الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله هو الحقيقة والحقيقة هي الله؟

علاء الدين الظاهر
استاذ رياضيات

(Alaaddin Al-dhahir)

2020 / 1 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثيرا ما يردد البعض مثل الببغاء جملا وتعابيرا من دون ان يدرك معناها او يفكر في ما تعنيه. اليوم وأنا اتنقل بين الفضائيات وجدت مقابلة مع اعلامي عراقي صوفي النزعة اسمه سعدون محسن ضمد وكما فهمت منه انه يعد ايضا اطروحة دكتوراه عنوانها (صورة الله في الاديان العراقية).
اثناء المقابلة ذكر الجملة التالية: (الله هو الحقيقة والحقيقة هي الله). اذا اخذنا في الاعتبار ان في معتقدات المؤمنين بأن العربية هي لغة القرآن ولغة الجنة فإن الله وفقا لهذه العبارة هو مذكّر ومؤنّث في آن معا. اعتقد ان تأنيث الله سيرعب المؤمنين قبل غيرهم بسبب موقف الاديان وموقفهم من المرأة. وقبل ان اناقش هذه العبارة التي قد تحتاج الى كتاب للرد عليها دعني اذكر ان الحقيقة في اللغة العربية هي نفسها The Truth و The Fact في اللغة الانكليزية والعديد من اللغات الاخرى. وهناك فرق بين الاثنتين. الاولى تحمل معنىً فلسفيا وتعتمد على قدرة الانسان على الفهم والثانية تعني حدثا او فعلا ما. على سبيل المثال ان صدام كان رئيسا للعراق هي حقيقة بمعنى Fact لا تقبل الجدل بينما القول انه كان مجرما قاتلا هو امر جدلي يعتمد على موقفك من صدام فقد تنكر هذا او تبرره اذا كنت من ايتامه والمعجبين به او تعتقد به تماما اذا كنت من ضحاياه لذلك لا يصح هنا استعمال كلمة the truth مع ان صداما كان مجرما قاتلا بمعنى the fact . بمعنىً آخر، ان the truth تعتمد على قدرة الانسان الفكرية ومعارفه وتحيّزه او الاسوأ من ذلك يستخدمها كذّابا مثل دونالد ترمب او يوزف غوبلز. اترك المجال هنا مفتوحا لمن هو ضليع بالفروق بين الاثنتين لمناقشتها فلسفيا ولغويا.
بعد غزو العراق صرّح مقتدى الصدر بأن الله سلّط بوش على صدام ليبرر نهاية الاخير وسقوط نظامه وفي نظره هذه حقيقة بمعنى the truth بينما الحقيقة بمعنى the fact تقول ان غزو العراق ما كان سيحدث لولا هجمات 11 ايلول وإن غزو العراق لا علاقة له بالله من قريب او بعيد. ولأن مقتدى الصدر محدود الذكاء والثقافة والتعليم فلا يدرك ان نفس الجملة يمكن استخدامها للقول بأن الله سلّط صداما على عائلة الصدر بالذات وعلى العراق وعلى المنطقة عموما. يبدو جليا ان استخدام الحقيقة بمعنى the truth متناقض ويمكن تسويقه بأي اتجاه يعتمد عليه مستخدمه بينما الحقيقة بمعنىthe fact تقول ان صداما كان غبيا بلطجيا أدخل العراق في حروب وألحق به كوارثا وأدت حماقاته في النهاية الى سقوط نظامه.
ان التصور بأن ( الله هو الحقيقة والحقيقة هي الله) يعتمد بالدرجة الاساسية على معرفة من يستخدمه ويوضح بلا ادنى شك بأن هذه المعرفة ضئيلة إن لم تكن مفقودة. فهذا التصور لا يعني فقط ان شبحا خلق كل هذا الكون او الاكوان المتعددة بل يناقض كل القوانين الفيزيائية، قوانين نستخدمها وتتحكم بنا كل لحظة وثانية. اذا اردت ان تبني كوخا من الطين فستحتاج الى تراب ورمل وماء وغيرها من ملتزمات البناء وبضعة ايام او اسابيع لبنائه فما بالك بالكون. من الطريف ان الاديان الابراهيمية الثلاث كانت تعني بالارض (اليابسة) التي كان سكان الشرق الادنى يعيشون عليها وليس الكرة الارضية لأن كروية الارض تم اكتشافها بعد قرون عشرة بعد الاسلام مثلا. اما الكون وإكتشاف المجرات فكان في بدايات القرن العشرين واليوم نتعامل مع نظرية الاكوان المتعددة. كل هذه الاكتشافات العلمية كانت ولا تزال كافية لأن تقنع المؤمنين بخطأ قصة الخلق الدينية لكن في الواقع ينبري كل يوم احد من يدعي العلم ليفسّر هذه الاكتشافات العلمية وفقا لمعتقداته الدينية رغم انه من الواضح ان الدين يركض وراء هذه الاكتشافات العلمية وليس العكس.
الحقيقة ان الله لم يرسل الى الصين انبياءً ورسلا. يبدو ان اللغة الصينية كانت ولا زالت صعبة عليه. في الواقع ترك معظم آسيا وافريقيا من دون ان يرسل لهما من يرشد سكانيهما الى الصراط المستقيم. نحن نعذره لأنه لم يرسل انبياءً ورسلا الى استراليا و اميركا الشمالية او الوسطى او الجنوبية لأنه كان جاهلا بوجود هذه القارات الى ان اكتشف هذه القارات الرحالة الاوربيين. هذه حقيقة لا جدل فيها. وهناك حقيقة اخرى ينبغي ذكرها ايضا وهو انه سيرسل بكل سكان هذه القارات قبل اعتناقهم احد الاديان الابراهيمية الثلاث ومراعاة طقوسها وتعاليمها، سيرسل بهم الى النار لأنهم لم يكونوا من عباده الصالحين. السؤال الاول هو ما ذنب هؤلاء إذا كان الله لم يكلف نفسه عناء إرسال الانبياء والرسل اليهم؟ والسؤال الثاني، ما هذا السلوك العبثي حيث يخلق الله البشر بمئات او مليارات الملايين ثم يحرقهم لاحقا في جهنم وهو الذي خلقهم وتركهم في ضلال مبين؟ هذه حقيقة لن يستطيع الاجابة عليها عباد الله الصالحين. ربما يكمن الجواب في التعبير العراقي الساخر (إلك بيها إرادة يا خالق الجرادة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استنتاج طبيعى
على سالم ( 2020 / 1 / 31 - 16:18 )
من الواضح ان تفكيرك هو تفكير انسان حر طبيعى وليس مؤدلج دينيا او ارهابى داعشى


2 - على المدعي البينة!!!
سمير آل طوق البحراني ( 2020 / 2 / 1 - 09:12 )
اخي الكريم بعد التحية. دع عنك الدول الذين لم يرسل الله لهم انبياء ودعنا نتكم عني وعنك اللذان ورثنا ديننا من ابوينا بالتلقين بعد 1400 سنة من الادعاء بان نبيا بعث في شبه الجزيرة العربية وليس هناك دليل حقيقي على ذالك الاعاء الا كتابا تحدى به معاصريه فهل من المنطق ان الله خالق تلك الاكوان المترامية يتحدى مخلوقاته بلغة ولا نعرف ان ذالك التحدي قوبل بنحد مثله ام لا لان التاريخ يكتبه المنتصرون وهل انا ابن القرن الحادي والعشرين ملزم به. اليس الخالق قادر على ان يرسل لنا رسولا يتحدى عباده بالعلم والتكنلوجيا التي اثبتت خطا الكثير مما جاء في تلك الكتب المقدسة ليثبت لنا صحتها بالعلم ذاته ان كنا نجهلها. اما التزويق ولي الكلمات والتاويلات والتفسيرات التي لا حصر ولا عد لها مع اختلاف بعضها البعض دليل على ان الاديان صناعة بشرية قامت على عادات وتقاليد البيئة التي اتت فيها ولا شيء غير ذالك. بماذا يقنع العربي المسلم الصيني الكافر بصوابية دينه؟؟. هل يتحداه باللغة ام بكتب الحديث المعنعنة التي لا يتفق على ما جاء فيها المسلمون انفسهم. اخي الكريم يجب على المسلمين الكف عن الاعاء بان دينهم هو الحق وغيره الباطل.