الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة في خدمة الجينات

ماهر رزوق

2020 / 2 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يشغلني هذا السؤال منذ زمن : لماذا أغلب مفاهيمنا الثقافية ترتبط ارتباطا مباشرًا أو غير مباشر مع الجنس ؟؟
الرجولة على سبيل المثال : حيث يعتبر الزواج و إنجاب الأطفال أحد أهم عوامل اكتمال الرجولة ، كذلك الأمومة ، حيث تعتبر الأنثى كاملة و لا عيب فيها عندما تتزوج و تنجب ... كما أن بعض الإناث يحققن ذواتهن من خلال الأمومة و الإنجاب !!
نلاحظ هنا أن الدعوة إلى الجنس من خلال الزواج واضحة ، كما أن الدعوة إلى الإنجاب واضحة أيضاً . العمليتان تخدمان هدفين رئيسيين للجينات : الإنتشار و الاستمرار !!

الأديان أيضاً باعتبارها جزء من الثقافة أو أحياناً مؤسسة للثقافة ، نلاحظ أن بعضها يحثّ على الزواج ، بل و يمنحه امتيازات واسعة : كأن يسمح بتعدد الزواجات ، كالدين الاسلامي و الزرادشتي ...
كذلك قد نلاحظ وجود أقوال مثل : الزواج نصف الدين ، يسألك البعض : متى ستكمل نصف دينك ؟
هذه الأقوال هي مزيج بين الثقافة الشعبية و المفاهيم الدينية ، و لكنها أيضًا دعوة صريحة إلى الجنس و التكاثر !!

كثير من الأمثال الشعبية أيضاً تلعب ذات الدور و مثال عليها : (من تنا دخل الجنة) : أي من تزوج اثنتين يدخل الجنة ... الهدف واضح هنا أيضًا : الزواج مرتين و إنجاب عدد أكبر من الأطفال ، و طبعاً مزيد من الجنس !!

سؤال آخر : لماذا يفضل الناس المولود الذكر على الأنثى !!؟
ستقول لي : إن هذا الأمر موجود فقط عند العرب ، سأجيبك : هذا الكلام غير دقيق ، فهذا التفضيل كان منتشرا أيضاً في العالم الأوروبي قديماً ، أي قبل دخولها في أزمنة الحداثة ، و سبب استمراره إلى الآن لدينا هو تأخرنا لا غير ...
نعود إلى الفكرة : يفضّل الناس المولود الذكر لأنه أقدر على نشر جيناته بشكل أوسع ، أي يمكن أن يمنح جيناته لأكثر من امرأة و بالتالي : عدد أكبر من المواليد ، و طبعاً المزيد من الجنس !!

صحيح أن هذه الظاهرة اختفت في المجتمعات الأوروبية المتحضرة ، لكن رافق ذلك ظهور التحرر الجنسي الذي يمكّن الأنثى من ممارسة الجنس مع عدد أكبر من الرجال !!
و كما نعرف فإن المرأة _ كالرجل _ تمنح جيناتها للمولود أيضاً : حيث يحمل نصف جينات أمه و نصف جينات أبيه !!

الجميع لا ينكر أيضاً أن الجنس أصبح أحد الأدوات الهامة جداً في الترويج لسلعة معينة ، فحتى الإعلانات التي تستغل الجنس لدعم المنتج ، تعمل من ناحية أخرى على التأكيد على ضرورة الجنس و ضرورة ممارسته !!

كذلك نلاحظ من خلال الأفلام الأمريكية (التي غالباً ما تنقل الواقع) أن هناك فكرة منتشرة في المجتمع الأمريكي و يؤكد عليها دائماً : و هي أهمية ممارسة الجنس قبل الذهاب إلى الجامعة ... فمن يصل إلى الجامعة دون أن يمارس الجنس ، ولو لمرة واحدة ، ينظر إليه بغرابة ، أي أنه شخص غريب الأطوار ... و كل ذلك ليس سوى دعوة صريحة إلى مزيد من الجنس و بالتالي مزيد من التكاثر و الحفاظ على النوع !!

أيضا ربما تسائل أغلبنا : لماذا تكثر المواليد في الحروب و في مخيمات اللاجئين و الظروف الحياتية السيئة !!؟
الجواب ببساطة : أنه خوف جيني بحت !!
عندما تستشعر الجينات تهديداً كبيراً (كالحرب) للنوع ، تدفعنا إلى مزيد من الجنس و مزيد من المواليد !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فريق تركي ينجح في صناعة طائرات مسيرة لأغراض مدنية | #مراسلو_


.. انتخابات الرئاسة الأميركية..في انتظار مناظرة بايدن وترامب ال




.. المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يزور إسرائيل لتجنب التصعيد مع


.. صاروخ استطلاع يستهدف مدنيين في رفح




.. ما أبرز ما تناولته الصحف العالمية بشأن الحرب في قطاع غزة؟