الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في نكبة و حال نخبنا القديرة من حال جامعاتنا

حمزة بلحاج صالح

2020 / 2 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في صناعة الرداءة بعنوان العلم و الجامعات و صمت الضمير الديني..

عندما تجوع النخب المتميزة و تشبع شبه النخب الوصولية ...

عندما يجوع الناس في مجتمع ما فإن ذلك من علامات اللارشاد في الحوكمة واستواء الأعمى بالبصير..

و إلتباس الحالات إلى حد عدم التمييز المتعمد أحيانا و تارة لفقدان مستوى الكسب الذي يلهم و يمنح ملكة التمييز بين عشر متعلم و شبه عالم و شبه مفكر و شبه فيلسوف و شبه رجل دين و شبه أديب و شبه فنان و شبه مسؤول بالتبعية من جهة..

و من جهة مقابلة لا تقاس قيمة أو قامة معرفية و فكرية و تنظيرية و عملية متميزة و رفيعة بثمن مادي ..

و لا تقارن بما يستهلك في ساحاتنا العربية و الاسلامية من جنس ما هو براق لامع و مزيف و أجوف و معتل و سائد ...

لذلك لم تجد النخب القديرة و الشريفة و الواضحة و العملات النادرة صدى و استجابة لمساهماتها النوعية...

و الغاية عند النخبة القديرة و النادرة من تميزها و تمايزها هذا هو الإنفلات من قبضة السائد الفاسد و المتخلف و المهيمن تراثيا و إنسانيا في الحالات الإسلامية و الإنسانية معا هي الإقلاع وفق استراتيجيات تغيير و هبة و نهضة مختلفة و ناجحة و مسجلة بعنوان مراحل زمنية و أهداف واضحة..

و عندما تجوع النخب التي تقطع مع الوصولية و النفعية الدنيوية و لا يحفظ ماء وجهها و لا كرامتها و عفتها لا من حكامها و لا من اثرياءها و لا من مجتمعها ..

و لا يتم تمييزها بمعنى منحها قيمتها الإعتبارية عن غيرها و العرفان بما تقدم و بقيمته الحقيقية و تحسب على الضجيج و الإنتهازية و التطفل و الإرتزاق ( من مرتزقة ) و التنويه و تثمين كرامتها و استقلاليتها...

فإن ذلك من علامات فساد المجتمع و فساد حال التيارات كلها تقريبا بدرجات متفاوتة و الخطوط الفكرية و الحالات الإسلامية معا..

و اليوم لا تفكير عميق يقدمه مفكر وحده و بمفرده فعمل الأفراد لا يجدي نفعا فالنزوع عالميا بات نحو و إلى فرق البحث للنخب اللامعة و العقول الكبيرة و النابغة و المتميزة محتوى و منهجية و أدوات مقاربة و أهداف عملية..

و نحو مراكز البحث الحقيقية لا الصورية كما نراها في عالمنا العربي و الإسلامي و حتي في العالم الغربي فليس مركز الدراسات فقط ترخيص قانوني و مبنى و بعض الدكاترة و التجهيزات ...

و ليس كما يحدث في فضاء جامعاتنا في الدول العربية و الإسلامية الشيعية و السنية و منها الجزائرية و مخابرها الصورية الشكلية كأنها وكالات سياحية للتربص في الخارج و الإسترزاق في الداخل مع تهاوي منزلة العلم و البحث العلمي الجاد في منظومة المجتمعات الإسلامية و خاصة علوم الإنسان و الدين و الثقافات و ما تبعها..

فلا تطور لعلوم العقل و الذرة و الفيزياء و الطب و الهندسة و الصيدلة و العلوم التجريبية و الطبيعية و الناوتكنولوجيا و المعلوماتية و الاتصال و الجينوم و الطب النووي و العلوم النووية إلا إن رافقها تطور علوم الإنسان تميزا و فرادة و صناعة و تأسيسا و تشييدا لصرحها...

لذلك كانت كل من جامعة " هارفارد " في شقها المتخصص بعلوم الإنسان و الشق المتعلق بالعلوم الطبيعية و العقلية و التجريبية متقابلتان من حيث الموقع و المكان...

بجوارهما صرح علمي ثمين القيمة هو معهد عال و مدرسة أو كلية متخصصة في علوم التربية و مناهجها و طرئق التدريس..

و غالبا ما يحصل شبه سجال رفيع المستوى بين طلاب و أساتذة القسمين و الشقين من الجامعة تلاوما و شبه سخرية لا ينقص من القيمة المضافة لمسار العلوم في شقيها و أيضا في علوم التربية...

في حين لا تسمع عند رجال الجامعات العربية و الإسلامية عندنا للأسف إلا تهافت مصطلحات و تيمات و عناوين ضخمة لكنها خاوية مثل " مشروع بحث " و " وحدة بحث " و " مخبر الحجاج " و " مخبر القيم " و " مخبر صناعة المفاهيم " و " مخبر التداولية " و " مخبر اللسانيات التطبيقية " و " مخبر القياسات " و " مخبر الارطفونيا " و غيرها...

بل في كل الحقول و التخصصات و ما أكثرها و ما أقل نفعها إلا ما رحم ربي و لست ملزما بجعل القليل ممن رحم ربي قاعدة للتعميم فهي تكاد تكون معدومة و من غير مبالغة ...

كما أنها لا تجدي و تنفع هنا الإنفعالات و ردود الأفعال الشوفينية و الحماسية و السطحية و العاطفية التي تعيش غارقة في الأحلام و الأوهام و التي تنتصر للعصبية الجماعاتية و المهنية الرعناء و تكره النقد العالم و النقد الذاتي و ترفض الإعتراف بالنقص..

فيكفيك ترتيب جامعاتنا عالميا و من ثمة فلا جدوى للإعتداد بالنفس و الزهو كالأطفال بالذات و إعتبار و بناء التقييم على عواطف و حماس و علاقات مجاملات من طرف طلاب مثلا يفتقرون إلى أدوات التقييم العلمي و الموضوعي لأساتذة تربطهم بهم علاقة أخلاقوية مجاملاتية لا شأن لها بالعلم يقولون عن أساتذتهم أنهم مستثنون فالتقييم علم و نتائج و هو شامل و ليس إنطباعا حماسيا و ميلا عاطفيا يتعلق بحسن المعاملة و بعض العلم...

ناهيك عن التمنع على النقد و الشعور بالوصاية على الجامعة كقول بعضهم لا يمارس نقد الجامعة إلا من هم في داخلها...

إنها ليست و كالات الإستخبارات الأمريكية أو الروسية " السيي إي إي " أو " إف ب أي " و " الكا جي بي "..

و لا هي مفاعل نووي في مرحلة التخصيب لليورانيوم إنها سوسيولوجيا و ظاهرة و موضوع نقد يوكل لأهل العلم والمعرفة حتى يبطل ذلك النقد كل التشنجات و التعالي الأرعن ..

هكذا تموت النخب القديرة لتحيا ماديا النخب كشهائد و رتب و منازل ومال قذر و إنتهازية و هالات وهياكل جوفاء و أدوات سياسوية تؤسس لصرح الرداءة و اغتيال العقل و تهاوي منظومة القيم تلبس لبوس الدين زورا ...

نعم إن إغتيال العقل كأداة ثمينة للمعرفة جريمة كبرى فبالمعرفة و العقل السليم تساس الحياة و تفهم و تقاد و تسير..

و لا أعني بالعقل علوم الحجاج و المنطق بل العقل كمنهجية و محتوى و تبصر معرفي و علمي و متانة بناء و ظاهرة و سوسيولوجيا و تشكلات و تمثلات و ممارسة تاريخية و راهنة و فحص و تحليل و مفاهيم منتجة و أدوات نظر سليمة..الخ..

هكذا تموت النخب القديرة في بلادنا عندما تهمل هذه الموضوعات و تحاصر المجتمع و السلطة نخبا مزيفة و رديئة ..

و هكذا تكون مخرجات جامعاتنا و نواتجها و هي غالبا نقول و إنتحالات و سرقات بلا حياء و كتابات سطحية و متون تردد و تعاد صياغتها تسمى بحوثا علمية في حقول علوم الإنسان كلها..

و ربما لا تستثنى من هذا الوصف حقول التخصصات العلمية الأخرى التجريبية و الفيزيائية و البيولوجية و الإلكترونيات و الطاقات المتجددة و النقل الحراري و الطاقوي و التحويل و الرياضيات و الطب و غيرها فترتيب جامعاتنا وحده مؤشر على حالة البحث العلمي و التعليم العالي...

إن الإستثناء و الشاذ لا يقاس عليه داخل هذا الضجيج و هو مهمل و غير تمثيلي ...

فحال جامعاتنا من حال نخبنا القديرة المهمشة و هي أكثر من تلك التي هاجرت ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب