الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناتك يا وطن

راهبة الخميسي

2020 / 2 / 14
المجتمع المدني


بثت المرأة العراقية، الثقة والامل في قلوب الجميع من خلال الحراك الذي تفردت به، لافتة انظار العالم الذي اثبتت له انها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بهموم الوطن، تتمثل مشاكله، عابرة الجنسانية والجندرية التي تقولبت فيها دهوراً طويلة، وقررت ان ترتقي بوعي وتحضر، موثقة مكانتها الحقيقية كمثقف عضوي، له ثقله وتأثيره الكبير في رسم خارطة مستقبل العراق.
لقد اكدت المرأة العراقية، اكتسابها لمشروعيتها وذاتها الوجودية في المجتمع، وخرجت من حالات الثنائية المهينة، داحرة مفاهيم التراتبية الهرمية، متفوقة بإنسانيتها، لتصبح ايقونة ومثلاً تقتدي به نساء الكثير من الدول.
لقد وطنت حفيدات عشتار وسميراميس والخنساء ذاتهن في تاريخنا المعاصر، والغت ماعلق في هوية المرأة العراقية من القوالب التقليدية الظالمة، التي حصرت مطالبها ونضالاتها لمناهضة التمييز بينها وبين الرجل، وللطموح الذي يهدف المساواة بينها وبينه، فخرجت بحراك مجتمعي شامل يناهض الفساد وسلب الحقوق، وليس من اجل مطالب او مكاسب خاصة للمرأة فقط، بل لاجل الانسان العراقي.
واستطاعت بذلك ان تقطع الطريق على الجهات التي تعيق وصولها لاهدافها الحقيقية المشتركة كإنسان، بعيداً عن فصلها او تمييزها عن الرجل، بل وقفت بجانب الرجل، تحمل ذات الاهداف، وانها الثائرة التي لم يعد دورها شكلياً، فهي الشجاعة التي تستعد للتضحية حد الاستشهاد، فوقفت بخط الصد المواجه، وتبنت ظاهرة غير مألوفة في اي مكان اخر، مختلفة كل الاختلاف عن ادلجة التيارات المتطرفة.
قدمت شهيدات اسوة بالثائرين، وهي تحمل السلاح الوحيد الذي هو علم العراق المزدان بورود البنفسج العبقة، وبأكاليل السلام التي تكللت بها رؤس العراقيات المتظاهرات، الهاتفات بالسلمية لأجمل مليونية نسوية شهدها العراق..مليونية البنفسج.
اعلنتها ثورة حضارية ضد كل من تحَكَم بممارساته الدنيئة ضد ابناء الشعب العراقي، بذريعة الواجبات الدينية او الاجتماعية او السياسية، ولم تنفع مراهنات اعداء الشعب، ومحاولاتهم لتشويه دور المرأة العراقية، وزرع الشكوك تذرعاً بموضوع التحرش والسلوكيات المرفوضة في ساحات التظاهرات، غير مدركين ان المرأة المتظاهرة هي الام التي تطبخ الطعام وتجهزه لأبنائها المتظاهرين، وهي المسعفة التي تعالج اخيها المصاب، وهي القلب الحنون الذي يوفر للجميع اجواء الرعاية والحرص والامان، بعيداً عن اي مساس او تحرش يصدر من المنتفضين الذين ترعرعت فيهم الشهامة والغيرة على الام وعلى الزوجة وعلى الاخت والابنة.
ان الحراك المجتمعي الثائر قد اكتمل بالوجود الفاعل للمرأة، والذي اظهرت فيه روحها الوطنية، والتي طغت وسادت وفرضت مدنيتها، وشكلت مشهداً رائعاً لايحتمل التأويل او التشويه، والذي سوف لن يمر مرور الكرام، بل ستكون له تداعيات تسحق ما كان يهمش المرأة او يحجم دورها او يضعفه، فهي صوت لثورة بناء دولة (دستور وقانون) يرتقي للحالة الحضارية التي افصحت عنها العلامات المضيئة التي سوف تنير سفر العراق، وتشرف تاريخ الحركة النسوية بردائها الوطني الحقيقي.
فكلا للثغرات التي يبتدعها البعض للمساس بالمرأة، او لتقسيطها، او لاضعاف دورها، فهي ضمن نسيج الجيل العنيد الصابر الوطني، وهي نصف المجتمع ومربية النصف الاخر فيه، وهي من يقع عليها الحيف والحزن مضاعفاً حين تثكل او تكلم او تترمل.
طوبى للمرأة العراقية التي حلفت ان لاتتراجع عن اهدافها الانسانية النبيلة، مهما تجاهلت الحكومات دورها، ومهما سوفت وماطلت.
نعم للعيش الكريم المكفول لكل ابناء الشعب العراقي بكافة اطيافه ومذاهبه واجناسه.
نعم للعراقية الباسلة التي تجوب ساحات التظاهرات في بغداد والباقي المحافظات، وهي تؤكد مدنية المجتمع العراقي ذكوراً واناثاً.
نعم للثورة المجتمعية الشاملة المكتملة والمتكافئة.
نعم لمليونية حرائر العراق ولنضالهن المذهل.
طوبى لشهداء وشهيدات ثورة تشرين المجيدة.
ولاتراجع...لأجل الدماء التي سقت ساحات الاحتجاج.
تحية محبة وفخر لطائر السلام والحرية الذي لايحلق إلا بجناحي الرجل والمرأة معاً.

14/2/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين