الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطرٌ وذكرياتٌ لا تمحوها سنوية الذكرى

هناء حسين مروة

2020 / 2 / 18
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في الذكرى الثالثة والثلاثين لاستشهاد المفكّر حسين مروة، خواطرٌ وذكرياتٌ لا تمحوها سنوية الذكرى
...لطالما أسأل، وأتساءل بعجَب، هل ذكرى الأحبّاء تتهادى متقدِّمةً بصمت وهدوء على صفَحاتِ الزمن فتصلُ إلى يومٍ محدَّدٍ في السنة لاستذكار مغادرتهم الحياة؟! وأتساءَلُ، وأكادُ أصدِّقُ نفسي، حين نعيش شؤونَ الحياةِ اليوميةِ وشجونها، هل يُنسينا تتابعُ الأيامِ لتُذكّرَ بالأحبّاء؟! أسألُ نفسي، حين أخلدُ إلى الراحةِ والهدوء بعد ممارسة ما تيسّرَ لي من أعمال كثيرةٍ تشغلُني يومياً: هل أنسى هوْلَ الصدمة، والأسى يفاجئني وأنا بكامل وعيي ونشاطي؟ هل أنساه يدوّي في نفسي صواعقَ رهيبة، وأنا أستعيدُ لحظاتٍ هدَّمَتْ كل أحلامي وآمالي؟! هل أنسى لحظةَ المشهدِ الصاعق وأنا في حضرةِ شهيدنا المفكّر حسين مروة: ممدَّد جسدُه، ورأسُه، المصاب برصاصة واحدةٍ وحيدة كاتمةٍ للصوت، مستنداً على ركبتيْ زوجته المفجوعةِ وسط بركةٍ من الدماء الزكية؟
تلكَ كانتْ لحظاتٍ رهيبة، جمّدت الدمَ في عروقي وأنا أنظرُ إلى الزوجة المنكوبة الباكية بصوتٍ مرتجف يستنجدُ بكلماتٍ مبهمة، يُحاكي ذهولي وأنا أنحني، ملامِسةً قلب الجسدِ الممدّد، أحاولُ - عبثاً - الاستماع إلى دقّاته، علّها تمنحني أملاً لسماعها، لكن، بدا لي حينها أنّ الحياةَ انطفأتْ من جسده النحيل.
ذكرياتٌ تراودني في كلِّ مناسبة، في كلّ مجلسٍ وكلِّ محيط ومع كلِّ مُسامِر. أمام كلِّ مقالة، أمام كلّ بحثٍ للشهيد أقرؤه: نقدي، أدبي، سياسي، فكري، فلسفي، اجتماعي أو معيشي.
ذكرياتٌ متلاحقةٌ تستحضرُني خلال مسافاتٍ من الزمن الماضي والحاضر، سألتُ نفسي مراراً خلالها - ربما ببلاهةٍ متعمَّدة - قبل أنْ أسألَ أحداً: ماذا جرى وكيف ولماذا...؟ ثم يتّفق لي أنْ أعبُرَ في لحظةٍ من لحظاتِ العدِّ التاريخي للسنين والشهورِ والأيام الغابرة، لأصِلَ إلى شهرٍ واحد: شهر شباط من العام ١٩٨٧، واليوم السابعِ عشر منه بالذات، الساعة الرابعة بعد الظهر، ساعة الاتّفاق على لقائنا معاً لمساعدته في البدء بنقل ما كتبه من رؤوس أقلام - رتّبها على عدد هائل من وريقات لا يَفهمُ الخطّ فيها إلّا هو شخصياً - بحيث أكتب أنا كلّ ما يسرد هو عليَّ من الأبحاث المهيّأة لإنجاز مواضيع الجزء الثالث من موسوعته "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية". أستذكر مراراً تلك اللحظة التي كنتُ أهمُّ بالحضور لعنده لتنفيذ المهمة، وكانت الصدمة، ضاع الحلم، حلم حياته لإصدار الجزء الثالث إيّاه، وحلمه الثاني لكتابةِ مذكّرات كاملة لسيرةٍ غنيّة بما حملت من بهجة الحياة والأمل بالحياة ومن فرحة الشعور بجمال الدّنيا والخير والتقدّم والنضال والعطاء لما توصّل إليه من جديدٍ في الميدان الثقافي والفكري، إلى حلم ثالث كان ينوي تحقيقه في ساعات تفرّغٍ طوعيّ، أعني مباركته لولادة إذاعة "صوت الشعب" ورغبته الملحّة حينذاك للمساهمة في تطويرها بما تيسّر له من حب وتشجيع لنشوئها ولمسيرتها.
أيّها الشهيد الغالي: لقد سرتَ "مع القافلة" لسنواتٍ طوال، سرْتَ بصمتٍ وتواضعٍ ونكران الذات، وما تزحزحتَ من مكانك التاريخي المتألِّق ولا انحرفتَ عن خطِّك السليم المستقيم، ولا تنازلتَ عن كرامتك المصونة طيلة حياتك، وها أنت اليوم تسير "في القافلة": قافلةُ الشهداء اللامعةُ أسماؤهم في عالم المعرفة والثقافة والأدب والفكر والفلسفة في لبنان وفي العالم العربي. سبقك بعضُهم، والتحقَ آخرون إلى عالم الشهادة والخلود بعد أن خلّدوا فكرك وساروا على النهج ذاته.

طابَ اسمُك أيّها الشهيد المفكّر حسين مروة حيّاً دائماً وأبدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شيعيان في المكتب السياسي للحزب الشيوعي
فؤاد النمري ( 2020 / 2 / 19 - 08:01 )
بعد أن جهز الإتحاد السوفياتي صدام حسين بدبابات حديثة عملتعلى هزيممة الإيرانيين في نعركة الفاو أصدر الخميني فتوى بقتل الشيوعيين
حسن نصرالله يعلم تماما أن أمر اغتيال حسين مروة وحسن حمدان شيعيين بارزين في المكتب السياسي للحزب الشيوعي كان بأمر من الخميني لحزب الله
لعل الشيخ صبحي الطفيلي يكشف عن جرائم الخميني وحزب الله

ما هو أسوأ من اغتيال مروة وحمدان هو تحالف الشيوعيين مع ايران وحزب الله مع الذين اغتالوا بالإإضافة إلى مروة وحمدان رفيق الحريري وجورج حاوي وسمير قصيروسائر الشهداء الاخرين

الشيوعيون المتحالفون مع ايران وخزب الله هم شركاء في جريمة اغتيال مروة وحمدان


2 - استشهاده لم ولن يذهب عبثا
طلال الربيعي ( 2020 / 2 / 19 - 13:21 )
تعازيي الحارة دوما لاستشهاد المفكر الشيوعي الكبير حسين مروة. واني متأكد ان استشهاده لم ولن يذهب عبثا وسيظل شبحا يطارد القتلة المجرمين, كما يطارد شبح الشيوعية, ليس فقط كما قال ماركس في اوربا, بل اعدائها في كل مكان.
وكلماتك, رغم حزنها الشديد لهول الفاجعة والفقدان, الا انها ترفع عاليا من ثقتنا في انتصار قضية المظلومين والمقموعين في اوطاننا وفي كل بقعة من بقع العالم.
السلام والمجد والخلود لروح الفقيد حسين مروة! والعار لقتلته من اعداء الشيوعية والفكر والثقافة والانسان!

اخر الافلام

.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية


.. Socialism the podcast 131: Prepare a workers- general electi




.. لماذا طالب حزب العمال البريطاني الحكومة بوقف بيع الأسلحة لإس


.. ما خيارات جيش الاحتلال الإسرائيلي لمواجهة عمليات الفصائل الف




.. رقعة | كالينينغراد.. تخضع للسيادة الروسية لكنها لا ترتبط جغر