الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
نزعة الانتقام في الاسلام … !
جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)
2020 / 2 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الانتقام بالاساس نزعة بشرية قبلية سوداء تعشعش في قلوب من لا قلوب لهم ، وهي من اسوء النزعات واخبثها ، يتحين فيها صاحبها الفرصة او يسعى جاهداً الى خلقها من اجل التنفيس عن غله وحقده المرضي الدفين نحو ضحيته ، وتكتمل سعادته السادية بالايغال في التمثيل بضحيته والتشفي منها الى منتهاها ! جاء في موسوعة " نضرة النعيم ": الانتقام هو: " إنزال العقوبة مصحوبًا بكراهية تصل إلى حدِّ السَّخط ".
البداية مع الاه الاسلام :
وردت العديد من الايات في القرآن ذُكرت فيها كلمة انتقام وتحمل في طيآتها الرغبة في الانتقام او التلويح به لايقاع الخوف والرعب في القلوب من الاه يقولون ويقول عن نفسه بانه رحمن رحيم !! مثل :
* إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ
* يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنْتَقِمُونَ
* لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ
* وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ
* وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ
* فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ
* فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ
* فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
* فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
* فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ
كيف يمكن لنا ان نفهم ان الاها سماويا يحمل هذه الصفة البشرية المقيتة !! والتي لا تنسجم مع كونه الاها مهمته التشريع وليس الانتقام من هذا وذاك ! … يفترض من الالاه ان يُنزل تشريعاته باسلوبه كالاه غفور رحيم لا كبشر ! ويحاسب من يتبعها او من يرفضها يوم القيامة الموعود ، ولا داعي ان يهدد بالانتقام ، ويهبط بنفسه الى مستوى البشر ونزعاتهم الشريرة ! … أم ( إنَّ وراء الأَكَمَة ما وراءها ) … !!
اليكم بعض من انواع الانتقام الالاهي من مصادر اسلامية :
1- انتقام الله تعالى من أكابر كفار قريش: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ترك قتلى بدرٍ ثلاثًا. ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال: " يا أبا جهلِ بنَ هشامٍ! يا أميةَ بنَ خلفٍ! يا عتبةَ بنَ ربيعةَ! يا شيبةَ بنَ ربيعةَ! أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقًّا؟ فإني قد وجدتُ ما وعدني ربي حقًّا ". فسمع عمرُ قول النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. فقال: يا رسولَ اللهِ! كيف يسمعوا وأنى يجيبوا وقد جيفوا؟ قال " والذي نفسي بيدِه! ما أنتم بأسمعَ لما أقول منهم. ولكنهم لا يقدرون أن يُجيبوا " ثم أمر بهم فسُحبوا. فأُلقوا في قليبِ بدرٍ " (رواه مسلم).
2- انتقام الله تعالى من الحجاج بن يوسف الثقفي: " ذكِر أن الحجاج قد أصيب بمرض " الأكلة " في بطنه وكان يهرش بطنه بيديه الاثنتين حتى يدمى إلى درجة أنهم كانوا يكوونه بالنار على بطنه لتخفيف تلك الأكلة التي أصيب بها ولم يكن يشعر بحرارة النار ويقول الرواة أنه كان يبكي كالأطفال من شدة الألم وقد شكا حاله إلى العالم الكبير الحسن البصري الذي قال له: كم قد نهيتك يا حجاج أن لا تتعرض لعباد الله الصالحين لكنك لم تنته وهذا جزاؤك. فقال الحجاج بصوت يملؤه الأسى والألم: إني لا أطلب منك أن تدعو الله حتى يشفيني ولكني أطلب منك أن تسأل الله أن يُعَجِّل قبض روحي ولا يطيل عذابي. وقد ظل الحجاج يعاني من مرض الأكلة خمسة عشر يوماً لم يطعم فيها الزاد ولم يغمض له جفن حتى مات وعمرة (54) عاماً ".
3- انتقام الله تعالى من القرامطة: قال: " فلما عاد القرمطي إلى بلاده رماه الله في جسده حتى طال عذابه وتقطعت أوصاله وأطرافه. وهو ينظر إليها وتناثر الدود من لحمه ".
4- انتقام الله تعالى من الوالي الظالم محمد بن صمصامة: " كان محمد بن صمصامة أميراً على دمشق وكان ظالماً متجبراً سفاكاً للدماء مصادراً للأموال خبيث العقيدة " ابتلي بما لا مزيد عليه، ضربه الله بالجذام، وكان يقول لأصحابه: " اقتلوني ويلكم أريحوني من الحياة ".
5- انتقام الله تعالى من كمال أتاتورك: ألغى كمال أتاتورك الخلافة العثمانية، وكان معادياً للإسلام، ومنع الأعياد والحج والأذان واللغة العربية، وأصدر أمراً بتحويل مسجد أياصوفيا إلى متحف، وكان سكيراً عربيداً ماجناً فاحشاً، ابتلاه الله بكائنات دقيقة لا ترى بالعين، فذاق مر العذاب ثلاث سنوات حتى قبضت روحه . ( انتهى الاقتباس )
تعليق :
والان ياتي دور الشيوخ لنسج القصص والروايات من وحي خيالهم بهدف ارعاب الناس وتخويفهم … وهو مرتكز اساسي من مرتكزات الدين للحفاظ على سطوته وهيبته ، فيتحول المسلم الى انسان مرعوب مهزوز يخاف من الانتقام المزعوم من الاه يهوى ذلك لتثبيت مكانته في قلوب مخلوقاته بالرعب …
نلاحظ من هذه القصص وهي كثيرة اخترت نماذج منها ان المُنتَقَم منهم يبدو واضحاً لنا انهم اصيبوا بامراض عادية لكنها غير معروفة في ذلك الزمان كالسرطان مثلا كما في حالة الحجاج واتاتورك نتيجة شرههم في الاكل والخمور وغيرها ، واستهلاك انفسهم في الحياة ومتاعها او معاناتها ، ولا دخل ل الله في الامر ففسرها الشيوخ واضافوا لها عنصر المبالغة والتهويل والتشفي ودفعوا بها على انها انتقام الاهي … وهكذا من اجل ارعاب الناس والزامهم ببيت الطاعة ! ومن يخرج عنه يعني عصيانه الله ورسوله وعندها سيحدث له ما حدث لكفار قريش والحجاج وبن صمصامة … الخ
ثم الا يفترض ان يكون الله لكل البشر ، الصالح منهم والطالح … وهل للاب مثلا ان ينتقم من ابنه العاصي والخارج عن طوعه ؟ لا يمكن … فهو في النهاية ابنه وعليه ان يقف الى جانبه بمشاعر الابوة السمحة والحب حتى يعود به الى جادة الصواب !
لاحظ اسلوب التشفي المخيف بالميت والاحتقار للاعداء والخصوم في نهاية كل قصة ، ولا كأنهم بشر لا جريرة لهم سوى اختلافهم او رفضهم للاسلام لا اكثر ولا أقل ! مثل : ( فذاق مر العذاب ثلاث سنوات حتى قبضت روحه … وتناثر الدود من لحمه … فأُلقوا في قليب بدر … الخ )
اما رسول الاسلام الاسوة الحسنة فله في الانتقام قصص نستعرض بعضا منها :
عندما انتقم من العجوز ام قرفة بتمزيق جسدها الى نصفين انتقاما منها لسبها له امام الناس أو محاولتها قتله كما يقول الرواة المسلمون ، ولا ادري كيف لامرأة عجوز في ارذل العمر ان تقتل رجلا قويا ومحاط ومحمي برجال كثيرين … ! ونفس الشئ حصل مع الشاعرة عصماء بنت مروان والتي هجته في شعرها فارسل لها من قتلها وهي نائمة تحتضن طفلها فنحى هذا القاتل وهو اعمى الطفل جانبا وطعنها طعنة قاتلة ثم عاد الى محمد مبشراً بمقتلها فتلقى مديحا منه على عمله الخسيس هذا !
كان العرب قبل الاسلام يأنفون من قتل امرأة ، ويعتبرونه ليس من الرجولة بشئ ، وهذا دليل على مدى تغير اخلاقيات العرب وانحطاطها بعد الاسلام !
ما رواه البخاري ، ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : " قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ ، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا ، فَانْطَلَقُوا ، فَلَمَّا صَحُّوا ، قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ ، فَجَاءَ الخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَسُمِّرَتْ أَعْيُنُهُمْ ، وَأُلْقُوا فِي الحَرَّةِ ، يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ " .
ومعنى ( سُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ ) قد جاء بيان معناها في رواية أخرى عند البخاري ( ثُمَّ أَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِهَا ) . ( انتهى الاقتباس )
تعليق :
تقول الرواية بانهم قتلوا الراعي وسملوا عيونه وارتدوا عن اسلامهم وهي تُهم قد جاءت من شيوخ الاسلام لتبرير نزعة الانتقام الرهيبة عند محمد … فاذا كانوا قد فعلوا ذلك يطبق عليهم الحد ويُقتلوا وينتهي الامر ، اما تسميل عيونهم بمسامير ساخنة ، وتقطيع اطرافهم كل هذا وهم احياء ، ثم تركهم في العراء يطلبون شربة ماء ولم يسقون … اليس هذا انتقام وحشي مرضي مروع ليس فيه اي شئ من العدل والانسانية والرحمة ، ولا يفترض ان يأتي من اي قاطع طريق فكيف بنبي ؟!
الذين امر محمد بقتلهم : قسم منهم قُتلوا فعلا والقسم الاخر حالفهم الحظ فنجوا من بطش محمد الرحمة المهداة !!
جاء في ” الأحكام السلطانية ” للماوردي ” ص 132 ” أنهم ستة، هم:
1ـ عبد الله بن سعد أبي سرح، كان من كُتّاب الوحي، فكان يغير ما أمرَه الرسول بكتابتِه ثم ارتدَّ ولحِق بقريش. ( أمر محمد بقتله حتى لو وجد تحت استار الكعبة )
2 ـ عبد الله بن خطل ، كانت له جاريتان تُغنيان بسبِّ الرسول صلّى الله عليه وسلم . ( قتلوا جميعا )
3 ـ الحُويرث بن نُفيل ، كان يؤذِي الرسول .
4 ـ مقيس بن حبابة كان بعض الأنصار قتل أخاه خطأ فأخذ ديته ثم اغتال القاتِل وعاد إلى مكّة مرتدًّا .
5 ـ سارة مولاة لبعض بني عبد المطلب كانت تسبُّ وتؤذي .
6 ـ عكرمة بن أبي جهل، كان يكثر التأليب على الرسول، طلبًا لثأر أبيه.
( حذر الله عز وجل تحذيراً شديداً من إيذاء سيد الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم بأي صورة من صور الإيذاء، فقال تعالى مخاطباً المؤمنين: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} بل توَّعد الله كل من أساء لنبيه صلى الله عليه وسلم بالعذاب في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً} . قال ابن كثير: "والظاهر أن الآية عامة في كل من آذاه بشيء، ومن آذاه فقد آذى الله، ومن أطاعه فقد أطاع الله". ) ( انتهى الاقتباس )
تعليق :
الله يعطي نبيه المحبوب المدلل هنا مكانة خاصة فوق مكانة بقية البشر ، ويقدمه على كل الناس حتى الانبياء الاخرين منهم الذين سبقوه ، ويربط مكانة محمد بمكانته كالاه في الطاعة او الاساءة وفي كل شئ ، ويرعد ويزبد ويهدد بالويل والثبور واللعنة في الدنيا والاخرة ، ويُعد في الاخرة عذاب مهين لكل من يحاول او مجرد ان يفكر في ان يؤذي هذا المعبود ! وهذه مفارقة غريبة وغير مفهومة من الاه يفترض ان لا يفرق بقياس انملة بين انسان واخر مهما كان هذا الانسان او ذاك ، وهذا هو العدل او هكذا يجب ان يكون ! …
حتى الانظمة الوضعية في العالم الديمقراطي تساوي بين كل البشر لا يفصل بينهما الا القانون ، فلا فرق ولا تفضيل بين رئيس الجمهورية مثلا وعامل النظافة الذي يعمل في الشارع المقابل لبيت رئيس الجمهورية … هذا هو التقييم الانساني للبشر ، لا ان نضع واحدا فوق الجميع ، وما على الجميع بضمنهم الله نفسه الا ان يصلوا عليه ليل نهار ، وان يكيلوا له المديح والثناء والتقديس ، وان يوسموه بانه لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ، اي انه والله سواء في المكانة والقدسية ! وان لا يؤذوه او يقتربوا منه او من نسائه ، لكن مسموح له ان يفعل الافاعيل بالناس كما يشتهي وكما يريد ويفرغ كل نزعاته المرضية في هذا او ذاك !
اخيراً :
منذ اربع عشرة قرن والعقل في حالة دفاع عن النفس بوجه اعتى واشرس قوة على الارض ، واليوم تحركت الحياة ودارت الدائرة ، وهذا امر طبيعي لايخرج عن مجراه ! فتحول العقل الى موقع الهجوم المنطقي والسلمي بالحجة والدليل والبرهان بوجه نفس القوة العاتية الشرسة … وهاتوا برهانكم ان كنتم صادقين !!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي