الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع تهيئة موقع -أﯕلمام أزﯕزا- بالأطلس المتوسط. ملاحظات عابرة

سعيدي المولودي

2020 / 2 / 12
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مشروع تهيئة موقع "أﯕـلمام أزﯕزا" بالأطلس المتوسط.
ملاحظات عابرة
خلال الأسابيع القليلة الماضية تم على صعيد إقليم خنيفرا بجهة بني ملال- خنيفرا إعطاء إشارة انطلاق اشغال مشروع تهيئة موقع " أكلمام أزكزا" وهو مشروع يحمل بوادر فعلية لالتفاتة ملموسة من مركز الجهة أو الجهة المركز إلى الهامش النكد الذي عانى لعقود طويلة من مظاهر شرعنة الحرمان والنسيان والتدمير البطيء ،والمبادرة بصرف النظر عن أية خلفيات مفترضة أو محتملة توجهها، تستحق الإشادة والتنويه رغم انها تأتي في تقديرنا بعد فوات الأوان، خاصة وأن الموقع على المستوى التاريخي والجغرافي والطبيعي والبيئي والجمالي كان على الدوام مؤهلا بالقوة وبالفعل لأن يلعب دورا أساسيا في تعزيز موارد ومواد وآفاق التنمية المحلية ودعم روافدها المختلفة.
والموقع استنادا إلى القرار الوزيري بتاريخ 22 يوليوز 1942 وبمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 10 أبريل 1943 مقيد في عداد الأبنية التاريخية والمناظر البهيجة، والتقييد أو التصنيف قائم يالضرورة على معايير موضوعية وواضحة تضفي سمات فريدة على الموقع باعتباره مكانا طبيعيا ذا صورة أو هوية محددة وتتوفر فيه عناصر الجمال أو البهاء الطبيعي التي تجعله متميزا في نسيج الفضاء العام الذي ينتمي إليه، ولذلك وضعت له خريطة محددة تحيل على أبعاده المخصوصة ومختلف تمظهراته الطبيعية، وتم وضع جملة من الإجراءات الكفيلة بالمحافظة عليه وصيانته والإبقاء على ثرائه وجماله، و الإجراءات التي نص عليها الظهير الشريف المشار إليه هي:
- منع التعليق أو الإشهار أيا كان شكلهما في دائرة المناظر البهيجة التي يحتويها.
- إحداث منطقة على وجه الحرمة يمنع فيها أي بناء داخل المناطق المذكورة، ويرخص فقط لنصب الخيام البربرية.
- إحداث حرمة في المناطق المذكورة لإبقاء الحالة على ما هي عليه، ومنع إزالة الأشجار او إدخال نباتات وأشجار غريبة عن المنطقة.
وكل هذه الإجراءات تتوخى الحرص الدقيق على صيانة الموقع وحمايته والحفاظ على خصوصياته و" بكارته" الطبيعية والتضاريسية وعدم إدراج أية تغييرات من شأنها ان تنسف أو تغير معالمه الخاصة.
وعلى الرغم من هذا التقييد أو التصنيف ظل الموقع ضحية الإهمال والتجاهل وأوشك على فقدان الكثير من مقوماته الطبيعية، وتمت على مستويات عدة انتهاك حرماته واستباحة فضاءاته حتى غدا مشهده في العقود الأخيرة مأساويا وتحول من موقع جميل إلى موقع شنيع وقبيح.
وحسب ما ورد في اللوحة الإشهارية التعريفية بالمشروع،فإن مشروع تهيئة الموقع يتضمن أشغال الطرق والتشوير ومواقف السيارات وممرات الدخول وإنشاء الجدران والمنشآت المختلفة والمرافق الصحية والإنارة العمومية وإصلاح بناية مركز الاستقبال. وهي أشغال لها حمولتها البارزة والمضادة لآليات ومظاهر الحفاظ على الموقع وصيانة وحماية كيانه الطبيعي والبيئي والمجالي، وستسهم عمليا في تدمير كثير من المعالم والمظاهر والعناصر الجمالية الفريدة التي يتوفر عليها وتشكل هويته التضاريسية، ولذلك فإن المشروع على ما يبدو يحمل في ثناياه صيغة إعادة إنتاج وبناء جديد لموقع "أﯕـلمام أزﯕـزا" توجهها في الواقع نشوة الاستثمار والرغبة في الربح السريع، وتنبني في جوهرها على تفكيك وإتلاف كثير من معالمه ومشاهده، وإرساء صورة جديدة تنهض بدور الوسيط بين أﯕـلمام أزﯕـزا" الطبيعي والتاريخي و"أﯕـلمام أزﯕـزا" وليد ومنتوج حمى الاستثمارات التي لا تبقي ولا تذر وتأتي على الأخضر واليابس.،
والموقع راهنا ينتسب للمجال الترابي لجماعة ترابية تحمل اسمه( جماعة أﯕـلمام أزﯕـزا") وهو اسم غير موفق تماما ويحمل كثيرا من معالم التمويه والتضليل، ويحيل إلى مرجعيات معلومة وظفت لصناعة وحياكة وفبركة الخرائط الانتخابية بالمنطقة، والمجال الترابي الفعلي للجماعة يمتد خارج حدود وفضاءات موقع "أﯕـلمام أزﯕـزا" وما أضيف منه إلى نفوذها هو في الأصل منتزع من جماعة الحمام/ مريرت / أم الربيع حاليا ولا يمثل إلا نسبة ضئيلة من مجموع مساحتها بالقياس إلى امتداداتها في اتجاه الشرق و الجنوب والغرب. وما سمي في بطاقة المشروع ببناية مركز الاستقبال هي في الواقع من إنشاء وبناء جماعة الحمام في العقود الأخيرة من القرن الماضي، وتفويتها الآن لجماعة أخرى يطرح أكثر من سؤال.؟
ومعلوم أن فضاءات موقع "أﯕـلمام أزﯕـزا" وتوابعه هي أراضي جماعية رعوية ويتم استغلالها للرعي فحسب، وفشلت خلال فترات مختلفة محاولات استغلالها خارج دائرة منظومة الرعي وفق التقاليد المعروفة بالمنطقة، وهي كذلك موضع نزاع وتجاذب وتنافس بين مجموعة من القبائل منها مجموعة واحدة( آيت بومزوغ) تنتمي لجماعة «أﯕـلمام أزﯕـزا" الحالية، ومجموعات قبلية تنتمي لجماعة أم الربيع ( قبائل آيت سيدي عبد العزيز)، ويهم النزاع أيضا مياه البحيرة، وحسب المعطيات المتداولة فإن الجزء المنتزع من موقع "أﯕـلمام أزﯕـزا" والمضاف إلى الجماعة المسماة باسمه هو في ملكية المجموعات القبلية التابعة لجماعة أم الربيع، ومشروع التهيئة من هذه الزاوية إنما يقام على أراض جماعية في ملكية مجموعات قبلية خارج نفوذ جماعة أﯕـلمام أزﯕـزا" ، وهو ما يمثل وجها من أوجه السطو على أراضيهم واغتصاب ممتلكاتهم والإجهاز على حقوقهم. ومن المؤكد ان الوزارة الوصية على الأراضي الجماعية على الصعيد المحلي والإقليمي تتوفر على كل المعطيات المرتبطة بأوجه الصراع وتاريخ المواجهات التي شهدتها المنطقة، ولكنها عادة تختار مظلة الحياد السلبي القاتل، ووجهة طمس الحقائق من أجل اختلاق توازنات وهمية وزائفة.
نشير في الختام إلى أن الغائب الأكبر في صياغة المشروع على ما يبدو هو السلطة الحكومية المكلفة بالشؤون الثقافية التي تقع على عاتقها مهمات تدبير التراث الثقافي والمحافظة عليه وحمايته وتثمينه. فهل يتأتى لها التدخل لدرء أية مخاطر أو أضرار يمكن أن يتعرض لها موقع أﯕـلمام أزﯕـزا" ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجمات مشتركة بين فصائل حوثية وعراقية على إسرائيل.. ما تداعيا


.. مجموعة السبع تتفق على استخدام فوائد الأصول الروسية المجمدة ل




.. كأس أمم أوروبا 2024: أمراض تداهم معسكر المنتخب الفرنسي ومباب


.. مراسلتنا: قصف جناتا كان محاولة لاغتيال قائد لحزب الله إلا أن




.. ماهو هدف الحقيقي للحوثيين من استهداف السفن ؟ بليغ المخلافي