الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لسنا ضد الدين وانما الدين ضدنا … !!

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2020 / 2 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


متى كان للاسلام اصدقاء ؟ الاسلام دين شمولي اقصائي لا يعترف باي دين من الاديان السماوية الاخرى ؛ قد يحترمهما ظاهرياً ، ولكنه لا يستسيغهما بل يناصبهما العداء ، ومسالة التكفير بين الاديان الثلاثة واضحة ولا تحتاج الى منظار ! اما علاقته بالافكار والمذاهب الفكرية الوضعية بدءً من الشيوعية ومروراً بالراسمالية وانتهاءً بالعلمانية فهو يكفرهما بالجملة ! الاسلام يعتقد بان لديه إجابة كاملة ونهائية على كل الأسئلة في الدنيا والآخرة ، فما حاجته وحاجة اتباعه الى البحث عن اجابات من اديان او منظومات فكرية اخرى ؟!
لهذا اصبح العيش والتعايش مع الاسلام من جانب حَمَلة الفكر العلماني او اي فكر حداثي اخر لا اقول مستحيل ولكنه صعب ، فالعلمانية ليست ضد الاسلام او ضد اي دين آخر كما يروج الاسلاميون بل هي تسعى لتسيير شؤون الدنيا ، وإدارة مؤسسات الدولة وتنظيم عملها ، و تقف على مسافة واحدة من الجميع ولا تميل لهذا على حساب ذاك ، في وقت يناصبها الدين العداء ويعتبرها كفر والحاد ، وانها تسعى لإقصاء الدين عن الحياة ونشر الإلحاد والمفاهيم الغربية بين المسلمين ، كما تسعى لنزع ثقة المجتمعات بالاسلام . الى اخر المعزوفة المملة … نلاحظ هنا الربط الميكانيكي بين العلمانية والكفر اصبح اسطوانه يديرها الاسلاميون متى شائوا للايغال في عملية التشويه بهدف تثبيت هذا الادعاء في وعي المسلمين وهو ما يريده الاسلاميون … تتعرض العلمانية الى حملة شرسة من الاسلاميين المتطرفين والاخوان بالخصوص هدفها التشويش والتشويه لمفاهيمها في اذهان المسلمين …
يمكن ان يجسد قول بوذا هذا العلمانية وعلاقتها بالاديان : ( اعبد حجرا اذا شئت ولكن لاترمني به … ! ) فهي تتسامح مع كل الاديان وتعطها الحق في ممارسة شعائرها بكل حرية !
الاختلاف الواضح بين العلمانية والاسلام هو ايمان الاخير واصراره على تطبيق الشريعة كمنهج حياة انطلاقاً من مبدء الاسلام دين ودولة بالرغم من عدم موائمتها للواقع ، في حين ترفض العلمانية زج الدين في السياسة والحياة ، فالعلمانية منهج ارضي دنيوي في حين الاسلام نظام سماوي غيبي … وفي مقابلة تلفزيونية قال اردوغان ان "العلمانية تعني التسامح مع كافة المعتقدات من قبل الدولة ، والدولة تقف من نفس المسافة تجاه كافة الأديان والمعتقدات". وهنا تظهر الازدواجية واضحة في موقف اردوغان الاسلامي ! دولة علمانية يديرها عقل اسلامي اخواني !
الاسلام ينظر الى العلماني نظرة غير ودية … ليس كما ينظر الى الملحد ، فهو لا يهدر دمه كما يفعل مع الملحد بالرغم من انه يعتبره مارقاً لانه يجد فيه املا في العودة الى الحظيرة ، ليس كما هو الحال مع الملحد الذي قطع تذكرة ذهاب بدون عودة ( one way ) … !
وقد طُرح سوأل على احد الشيوخ المتزمتين حول امكانية القبول بالعلمانية واعتبارها صديقة للإسلام بما انها تصون حرية الاعتقاد ، وتمنح المتدينين حريتهم الكاملة لممارسة شعائرهم التعبدية … الخ : فقال ( العلمانية فكرة كفرية، فمن اعتنقها ودان بها فقد مرق من دينه، ذلك أنها تعارض حاكمية الشرع بحاكمية البشر، وحق التشريع للخالق فحسب، فينقلب ذلك ليكون حق التشريع للمخلوق فحسب... )
اقول : يمكن ان تضم الارض السماء في عناق حميم ندي ، ولا يمكن ان يصاحب الاسلام العلمانية !!
الاسلام في بداياته كان ديمقراطياً عندما كان ديناً دعويا حالماً قبل تحوله الى اسلام سياسي بُعيد انشاء الدولة الاسلامية في يثرب وبداية الانحدار الروحي … فقد اعطى الناس حقهم في الاختيار ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ( لكم دينكم ولي ديني ) ، ( لا إكراه في الدين ) ( أفأنت تكرِه الناس حتى يكونوا مؤمنين ) ( اعملوا ما شئتم ) .
فكما يقول آرنولد توينبي وهو من اكبر المؤرخين البريطانيين في القرن العشرين واغزرهم انتاجاً ( أن نبي الإسلام محمد لو بقي داعياً دينياً فقط ، لأصبح الإسلام أسمى روحياً مما هو عليه ، وأن الهجرة كانت بداية الانحلال ) اذن انطلاقا من هذا القول فان الاسلام الدعوي المسالم الهادئ ، الدافئ والنصير للفقراء والمحرومين في بداياته كان محل احترام الجميع حتى اهل مكة انفسهم الذين تركوه لاثني عشرة سنة دون ان يمسوه بسوء ، وما تصوره الآلة الاعلامية للشيوخ من ان محمداً واتباعه قد تعرضوا لاضطهاد وتعذيب كما كنا نراه في السينما لا صحة له ولايوجد ما يثبت ذلك ، لسبب بسيط ان اهل مكة تعاملوا مع المسلمين حسب معتقدهم الديني السائد آنذاك ، والذي يسمح بالتعددية وحق الفرد في اختيار ما يعبد ، وقد يكون الاسلام قد تأثر بهذا النهج في بداياته فخيَّر الناس في الدخول في الدين بين الرفض والقبول !
لم يحصل صدام بين الطرفين الا بعد ان طلب محمد من اهل مكة ( الكفار ) ان يتركوا دينهم ودين آبائهم واجدادهم ، ويدخلوا في الدين الجديد … ولهم في هذا اقوال ينقلها لنا التاريخ من قبيل : ان محمدا قد سب آلهتنا وسخر من ديننا وسفه ارائنا … الخ ومع ذلك قدموا له مغريات كثيرة مقابل ان يتركهم ودينهم ولكنه رفض فكانت الحرب !
ومن يقرأ عن تلك الفترة بعد الهجرة الى يثرب وتاسيس نواة الدولة والجيش ، والتي يصفها توينبي ببداية الانحلال ، تصيبه الدهشة من التحول المفاجئ في المزاج الالاهي بعد ذلك ، ومن ثم تحول الإسلام الى دين شمولي : صدامي عنيف دموي متشدد توسعي لا يقبل الاخر يصادر كل الحريات الفردية وحتى العامة ، ويرسخ شعار اما معي او ضدي !
ويؤكد توينبي ان محمداً ( لو بقي داعياً دينيا فقط لاصبح الاسلام اسمى روحياً ) وهذا تصور اقرب الى الواقع فروحانية الاسلام الاولى ورومانسيته قد غادرته ولم تعد تنفع بمجرد تحوله الى نظام سياسي يدير دولة تحولت فيما بعد الى امبراطورية مترامية الاطراف ! وادارة الدولة بالتاكيد تحتاج الى الشدة والحزم فكيف اذا كانت مغلفة بارادة الاهيه ؟!
اخيراً :
ثمة حقائق بدأت تتكشف للعيان منها الانتشار والقبول الواسع للعلمانية على حساب الدين الذي بدء ينتفض الانتفاضات الاخيرة للميت قبل السكون الابدي !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري