الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاديان … نتاج العقل البشري !!

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2020 / 2 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كل الاديان دون استثناء من صنع بشر حالمين - يمكن ان نقول عنهم عباقرة زمانهم - منفصلين عن واقعهم بقدر تمردهم عليه ، اوجدوا الاديان ومجدها المزيف ، والذين اكملوا صُنعها من جاء بعدهم من رجال لا يقلون عنهم طموحا وحلما حتى ولو كان ذلك على حساب آلام واوجاع الناس ومعاناتهم ، وما اكثرها على مر التاريخ الطويل للاديان !
وبعد ان تحقق الحلم لهؤلاء المدَّعين وانتشر الدين بالعدوى من جيل لآخر ، وتحول الى حقيقة في اذهان البعض ، وشبه حقيقة في اذهان آخرين ، ولاشئ في اذهان من ادرك حقيقته ! ومن ثم قبِلته الاكثريه وسلمت به كامر واقع لا مناص منه ، ولا يمكن الهروب من سطوته وجبروته ، واستعماره للعقول …كالاسلام ( وهو اكثر ما يهمنا ) الذي لا يسمح لاتباعه بالخروج من قبضته وكانه قدر محتوم حتى لا يفتح المجال للاخرين النجاة بارواحهم من بطشه ، وعندها ستكون الضربة القاضية والنهائية له !!
فوجد الطيبون والبسطاء من اهلنا في الدين متعةً روحية وعزاءً وهروباً من واقعهم البائس المزري ، فلاذوا بالغيبيات والخرافات التي جاء بها الدين واوغلوا فيها حتى تحولت في اذهانهم الى حقائق مطلقة ، وبالغوا في العبادات التي تحولت هي الاخرى الى حركات آلية ، ونغمة مكررة لا تُقنع احداً بجدواها غير صاحبها ! يؤديها المسلم بعد أن تعوَّد جسده عليها وادمنها دون عمق او غوص في تفاصيلها ونتائجها … وعندما تريد ايقاضه من حالة الخدر التي تمكنت منه يهرب امامك صاماً اذنيه لا يريد العودة الى الواقع خوفاً من مواجهة الحقيقة التي قد تكلفه ضياع ايمانه كما يعتقد ، ومن بعدها ضياع دينه الذي بدونه تغدو له الحياة ومن لم يولد سواء ! على الرغم من تسليمه بصحة ما تطرح ، وكأنه ولسان حاله يردد بلهجة من يقول هذا ما جاء به ابائنا واجدادنا !
تحولت الاوهام والخزعبلات التي يتعكز عليها الدين بفعل عِشرة الناس الطويلة معها ، الى حقيقة اكثر من الحقيقة نفسها ! وبقي الدين مهيمناً على العقول واوقف كل نشاط لها لقرون مع استثنائات قليلة منها المعتزلة ، ولكنهم أُبيدوا ومسحو من ذاكرة التاريخ حتى اصبحوا نسياً منسيا ، وطُمست كل مؤلفاتهم ، وضاعت افكارهم في لجة الاحداث … واستمرت هيمنة الخرافة والوهم المحمية بنصوص مقدسة ، وسيف بتار على حساب العقل الذي ينحو نحو المحاججة والمنطق !
يتوهم الاكثرية من الناس بان العيش بدون دين سيترك ثغرة لايمكن ردمها تنفذ من خلالها القيم الفاسدة وغيرها من الشرور الكامنة في النفس البشرية التي ستجرف في طريقها ايمانهم وقيمهم التي ورثوها عن الاباء والاجداد ! والتي يعمل الدين في تصورهم على حفظها ، من خلال منظومة العقاب والثواب التي يتبعها كاسلوب ردع لمن تسول له نفسه التمرد على ارادة الالاه وانبيائه … ولكن هناك من يقول محقاً بان الشعوب التي لادين لها مثل الشعب الياباني اكثر اخلاقاً وانسانيةً وابداعاً من الشعوب التي عندها دين مثل الشعوب الاسلامية ! وهذه حقيقة يدركها الكل ، ويقر بها بعض شيوخ الاسلام رغم اصرارهم بان لا قيمة لهذه الاخلاقيات دون خضوعها لسيطرة الدين وإلاهه وتوجيهاته !
تحولت الاديان بمرور الزمن الى هاجس مقلق عند الناس بسبب تدخلها وتغلغلها في كل مفاصل حياتهم آمرةً ناهية ، واصبحت هي الحاكم الفعلي الذي يتصرف في امور الدنيا والاخرة عن طريق المؤسسات الدينية ورجالها كما في المسيحية والاسلام واخذت تفرض عقائدها بالقوة المقدسة !
وبعد نضال مرير امتد لقرون قاد فيها المثقفون المتنورون في الغرب المسيحي حركةً دؤوب تدعو الى تحرير العقل من سلطان الدين ، كُللت اخيراً بالنجاح فقاموا ببناء جدار سميك فاصل بينهم وبين الدين ، وانطلقوا خفافاً الى العمل والابداع ، وما نحن فيه من رفاهية علمية وخير سببها هذه العقول التي افرزتها واطلقتها هذه الصحوة !
اما الاسلام فبقي جامداً ولا يزال … مشلول الحركة والنشاط على مستوى العلم والعمل بسبب طبيعته وتركيبته الرجعية القائمة على العبادات بالدرجة الاولى ، وتكريس الغيبيات التي لا جدوى منها ، والمكبِلة للنشاط العقلي عند المسلم الذي بات يعيش هاجس الانتقال من صلاة بانتظار الاخرى ، ومن طقس الى اخر حتى لم يستطع بعض الغلاة ان يجدوا وقتاً لحياتهم الخاصة فكيف يجدون وقتا للعمل والابداع ؟! فبقي المسلمون منزوون في مؤخرة الركب يعانون الجهل والخرافة ، والمسافة تتسع بينهم وبين العالم المتحضر يوما بعد اخر ! مما جعلهم في هامش التخلف والانحطاط الإنساني !
بعد التطور المادي الهائل ودخول العقل المسلم بكبسة زر الى اماكن رمادية كانت بعيدة عن متناوله ، واطلاعه على المكشوف والمخفي من الثوابت او هكذا جرت العادة على تسميتها … فدجَّنها وحولها العقل الباحث عن الحقيقة الى متغير يمكن مناقشته والتعامل معه ولو بحذر شديد ، والدخول في حوار منطقي معمق وحتى مشاكس احيانا ، والخروج بافضل النتائج لصالح العقل ودعاته من التنويرين الجدد !
فبدء الكثيرون يجرون مراجعات شاملة وجريئة ، وجهوا فيها نقدا لاذعا لمحتوى التراث حتى المقدس منه كالبخاري ومسلم ، وهي خطوة شجاعة ما كانت لتكون لولا القفزة العلمية الهائلة التي حققت ذلك الاختراق في جدار الاسلام الصلب ! وجرت مناقشات عقلية عامة للدين وقيمه التي بدء الشك يخترق منظومتها الهشة ، ويتسائل الكثيرون عن مدى صحتها وقدسيتها ! وتجرأ البعض من الناس على مغادرة الدين غير آسفين نابذينه نبذ النواة ! باحثين عن ذاتهم في احضان العلم والعقل بعيدا عن اصفاد الاوهام والترهات ، والانخراط في الحياة واخذ ما يمكن اخذه من حقهم الطبيعي فيها دون رقيب يسلط سيفه الاجرب على رقابهم !
اخيرا :
لو حاولنا مجتهدين ان نجيب عن سؤال مهم وهو ما النفع الذي كسبناه من الاديان بشكل عام والاسلام بالخصوص نحن واسلافنا … الضحايا الاوائل لسطوته وقسوته وشراسته ، والتي راح ضحيتها الملايين من البشر ؟ لكانت الاجابة من اي منصف عاقل : لا شئ … الا التمزق والفرقة والتخلف … فالمسيحية لم تعد لون واحد بل عشرات ، اما الاسلام فحدث ولا حرج … ملل ونحل وطوائف ومذاهب لا يجمعها شئ الا الكراهية والحقد والغل بعضها لبعض ! واعداد من ذُبحوا وقُتلوا على يد المسلمين في حروب هستيرية فيما بينهم ومع الاخرين يتجاوز ما حصدته كل الامراض والاوبئة والجراثيم منذ بداية الوجود ولحد الان ! اجيال وامم أُبيدت عن بكرة ابيها من قبل مسلمين يتطاحنون على احقية من هو المسلم الصحيح ! أو على من يجب ان تكون له الزعامة على المغيبين من المسلمين ، والمستَعمَرين من رعايا الدول المحتلة ، والكل يريدها له ولاهله ونسله ، ناهيك عن حروب السيطرة والاحتلال ، وخسائرها المهولة ! ولو اقتصر الامر على العصور الغابرة لهان ، ولكنه انسحب الى عصرنا الحالي عصر الاسلحة الفتاكة التي تحصد ارواح الناس بالجملة وباعداد مخيفة … ولا يزال الدم سادرا في جريانه … وسيستمر !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري