الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخطاء القرآن وأثرها في ترجمته إلى اللغة النرويجية -ترجمة إينار بيرغ نموذجا- التحريف للتعمية على التهافت البلاغي في القرآن -الجزء الثامن-

عبدالإلاه خالي
(Abdelilah Khali)

2020 / 2 / 2
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يزعم القرآن أنه أعجز فصحاء العرب عن مضاهاة بلاغته حيث ادعى أن الإنس والجن لو اجتمعت على الإتيان بمثله ما أتوا.
وقد أطنب المسلمون في وصف بلاغة القرآن، والذي يطالع أقوالهم في هذا الباب يخيل له أن القرآن كتاب قد حلق في عنان السماء بيانا وفصاحة وعلا على كل كلام نظما ولفظا..
قال ابن كثير: [ وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَجَمِيعُهُ فَصِيحٌ فِي غَايَةِ نِهَايَاتِ الْبَلَاغَةِ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ تَفْصِيلًا وَإِجْمَالًا مِمَّنْ فَهِمَ كَلَامَ الْعَرَبِ وَتَصَارِيفَ التَّعْبِيرِ، فَإِنَّهُ إِنْ تَأَمَّلْتَ أَخْبَارَهُ وَجَدْتَهَا فِي غَايَةِ الْحَلَاوَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَبْسُوطَةً أَوْ وَجِيزَةً، وَسَوَاءٌ تَكَرَّرَتْ أَمْ لَا، وَكُلَّمَا تَكَرَّرَ حَلَا وَعَلَا، لَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا يَمَلُّ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَإِنْ أَخَذَ فِي الْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ جَاءَ مِنْهُ مَا تَقْشَعِرُّ مِنْهُ الْجِبَالُ الصُّمُّ الرَّاسِيَاتُ، فَمَا ظَنُّكَ بِالْقُلُوبِ الْفَاهِمَاتِ، وَإِنْ وَعَدَ أَتَى بِمَا يَفْتَحُ الْقُلُوبَ وَالْآذَانَ، وَيُشَوِّقُ إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَمُجَاوَرَةِ عَرْشِ الرَّحْمَنِ ] [1].
قال الشاطبي: ] إن كتاب الله قد تقرر أنه كلية الشريعة، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر، وأنه لا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة بغيره، ولا تمسك بشيء يخالفه، وهذا كله لا يحتاج إلى تقرير واستدلال عليه؛ لأنه معلوم من دين الأمة، وإذا كان كذلك لزم ضرورةً لمن رام الاطلاع على كليات الشريعة وطمع في إدراك مقاصدها، واللحاق بأهلها، أن يتخذه سميره وأنيسه، وأن يجعله جليسه على مر الأيام والليالي؛ نظراً وعملاً، لا اقتصاراً على أحدهما، فيوشك أن يفوز بالبغية، وأن يظفر بالطلبة، ويجد نفسه من السابقين وفي الرعيل الأول ( ... ) فمِن حيث كان القرآن معجزا أفحم الفصحاء، وأعجز البلغاء أن يأتوا بمثله؛ فذلك لا يخرجه عن كونه عربيا جاريا على أساليب كلام العرب.. ] [2].
وقال مصطفى صادق الرافعي: [.. هذا القرآن: أحكم دقيقه وجليله، وامتنع كثيره وقليله، وأخذ منافذ الصنعة كلها، واستبرأ المعنى الذي هو فيه إلى غايته، وقطع على صاحبه أمر الخيار في الوجه الذي يعارض منه، وكان من وراء ذلك باباً واحداً في امتناعه، لا موضع فيه للتصفح، ولا مغمز للثقاف، ولا مورد للمقالة؛ وقد توثقت علائقه، وترادفت حقائقه، وتواردت على ذلك دقائقه: ثم كانت جملته قد أحرزت عناصر الفطرة البيانية وجمعت فنونها، واحتوت من الكمال الفني ما كان إحساساً صرفاً في نفوس أهله، يشعرون به وجداناً، ولا يقدرون على إظهاره بياناً - فلذلك مما لا سبيل للنفس إلى المكابرة فيه بحال من الأحوال، أو ابتغائه بالمعارضة ومطاولته بالقدرة على مثله، إذ هو بطبيعته المعجزة لا ترى فيه النفس إلا مثالاً للعلم تعرف به مقدار ما إليه من إحكام العمل ] [3].
فأين البلاغة في قوله ﴿ أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي ٱلْمِيزَانِ وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ ﴾[4] ؟!
ترى أيّ معنى أضافه بقوله ( وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان )؟! ما الفرق بين العبارات الثلاثة: ( عدم الطغيان في الميزان ) و( إقامة الوزن بالقسط ) و( عدم إخسار الميزان )؟!

أين البلاغة في قوله ﴿ ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴾[5] ؟! أهناك إطعام من شبع واستئمان من أمان؟! فأي إضافة جاءت بها العبارتان ( من جوع ) و ( من خوف )؟!

أمن البلاغة استعمال لفظ الأكل وصفا لفعل الذئب في قوله: ﴿ قَالُواْ يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾[6] ؟!
ألا تقتضي البلاغة استعمال لفظ الافتراس وهو اللفظ اللائق بالسباع؟! أليس الأكل لفظ عام لا يختص به نوع من الحيوان؟!

أين البلاغة في استعمال لفظ اليُسر وصفا للكيل في قوله: ﴿ .. ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ ﴾[7] ؟!
ألا تقتضي الفصاحة استعمال وصف يناسب الأوزان لا وصف يليق بالمظاهر والأحوال؟!

أين البلاغة في ذكر وقائع جزئية بإسهاب ممل وإطناب ممجوج كذكره لبقرة بني إسرائيل؟!

أين البلاغة في وصف حركة الشمس بقوله: ﴿ وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ﴾[8] ؟! أللشمس أقدام تجري بها، أو هي سائل يجري كما تجري المياه في الأنهار؟! أم هو العجز البياني والتهافت البلاغي؟!

تلك نُتَفٌ من أخطاء القرآن البلاغية، وقد سعى Berg إلى طمس هذه الأخطاء بتحريفات نذكر منها:

🔅 الأنبياء 3:
﴿ لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾.
النجوى لا تكون إلا مخفية، والإسرار بها خطأ بلاغي قوَّمَهُ بيرغ بحذفها:
﴾ De urettferdige hvisker til hverandre: «Dette er jo bare et vanlig menneske som dere! Vil dere godta trolldom med åpne øyne‹‹ ? ﴿
أي:
( الذين ظلموا يُسِرُّون إلى بعضهم البعض: ‹‹ هل هذا إلا بشر مثلكم! أتقبلون السحر وأنتم تبصرون؟ ›› ).

🔅 الفتح 8-9:
﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِّتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾.
هذا النص يعتريه اضطراب في المعنى بسبب ورود الأفعال الثلاثة ( تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ ) من غير أي قرينة تحدد هوية الهاء المتصل بها[9]. فإن كانت تعود على أقرب مذكور ( أي الرسول ) كما تحدده قواعد اللغة العربية كان ذلك كفرا لأن التسبيح لله وحده، وإن كانت تعود على الله كان ذلك كفرا أيضا لأن الله لا يحتاج إلى من يُعَزِّره[10]، وإن كانت تعود عليهما معا صار الكفر كفرين.
ولرفع هذا الاضطراب ادعى بعض المفسرين أن الهاء في ( تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ) ضمير عائد على الرسول، أما هاء ( تُسَبِّحُوهُ ) فعائد على الله! وهذا ادعاء لا يقوم عليه دليل لخلو النص من هذا التعيين، إضافة إلى أنه اجتهاد يضرب عُرض الحائط بقواعد اللغة العربية التي تقرر أن الضمير يعود على أقرب مذكور. وادعى مفسرون آخرون أن الهاء في الأفعال الثلاثة يعود على الله جاعلين التعزير بمعنى التفخيم والتعظيم!
قال الرازي: [ الكنايات المذكورة في قوله تعالى: { وَتُعَزّرُوهُ وَتُوَقّرُوهُ وَتُسَبّحُوهُ } راجعة إلى الله تعالى أو إلى الرسول عليه الصلاة والسلام؟ والأصح هو الأول. ] [11].
وقال الشوكاني: [ قيل والضميران في الفعلين للنبي صلى الله عليه وسلم وهنا وقف تام، ثم يبتدىء وتسبحوه أي تسبحوا الله عزّ وجل { بُكْرَةً وَأَصِيلاً } أي غدوة وعشية، وقيل الضمائر كلها في الأفعال الثلاثة لله عزّ وجلّ، فيكون معنى تعزروه وتوقروه تثبتون له التوحيد، وتنفون عنه الشركاء، وقيل تنصروا دينه وتجاهدوا مع رسوله. ] [12].
وابتدع القراء قراءة تزيل اللبس وهي قراءة: ﴿ لِيُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَيُعَزِّرُوهُ وَيُوَقِّرُوهُ وَيُسَبِّحُوا اللَّهَ بُكْرَةً وأصِيلاً ﴾!
قال الطبري: [ وقد ذُكر أن ذلك في بعض القراءات «وَيُسَبِّحُوا اللَّهَ بُكْرَةً وأصِيلاً». وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك حدثنا بشر، قال ثنا يزيد، قال ثنا سعيد، عن قتادة «وَيُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وأصِيلاً» في بعض القراءة «ويسبِّحوا الله بكرة وأصيلاً». حدثنا ابن عبد الأعلى، قال ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في بعض الحروف «وَيُسَبِّحُوا اللَّهَ بُكْرَةً وَأصِيلاً». حُدثت عن الحسين، قال سمعت أبا معاذ يقول أخبرنا عبيد، قال سمعت الضحاك يقول في قوله «وَيُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وأصِيلاً» يقول يسبحون الله رجع إلى نفسه ] [13].
فيما ابتدع قراء آخرون قراءة ﴿ تُعَزِّزُوه ﴾ مِن العِزة، لتعود الضمائر المتصلة ثلاثتها على الله دون أي التباس.
قال الثعالبي: [ وقرأ ابن عباس وغيره: { وَتُعَزِّزُوهُ } بزاءين من العِزَّةِ ] [14].
وقال مكي بن أبي طالب: [ وقرأ محمد اليماني: وتعزّروه بالزاءين، من العز؛ أي: تجعلونه عزيزاً ويقال: عززه يعززه جعله عزيزاً وقواه، ومنه قوله:" فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ " ] [15].

أما Berg فترجم التسبيح بالثناء والإطراء ليعود الضمير في الأفعال الثلاثة على أقرب مذكورالذي هو الرسول!
فتأمل:
﴾Vi har visselig sendt deg som vitne, gledesbudbærer og advarer, at dere må tro på Gud og Hans sendebud, hjelpe Ham og vise Ham ærefrykt og prise Ham morgen og kveld. ﴿
أي:
( إنا أرسلناك شاهدا، ومبشرا ونذيرا، أنْ تؤمنوا بالله ورسوله، وتعزروه وتوقروه وتُطْرُوهُ بكرة وأصيلا. ).

🔅 البقرة 253:
﴿ تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَلَـٰكِنِ ٱخْتَلَفُواْ فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلُواْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾.

معلوم أن الحذف لدلالة المعنى ضربٌ من ضروب البلاغة، وقوله: ( وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ ) هو من هذا النوع. فرغم أن التصريح بالاقتتال محذوف إلا أنه حاصل ومعلوم لدلالة المعنى على أنهم اقتتلوا. وإذا تقرر هذا، فاعلم أن هذه الجملة البلاغية ما لبث أن لحقها العيب باستدراك تلاها، إذ المفروض أن يبين الاستدراكُ سببَ الاقتتال كأن يقول: ( ولكن اقتتلوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر )، غير أن الاستدراك جاء مبينا سببَ شيء آخر ألا وهو الاختلاف: ( وَلَـٰكِنِ ٱخْتَلَفُواْ فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَّن كَفَرَ )!
لتبرير هذا الخطإ البلاغي، ادعى المفسرون أن الاختلاف يوجب الاقتتال! قال الرازي: [ المعنى: ولو شاء لم يختلفوا، وإذا لم يختلفوا لم يقتتلوا، وإذا اختلفوا فلا جرم اقتتلوا، وهذه الآية دالة على أن الفعل لا يقع إلا بعد حصول الداعي، لأنه بين أن الاختلاف يستلزم التقاتل، والمعنى أن اختلافهم في الدين يدعوهم إلى المقاتلة، وذلك يدل على أن المقاتلة لا تقع إلا لهذا الداعي، وعلى أنه متى حصل هذا الداعي وقعت المقاتلة ] [16].
ذلك تأويل المفسرين من أهل الإسلام، أما مترجمنا بيرغ فتجرأ على النص بتحريف نادر، حيث استبدل "اقتتلوا" ب "اختلفوا"!
فتأمل:
﴾ Av disse sendebud har Vi favorisert noen fremfor andre, noen har Gud talt til, andre har Han gitt en høyere plass. Vi gav Jesus, Marias sønn, klare bevis og støttet ham med Den Hellige Ånd. Hvis Gud hadde villet slik, ville ikke de som kom etter dem, kommet i strid etter at de hadde mottatt den klare beskjed. Men de kom i strid. Noen trodde, noen trodde ikke. Hvis Gud hadde villet slik, ville de ikke kommet i strid. Men Gud gjør som Han bestemmer. ﴿
أي:
( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض، البعض كلّمه الله، والبعض الآخر أتاه مقاما عاليا. آتينا عيسى، ابن مريم، أمارات بينة وأسندناه بالروح القدس. لو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم، من بعد ما جاءتهم البينات. ولكن اقتتلوا. فمنهم من آمن ومنهم من لم يؤمن. ولو شاء الله، ما اقتتلوا. لكن الله يفعل ما يريد. ).

🔅 آل عمران 168:
﴿ الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
هذه الآية ركيكة في أسلوبها، فالذين قالوا لإخوانهم: ( لو أطاعونا ما قُتِلوا )، إنما قالوا ذلك في الواقع بعد أن قعدوا عن القتال وليس قبل القعود، بينما منطوق الآية يفيد أنهم قالوا قولهم ذاك ثم قعدوا..
ذهب المفسرون في ترقيع الخطإ إلى أنَّ ( قعدوا ) معناها هنا ( وقد قعدوا )، وادعوا أنها لغة عربية فصيحة من كلام العرب بدليل السماع!
قال أبوحيان: [ والجملة من قوله: وقعدوا حالية أي: وقد قعدوا. ووقوع الماضي حالاً في مثل هذا التركيب مصحوباً بقد، أو بالواو، أو بهما، أو دونهما، ثابت من لسان العرب بالسماع ] [17].
وقال الزمخشري: [ "وَقَعَدُواْ" أي قالوا وقد قعدوا على القتال لو أطاعنا إخواننا فيما أمرناهم به من القعود ووافقونا فيه لما قتلوا كما لم نقتل ] [18].

أما بيرغ فحرّف النص بتدخلات ثلاثة:
أولا: استبدل "عن om" باللام في ( لإخوانهم ).
ثانيا: استبدل ˝بينما mens˝ بالواو في ( وقعدوا ).
ثالثا: أضاف نعتا صَيَّر القعود قعودا في البيت لا قعودا عن القتال ( hjemmesittere قاعدون في البيت ).
وبذلك طَمَسَ التهافت البلاغي إذ صار مفاد الآية أن القائلين تكلموا عن إخوانهم بينما هم جُلوس في بيوتهم!
فتأمل:
﴾ Disse sa om sine brødre, mens de selv -var-hjemmesittere: «Hadde de bare hørt på oss, ville de ikke blitt drept.» Si: «Prøv å holde døden borte fra dere selv, hvis dere snakker sant!» ﴿
أي:
( هؤلاء قالوا عن إخوانهم، بينما هم أنفُسُهُم قاعدون في البيت: ‹‹لو سمعوا لنا، ما قُتِلوا.›› قل: ‹‹ فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين! ›› ).

يتبع

الهوامش:

[1] ابن كثير. تفسيرالقرآن العظيم. سورة البقرة. الآية 24.
[2] الشاطبي. الموافقات. دار ابن عفان. الخُبَر. الطبعة الأولى. 1997م. ج 4. ص 144.
[3] مصطفى صادق الرافعي. إعجاز القرآن والبلاغة النبوية للرافعي. دار الكتاب العربي. بيروت. الطبعة التاسعة. 1973م. ص 190.
[4] سورة الرحمن. الآيتان 8 و9.
[5] سورة قريش. الآية 4.
[6] سورة يوسف. الآية 17.
[7] سورة يوسف. الآية 65.
[8] سورة يس. الآية 38.
[9] قال ابن عاشور في تفسيره ˝التحرير والتنوير˝: [ وضمائر الغيبة المنصوبة الثلاثة عائدة إلى اسم الجلالة لأن إفراد الضمائر مع كون المذكور قبلها اسمين دليل على أن المراد أحدهما. والقرينة على تعيين المراد ذكر { وتسبحوه } ، ولأن عطف { ورسوله } على لفظ الجلالة اعتداد بأن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم إيمان بالله فالمقصود هو الإيمان بالله ].
وهذا مذهب خاطئ لأن القرينة ينبغي أن تكون صريحة في ذاتها لا في معناها، ضف إلى ذلك أن هذه القرينة -وهي معنوية لا لفظية- لا تنهض قرينة إلا على فعل التسبيح، ومن التعسف جعلها سارية على ما سبق من أفعال.
[10] التعزير معناه المنع، تعزروه أي تمنعوا الأذى عنه، وسمي التعزير في الحدود تعزيرا لأنه مانع من إلحاق الأذى بالناس. قال ناصر مكارم الشيرازي في تفسيره ˝الأمثل في كتاب الله المنزل˝: [ كلمة "تعزّروه" مشتقة من مادة تعزير، وهو في الأصل يعني "المنع" ثمّ توسّعوا فيه فأطلق على كلّ دفاع ونصرة وإعانة للشخص في مقابل أعدائه كما يطلق على بعض العقوبات المانعة عن الذنب "التعزير" أيضاً. ].
[11] الرازي. مفاتيح الغيب. تفسير سورة الفتح. الآية 9.
[12] الشوكاني. فتح القدير. تفسير سورة الفتح. الآية 9.
[13] الطبري. جامع البيان في تفسير القرآن. سورة الفتح. الآية 9.
[14] الثعالبي. الجواهر الحسان. تفسير سورة الفتح. الآية 9.
[15] مكي بن أبي طالب. الهداية إلى بلوغ النهاية. تفسير سورة الفتح. الآية 9.
[16] الرازي. مفاتيح الغيب. تفسير سورة البقرة. الآية 253.
[17] أبو حيان. البحر المحيط. آل عمران. الآية 168.
[18] الكشاف. الزمخشري. تفسير سورة آل عمران. الآية 168.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قواعد اللغة
حامد هلال ( 2020 / 2 / 3 - 11:52 )
يتشبت الكاتب خالي بالقاعدة اللغوية إن خدمت هدفه ويتجاهلها إن كانت تدحض زعمه، من ذلك مثلا قاعدة -عود الضمير على أقرب مذكور-.
ففي مقاله عن التكرار تجاهل الكاتب القاعدة في تعليقه على الآية 39 من سورة طه ( أَنِ ٱ-;-قْذِفِيهِ فِي ٱ-;-لتَّابُوتِ فَٱ-;-قْذِفِيهِ فِي ٱ-;-لْيَمِّ.. )!!!
أما هنا وتعليقا على الآيتين 8 و9 من سورة الفتح ﴿-;- إِنَّآ أَرْسَلْنَٰ-;-كَ شَٰ-;-هِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِّتُؤْمِنُواْ بِٱ-;-للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾-;- فقال‹‹ هذا النص يعتريه اضطراب في المعنى بسبب ورود الأفعال الثلاثة ( تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ ) من غير أي قرينة تحدد هوية الهاء المتصل بها. فإن كانت تعود على أقرب مذكور ( أي الرسول ) كما تحدده قواعد اللغة العربية كان ذلك كفرا لأن التسبيح لله وحده، وإن كانت تعود على الله كان ذلك كفرا أيضا لأن الله لا يحتاج إلى من يُعَزِّره، وإن كانت تعود عليهما معا صار الكفر كفرين. :


2 - الله أم الرسول
طاهر مرزوق ( 2020 / 2 / 8 - 22:38 )
الأستاذ/ حامد هلال
قرأت تعليقك وقرأت المقال وأعتقد أن السؤال المنطقى الذى ينبغى طرحه كما طرحه كاتب المقال هو: هل هذه الأفعال الثلاثة فى سورة الفتح على من تعود؟ على تعود على الله أم على الرسول؟؟
بدون الدخول فى تفاصيل كثيرة فالكاتب لم يتجاهل أو لم يوافق على ما تقوله، لأنه ترك لنا الإجابة على تساءله من حيث هذه الأفعال الثلاثة ننسبها إلى من؟ ننسبها إلى أقرب مذكور أم نتجاهلها وفى الحالتين لو أفترضنا الحالة الأولى أو الثانية يعتبر هذا الكلام ضد بشرية الرسول وضد إلوهية الله!!
من وجهة نظرك أستاذ/ حامد, كيف ننسب الهاء لله أم للرسول بتفسير منطقى؟
فى أنتظار شرحك مع الشكر

اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو