الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المايسترو مجدي يعقوب … ضابطُ إيقاع القلوب

فاطمة ناعوت

2020 / 2 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


له خفقةٌ في كلِّ قلبٍ مصريّ، وصورةٌ معلّقةٌ على كل جدار. له مكانٌ في كلِّ منصّة علم في أرجاء العالم، وله مبضعُ جراحة على كلّ طاولة تُطيّبُ قلبٍ موجوع. له حلمٌ في صدر كلِّ إعلامي يودُّ استضافته في لقاء، وله ومضةُ عدسة في كلِّ كاميرا تلاحقه لترصدَ إنجازاته النبيلة لصالح البشرية المعذّبة. لكنه هاربٌ من الضوء، زاهدٌ في الحديث، عازفٌ عن الدروع والأوسمة والتكريمات. إنه مشغولٌ بضبط إيقاع قلب طفل يكادُ يفارقُ الحياة قبل أن يدركها، أو قلب رجل تتضرّعُ أسرتُه إلى الله كي يعودَ إليها عائلُها الوحيد، أو قلب أمٍّ يبكي أطفالُها في انتظار عودتها إليهم.
المايسترو الذي منحه اللهُ عصا قادرةً على ضبط إيقاع القلوب على النغمة الأصح. تأتي إليه القلوبُ الكسيرةُ وقد شابَ إيقاعَ قلوبِها شيءٌ من نشاز، أفسدَ لحن الحياة، فيعيدُ ذاك المايسترو العظيم دوزنة الخفقِ، ليتّسقَ الخفقُ مع أوكتاڤ الحياة. إنه السير مجدي يعقوب، البروفيسور العالمي في علاج أمراض القلب، والإنسان الرفيع الذي زهدَ في مباهج الحياة، وعزفَ عن بهرجها وزُخرفِها، وجّند عينيه لمراقبة الشرايين التي تضخّ للقلوب دماءَ الحياة، وجنّد أذنيه على ضبط إيقاع خفقها. لا نلمحُ ضحكتَه إلا في بين أطفال يتحلّقون حولَه يُمطرونه بالقُبلات والعناق لأنه ضبط إيقاع قلوبهم الموجوعة. ولا نلمحُ فرحتَه إلا لحظة خروجه من غرفة العمليات وقد أنقذ إنسانًا من الموت. فيما عدا هاتين اللحظتين، لا نلمحُ في ملامحه إلا الصمتَ والإطراقَ والعزوف عن الحديث. وفي مقابل هاتين اللحظتين في حياة مجدي يعقوب، هناك لحظان أخريان في حياة مئات الآلاف من المرضى الذين دُوِّنت أسماؤهم في سجلات مركز مجدي يعقوب لعلاج أمراض القلب. لحظتان فريدتان في عمر كلِّ مريض منهم. لحظةٌ تعسةٌ كسيرةٌ فاقدةٌ للأمل، وهي لحظة دخول المركز بقلب عليل لا يكاد يقوى على الحياة؛ يحسب الأيام الأخيرة في عمر صاحبه. ولحظةُ فرحٍ وأمل وانطلاق مفعم بالحياة، وهي لحظة الخروج من المركز بقلب سليم قوي يرسم لصاحبه غدًا مشرقًا حاشدًا بالعمل والنجاح. ما بين اللحظتين الفارقتين في عمر كل مريض، ثمّة عقلٌ يفكّر، وقلبٌ يحبُّ، ويدٌ تعمل، من أجل تحويل اللحظة الأولى إلى اللحظة الثانية. من أجل تحويل التعاسة إلى فرح، واليأس إلى أمل، والموت إلى حياة. عقلُ وقلب ويدُ المايسترو النبيل؛ الذي لا يكتفي بقيادة الأوركسترا منفردًا. بل يُدرِّب كوادرَ جديدة من قادة النغم ليحملوا عصواتهم ويضبطوا إيقاعات النغم معه، حتى لا تتوقف شلالاتُ الموسيقى عن الهدر يومًا. في كل عام يقدّم السير مجدي يعقوب كوادرَ طبيّةً جديدة تعلّمت في مدرسته العظمى؛ ليكون في صندوق كنوز العالم العديدُ والعديدُ من هذا الفريد الأنبل: السير مجدي يعقوب.
والملوكُ يعرفُ قدرَها الملوكُ. ولا يعرفُ قيمةَ أهلِ العلم، إلا أهلُ التحضّر والإنسانية. لأنهم يدركون أن العلمَ هو صانعُ الحضارة وصديقُ الإنسان الأوفى. صُنّاعُ الحياة والأمل، لا يعرف قدرَهم إلا صُنّاعُ الحضارة وبناةُ الإنسانية. لهذا كان تتويج ذلك المايسترو بلقب: (صانع الأمل) في دبي قبل أيام. منحه سمو الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزارء الإماراتي، وحاكم دبي، (وشاح محمد بن راشد للعمل الإنساني)، لأنه يعلمُ قيمة "صناعة الأمل"، التي تفوق كل ما عداها من صناعات عرفها الإنسانُ منذ وطأ هذه الأرض. صناعةُ الأمل هي المنجزُ الأهمُّ الذي عرفته البشرية عبر التاريخ. وأبناءُ الإمارات تعلّموا وأتقنوا فنَّ بناء الإنسان وفن صناعة الحياة. منذ قرابة النصف قرن، أدركوا أن الاستثمار في الإنسان هو أعلى وأغلى ألوان الاستثمارات، لهذا أنشأ الشيخ محمد بن راشد مؤسسة ضخمة لمتابعة نبض الحياة في كل أرجاء العالم، ورصد النيّرين الذين يصنعون الأمل لإنقاذ البشرية من المرض والجهل والفقر، ثالوث الويل ضد البشرية.
شكرًا للشيخ محمد بن راشد، وشكرًا لشعب الإمارات النبيل. وشكرًا لمصر الطيبة التي تُنجبُ الطيبين الذين يصبحون المعادلَ الموضوعي لكل ما في الحياة من أدران. مجدي يعقوب "فردًا"، يعادل إيجابيًّا سلبيات "الجموع" من صنّاع التطرف في مصر والعالم. لأن ضخَّ الحياة في قلب يحتضر، تمنحنا درعًا نقاوم به صنّاع التكفير والترويع والإرهاب. ودائمًا “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”

***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت




.. 78-Al-Aanaam


.. نشر خريطة تظهر أهداف محتملة في إيران قد تضربها إسرائيل بينها




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف الكريوت شمال