الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هي المجالات المعرفية المَنسِية في تكوين المدرسين؟

محمد كشكار

2020 / 2 / 21
التربية والتعليم والبحث العلمي


المعارف الضرورية لأداء وظيفة المدرس على أحسن وجه هي التالية: التعلّمية أو فلسفة التعليم (La Didactique ou épistémologie de l’enseignement)، علم التقييم (La docimologie)، علم نفس الطفل (La psychologie de l enfant)، الإبستومولوجيا (L Épistémologie) و"إدراك عملية الإدراك" (La Métacognition). أما علوم الحاسوب (TICE) فهي أداة تكنولوجية عاجزة بذاتها وحدها ولا يمكن تفعيلها دون استعمال المعارف المذكورة أعلاه. وزارة التربية تحرص على التكوين في علوم الحاسوب فقط وتهمل المعارف الأخرى فمثلها إذن كمثل "من يهدي نظارات طبية لضرير".

سأذكّر زملائي أولا والوزارة ثانيا بأهمية المعارف المذكورة أعلاه لعل الذكرى تنفع المتعلمين:
1. التعلّمية (La Didactique) تهتم بالمعرفة وعلاقتها بالتلميذ والمدرس، أما البيداغوجيا فتهتم أكثر بطرق التدريس. هذه المعرفة الجديدة نسبيًّا (1970) تركّز خاصة على كيفية تعلم المتلقي وتعلّمه كيف يتعلّم. يبدو لي أن عدم إلمام المدرسين بهذه المعرفة يفسر مقولة العالِم الابستومولوجي الفرنسي باشلار " المدرسون لا يفهمون أن تلامذتهم لا يفهمون".

2 علم التقييم (La docimologie) هو علم قائم الذات ويُدرّس عادة في الجامعات إلا جامعاتنا. تسمح آليات هذا العلم بتقييم مكتسبات التلميذ قبل الدرس وأثناءه وبعده. مخرجاتُه تساعد على تحسين مردود المعلم والمتعلم. مَثَلُ المدرس الذي لم يدرس أكاديميا علم التقييم كمَثَلِ "تاجرٍ يزن سلعة دون ميزان".

3. علم نفس الطفل (La psychologie de l enfant)، علمٌ يفتح عيون المدرسين على عالم الطفولة والمراهقة ويكشف لهم "ما خفي من جبل الجليد النفسي عند التلميذ"، فتتوضّح لديهم الرؤيا ويظهر لهم أن "اللامعقول في تصرفات التلميذ هو في صلب المعقول النفسي"، فيعذرون حينئذ التلميذ ويفهمون أسباب وعمق بعض السلوكيات التلمذية العنيفة أو الخارجة عن المألوف ويكفّون عن التعامل مع التلميذ كما يتعامل عالِم النفس السلوكي مع فأر التجارب، يحدد له مسبقًا مدخل المتاهة ومخرجها.

4. الإبستومولوجيا (L Épistémologie)، وما أدراك ما الإبستومولوجيا، هي "مبحث نقدي في مبادئ العلوم وفي أصولها المنطقية"، مبحث يهدف إلى الكشف عن الآليات والمفاهيم التي تعتمدها الثقافة في نقد المعرفة وإنتاجها. هي "معرفة المعرفة أو نظرية المعرفة العلمية". يحتاج لهذا العلم كل مدرّس يدرّس العلوم معلما كان أو أستاذا. عندما يعرف المدرس أن العلم لم يولد علم كامل بل تكوّن على مراحل وبعد أخطاء جسيمة ارتكبها العلماء العظام, حينئذ يعذِر ويتسامح ويفهم أخطاء التلميذ ولا يحمّله ما لم يقدر عليه كبار العلماء ألا وهو الفهم السريع للمسائل المعقدة في الرياضيات والفيزياء وعلوم الحياة والأرض.

5. "إدراك عملية الإدراك" (La Métacognition) هي عملية تتمثل "في التفكير في آليات التفكير وفي معرفة أننا نعرف وفي اختيار الطريقة الأنسب لحل المشاكل". وكما قال بيار ڤريكو: " لو أن الإنسان الذي يقول -لا أعرف- عرف لماذا يقول -لا-, لكان قادرًا على تحديد -نعم- المستقبلية". أو كما يقول المثل الصيني المشهور "لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصطاد"، والسمكة في التعليم هي المعلومة، وتعلّم الصيد هو "إدراك عملية الإدراك". أثناء "إدراك عملية الإدراك" ينشط التلميذ ذهنيا وليس تطبيقيا وقد ثبت أن هذا النوع من النشاط الذهني البحت يسمح بالوعي والشعور بالإجراءات والطرق والسيرورات الذهنية الموظفة لحل المشاكل ويرسّخ اكتسابها (wikipédia).

إمضائي: "المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو. و"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" (جبران)

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب:حمام الشط في 19 مارس 2010.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن وترامب وجها لوجه | #أميركا_اليوم


.. منذ 7 أكتوبر.. أميركا قدمت مساعدات أمنية لإسرائيل بقيمة 6.5




.. السباق إلى البيت الأبيض | #غرفة_الأخبار


.. بدء الصمت الانتخابي في إيران.. 4 مرشحين يتنافسون على منصب ال




.. مراسل الجزيرة يرصد تطورات استمرار احتجاجات كينيا رغم تراجع ا