الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة التشبه بالمحمديين السنة عند الأديان و الطوائف الأخرى !

راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)

2020 / 2 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




تُعدُّ الديانة الكاكائية اليَارِسَانيّة إحدى ديانات الكورد القديمة ... فهي إحدى أندر الأقليات التي لا تزال متواجدة في الهلال الخصيب ( سوريا _ العراق ) إلى اليوم ... كما أنها ديانة تقوم على توحيد الإله و التسامح و التضحية لإسعاد الآخر ، و نلاحظ أن أجواءها الدينية مليئة بالتطريب و الترنم و الغناء الصوفي ، إذ إنها تحترم الموسيقا كجزء أساسي و حيوي من التقرب إلى الخالق !

يمارس اليَارِسانيُّون الكاكائيون العديد من الطقوس و الشعائر الدينية ، لكن الذي لفت نظري خلال اطلاعي على ممارساتهم و مظاهرهم هو تأثرهم الكبير و الواضح بأتباع الديانة المحمدية السنية _ لاسيما الطرق الصوفية _ من حيث العادات و المظهر و طريقة اللباس و حجاب النساء و طريقة تأليف المصادر الدينية عند كهنتهم و طباعتها و خطوطها و طرائق التجمع بحلقات و إلقاء الخطب الدينية و و و ....

و الملفت للنظر أيضاً ، أن ما يلاحظه الباحث من تشابه واضح بين تقاليد و طقوس و أزياء الكاكائية من جهة ، مع عادات و طقوس و أزياء الغالبية السنية من جهة أخرى لا يقتصر على هذه الملة فقط .... فجميع الطوائف و الديانات الشرق أوسطية القديمة التي عاشت في ظل الخلافة المحمدية السنية التي امتدت لمئات السنين قد تأثرت بشكل كبير و واضح بطريقة الزي و الطقس المحمدي السني .... !!

أي أَنّ معظم الأقليات الدينية التي عاشت بين الغالبية السنية قد تأثرت بهم من حيث طريقة اللباس و العبادة بشكل أو بآخر ... كالزردشت و الصابئة و غيرهم ، كما و تتشابه أزياء الهندوس الذين عاشوا تحت حكم المحمديين المغول في شمال الهند مع أزياء المحمديين في الباكستان و تبتعد عن ألوان و طرائق الزي الهندوسي المختلف في الجنوب !!!

فالصابئة مثلاً ديانة منفصلة تماماً عن المحمدية و مع ذلك يلبس أتباعها الثوب الأبيض و يطيلون اللحى و يصلون بشكل شبه سنّي و يتطهرون بالماء ... و كذلك الأمر بالنسبة للزردشت.

بل حتى الطوائف المحمدية اللَّاسُنية التي تعيش بين غالبية سنية قد تأثرت طقوسها و أزياؤها بالطقوس و الأزياء المحمدية السنية ... كالدروز و العلوية و البهائية و البابية و القاديانية و و و

فرجال الدين الدروز يشبهون شيوخ المحمديين السنة في جبتهم و طربوشهم الأحمر المحاط بعمامة بيضاء ... !

حتى النساء العلويات يتحجبن بأوشحة رقيقة مع أن الحجاب ليس فرضاً و لا من شعائر الأقلية العلوية ... !

كما أن زِي رجل الدين العلوي يشابه تماماً _بل إلى درجة المطابقة_ زي رجل الدين السني الذي كان سائداً في الدولة العثمانية !!!

كذلك من يطلع على لباس رجل الدين الإسماعيلي في حماة يلاحظ الشبه الكبير مع جبة رجل الدين السني الأزهري !!

الخلاصة :

إن من يطلع على ثقافات و أعراف و تقاليد أهل المنطقة من الأقليات الدينية يلاحظ انصهاراً واضحاً بالوعي الجمعي السني ( الغالبية) بينما لا نلاحظ ظاهرة التشبه بالأغلبية في المجتمعات و الديانات الشرقية التي تتجاور و تتمايز في أزيائها و طقوسها بشكل ملفت ... فما السر يا ترى ؟؟ ما تفسير هذه الظاهرة في بلادنا ؟

لو طرحنا احتمال المصادفة جانباً _ إذ يستحيل أن يكون هذا التشابه بين كل هذه الأقليات و اتفاقها على تقليد الغالبية السنية حصراً من قبيل المصادفة _... لوجدنا جواباً واحداً ...

ألا و هو الخوف !

#الحق_الحق_أقول_لكم .... إنه الخوف ... إنه الإرهاب ... فدافع الخوف من الأكثرية التي حكمت باسم الخلافة و سيف محمد لقرون متطاولة بالنار و الحديد و الإرهاب و التكفير و محاكم التفتيش ، هو الذي دفع الأقليات إلى التشبه بالأكثرية من حيث الملبس و الطقوس لتفادي السلبيات الناتجة عن التصنيف الطائفي ...

أي أن الأقليات حاولت لعب دور الحرباء التي تتلون بلون الوسط الذي تقف عليه فتتماهى به كي لا تتم ملاحظتها و بالتالي لا يتم افتراسها !

و هذه ردة فعل تطورية نفاقية طبيعية كاستجابة لإرهاب الغالبية المحمدية السنية التي قننت تشريعات واضحة تتقرب إلى رب محمد بقتل و سحل و تهجير الوثنيين الزنادقة غير المحمديين !

و الهدف من ردة الفعل التّكيُّفِيَّة الحربائيّة التي مارستها تلك الأقليات هو الحفاظ على بقائها ... فبقاء هذه الطوائف مرهون بمدى انصهارها الشكلي بالمحيط المحمدي لتتفادى القدر الممكن من الجوائح و العواصف الاجتماعية التي ترسلها الأغلبية باتجاه الأقليات ... كالتصنيف و العنصرية و الكراهية و الاحتقار و عدم توفير فرص العمل و انخفاض جودة التعليم و عدم التعامل التجاري و الهجوم على المعابد و السطو و الجهاد ضد هذه الأقليات و السبي و و و ... و ما إلى ذلك من ممارسات قد تتعرض لها هذه الأقليات فيما لو حافظت على تمايز لاسني واضح.

و أنا أعتبر ظاهرة تشبه الوعي الجمعي للأقليات بالوعي الجمعي للمحمديين السنة ، دليلاً قوياً مُشاهداً و ملموساً على وجود إرهاب سني تاريخي عميق مُفزع مخيف عانت منه المنطقة لمئات السنين ، لدرجة أن كل المكونات الضعيفة اتجهت لاشعورياً نحو التلون بلون المكون القوي الذي يمارس الإرهاب ... و هي حالة من النفاق الجماعي الذي مارسته الأقليات للفرار من الموت و التلاشي المحتم الذي ينتظر كل طائفة لا تشابه المحمدية طقوساً و لباساً !

إذ ما الذي يدفع الكاكائي و الصابئي و الزردشتي و الدرزي إلى التشبه بالمحمديين السنة الذين يعتبرونه وثنياً نجساً كافراً ضالاً مجوسياً من أهل الخلود في النار ؟

و أنا أبرر لهذه الأقليات انحناءها الذكي مع العاصفة و ركوبها الموجة المحمدية بهذه الطريقة الذكية ، إذ لم يكن هناك من طريقة للتكيف مع إرهاب القرشيين ( أمويين _ عباسيين ) و العثمانيين السنة إلا بالنفاق المنظم و المهندس بطريقة تكيفية انسجامية ... فتم صبغ جميع مرافق الحياة الاجتماعية و الدينية لدى هذه الطوائف باللون السني ظاهراً مع المحافظة على الاختلافات الجوهرية في الباطن.

و من فضول القول ، أننا قد نجد مَن يدعي أن توجه الأقليات إلى التشبه بالأغلبية السنية من باب انقياد الضعيف لا إرادياً نحو سلطة القوي و هيمنته الفكرية و الاجتماعية .... و لكنني لا أتبنى هذه الرؤية لضعفها ... فالأديان تحاول دائماً في أجواء الحرية الحفاظ على شخصية أتباعها المستقلة و تمايز طقوسها بشكل واضح ... و لا تفضل تشبه أتباعها و طقوسها بأتباع و طقوس الديانات الأخرى حتى لو كانت مسيطرة ... اللهم إلا إذا كانت سيطرة إرهاب و تنكيل مع غياب الحرية الفكرية ... و عندها نعود إلى وجهة نظري ...

إنه الرعب ... إنه الخوف ...

و لكي لا يقال بأنني أتكهن و أظلم المحمديين السنة دعوني أوجه القارئ الكريم إلى كتب الفقه السني التي تشرعن هذا الإرهاب و تنظمه ... فلو دخلنا باب السياسة الشرعية ( الماوردي _ ابن رجب _ ابن تيمية ) و فقه الحروب المحمدية ( المغني _ الأم للشافعي _ مدونة مالك _ حاشية ابن عابدين الحنفي ) لوجدنا أن لا كرامة و لا حصانة لأتباع الديانات غير السماوية ، كالكاكائية و الزردشتية و الصابئة و الهندوس و غيرهم ... و بالتالي فمصيرهم الانتقال إلى المحمدية أو الموت !

و لوجدنا أن هذا البناء الفقهي المحمدي الإقصائي يدعم وجهة نظري في تفسير هذا التشابه الملفت بين طقوس و عادات و أزياء هذه الديانات المستضعفة و طقوس و أزياء أتباع الديانة السنية.

و بالتالي نحن أمام ظاهرة واضحة ، يدعمها تنظير فقهاء و كهنة الديانة السنية في كتبهم التي تدعو لإقصاء و احتقار كل ما هو غير مؤمن بنبوءة محمد.

و هنا نبلغ بجوابنا عن سر التشابه الغريب مبلغ اليقين .... إنه الخوف ... إنه الإرهاب ... إنه سيف محمد !

و عند هذه النقطة ، أخلص إلى نتيجة مرعبة و هي أنه لا بد من وجود عمليات تطهير عرقي مخيفة منظمة قد مورست بلا شك ضد أتباع هذه الديانات في القرن السابع الميلادي مع انتشار المحمدية و خروجها من جزيرة العرب ... و أدعو علماء الأركيولوجي إلى البحث الحثيث في الهلال الخصيب و شمال إفريقيا عن آثار المذابح التي ارتكبت ابتداءاً من القرن السابع الميلادي ( العصر الراشدي و الأموي و العباسي) و حتى نهاية العصر العثماني ، خاصة في عصور الخلفاء المتدينين كعمر بن الخطاب مثلاً ، فما حادثة اغتياله على يد أبي لؤلؤة إلا مؤشراً واضحاً على مدى القمع و التطهير العرقي الذي قام بممارسته إبان فترة حكمه !

هذه المذابح التي أدت إلى انقراض المانوية و الكثير من الديانات التي كانت تشكل غالبية سكان هذه المنطقة .... كما و أدت حركة القمع المنظم التي مارستها السلطات المحمدية المتعاقبة إلى انكماش أتباع هذه الديانات غير الإبراهيمية و تحولهم رويداً رويداً إلى أقليات مذعورة خائفة قامت عن قصد بصبغ مرافق و فعاليات حياتها اليومية بطقوس و أزياء الغالبية المحمدية السنية خوفاً من مقولة القرآن المشهورة في تشريع الإرهاب: ( ترهبون به عدو الله و عدوكم ) !!!

و بناء على الحقائق السابقة ، ينبغي على رؤوس الطائفة المحمدية السنية الاعتراف بعمليات التطهير العرقي المخيفة التي حدثت مع انتشار المحمدية ، و بالتالي يجب عليهم الاعتذار عن جميع الجرائم التي تم ارتكابها في حق أتباع الديانات الأخرى.

فهل يتجرأ المحمديون _ لاسيما العرب منهم _ و يقومون بالاعتذار عما ارتكبه أجدادهم من قمع رهيب و تطهير عرقي مخيف ؟

#راوند_دلعو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بين التعصب والتسامح
muslim aziz ( 2020 / 2 / 24 - 16:34 )

السيد الكاتب تحية
ما قمتَ اليوم به من تحليل واستنتجت به أن بعض الطوائف الدينية والمغايرة للمسلمين من اهل السنة انه حصل بسبب الظلم الذي مارسه اهل السنة على هذه الطوائف فأقول لك ان استنتاجك هذا خطأ، فأنت تعلم أن الدرزية والاسماعيلية والعلوية عندكم في سوريا كانوا في الاصل مسلمين سنة ثم تحولوا الى مذاهبهم هذه لاحقا،
خذ مثلا واضحا في مصر، فالمجتمع المصري تجد ثمانين بالمئة من السنة والعشرين بالمئة من الاقباط المسيحيين‘ فتجد المصري المسلم والمسيحي وخاصة في المجتمع القروي يلبسون نفس الثياب وعاداتهم نفس العادات ولا تستطيع التقريق بين المسلم والمسيحي،
ثم من قال لك ان الضغط من المجتمع الاكبر والاقوى يؤدي الى التشابه؟ لا يا افندي، الضغط من الاقوى على الاضعف يؤدي الى تقوقع الاضعف للحفاظ على ميزاته،
أما التسامح فيؤدي الى ذوبان الاضعف في الاقوى ولك خير مثال المجتمعات المسلمة في كندا وامريكا الشمالية حيث يحتقرون الغريب المسلم.
أما في امريكا الجنوبية حيث التسامح فقد اذاب المجتمعات الاسلامية

اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah