا الدكتور الشيخ من المغردين داخل السرب ....

و المعلوم أن مجتمع الإستهلاك يبتلع السام المضر والنافع المجدي و نصف نصف و ما لا علاقة له بما يبلع يعني كل شيء يمرر ....

فيكفيك أن يذكر الواحد منه في خطابه الشيخ ابن باديس حتى يتحول كلامه من قيمته المعرفية و الدينية الحقيقية إلى أضعاف مضاعفة و لو كان المتحدث فارغا...

ثم تتكون حالة من الهيستيريا و يا ويح من يمارس النقد و يتطاول على الشيخ فهو يعارض وحيا لا شيخا أدى دوره في سياق معين و من نقل كلام الشيخ فهو مبارك لنكون أمام تحقيق الفكرة-الصنم ...

هيا معي إلى تفسير ابن باديس و هو رأي بسيط للشيخ :

:قال تعالى " إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا ٱسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمُ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "- سورة النور-2)

قال ابن باديس :" ما أصيب المسلمون في أعظم ما أصيبوا به إلاّ بإهمالهم لأمر الإجتماع ونظامه، إما باستبداد أئمتهم وقادتهم وإما بانتشارجماعتهم بضعف روح الدين فيهم وجهلهم بما يفرضه عليهم، وما ذاك إلاّ من سكوت علمائهم وقعودهم عن القيام بواجبهم في مقاومة المستبدين وتعليم الجاهلين وبث روح الإسلام الإنساني السامي في المسلمين. فعلى أهل العلم - وهم المسؤولون عن المسلمين بما لهم من إرث النبوة فيهم - أن يقوموا بما أرشدت إليه الآية الكريمة فينفخوا في المسلمين روح الإجتماع الشوري في كلّ ما يهمّهم من أمر دينهم ودنياهم حتى لا يستبد بهم مستبد ولا يتخلف منهم متوان، وحتى يظهر الخاذل لهم ممن ينتسب إليهم فينبذ ويطرح ويستغنى عنه بالله وبالمؤمنين "
................................................................................................
فها هو تعليقي و ملاحظاتي ..

إن كلام ابن باديس الذي جاء في تفسير الاية الكريمة كلام عادي ليس فيه ما يبهر فلا هو بالرفيع جدا و لا هو دون المقبول ...

تحدث ابن باديس عن إهمال أمر الاجتماع و نظامه فلم يكن خطابه متقدما جدا للأسباب التالية :

إن جل أراء علماء جمعية العلماء المسلمين انذاك تأثرت بفكر النهضة محمد عبده و جمال الدين الأفغاني و رشيد رضا و منهم الكواكبي و كتابه طبائع الإستبداد الذي ترك أثرا كبيرا في العالم العربي و الإسلامي...

أخونا الذي أكثر من المدح الذي لا يعلم ويلقن الناس إلا الإنبهار والإعجاب المفرط بالذات و تقديسها ..

و مجانبة التحليل و النقد و العقل التحليلي هو أحد عناصر جماعة تيار " الجزأرة " الإسلامي والتي تسوق للناس إسلاما بطبعة جزائرية..

و تفهمهم أن مدرسة الأندلس و المغرب العربي متميزة عن مدرسة المشرق بالمقاصد و غيرها من الترهات....

أخونا الشيخ و الدكتور نسي أن يقول هذا من ريح النهضة التي هبت و كتاب ك" طبائع الإستبداد " ترك أثره البالغ في تونس القيروان و مصر الأزهر و المغرب القرويين و أمصار العالم الاسلامي المختلفة هذا من جهة ..

من جهة ثانية أن يتحدث ابن باديس عن الإستبداد بكلمة و جملة فماذا يتكلم صاحبنا الشيخ الدكتور اليوم في النظام السياسي الحاكم بدل تدوير كلام عادي لابن باديس كان مهما في وقته قلت هل له ان يقدم لنا كلاما مجديا لراهننا ..

و أي تحرك و حراك و محاولة تغيير قام بها سواء وحده أو في اطار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الحالية التي ما رأيناها إلا تتفنن في امتصاص غضب عشوائي غير مؤطر ...

و تتفنن في صياغة بيانات فكرية و ثقافية تغفل وضعنا الحضاري و الثقافي و مكانة الحريات و الإعلام و حرية التجمع و التنظيم التي منعها النظام خاصة في الجزائر العاصمة ...

و لم تشر و تذكر يوما لا الجمعية و لا هو إلى مادة قانونية مسكوت عنها تتعلق بضرورة إشغار منصب رئيس الجمهورية ( الأسبق ) في الجزائر ...

أن يقول ابن باديس كلمة عابرة عن الإستبداد و لا يفهمها صاحبنا الا من جهة الإعجاب و تقديس التراث و تعبئة الناس لا يعني شيئا كبيرا لو علم المعجبون بالنص ...

فخير للناس أن يتحرك في الواقع بما يجدي نفعا لا ان يثرثر تاركا منظومة فساد تعبث به و بالحكم و بالبلاد...

كما ان ابن باديس كان يتحدث في سياق محدد هو الاستعمار الفرنسي و صراعات الحركة الوطنية و الثورة و حتى الصراعات الداخلية لجمعية العلماء المسلمين تنظيميا ...

كما أن كلام ابن باديس حول الإستبداد و حول قيم الإسلام الإنسانية و مكافحة الإستبداد على النحو التالي :

" مقاومة المستبدين وتعليم الجاهلين وبث روح الإسلام الإنساني السامي في المسلمين. فعلى أهل العلم - وهم المسؤولون عن المسلمين بما لهم من إرث النبوة فيهم - أن يقوموا بما أرشدت إليه الآية الكريمة فينفخوا في المسلمين روح الاجتماع الشوري في كلّ ما يهمّهم من أمر دينهم ودنياهم حتى لا يستبد بهم مستبد ولا يتخلف منهم متوان، وحتى يظهر الخاذل لهم ممن ينتسب إليهم فينبذ ويطرح ويستغنى عنه بالله وبالمؤمنين " ...

على بساطته ليس كلاما طفرة في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي لأنني رأيت من يعلق و يقول " هذا كلام متقدم " ...

أبدا لأن فكر النهضة بالمشرق كان أكثر تقدما فلا نبالغ في جزأرة كل شيء و هذا الكلام ليس لابن باديس وحده بل أيضا لغيره فلو قرأت لجدنا و خال والدنا الشيخ الطيب بلحاج صالح المدعو الطيب العقبي مقالا يتحدث عن " الاسلام و المدنية " لقلت نفس الشيء و غيره أيضا..

لا نحتاج إلى تضخيم ابن باديس و لا العقبي و لا مالك بن نبي و لا غيرهم..

بل لم يقل ابن باديس و العقبي و الإبراهيمي كلاما مثل هذا إلا بتأثير فكر النهضة بالمشرق الذي انتشرت ريحه على كل العالم الإسلامي أو بتأثير وجود الإستعمار الفرنسي الذي كان بوسائله المختلفة التي رافقت دخوله يستفز ضعف المسلمين في مناحي التطور الإنساني و من ثمة عبارات من نوع " الإنسانية " و " الحضارة " و " المدنية " ..

أجزم أن نص الكواكبي " طبائع الإستبداد" كان حاضرا حضورا قويا في هذه الفقرة " الباديسية " التي هزت شيخنا الدكتور ..

عدم فتح منافذ للقراء على افاق جديدة و كتابات جديدة و إبقاءهم في صحن الجمعية و حصنها أو حصون التراث المنيعة دون ما تم تدوينه و كتب و ابتكر في الفكر الإنساني..

مع بيان تمركزاته في قضايا الدولة و السلطة و الحرية وغيرها من القضايا تحنيطا للفكر و تجميدا للعقل و غلقا على القراء في سجن " الأرثدوكسيا " و " الدوغمائية "...

إن المبالغة في تقديس النصوص التراثية أو التاريخية يعلم و يلقن الناس الإنبهار و الإعجاب بكلام عادي يكتبه أي كان ما لم يلحق بنقد و يذكر للإستئناس لا للمكوث سواء تعلق الأمر بفكر جغرافيا جزائري أو عربي أو إسلامي أو سني أو شيعي أو إنساني و غربي و لكل القوميات المسلمة...

كما أن الفكرة التي لا تترجم في إطار أزمة واقعنا و إخفاقاته و تداعياته ستبقى في متحف العقول تكرس حالة الفصام..

علموا الناس التحليل و النقد و الإنفتاح على افاق معرفية جديدة إنسانية ...

لا بأس أن نستأنس من غير تضخيم بتراثنا إن كانت الفكرة راهنية نافعة مجدية و عميقة ...

قام مالك بن نبي بنقد جمعية العلماء المسلمين نقدا كاد يبلغ حد الشيطنة....

فكل ما قاله يوضع في سياق محدد و له دوافعه فلا مالك كان شيطانا و هو يتهجم على الجمعية و لا كان ملاكا و هو يفعل ذلك ماكانت الجمعية ملاكا ايضا في مسيرتها...

فلا فكر مالك بن نبي وحيا من السماء مقدسا فوق النقد...

و لا فكر ابن باديس و جمعية العلماء يمثل قداسة و وحيا فوق النقد...

و لا التراث العربي و الإسلامي سنيا أو شيعيا و غيره قديما أو حديثا وحيا منزلا من السماء

و لا المنجز الغربي القديم و الحديث خلاصا و وحيا و نبوؤة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة