الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موعدنا الليلة في ساقية الصاوي مع السؤال الفلسفي

قاسم المحبشي
كاتب

(Qasem Abed)

2020 / 1 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الفلسفة حوار بين العقل والواقع بين ألانا والآخر بين الشعوب والثقافات. حوار؛ يفتح الأذهان وينمي الأفكار ويصقل ثقافة الإنسان. والعقل هو القاسم المشترك بين الكائنات العاقلة في كل زمان ومكان وأعدلها قسمة بينهم. ولكن العقل المنغلق على ذاته ليس بمقدوره معرفة واكتشاف حدوده وممكناته. ويسلك الناس وفقًا لما يعتقدون. فإذا اعتقدت أن شخصًا أمين فسوف أثق به، وإذا اعتقدت أنه غير أمين فلن أثق به. إننا نسلك وفقًا لما نعتقد. وحينما تكون معتقداتنا صحيحة وصادقة، نستطيع أن نحدث قدرًا كبيرًا من التقدم. أما إذا كانت معتقداتنا خاطئة فإنها تعوق هذا التقدم وتحبط آمالنا، وتعرض الحياة الإنسانية ذاتها إلى الخطر. ولقد ذهب كل جيل ضحية لمعتقداته ولخرافاته وأوهامه وأساطيره الخاصة فحينما اعتقد الصينيون أن الكون ينقسم إلى الين واليانج، أي الأنوثة والذكورة (الـ yang يرمز إلى مبدأ الذكورة والعنصر الإيجابي الفعال المنتج السماوي وعنصر الضوء والحرارة والحياة، والـ yin يرمز إلى الأنوثة العنصر السلبي المنفعل، الأرضي عنصر الظلمة والبرودة والموت). والحقائق كلها يمكن ردها إلى تعارض واتحاد العاملين الأساسيين في الكون، الذكورة الأنوثة أي اليانج والين. كان من شأن هذا الاعتقاد الأسطوري، أن يعمق الهوة بين الرجل والمرأة ويمنح الرجل الذكر مكانة أرفع من مكانة المرأة الأنثى. وحينما اعتقد أهل اليونان أن العقل يحكم الكون، وأن الرجل هو الكائن العاقل الوحيد، وأن المرأة كائن حسي غير عاقل، برروا النظرة الدونية للمرأة. وحينما اعتقد العرب قبل الإسلام بأن الأنثى كائن يجلب العار ويضعف الرجال، شرعوا عادة وأد البنات... وحينما يعتقد بأن جسد المرأة وصوتها ووجهها من العورات فلا بد أن تختفي عن الأنظار وتحتجب عن الغرباء من الرجال. وحينما يعتقد أهل اليمن أنهم أصل العرب وأنا الرسول صلعم ميزهم بالحكمة والإيمان اغلقوا على ذاتهم ولم يتقبلوا شيئا جديدا من الاحتكاك مع الآخرين هذا معناه أن سلوك الناس وتفاعلاتهم وعاداتهم وتفضيلاتهم وأفعالهم وردود أفعالهم ومؤسساتهم ونظمهم وتقاليدهم لا يمكن تفسيرها وفهمها من خلال تمظهراتها المباشرة، بل لا بد من الذهاب إلى ما ورائها، من المنطلقات والأسس العقيدية واللاهوتية أو الفلسفية، كما أن اعتقادات الناس في أي زمان ومكان ليس مجرد أفكار أو تصورات معنوية وكلمات ومفاهيم معرفية مجردة، بل هي نتاج قوى اجتماعية وسياسية وثقافية نشأة وترسخت عبر مسار طويل من الخبرات والتجارب والممارسات في أنماط سلوك وعادات وخبرات أو هابتوس ((Habitus)) عادة أو طبع أو نسق الاستعدادات والتصورات اللاشعورية بحسب بيير بورديو وقد يظل الهابيتوس الثقافي المحلي مهيمنا في مجتمع من المجتمعات لردح طويل من الزمن كما هو حال اليمن التي لم تنفتح بعد على العالم إذ أن الآخر مرآة الذات وقبل إطلاق أي حكم نافذ على مجتمع آخر لا بد أن يبلور الباحث موقفا واضحا قدر الإمكان تجاه مجتمعه نفسه.وسرعان ما سيكتشف أن الطريق الوحيد لتحقيق كشف المحجوب عن الذات إنما يتم بالدراسة المقارنة لذاته في أثناء إنهماكها برصد الآخرين ، وبأن يعي أنماط التشوهات التي ينطوي عليها هذا الموقف بالضرورة ، فرصد الآخرين وتأويلهم هو الوسيلة الناجعة إلى رصد الذات وفهمها. وهذا لا يمكن له أن يتحقق إلا بالحوار والاحتكاك بين الذوات العاقلة والثقافات الحية. وقد يعرف الناس الكثير عن بلد من البلدان مثل اليمن، اسمها وموقعها وجغرافيتها وحضارتها وأصالتها وتاريخها وحروبها وساستها وصادراتها وعاداتها وازاها واشياء كثيرة آخرى لا سيما في زمننا هذه؛ زمن انكماش الزمان والمكان وانكشاف العالم بعض لبعض، ففي عالم كاشف ومنكشف لا شيء مخفي. لقد عرف العالم العربي الكثير عن اليمن، عرفها من القرآن والسنة النبوية. قال تعالى ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ) سورة سبا الآية 15. والحديث الشريف عن الحكمة اليمانية والإيمان. عرف العرب والعالم الكثير عن اليمن المعاصرة؛ أكل القات وارتدى الخناجر المعكوفة وانتشار السلاح بكميات مهولة والحروب الغريبة الأطوار والرؤساء الكثر والنازحين بالملايين والأمراض والمهاجرين وغير ذلك من الصور والرموز السلبية التي تنضح بها اليمن الراهنة. ولكن العالم لم يعرف شيء عن فلسفتها. هل لليمن فلسفة؟ بمعنى هل لدي اليمنيين قدرة على التفكير بعقولهم؟ وما هي طبيعة تلك الفلسفة وهل يمكن تعيينها في عبارات نسقية منطقية هذا هو ما سوف يكون موضوع ندوتنا الليلة في ساقية الصاوي الثقافية بالزمالك الساعة السادسة مساءا بقاعة الكلمة. وتلك ربما هي المرة الأولى التي يتم فيها إستشكال سؤال الفلسفة باليمن بتحفيز من ساقية الصاوي الثقافية ومشرف منتداها الفكري الأستاذ الدكتور الصاوي الصاوي أحمد الصاوي الذي يعود له الفضل في صياغة السؤال وتحفيزي للبحث فيه. سيكون لدينا ما يستحق القول والنقاش وأتمنى من الأصدقاء الأعزاء والصديقات العزيزات مشاركتنا الحوار بهذه السؤال لما سوف يوفر لنا ذلك من تغذية راجعة. وتلك خطوة على طريق الألف ميل. ومن هو شاهد بحثه الشخصي إي واضطرابه الداخلي لا يسعه الشعور بالرضا أبدًا وإذا كان فضلا عن ذلك سقراطيا إي يعرف بانه لا يعرف شيئًا! كمثل حالي فهذا يعني بانني لم آتي لقول حقائق مجملة بل اتيت لكي اعرف المزيد عما زلت أجهله. وهذه هو ما تبيحه وتوفره ساقية الصاوي الثقافية بوصفها فكر بحثا حرا ونقاشا مستمرا للرأي والأفكار بهدف التنوير والتنمية المستدامة. ونحن قطرات عابرة والساقية باقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل