الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة الإنسان - اسطورة سيزيف

وائل المبيض

2020 / 2 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ما تلبث شمس الصباح أن تشرق حتى ندرك المقولة الشعبية "كل يوم خس وجزر" .
ففي كل يوم يسعى هذا الموجود خلف رزقه اليومي، الرزق القاتل للإنسان؛ تلك الدورة الرتيبة التي فرضت وجودها على كل المخلوقات، من الجراثيم إلى الحيوانات، يقع الإنسان في دورانها كل يوم، يأكل ويشرب ويكدح وينكح ومن ثم ينام وهكذا دواليك، حالة إستهلاك للإنتاج و إنتاج للإستهلاك ." بنلف في دواير والدنيا تلف بينا و دايما ننتهي لمطرح ما ابتدينا"مروان خوري .

إنها مسيرة الإنسان في الماضي والحاضر والمستقبل شرقيا كان أم غريبا، والتي في سياقها تظهر مشاعر خاصة بالإنسان ك العقد النفسية و الإكتئاب الخ .
وبما أن الأمر يتعلق بتأريخ الإنسان وكينونته، فالميثولوجيا خير دليل على ذلك "إسطورة سيزيف".
*تنبيه، أود الإشارة أن ثمة فارق بين تمثل إسطورة ما والإيمان بها وبين البحث في مدلولاتها.

تحكي الإسطورة الأغريقية أن سيزيف كان رجلا ذكيا وماكرا جدا، إستطاع أن يخدع إله الموت ثانتوس حين طلب منه أن يجرب الأصفاد، وما إن جربها إله الموت حتى قام سيزيف بتكبيله، وحين كبل سيزيف ملك الموت أصبحت الناس لا تموت .
غضبت الألهة الأوليمبية على سيزيف فحكموا عليه لأن يعيش حياة أبدية، على أن يقضي سيزيف حياته الأزلية في عمل غير مجد، ألا وهو دحرجة صخرة صعودا إلى أعلى الجبل فما أن تصل إلى الأعلى حتى تتدحرج الصخرة نزولا إلى الأسفل بسبب ثقلها وهكذا مرارا وتكرار وبلا توقف أو نهاية.

ترى النظرية الشمسية أن سيزيف هو قرص الشمس الذي يشرق كل صباح من الشرق ويهوي غاربا في الغرب، في حين يعتبره اخرون تجسيما لموج البحر يرتفع لينخفض، أما ألبير كامو فيقول في مقاله الشهير المنشور عام 1942 والمسمى اسطورة سيزيف، ان سيزيف يجسد هراء ولا منطقية الحياة الإنسانية ولكنه يختم بقوله أنه لابد ان نتخيل أن سيزيف سعيد ومسرور، تماما كما أن النضال والصراع و الكفاح نحو الأعالي والمرتفعات كفيل بأن يجعلنا سعداء .

الدرس الهام في اسطورة سيزيف - خلاصة

يرى كامو أن اسطورة سيزيف لا تعكس مأساة الإنسان في عبثية الحياة بقدر ما تصور تحديه وكفاحه المستمر، كان بإستطاعة سيزيف أن يضع حدا لحياته وأن ينهي هذا العقاب الأبدي، لكنه إختار بشجاعة أن يتحدى قدره وأن يمضي قدما في مواجهة مصيره هذا .
إن هدف الحياة الأسمى تجده في ذاتها، فليس بالضرورة أن يصل الإنسان إلى كل هدف يرسمه، بمعنى أن مشوار حياتنا هو الهدف بعينه، حين ندرك ذلك سنعطي لكل شيء نصنعه قيمة مهما بدت صغيرة ومتواضعة ، ذاك هو الوقود الذي يمكن أن يخفف على الإنسان كدحه ومشقته في هذه الحياة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف