الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم الزمن

حنان بديع
كاتبة وشاعرة

(Hanan Badih)

2020 / 2 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عندما نكون سعداء لا نشعر بمرور الوقت فيعدو بسرعة البرق وكانه حلم ، وعنما نكون محزونين ضجرين نشعر وكأن الوقت ثقيل لا يمر ،، معظمنا دون استثناء مر بهذه التجربة الشعورية ..
اليوم ، أمس ، غدا ، بعد قليل ، عبارات لا نكف عن استخدامها للتعبير عن شعورنا ومفهومنا للزمن الذي هو بالنسبة لنا ترتيب الأحداث تماما كما نرتب أوراقنا في ملفاتنا المكتبية حتى لا تختلط علينا الأمور ، فهذا حدث قبل هذا وهذا سيحدث بعد ذاك بالترتيب وبالتواريخ والأرقام ..
لكن ماذا لو كنا لا نملك ساعات أو أي أجهزة تقيس الوقت أو الزمن ؟؟
ماذا لو لم يكن لدينا شيء اسمه تقويم سنوي ؟
قديما كان الانسان يستدل على الزمن بأمور مثل شروق الشمس وغروبها وهذا ما اعتاد أجدادنا أن يفعلوه لكن ماذا لو لم نكن في مكان نستطيع فيه استقبال ضوء النهار ورؤية القمر مثلا ؟
ماذا لو أن هناك شخص كفيف لا يبصر شمنا أو قمرنا لكنه يشعر بالزمن كما نشعر بها تماما !
يبدو هذا دليلا على أن الشعور بالزمن أمر خاص بنا نحن البشر لأكثر من كونه خارجا عنا فنحن نمتلك ذلك الشعور بالزمن وتغيره .
لكن أعود واقول ماذا لو كان حدسنا أو حواسنا تخوننا كعادتها في كثير من الاحيان ، أي أننا مخدوعون مثلا بهذا الشعور ؟ فنحن نرى الألوان كما تعكسها عيوننا لنا لا كحقيقتها بالضرورة .
وحسب نظرية النسبية فإن سرعة الضوء الصادر من الشمس يستغرق ثمان دقائق كي يصل الينا ، وعلى هذا فإن كل شيء نراه أو ننظر الى حاضره هو في الواقع صورته في الماضي قبل 8 دقائق ثم ماذا لو أضفنا حسب النظرية العلمية المؤكدة حقيقة أن للحركة تأثير على الزمن أيضا ..
ماذا يعني هذا ؟؟
يعني كلما زادت سرعتنا تباطأ الزمن واذا ما استطعنا الحركة بسرعة الضوء التي هي أقسى سرعة في الكون سيتوقف الزمن تماما !
وهذه هي نسبية الزمن المربكة للغاية فالزمن قد يمر أسرع عند واحد منه عند الآخر وقد تمر لحظة عندي لم تمر عليك بعد !!
ومن هنا أصبحنا ومجتمع العلماء ندرك ونعلم ونؤمن بنسبية الزمن ، ليس على مستوى ادراكنا فحسب بل على المستوى الفيزيائي، وكلنا يعلم اليوم أن الزمن والمكان يتحدان في شبكة واحدة اسمها الزمكان ، فاذا كان المكان والزمان يشكلان شبكة واحدة معا فلماذا الاختلاف بينهما ؟
لماذا نستطيع أن نتحرك في المكان حيث نشاء بكل حرية ولا نستطيع أن نعود بالزمن لحظة واحدة فقط ؟
لماذا لا نستطيع أن نتحرك في الزمان كما نتحرك في المكان ؟
أن يكون أمامنا الماضي والحاضر والمستقبل ونحن ننتقل من هذا الى ذاك بحرية ؟
طبعا العلماء وجدوا الاجابة التي قد لا تخطر على بالنا ،، إنه قانون فيزيائي يقول أن كل ما يحدث في الكون من تغيرات يمر في اتجاه واحد ..
ولأننا لا نستطيع أن نعود باللحظة الى الخلف فنعمد الى تذكرها على أنها من الماضي لنرتب الاحداث وهي طريقتنا في اكتساب المعلومات ولربط سبب بنتيجة مثلا ، وهذا ما يفعله عقلنا البشري الذي يشبه الذكاء الاصطناعي ..
والكون كله بنجومه ومجراته مثلنا تماما يسير هو أيضا في اتجاه واحد وهو التمدد والتوسع ، ونحن سجناء هذا التتابع من اللحظة الى التالية .
والى أن نجد طريقة للتحايل على هذا القانون الفيزيائي لنعود الى الماضي او نسافر الى المستقبل لو سمحت النظريات العلمية بذلك سأكتفي مجبرة على أن تقبل حقيقة أن اللحظة التي بدأت فيه هذا المقال لن تعود .
سنبقى الى ذلك الحين نقلق بشأن الزمن لأن مرور الوقت يعني اقتراب الموت حتى وإن كان وهما .
وعقولنا هي حدودنا التي لا نستطيع الخروج منها لكننا أصبحنا نعلم على الأقل أنها تخدعنا لسبب أو لآخر..
لا أعلم لماذا يذكرني الموضوع بكلمات أغنية الفنان مدحت صالح ..
رافضك يا زماني..
يا أواني..
يا مكاني ..
انا عايز أعيش في كوكب ثاني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو