الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شذرات في الشخصيه العراقيه ٧

أياد الزهيري

2020 / 2 / 26
المجتمع المدني


على رغم التعليمات الدينيه التي زود بها الاسلام المجتمعات العربيه في أكثر من موقع ،فمثلاً القرآن الكريم فقد حثهم على الوحده بينهم (وأعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) ،وفي الحديث (أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد أدت أشتكى منه عضوا تدعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)،ولكن بالحقيقه لم تجد هذه التعليمات صدى لها في واقعهم ، كما هو تاريخهم ينزع إلى التشتت والصراع ،حتى ان لون الخلاف والشقاق بينهم يطغي على لون التلاحم والالتقاء .طبعاً هذا لم يأتي من فراغ ،وأنما ما جبلت عليه نفوسهم منذ ما قبل الاسلام وما بعده ،وهي النزعه نحو التفرد والتغريد خارج السرب بداعي الإشارة اليه بالبنان من قبل الآخر ،وهذه الاشاره هي من تداعب خياله وتحرك وجدانه لتجسيد صورة تشخصنه وتميزه في عيون الآخرين ،لكي تشبع في نفسه روح الفخر ،وهي ميزه تتميز بها الشخصيه العربيه.هذا النزوع النفسي هو من جعل المثل الشعبي يقول (شيم المعيدي وخذ عباته)،لذلك ترى العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص ينزع نحو السلوك الفردي ولا يميل إلى السلوك الجماعي،وهذا النزوع الفردي هو من جلب لهم من مواقف الضعف والهوان الكثير، وهو من أوحى للشيخ الدكتور أحمد الوائلي في احدى قصائده أن يقول (عشرون كفً حرةً ما أوقفت مأوى يد ٍ مغلولةٍ أذ تقطعُ) .هذه ألصفه هي أحدى أهم وأخطر العوامل التي وقفت في طريق تقدمهم ،وهي حجر العثره التي وقفت أمام أصلاحهم الاجتماعي والعمراني والثقافي،وهي من بعثرت كل جهودهم ،بل ودمرت كل ثرواتهم التي حباهم بها الله. هذه النزعة تراها حتى في ملاعب كرة القدم عندهم .هذا التوجه الفردي في الشخصيه العراقيه والتي أكتسبها من موروثه البدوي هي الان من شكلت حائلاً بينه وبين القيم الإسلامية والديمقراطيه التي تقوم على أسس التعاون والحوار والاحترام ،وهذا هو ما أفشل أو على الأقل عطل أقامة حياة ديمقراطية في العراق في فترة ما بعد السقوط ٢٠٠٣م. فالشخصيه العراقيه تتوق إلى الحياة الديمقراطيه ولكنها لا تستطيع أن تتخلص من النزعه العشائرية البدوية المسالخ إلى التعصب ،وعدم التسليم للأخر حتى أذا الأخر على حق لأنه يعتبره نوع من الهزيمة التي لا يغفرها لنفسه ،كما لا ينال أحترام من حوله ،وهذه من أهم الأسباب التي أصابته بالأزدواجيه.فلو نظرنا إلى كثرة شكواه وتململه وعتابه وعدم رضاه من الآخرين ،لوجدنا هناك سبباً رئيسياً تختفي وراءه كل هذه الأعراض ،الا وهو النرجسيه الشديدة التمركز والتي تجعل من نفسه هي القطب وعلى الآخرين الدوران حولها،وإلا فهم أعداءها ،لذا تراه لا يتنازل لاحد غيرها ،وهو ما يعبر عنه بالأباء والعزه ،وهي عنده من مقومات شخصيته وعنوانه .هذا السلوك هو من يثير التوترات الاجتماعيه في الوسط الأجتماعي العراقي ،أن الفردية الشديدة التمركز هي من خلقت الشعور الفوقي عند الكثير ،وهي ما خلقت بسبب ردود الفعل من قبل الآخرين الشعور بالنفره وعدم الأرتياح ،مما حافظ على المسافات البينيه البعيده بينهم ،وجعلهم كجزر متباعده.ومن نافلة القوم يذكرنا بهدف الوحدة التي أصبحت مستعصيه عليهم مع حرص كل الأحزاب الوطنيه والقوميه في جعلها أهم شعاراتهم ،فهم يتغنون بها ويقاتلون بنفس الوقت من يدعوا لها.أن شعار الوحدة بقدر ما أصبح عصياً عليهم ،فقد صنف من المستحيلات في حياتهم .أن تجذر نزعة الفرديه في النفسيه العراقيه، هي من جعلت العراقين متفرقين الرأي ،مشتتي المواقف ،منقسمين على أنفسهم ،حتى أن الصورة الغوغائيه هي من توصم حياتهم .أن ما حدث من كثرة الأنقلابات في العراق أعزوه وبشكل رئيسي إلى النزعة الفرديه لدى الانقلابي ،فالكل لا يرضى عن الكل لان لكل نفس بصمه لا تشبه الأخرى ،وهذه الحقيقه لا يريدون ان يقروا بها ويعترفوا بالفوارق بين بني البشر ،فالاب يريد ان يكون أبنه نسخه طبق الأصل منه ،والأم تريد من البنت أن تكون نسخه منها ،وهذا ما أسس للخلافات السمتديمه بينهم .أننا بحاجه اليوم إلى أن نعمق من الوعي الجمعي بأعتباره ضرورة وجوديه،وعامل تقدم ونجاح ،وهذا يعتمد إلى تكريس الشعور الجمعي ،عن طريق الحماس العاطفي لتأسيس شعور مشترك،وهذا يتشكل عبر الرموز القياديه المشتركة ،سواء كانت ذات صفه دينيه مقدسه،كما مثلاً العاطفة والحب الحسيني الذي يجمع الملايين ،أو الحب والأعجاب المشترك لشخصيه وطنيه كحب المصريين للزعيم الوطني سعد زغلول أو عبد الكريم قاسم عند العراقين في خمسينيات القرن الماضي ،أو مشاعر الانتماء لمبدأ كالإسلام مثلاً ،أو تنمية الشعور بالعزه بالأنتماء لحضاره عريقه ،ونحن نمتلك حضاره عرقيه تستحق هذا الأعتزاز .أذن في العراق تتوفر الكثير من العناصر التي تنتج شعوراً حماسياً واحداً وقوياً،والذي يزيد من فرص نجاحه هو أننا نمتلك خزيناً عاطفياً ضخماً،حتى بتنا نصنف من الشعوب ذات المزاج العاطفي.من الخطأ الاتكال فقط على المشاعر والوجدانيات ،فمثلاً الشعائر الحسينيه والعاطفة القوميه بكل شعاراتها لم تستطيع لوحدها ان تحقق وحدتنا،لذلك يجب ان نلتفت إلى أيماننا الديني الغير طائفي بالأضافه إلى تنمية روح الأنفتاح على الأخر وترسيخ روح الأحترام ،وتشجيع روح الحوار ،وأن نستسيغ الرأي المخالف وأعتباره أمراً واقعياً،وأن الاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضيه،لاننا نرى أكثر الأعتداءات بسبب عدم تحمل الرأي المخالف،لذى علينا أصلاح الأذهان أولًا ،لان بأصلاحه يصلح البنيان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق


.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري




.. عائلات الأسرى تقول إن على إسرائيل أن تختار إما عملية رفح أو